الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(27) - (970) - بَابُ الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ
(53)
- 2729 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ذُكِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاس، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاس،
===
(27)
- (970) - (باب الخروج في النفير)
أي: الخروج إلى الجهاد عند طلب الإمام النفير؛ أي: الخروج إلى الجهاد.
(53)
- 2729 - (1)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).
(أنبأنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات أثبات.
(قال) ثابت: (ذكر) بالبناء للمفعول؛ أي: ذكر (النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس (فقال) أنس: (كان) النبي صلى الله عليه وسلم (أحسن الناس) خلقًا وخلقًا (وكان) النبي صلى الله عليه وسلم (أجود الناس) أي: أكثرهم جودًا وسخاءً، وهذا هو المعلوم من خلقه صلى الله
وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَانْطَلَقُوا قِبَلَ الصَّوْت، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ
===
عليه وسلم؛ فإنه ما سئل قط شيئًا فمنعه إذا كان مما يصح بذله وإعطاؤه (وكان) صلى الله عليه وسلم (أشجع الناس) أي: أشدهم إقدامًا على العدو.
قال الحافظ في "الفتح"(10/ 457): اقتصار أنس على هذه الأوصاف الثلاثة من جوامع الكلم؛ لأنها أمهات الأخلاق؛ فإن في كل إنسان ثلاث قوى؛ إحداها: الغضبية، وكمالها الشجاعة، وثانيها: الشهوانية، وكمالها: الجود، وثالثها: العقلية، وكمالها: النطق بالحكمة.
وقد أشار أنس إلى ذلك بقوله: (كان أحسن الناس) لأن الحسن يشمل الفعل والقول، ويحتمل أن يكون المراد بـ (أحسن الناس): حسن الخلقة، وهو تابع لاعتدال المزاج الذي يتبع صفاء النفس الذي منه جودة القريحة التي تنشأ عنها الحكمة.
(ولقد) يدل على كونه أشجع الناس، أي؛ أنه (فزع) وفجع (أهل المدينة) المنورة ذات (ليلة) أي: ليلة من الليالي، فلفظة:(ذات) على رواية مسلم مقحمة، أو الإضافة فيه من إضافة المسمى إلى الاسم؛ أي: ذاتًا تسمى ليلةً؛ أي: سمعوا صوتًا يفزعهم في الليل، فخافوا من هجوم العدو عليهم (فانطلقوا) أي: انطلق ناس من أهل المدينة (قبل الصوت) أي: ذهبوا جهة الصوت تجسسًا عنه (فتلقاهم) أي: تلقى الناس الذين ذهبوا إلى جهة الصوت؛ أي: استقبلهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعًا من جهة الصوت بعد التجسس عنه (و) الحال أنه صلى الله عليه وسلم (قد سبقهم) أي: قد سبق أولئك الناس (إلى) جهة (الصوت) وتجسس عنه، ولم يجد شيئًا مما يفزعهم
وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ لَنْ تُرَاعُوا"، يَرُدُّهُمْ،
===
(وهو) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم راكب (على فرس) مملوك (لأبي طلحة) الأنصاري؛ زوج أم سليم أم أنس رضي الله تعالى عنهم، واسمه زيد بن سهل، وفيه جواز استعارة فرس.
وقوله: (عري) - بضم العين وسكون الراء - صفة ثانية لفرس، وهو في الأصل مصدر لعري يعرى؛ من باب رضي يرضى، ولكن استعمل هنا بمعنى اسم الفاعل؛ أي: عارٍ عن السرج والإكاف والبرذعة، وركوب الفرس العري صعب لا يقدر عليه إلا المتقنون الماهرون في سياسة الفرس، لا سيما في الحرب، فهذا يدل على كمال شجاعته وإتقانه في صناعة الحرب وسياسة الخيل.
وقوله: (ما عليه سرج) أي: ما على ذلك الفرس سرج ولا غير السرج من أدوات الركوب؛ كالإكاف والبرذعة واللجام والحزام .. صفة كاشفة لقوله: عري، والحال أنه (في عنقه) صلى الله عليه وسلم (السيف) أي: معلق في عنقه (وهو) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم (يقول) للناس المستقبلين له للتجسس: (يا أيها الناس؛ لن تراعوا) بالبناء للمفعول؛ أي: لا تخافوا خوفًا مستقرًا مستمرًا في المستقبل، وفي رواية مسلم:(لم تراعوا لم تراعوا) بلفظ لم مع التكرار مرتين للتأكيد؛ أي: لم يكن هناك شيء يُرَوِّعُكُم ويُفْزِعُكم ويُخوِّفُكم؛ من الروع؛ وهو الخوف، وهي كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليةً لأصحابه وتطمينًا لهم؛ والمعنى: لا تخافوا خوفًا مستقرًا في قلوبكم، لا تخافوا خوفًا يضركم.
