الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) - (961) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ
(33)
- 2709 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ
===
(18)
- (961) - (باب الرجل) من الكافر (يسلم على يدي الرجل) المسلم.
(33)
- 2709 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عبد العزيز بن عمر) بن عبد العزيز بن مروان الأموي أبي محمد المدني نزيل الكوفة، صدوق يخطئ، من السابعة، مات في حدود الخمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن موهب) الهمداني الشامي أبي خالد، قاضي فلسطين لعمر بن عبد العزيز، ثقة، من الثالثة، لكن لم يسمع من تميم الداري. يروي عنه:(عم).
(قال) عبد الله بن موهب: (سمعت تميم) بن أوس بن خارجة (الداري) أبا رقية - مصغرًا - الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان، قيل: مات سنة أربعين (40 هـ). يروي عنه: (م عم).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، لكن فيه انقطاع على ما قيل؛ كما قد علمت.
يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ قَالَ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ.
===
حالة كون تميم (يقول: قلت: يا رسول الله؛ ما السنة في الرجل) أي: ما حكم الشرع في شأن الرجل (من أهل الكتاب) أي: من أهل الشرك والكفر (يسلم على يدي الرجل) المسلم هل يصير ذلك الرجل المسلم مولىً له أم لا؟
(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (هو) أي: ذلك الرجل المسلم الذي أسلم على يديه الكافر (أولى الناس) أي: أحق الناس وأحراهم (بـ) أموره وشؤونه في (محياه) أي: في حياة ذلك الكافر (ومماته) أي: وفي مماته؛ أي: أولى بذلك الذي أسلم في حياته ومماته؛ يعني: يكون مولىً له في حياته ومماته؛ أي: بالنصرة له في حال حياته، وفي الصلاة عليه بعد مماته، قال المظهر: فعند أبي حنيفة والشافعي ومالك والثوري رحمهم الله تعالى لا يصير مولىً، ويصير مولىً عند عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وعمرو بن الليث لهذا الحديث.
ودليل الشافعي وأتباعه قوله عليه الصلاة والسلام: "الولاء من أعتق"، وحديث تميم الداري يحتمل أنه كان في بدء الإسلام؛ لأنهم كانوا يتوارثون بالإسلام والنصرة، ثم نسخ ذلك، ويحتمل أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام:"هو أولى بمحياه ومماته" يعني: بالنصرة في حال الحياة، وبالصلاة عليه بعد الموت، فلا يكون حجة. انتهى كلام المظهر، كذا في "المرقاة".
قال الخطابي: قد يحتج به من يرى توريث الرجل ممن يسلم على يده من الكفار، وإليه ذهب أصحاب الرأي، إلا أنهم قد زادوا في ذلك شرطًا؛ وهو أن يعاقده ويواليه، فإن أسلم على يده ولم يعاقده ولم يواله .. فلا شيء له؛ وقال إسحاق بن راهويه كقول أصحاب الرأي إلا أنه لم يذكر الموالاة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الخطابي: ودلالة الحديث مبهمة، وليس فيه أنه يرثه، وإنما فيه أنه أولى الناس بمحياه ومماته؛ فقد يحتمل أن يكون ذلك في الميراث، وقد يحتمل أن يكون ذلك في رعي الذمام والإيثار والبر والصلة وما أشبهها من الأمور، وقد عارضه قوله صلى الله عليه وسلم:"الولاء من أعتق"، وقال أكثر الفقهاء: لا يرثه، وضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا، وقال عبد العزيز: راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان. انتهى كلام الخطابي.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب عن تميم الداري، وأخرجه أحمد وأبو داوود والدارمي والنسائي وابن ماجه، وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب وبين تميم الداري قبيصة بن ذؤيب، ورواه يحيى بن حمزة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وزاد فيه:(عن قبيصة بن ذؤيب) قال البخاري في "صحيحه" في باب إذا أسلم على يديه من كتاب الفرائض: ويذكر عن تميم الداري رفعه قال: (هو أولى الناس بمحياه ومماته).
قال الحافظ في "الفتح": قد وصله البخاري في "تاريخه"، وأبو داوود وابن أبي عاصم والطبراني والباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز" بالعنعنة، كلهم من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: سمعتُ عبد الله بن موهب يُحدِّث عُمرَ بن عبد العزيز عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم الداري قال: قلت: يا رسول الله؛ ما السنة في الرجل
…
) الحديث، قال الترمذي: وهو ليس عندي بمتصل، قال البخاري في "صحيحه": واختلفوا في صحة هذا الخبر. انتهى.
