الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنو إبليس، وثلثُ بنو آدم، وبنو آدم ثلاثة أثلاث: ثلثان يأجوج ومأجوج، وثلثٌ سائر الناس، والناسُ بعد ذلك ثلاثةُ أثلاث ثلثٌ الأندلس، وثلثٌ الحبشة، وثلثٌ سائر الناس: العربُ والعجم (1).
وعند ابن أبي حاتم: الإنس عشرة أجزاء، فتسعة أجزاء منها يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس.
وعند الحاكم وعبد الرزاق من قول ابن عمر "إن الله جزّأ الملائكة والجن والإنس عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون، والذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وَجَزَّأ الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعةٌ منهم الجن فلا يولد من الإنس ولد إلّا ولد من الجن تسعة، وَجَزَّأ الإنس عشرة فتسعةٌ، منهم يأجوج ومأجوج"، الحديث (2).
المقام الثالث: في خروجهم وإفسادهم وهلاكهم
.
في الحديث المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كُلَّ يَّوم" وهو فيما أخرجه الترمذيُّ وحسنه وابن حبان والحاكم وصححاه عن أبي هريرة، رفعه في السد "يحفرونه كُلَّ يوم، حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا فتخرقونه غدا، فيُعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بَلغ مدتهم، وأراد اللهُ أن يبعثَهم على الناس، قال الذي عليهم ارجعوا فستخرقونه غدًا إن شاء الله تعالى،
(1) عزاه في الدر المنثور 5/ 456 إلى ابن المنذر.
(2)
رواه الحاكم 4/ 490 وصححه ووافقه الذهبي. وروي أبو الشيخ في "العظمة"(948) نحوه من قول كعب الأحبار، وإسناده موضوع.
واستثني قال فيرجعون فيجدونه كهيئته حينَ تركوه فيخرقونه، فيخرجون على الناس" (1) الحديث.
قال الحافظ ابن حجر (2): أخرجه الترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وعبد بن حميد، وابن حبان، كلهم عن قتادة، ورجال بعضهم رجالُ الصحيح.
قال ابن العربي: في هذا الحديث ثلاث آيات:
الأولى: إن الله منعهم أن يُوالوا الحفر ليلًا ونهارًا.
الثانية: منعهم أن يحاولوا الرقي على السد بالسلم، والآلة فلم يلهمهم ذلك، ولا علمهم إياه مع أنّه ورد أن لهم أشجارًا وزروعًا أو غير ذلك من الآلات.
الثالثة: أن صدهم أن يقولوا إن شاء الله تعالى، حتى يجيء الوقت المحدود.
قال ابن حجر (3): وفيه أن فيهم أهل صناعات، وأهل ولاية وسلاطة ورعيّة تطيع من فوقها، وفيهم من يعرف الله ويُقرُّ بقدرته ومشيئته، ويُحتمل أن تكون تلك الكَلمة تجري على لسان ذلك الوالي، من غير أن يعرف معناها فيحصل المقصود ببركتها.
(1) رواه أحمد 2/ 510 - 511، وابن ماجه (4080)، والترمذي (3153)، وابن حبان (6829)، والحاكم 4/ 488. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 5/ 194: هذا إسناد جيد قوي ولكن في رفعه نكارة.
(2)
"فتح الباري" 13/ 108، ونقل كلام ابن العربي.
(3)
المرجع السابق.
ثم روى لكل من الاحتمالين حديثًا فقال: عند عبد بن حميد من طريق كعب الأحبار (1) نحو حديث أبي هريرة وفيه: "فإذا جاء الأمر أُلقي على بعض ألسنتهم: نأتي غدا إن شاء الله تعالى، فيفرغ منه". وعند ابن مردويه من حديث حُذيفة نحو حديث أبي هريرة، "وفيه يغدون فيجيؤون عليه فيفتح". الحديث وسنده ضعيف. انتهى
وحاصل ما في الإشاعة (2): أنه يحتمل أن يلقي إن شاء الله على لسان أحدهم، وهو أقوى. ويُحتمل أن يُسلم واحد منهم.
فائدة: قال ابن عبد البر في كتاب "الأمم"(3): أجمعوا على أن يأجوج ومأجوج من ولد يافث بن نوح، ثم ختم الباب بأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن يأجوج ومأجوج، هل بلغتهم دَعوتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"جُزتُ بهم ليلةَ أسُرى بي فدعوتهُم فلم يُجيبوا"(4).
وفي مسلم من حديث النواس بن سمعان، بعد ذِكر الدجال، وهلاكه على يد عيسى عليه السلام قال: "ثم يأتيه -يعني عيسى- قوم، وقد عصمهم الله من الدجال فيمسحُ وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هم كذلك إذْ أوحى الله إلى عيسى: أن قد
(1) خبر كعب الأحبار في تفسير الطبري 17/ 89.
(2)
الإشاعة ص 254.
(3)
هو كتاب "القصد والأمم في أنساب العرب والعجم" كما في مقدمة التمهيد، ولم أقف عليه مطبوعًا.
(4)
حديث موضوع اختلقه أبو نعيم عمرو بن الصبح أحد الكذابين الكبار، كما قال ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 120.
أخرجت عبادًا لي لا يُدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، ويبعثُ اللهُ يأجوجَ ومأجوج، فيخرجون على الناس فيُنشفون الماء، ويتحصَّن الناس منهم في حصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، فيشربون مياه الأرض حتى إن بَعضهم ليمر بالنهر، فيشربون ما فيه حتى يتركوه يَبَسا، حتى إن من يمرُ من بعدِهم ليمر بذلك النّهر فيقول قد كان هاهنا ماء مرة ويحصر عيسى نبي الله وأصحابه، حتى يكون رأس الثور أو رأس الحمار لأحدهم خيرًا من مائة دينار" (1).
في رواية مُسلم (2) وغيره: "فيقولون لقد قَتلْنا من في الأرض، هلم نقتل من في السّماء، فيرمون نشابهم إلى السّماء فيردُها الله عليهم مخضوبة دماءً للبلاء والفتنة فيرغب نبي الله وأصحابه إلى الله، فيُرسلُ الله عليهم النَّغَف" بفتح النون والغين المعجمة، ثم فاء.
وفي رواية: "دودًا كالنغف في أعناقهم وهو دود يكونُ في أنوف الإبل والغنم، فيصبحون مَوتي كموت نفس واحدة، لا يُسمعُ لهم حس، فيقولُ المسلمون: ألا رَجلٌ يشتري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو؟ فيتجردُ رجل منهم محتسبًا نفسه قد وطّنها على أنه مقتول، فينزلُ فيجدهُم موتي بعضُهم على بعض، فيُنادي يا معشرَ المسلمين: ألا أبشروا إن الله عز وجل قد كفاكم عدوكم، فيخرجُون من مدائنهم وحُصونهم، ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعي إلّا لحومهم، فتشكَر منه -بفتح الكاف- أي لتسمن أحسن ما شَكرت عن شيء،
(1) حديث النواس بن سمعان رواه مسلم مطولًا 4/ 2250 - 2255 (2937).
(2)
صحيح مسلم 4/ 2255.
وحتى إنّ دَوابَّ البحر تسمَنُ وتشكر شكرًا من لحومهم، ودمائهم ويهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم أي: ريحُهم من الجيف فيؤذُونَ الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون بالله، فيبعَثُ اللهُ ريحًا يمانية غبراء فتصير على الناس غما ودخانًا ويقعُ عليهم الزكمة ويكشَفُ ما بهم بعد ثلاثة أيام، وقد قذفت الأرض جيفهم في البحر".
وفي رواية: "فيرغبُ نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرُسل طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللهُ" وفي رواية "فترميهم إلى البحر"، وفي رواية "في النار"، ولا مُنافاةَ لأنّ البحر يسجر، فيصير نارًا يوم القيامة، "ثم يرسل الله مطرًا لا يكن منه بيتُ مدر ولا وَبر فيغسِلُ الأرضَ حتى يتركها كالزلقة" أي: كالمرآة بحيثُ يَري الإنسان فيها وجهَهُ من صفائها.
قال القاضي عياض: في "مشارقه" يروي بالفاء وبالقاف، وبالوجهين ضبطناه في "مسلم" عن مُتقني شيوخنا، وبهما ذكره أهل اللغة وفسرها ابن عباس رضي الله عنهما: بالمرآة، وقاله ثعلب وأبو زيد. وقال آخرون: هو بالفاء الإجانة الخضراء وقيل الصحفة. وقيل: المحارة وقيل: المصانع الممتلئة ماء (1) انتهى. وتفسير ابن عباس أظهر، "ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك (وردي)(2) بركتك فيومئذ تأكل
(1)"المشارق" 1/ 310 - 311.
(2)
في جميع الأصول (وروي) والصحيح ما أثبتناه من سنن ابن ماجه.
العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها ويوقد المسلمون من قِسِيِّ يأجوجَ ومأجوجَ ونُشَّابهِم، وأترستهم سبع سنين" (1).
(1) الفقرة الأخيرة من أول: "ويستظلون .. " ليست في مسلم، وهي عند ابن ماجه برقم (4076).