وفيه استحباب إعلام الناس بزوال الخوف بعد استكشاف حقيقة الحال.
أي: يقول: لن تراعوا، حالة كونه (يردهم) أي: يرد الناس المستقبلين
ثُمَّ قَالَ لِلْفَرَسِ: "وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ"، قَالَ حَمَّادٌ: وَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ: كَانَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُبَطَّأُ فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
===
له عن التجسس ويُرجِّعُهم إلى منازلهم (ثم) بعدما قال للناس ما ذكر (قال للفرس) أي: مدحًا للفرس الذي ركبه وكان أولًا بطيئًا: (وجدناه) أي: وجدنا هذا الفرس (بحرًا) أي: كالبحر في سرعة السير (أو) قال صلى الله عليه وسلم للفرس: (إنه) أي: إن هذا الفرس (لبحر) أي: كالبحر في كونه ذلولًا سريع الجري؛ على وجه التشبيه البليغ، والشك من الراوي أو ممن دونه.
(قال حماد) بالسند السابق: (وحدثني ثابت) بن أسلم أيضًا (أو غيره) أي: غير ثابت أن أنسًا (قال: كان) ذلك الفرس (فَرَسًا) مملوكًا (لأبي طلحة يُبَطَّأُ) بالبناء للمجهول؛ أي: كان فرسًا يُعَدُّ بطيئًا، أي: بطيءَ السيرِ والجَرْي قبل ركوبه صلى الله عليه وسلم (فـ) كان ذلك الفرسُ (ما سُبق) بالبناء للمفعول؛ أي: ما كان مسبوقًا لغيره (بعد ذلك اليوم) الذي ركبه النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فكان بعد ذلك اليوم سابقًا لغيره لا مسبوقًا ببركةِ ركوبِه صلى الله عليه وسلم إياه.
قوله: (يبطأ) أي: يعرف بالبطء والعجز في السير والجري.
قال العيني في "العمدة": (6/ 312): والبحر: هو الفرس الواسع الجري، وزعم نفطويه أن البحر من أسماء الخيل، وهو الكثير الجري، لا يفنى جريه؛ كما لا يفنى جري ماء البحر. انتهى.
قوله: (قال) أنس: (وكان) ذلك الفرس قبل ذلك اليوم (فرسًا يبطأ) على صيغة المجهول؛ من التبطئة على وزن التزكية؛ أي: يعرف بالبطاءة والعجز وسوء السير، فوجده صلى الله عليه وسلم جميل السير والمشي، فقال:(وجدناه بحرًا) أي: واسع الجري؛ كالبحر، وهذا من جملة معجزاته صلى الله عليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وسلم من انقلاب الفرس إلى كونه سريع السير بعد أن كان بطيئه، والله أعلم. انتهى "دهني".
وعبارة القرطبي هنا: قوله: (وكان فرسًا يبطأ) أي: ينسب البطء إليه ويعرف به، فلما ركبه صلى الله عليه وسلم .. أدركته بركته صلى الله عليه وسلم، فسابق الجياد، وصار نعم العتاد، يقال: فرس عتيد: شديد تام الخلق سريع الوثبة معد للجري.
والرواية المشهورة: (يبطأ) بالمثناة تحت والموحدة من البطء؛ ضد السرعة، وعند الطبري:(ثبطًا) بالمثلثة؛ أي: ثقيلًا، وهو بمعنى الأول.
والفرس العري: الذي لا سرج عليه، يقال: فرس عري، وخيل أعراء، ويقال: رجل عريان، ورجال عرايا. انتهى.
وفي هذا الحديث ما يدل: على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل والشجاعة والشهامة والانتهاض الغائي في الحروب والفروسية وأهوالها ما لم يكن عند أحد من الناس، ولذلك قال أصحابه عنه: إنه كان أشجع الناس وأجرأ الناس في حال البأس، ولذلك قالوا: إن الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه إذا التحمت الحروب، وناهيك به؛ فإنه ما ولى قط منهزمًا، ولا تحدث أحد عنه قط بفرار. انتهى من "المفهم".
قوله: (وقد سبقهم إلى الصوت) قال ابن بطال: إن الإمام ينبغي له أن يشح بنفسه؛ لما في ذلك من النظر للمسلمين، إلا أن يكون من أهل الغناء الشديد والثبات البالغ، فيحتمل أن يسوغ له ذلك، وكان في النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما ليس في غيره، ولا سيما مع علم أن الله يعصمه وينصره. انتهى "فتح الباري"(6/ 123).