وقال الترمذي أيضًا: (والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم) كإسحاق بن راهويه وغيره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال أيضًا: (وبعضهم يقول: يجعل ميراثه في بيت المال) وهو قول الشافعي واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الولاء من أعتق"، وقول الشافعي ومن تبعه هو الظاهر؛ لأن حديث تميم الداري المذكور في الباب على تقدير صحته .. لا يقاوم حديث عائشة المتفق عليه:"إنما الولاء من أعتق"، وعلى التنزل فترددوا في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا فيستثنى منه من أسلم على يديه، أو تؤول الأولوية في قوله:"أولى الناس" بمعنى النصرة والمعاونة وما أشبه ذلك لا بالميراث؟
ويبقى الحديث المتفق على صحته على عمومه، جنح الجمهور إلى الثاني، ورجحانه ظاهر، وبه جزم ابن القصار فيما حكاه ابن بطال، فقال: لو صح الحديث .. لكان تأويله أنه أحق بموالاته في النصر والإعانة والصلاة عليه إذا مات، ونحو ذلك؛ كالبر والصلة، ولو جاء هذا الحديث بلفظ:(أحق بميراثه) .. لوجب تخصيص الأول، والله أعلم. انتهى من "تحفة الأحوذي".
قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله في "شرح السنن": والذين ردوا هذا الحديث منهم من رده؛ لضعفه في السند، قال الخطابي: ضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا، وقال في تضعيفه: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان، وقال البخاري في "صحيحه": واختلفوا في صحة هذا الخبر. هذا آخر كلامه.
وقال أبو مسهر: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ضعيف الحديث، وقد قلت: احتج البخاري في "صحيحه" بحديث عبد العزيز هذا، وأخرج له عن نافع مولى ابن عمر حديثًا واحدًا، وذكر الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وأبو الحسن الدارقطني أن البخاري ومسلمًا أخرجا له، وقال يحيى بن معين:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ثقة ليس فيه بين الناس اختلاف، هكذا قال، وقد قدمنا الخلاف فيه. انتهى كلام الخطابي.
ثم نرجع إلى كلام ابن القيم: ومنهم من رده؛ لكونه منسوخًا، ومنهم من قال: لا دلالة فيه على الميراث، بل لو صح .. كان معناه هو أحق به؛ يواليه وينصره ويبره ويصله ويرعى ذمامه ويغسله ويصلي عليه ويدفنه، فهذه أولويته به، لا أنها أولويته بميراثه، وهذا هو التأويل، وقال بهذا الحديث آخرون؛ منهم: إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه وطاووس وربيعة والليث بن سعد، وهو قول عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.
وفيها مذهب ثالث: أنه إن عقل عنه .. ورثه، وإن لم يعقل عنه .. لم يرثه، وهو مذهب سعيد بن المسيب.
وفيها مذهب رابع: أنه إن أسلم على يديه ووالاه .. فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحول عنه إلى غيره ما لم يعقل عنه، فإن عقل عنه .. لم يكن له أن يتحول عنه إلى غيره، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.
وفيها مذهب خامس: أن هذا الحكم ثابت فيمن كان من أهل الحرب دون أهل الذمة، وهو مذهب يحيى بن سعيد، فلا إجماع في المسألة مع مخالفة هؤلاء الأعلام.
وأما تضعيف الحديث .. فقد رويت له شواهد شتى؛ منها: حديث أبي أمامة، وأما رده بجعفر بن الزبير .. فقد رواه سعيد بن منصور: أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعًا، ورواه أيضًا من حديث سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وحديث تميم هذا وإن لم يكن في رتبة الصحيح، فلا ينحط عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أدنى درجات الحسن، وقد عضَده المرسل، وقضاءُ عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز برواية الفرائض، وإنما يقتضي تقديم الأقارب عليه، ولا يدل على عدم توريثه إذا لم يكن له نسب، والله أعلم. انتهى كلامه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الفرائض، باب إذا أسلم على يديه، وأبو داوود في كتاب الفرائض، باب في الرجل يسلم على يدي الرجل، والترمذي في كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل، والنسائي والبيهقي في "السنن الكبرى" في مسند عمر بن عبد العزيز.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وأما من ضعفه بعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز .. فقد وثقه ابن معين، وقال: لا خلاف في توثيقه بين الناس، وأما معارضته لحديث عائشة المتفق عليه:"إنما الولاء من أعتق" .. فيجاب عنها: بأن المراد بالولاية في هذا الحديث: ولاية المناصرة والمواصلة والبر والإحسان إليه، لا ولاية الميراث، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثًا واحدًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم