الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(28) - (971) - بَابُ فَضْلِ غَزْوِ الْبَحْرِ
(57)
- 2733 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ حَبَّانَ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ -، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ خَالَتِهِ - أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ -
===
(28)
- (971) - (باب فضل غزو البحر)
(57)
- 2733 - (1)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا الليث) بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من السابعة، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني أبي سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن ابن حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة (هو محمد بن يحيى بن حبان) بن منقذ - بضم الميم - على صيغة اسم الفاعل، الأنصاري المدني، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة (121 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
(عن خالته أم حرام بنت ملحان) بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية الصحابية المشهورة رضي الله تعالى عنها، ماتت في خلافة عثمان. يروي عنها:(خ م د س ق)، وزاد البخاري في الاستئذان: كان رسول الله صلى الله عليه
أَنَّهَا قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَبْتَسِمُ
===
وسلم إذا ذهب إلى قباء .. يدخل على أم حرام، فأفاد أن بيتها كان في قباء.
وأم حرام اسمها الرميضاء - بالتصغير - وهي خالة أنس، أخت أم سليم أم أنس، وكانت خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاع.
وقيل: خالة لأبيه أو جده؛ لأن أم عبد المطلب كانت أنصارية من بني النجار، ذكره النووي والأبي عن القاضي عياض رحمهم الله تعالى.
زاد مسلم في هذا الباب: (وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت) بن قيس بن أصرم الأنصاري الخزرجي، شهد العقبتين، وهو أحد النقباء فيهما، وظاهر كلام مسلم هذا أنها كانت زوجةً لعبادة عند قصة المنام، ولكن سيأتي في الرواية الآتية من "مسلم" بعد هذه الرواية التي كانت في قصة المنام، وكذا ستأتي للمؤلف:(فخرج بها إلى البحر) وهو الصحيح؛ كما حققه الحافظ في "الفتح" فالجملة التي زادها مسلم معترضة لا علاقة لها بقصة المنام. انتهى من "الكوكب".
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
ثم نرجع إلى كلام المؤلف:
(أنها) أي: أن أم حرام (قالت: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) من الأيام، حالة كونه (قريبًا) مرقده (من) مرقد (ي، ثم استيقظ) رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه حالة كونه (يبتسم) ويضحك ضحكًا بلا صوت، والجملة حال من فاعل (يستيقظ)، وفي رواية مسلم زيادة:(أنها قالت: دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فأطعمته) مما في بيتها من الطعام، ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ يبتسم.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ"،
===
ففي هذا جواز مثل ما فعلته أم حرام من إذن المرأة لذي المحرم وإن لم يحضر الزوج، وفيه جواز تقديم المرأة الطعام لضيفها من مالها أو من مال الزوج؛ لأن الغالب أن ما في البيت من طعام إنما هو من مال الزوج إذا علم أنه لا يكره أن يؤكل ما في بيته، وفيه جواز ذلك للوكيل والمتصرف في ماله إذا علم أنه لا يكره ذلك، ومعلوم سرور زوج أم حرام بذلك، وكانوا يحبون أن يدخل بيوتهم، ويأكل طعامهم.
قالت أم حرام: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم عندما استيقظ مبتسمًا: (يا رسول الله؛ ما أضحكك؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم حرام في جواب سؤالها: يضحكني (ناس من أمتي عرضوا علي) في هذا المنام وكشفوا لي، حالة كونهم غزاة ومجاهدين في سبيل الله تعالى وطاعته (يركبون ظهر) وموج (هذا البحر) الأخضر الملح.
وفي رواية مسلم: (ثبج) - بمثلثة وبموحدة مفتوحتين فجيم - أي: وسطه، أو معظمه، أو ظهره، أو هوله، أقوال. انتهى من "الإرشاد"، قال الأصمعي: ثبج كل شيء: وسطه، وقال أبو علي في "أماليه": قيل: ظهره، وقيل: معظمه، وقيل: هوله، وقال أبو زيد في "نوادره": ضرب ثبج الرجل بالسيف؛ أي: وسطه، وقيل: ما بين كتفيه.
قال الحافظ بعدما سرد هذه الأقوال: والراجح أن المراد به هنا: ظهره؛ كما هو مصرح به في رواية ابن ماجه.
والمراد: أنهم يركبون السفن التي تجري على ظهره، حالة كونهم (كالملوك على الأسرة) جمع سرير، الجار والمجرور حال من فاعل يركبون؛ أي: يركبون
قَالَتْ: فَادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا، ثُمَّ قَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَ جَوَابِهِ الْأَوَّل،
===
سفن هذا البحر، حال كونهم راكبين على كراسيها؛ مثل ركوب الملوك على أسرة ملكهم؛ أي: مطمئنين عليها لا يخافون البحر وهوله.
قيل: هذا الكلام إخبار عما يحصل لهم في الآخرة من أجر غزوهم، فيجلسون على الأسرة مثل الملوك، ورجحه الحافظ، وقيل: هو إخبار عما يؤول إليه حالهم في الدنيا بعد الغزو، فيغنمون ويتوسعون في الركوب على مراكب الملوك والجلوس على أسرتهم، ورجحه النووي.
قال الراقم: ويحتمل أيضًا أن يكون إخبارًا عن طمأنينتهم عند ركوب البحر؛ والمراد: أنهم يركبون السفن، فيجلسون فيها؛ كما يجلس الملوك على الأسرة، لا يخافون البحر وأهواله، وهذا المعنى أنسب برواية من رواه ملوكًا على الأسرة؛ فإنه حال من فاعل يركبون؛ كما مر آنفًا، والله أعلم.
(قالت): أم حرام مرة ثانية: فقلت له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله (فادع الله) لي (أن يجعلني منهم) أي: من أولئك الأناس الذين ركبوا ظهر هذا البحر (قال) أنس: (فدعا) الله (لها) رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها منهم (ثم) بعدما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (نام) رسول الله صلى الله عليه وسلم المرة (الثانية، ففعل) في المرة الثانية (مثلها) أي: مثل ما فعل في المرة الأولى؛ أي: نام ثم استيقظ وهو يضحك.
قال أنس: (ثم) بعدما فعل رسول الله مثل ما فعل في المرة الأولى (قالت) أم ملحان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا (مثل قولها) الأول في المرة الأولى؛ أي: قالت له ما يضحكك يا رسول الله؛ (فأجابها) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤالها جوابًا (مثل جوابه الأول) في سؤالها الأول؛ يعني: قال
قَالَتْ: فَادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:"أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ"، قَالَ: فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيَةً أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ،
===
لها: يضحكني أناس من أمتي عُرِضُوا عليَّ غُزاةً في سبيل الله يركبون صحراء هذا البر ملوكًا على الأسرة؛ كما صرح في الرواية الثانية من "مسلم"، من أن ركوبهم في المرة الثانية في البر.
(قالت) أم ملحان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (فادع الله) لي (أن يجعلني منهم) أي: من أولئك الأناس الذين يركبون غزاة صحراء هذا البحر، فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أنت) يا أم ملحان (من) الأناس (الأولين) الذين يركبون ثبج هذا البحر، لا من الآخرين الذين يركبون غزاة صحراء هذا البر.
والمعنى: قال لها: أنت تكونين من الأولين الذين يركبون ثبج هذا البحر؛ أي: من الزمرة التي رآها أولًا، وهذا يدل على أن المرئيين ثانيًا ليسوا من الأولين، وكانت الطائفة الأولى غزاة أصحابه في البحر، والثانية غزاة التابعين فيه، والله أعلم. انتهى من "المفهم".
(قال) أنس: (فخرجت) أم ملحان (مع زوجها عبادة بن الصامت غازية أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية بن أبي سفيان) في زمن إمارة معاوية بالشام من قبل عثمان؛ أي: ركبت مع زوجها في أول غزوة كانت إلى الروم مع معاوية أمير الجيش في زمن خلافة عثمان بن عفان سنة ثمان وعشرين، وهذا قول أكثر أهل السير.
وقال الشيخان: في زمان معاوية؛ فعلى الأول يكون المراد: زمان غزوة معاوية البحر، لا زمان خلافته. انتهى من "القسطلاني".
فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّامَ .. فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَ فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ.
===
قال القرطبي: وفيه دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صدقه؛ فإنه قد وقع ما أخبر عنه من الغيب على نحو ما أخبر به. انتهى من "المفهم".
(فلما انصرفوا) ورجعوا (من غزاتهم) التي في البحر (قافلين) أي: راجعين منها.
قوله: (فنزلوا الشام) الفاء فيه زائدة في جواب لما؛ أي: نزلوا من السفن في الشام، وفي قوله:(فقربت إليها دابة) عاطفة على نزلوا؛ أي: قربت إليها دابة (لتركبـ) ها، والفاء في قوله:(فصرعتها) عاطفة على محذوف معلوم من السياق؛ تقديره: فركبتها؛ أي: فلما ركبتها .. أسقطتها، وفي قوله:(فماتت) عاطفة على صرعتها؛ أي: فلما ركبت الدابة .. أسقطتها الدابة، فماتت بسبب إسقاط الدابة لها في الطريق حين رجعوا من غزوهم بغير مباشرة للقتال، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من قتل في سبيل الله .. فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله .. فهو شهيد" رواه مسلم.
وفي رواية البخاري في باب غزوة المرأة في البحر: (فلما قفلت .. ركبت دابتها، فوقصت بها، فسقطت عنها فماتت).
والذي استخلصه الحافظ من جميع الروايات في هذا الباب أنه لما وصلوا إلى جزيرة قبرص .. بادرت المقاتلة، وتأخرت الضعفاء؛ كالنساء، فلما غلب المسلمون وصالحوهم .. طلعت أم حرام من السفينة قاصدةً البلد؛ لتراها وتعود راجعةً إلى الشام، فقدمت لها بغلة شهباء لتركبها، فركبتها فوقصت بها وماتت.
وذكر ابن حبان: أن قبرها بجزيرة في بحر الروم يقال لها: قبرص، وذكر
(58)
- 2734 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
===
الطبري في "تاريخه" أن الناس يستسقون بها، ويقولون: قبر المرأة الصالحة. انتهى.
وهذا الحديث قد اختلف فيه الناس عن أنس: فمنهم من جعله من مسنده، ومنهم من جعله من مسند أم حرام، وحقق الحافظ في "الفتح"(11/ 77) أن أوله من مسند أنس، وقصة المنام من مسند أم حرام؛ فإن أنسًا إنما حمل قصة المنام عنها. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: كتاب التعبير، باب الرؤيا بالنهار، ومنها: كتاب الجهاد، باب بالدعاءِ بالجهاد والشهادة للرجال والنساء، ومنها: كتاب الاستئذان، باب من زار قومًا فقال عندهم، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضل الغزو في البحر، وأبو داوود في كتاب الجهاد، باب فضل الغزو في البحر، والترمذي في كتاب فضائل الجهاد، والنسائي في كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد في البحر، ومالك في "الموطأ"، في كتاب الجهاد، باب الترغيب في الجهاد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه مما اتفق عليه الجماعة، وغرضه: الاستدلال به.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، فقال:
(58)
- 2734 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاء، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
===
(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد الكلاعي عن أبي يُحْمِدَ الحمصيُّ، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن معاوية بن يحيى) الطرابلسي أبي مطيع الدمشقي أو الحمصي. روى عن: ليث بن أبي سليم، ويروي عنه: بقية بن الوليد، صدوق له أوهام، من السابعة. يروي عنه:(س ق).
(عن ليث بن أبي سليم) بن زُنَيْم - بالزاي والنون مصغرًا - واسمُ أبي سليم أَيْمَنُ، صدوق اخْتلَطَ جِدًّا ولم يتميَّز حديثُه فَتُرِكَ، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن يحيى بن عباد) بن شيبان الأنصاري الشيباني أبي هبيرة الكوفي. روى عن: أم الدرداء. يروي عنه: ليث بن أبي سليم، ثقة، من الرابعة، مات بعد العشرين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن أم الدرداء) الصغرى الأوْصَابِيَّةِ الدمشقية، ثقة فقيهة، من الثالثة، ماتَتْ قبل المئة سنة إحدى وثمانين (81 هـ). يروي عنها:(ع) اسمها هُجيمة، أو جُهيمة، وأما الكبرى .. فاسمها خَيْرَةُ، فلا رواية لها في الكتب الستة.
(عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، أولُ مشاهده أحدٌ، وكان عابدًا، مات في أواخر خلافة عثمان، وقيل: عاش بعد ذلك. يروي عنه: (ع).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه بقيةَ بن الوليد، وهو
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "غَزْوَةٌ فِي الْبَحْرِ مِثْلُ عَشْرِ غَزَوَاتٍ فِي الْبَرِّ، وَالَّذِي يَسْدَرُ فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ سُبْحَانَهُ".
(59)
- 2735 - (3) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ،
===
كثير التدليس عن الضعفاء، وفيه معاوية بن يحيى وشيخُه ليث بن أبي سليم، وهما ضعيفان؛ كما مرَّ آنفًا.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غزوة في البحر) أجرها (مثل) أجر (عشر غزوات في البر) لكثرة المخاطر في البحر (والذي يَسْدَرُ) ويَدُور رأسُه (في البحر) ويأخذه الدَّوْخُ ودورانُ الرأس إذا غزا في البحر.
قال الدَّميري: السَّادر: هو المُتحيِّر، والسَّدَر - بالتحريك -: الدَّوَرَان، وهو كثيرًا ما يَعْرض لراكبِ البحر، وهو أيضًا الذي لا يَهْتَمُّ ولا يُبالي ما صَنَع لِأَخْذِ الدَّوْخِ إياه.
أي: (و) أجر (الذي يَسْدُر) ويدور رأسه (في البحر) إذا ركب البحر لأجل الجهاد في سبيل الله تعالى (كـ) أجر (المتشحط) والمتقلب (في دمه) الذي يتخبط ويتمرغ في دمه؛ لقتله في الجهاد (في سبيل الله سبحانه) في البر.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه الحاكم في "المستدرك".
ودرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة، فهو ضعيف متنًا وسندًا (6)(289).
ثم استأنس المؤلف ثانيًا للترجمة بحديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، فقال:
(59)
- 2735 - (3)(حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري) - بالجيم
حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ الشَّامِيُّ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "شَهِيدُ الْبَحْرِ مِثْلُ شَهِيدَيِ الْبَرّ، وَالْمَائِدُ
===
والموحدة مصغرًا - أبو حفص البصري، صدوق، من الحادية عشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا قيس بن محمد) بن عمران (الكندي) مقبول، من التاسعة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا عفير) مصغرًا (ابن معدان) الحمصي المؤذن (الشامي) ضعيف، من السابعة. يروي عنه:(ت ق).
(عن سليم بن عامر) الكلاعي، ويقال: الخبائري - بخاء معجمة - أبي يحيى الحمصي، ثقة، من الثالثة، غلط من قال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(م عم).
(قال) سليم: (سمعت أبا أمامة) صدي بن عجلان الباهلي الشامي رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عفير بن معدان، وهو ضعيف؛ ضعفه أحمد وابن معين ودحيم وأبو حاتم والبخاري والنسائي وغيرهم.
أي: قال سليم بن عامر: سمعت أبا أمامة (يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شهيد البحر) أي: أجر من صار شهيدًا في غزوة وقعت في البحر (مثل) أجر (شهيديـ) ـن استشهدا في غزوة وقعت في (البر) لما في البحر من المهالك الكثيرة (و) أجر (المائد) وهو الذي أخذه دوران الرأس من دخول رائحة البحر ونتنه في أنفه، واضطراب السفينة بالأمواج المتلاطمة
فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي الْبَرِّ، وَمَا بَيْنَ الْمَوْجَتَيْنِ كَقَاطِعِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ الله، وَإِنَّ اللهَ عز وجل وَكَّلَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ إِلَّا شَهِيدَ الْبَحْرِ؛ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ، وَيَغْفِرُ لِشَهِيدِ الْبَرِّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إِلَّا الدَّيْنَ، وَلِشَهِيدِ الْبَحْرِ الذُّنُوبَ وَالدَّيْنَ".
===
المختلطة (في) غزوة (البحر كالمتشحط) أي: كأجر المتقلب المتمرغ (في دمه) المتلطخ بدمه بسبب قتله (في) غزوة (البر) أي: يكون للذي أخذه دوران الرأس في غزوة البحر .. مثل أجر المتشَحِّط المتلطخ بدمه في غزوة البر.
(و) أَجْرُ القاطع (ما بين الموجَتَينِ) من أمواج البحر؛ أي: قاطعُ ما بينهما بسيره في غزوة البحر (كـ) أجر (قاطع) مسافة (الدنيا) والأرض كُلِّها بسيره فيها؛ لأجل غزوه (في طاعةِ الله) تعالى لإعلاءِ دينه وإظهاره ونشره بين الناس (وإن الله عز وجل وَكَّل ملكَ الموت بقَبْض الأرواحِ) كلها؛ أي: بقبض وأخذ أرواح الخلائق كلهم، من العقلاء وغيرهم (إلا) روحَ (شهيدِ البحر) أي: مَنْ كان شهيدًا في غزوة البحر (فإنه) تعالى (يَتولَّى قَبْضَ أرواحِهم) أي: قبض أرواح شهداء البحر تَكْرِمَةً لهم (ويغفر) الله تعالى (لشهيد البر الذنوبَ) أي: ذنوبَه (كلها إلا الدين) أي: إلا التقصيرَ في قضاء الدين (و) يغفر الشهيد البحر الذنوب والدين) كِلَيْهما تكرمةً له.
قوله: "وما بين الموجتين" أي: قاطعُ ما بين الموجَتين من المسافة.
قوله: "إلا الدَّين" أي: إلا تَرْكَ وفاءِ الدين؛ إذْ نَفْسُ الدَّيْن ليس من الذنوب، والظاهر أنَّ ترك الوفاء ذنبٌ إذا كان مع القدرة على الوفاء، فلعلَّه هو المرادُ. انتهى.
وذَكَر السيوطي عن بعض العلماء في "حاشيته على الترمذي": في الحديث تنبيهٌ على أن حقوق الآدميين لا تكفر؛ لكونها مبنية على المشاحة والتضييق،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ويمكن أن يقال: إن هذا محمول على الذي هو خطيئة؛ وهو الذي استدانه صَاحِبهُ على وَجْهٍ لا يجوز؛ بأن أخَذَه بحيلة، أو غَصَبه، فثبت في ذمته البدلُ، أو ادَّان غَيْرَ عازم على الوفاء؛ لأنه استثنى ذلك مِنَ الخطايا، وإلا .. فالاستثناء شرطه أن يكون من الجنس، فيكون الدين المأذون فيه مسكوتًا عنه في هذا الاستثناء، فلا يلزم المؤاخذة به؛ لجواز أن يعوض الله صاحبه من فضله، والله أعلم. انتهى من "السندي".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده، فالحديث ضعيف متنًا وسندًا (7)(290)، وغرضه: الاستئناس به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم