الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(20) - (963) - بَابُ فَضْلِ الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل
(36)
- 2712 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "غَدْوَةٌ
===
(20)
- (963) - (باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله عز وجل
(36)
- 2712 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن سعيد) بن حصين الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ع).
(قالا) أي: قال كل منهما: (حدثنا أبو خالد الأحمر) الأزدي سليمان بن حيان الأزدي، صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ)، أو قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن) محمد (بن عجلان) المدني، صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الأشجعية، الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المئة (100 هـ). يروي عنه:(ع)، وإنما فسرناه بالأشجعي؛ لأن أبا حازم إذا روى عن أبي هريرة .. هو الأشجعي، وإذا روى عن سهل وجابر .. هو سلمة بن دينار المدني التمار.
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غدوة) وفي رواية
أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
===
مسلم عن أنس: (لغدوة) كما سيأتي للمصنف، فاللام لام الابتداء، وهي المسوغة للابتداء بالنكرة؛ نظير: لرجل قائم؛ أي: لمرة من الغدو؛ وهو السير أول النهار إلى الزوال في سبيل الله؛ أي: في الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى (أو روحة في سبيل الله) تعالى؛ أي: لمرة من الرواح؛ وهو السير من الزوال إلى آخر النهار و (أو) هنا للتقسيم والتنويع، لا للشك، وذكر الخبر بقوله:(خير من الدنيا وما فيها).
والمعنى: لثواب المجاهد في سبيل الله يناله على مرة من الغدو في سبيل الله، أو على مرة من الرواح في سبيل الله .. خير وأفضل وأعظم وأنفع من الدنيا الواسعة المشتملة على العالم العلوي والسفلي وما فيها من النعيم.
ومعنى الحديث: أن فضل الغدوة أو الروحة في سبيل الله وثواب أحدهما .. خير وأنفع من نعيم الدنيا لو ملكها إنسان وتصور تنعمه بها كلها؛ لأنه زائل فان، ونعيم الآخرة باق دائم، والباقي وإن قل خير من الفاني وإن كثر انتهى. "دهني".
قال الحافظ: الغدوة - بالفتح -: المرة الواحدة من الغدو؛ وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه؛ والروحة: المرة الواحدة من الرواح؛ وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها. انتهى من "الفتح".
قال ابن دقيق العيد: قوله: "خير من الدنيا وما فيها" يحتمل هذا الحديث وجهين؛ أحدهما: أن يكون من باب تنزيل المغيب منزلة المحسوس تحقيقًا له في النفس؛ لكون الدنيا محسوسة في النفس، مستعظمة في الطباع، فلذلك وقعت المفاضلة بها، وإلا .. فمن المعلوم أن جميع ما في الدنيا لا يساوي ذرةً مما في الجنة، والثاني: أن المراد: أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الذي يحصل من لو حصلت له الدنيا كلها .. لأنفقها في طاعة الله تعالى، حكاه الحافظ في "الفتح"(6/ 14).
وقال أيضًا: ويؤيد الاحتمال الثاني ما رواه ابن المبارك في كتاب الجهاد من مرسل الحسن، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا فيهم عبد الله بن رواحة، فتأخر عن الذهاب؛ ليشهد الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده، لو أنفقت ما في الأرض .. ما أدركت فضل غدوتهم".
والحاصل: أن المراد: تحقير أمر الدنيا، وتعظيم أمر الجهاد، وأن من حصل له من الجنة قدر سوط .. يصير كأنه حصل له أمر عظيم من جميع ما في الدنيا، فكيف بمن حصل منها أعلى الدرجات؟ !
والنكتة في ذلك: أن سبب التأخر عن الجهاد الميل إلى سبب من أسباب الدنيا، فنبه هذا المتأخر أن هذا القَدْرَ اليسير من الجنة أفضل من جميع ما في الدنيا. انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، والترمذي في كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الغدو والرواح، والدارمي في كتاب الجهاد، والبغوي، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطبراني، والنسائي في كتاب الجهاد، باب فضل غدوة في سبيل الله.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
(37)
- 2713 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ
===
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(37)
- 2713 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا زكريا بن منظور) بن ثعلبة، ويقال: زكريا بن يحيى بن منظور، فنسب إلى جده؛ لشهرته به القرظي، أبو يحيى المدني، ضعيف، من الثامنة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا أبو حازم) سلمة بن دينار التمار المدني القاضي، ثقة عابد، من الخامسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).
(عن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي (الساعدي) أبي العباس المدني، له ولأبيه صحبة مشهور رضي الله تعالى عنهما، مات سنة ثمان وثمانين (88 هـ)، وقيل بعدها، وقد جاوز المئة. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه زكريا بن منظور، وهو متفق على ضعفه.
(قال) سهل: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غدوة) أي: ثواب مرة من الغدوة؛ وهي السير أول النهار (أو روحة) أو ثواب مرة من الرواح، وهو السير آخر النهار؛ أي: مرة من سيرهما (في سبيل الله) أي: في طريق إعلاء
خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
===
كلمة الله تعالى كلمة التوحيد؛ أي: ثواب مرة واحدة منهما .. (خير) أي: أعظم وأفضل وأنفع (من الدنيا وما فيها) من النعيم.
ومعنى هذا الحديث: ثواب ذلك الزمن القليل في الجنة خير من الدنيا وما اشتملت عليه من زخارفها؛ أي: من ثواب التصدق بما فيها، قاله تزهيدًا في الدنيا وتصغيرًا لها، وترغيبًا في الجهاد، فينبغي أن يغتبط صاحب الغدوة والروحة بغدوته وروحته أكثر مما يغتبط أن لو حصلت له الدنيا بحذافيرها نعيمًا محضًا غير محاسب عليه، مع أن هذا لا يتصور. انتهى "قسطلاني".
والمعنى: ولثواب المرة الواحدة من الغدوة التي يغدوها ويمشيها المجاهد في سبيل الله، أو ثواب المرة الواحدة من الروحة التي يروحها المجاهد في سبيل الله؛ أي: ثوابهما في الجنة .. خير من ثواب التصدق بالدنيا وما فيها من النعيم لو أمكن تملكها والتصدق بها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: كتاب الجهاد، ومسلم في كتاب الإمارة، والترمذي في كتاب الجهاد، والنسائي في كتاب الجهاد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة، ولكن سند المؤلف ضعيف؛ كما قد علمت، فالحديث ضعيف السند، صحيح المتن بغيره.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(38)
- 2714 - (3) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
===
(38)
- 2714 - (3)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي (الجهضمي) - بفتح الجيم وسكون الهاء وفتح المعجمة - البصري، ثقة ثبت، طلب للقضاء فامتنع، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(ومحمد بن المثنى) العنزي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(قالا: حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (الثقفي) أبو محمد البصري، ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، من الثامنة، مات سنة اثنتين، ويقال: أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه: (ع).
(حدثنا حميد) بن أبي الحميد الطويل أبو عبيدة البصري اختلف في اسم أبيه على عشرة أقوال: منها: تير، ومنها: تيرويه، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ) وهو قائم يصلي، من الخامسة، عابه زائدة؛ لدخوله في شيء من أمر الأمراء. يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لغدوة أو روحة في سبيل الله) أي: ثوابهما (خير) وأفضل (من الدنيا وما فيها) من نعيمها وزخارفها.
وللمتكلمين في حقيقة الدنيا قولان؛ أحدهما: أنها ما على الأرض؛ من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الهواء والجو، والثاني: أنها كل المخلوقات؛ من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة.
والحاصل من أحاديث الباب: تحقير أمر الدنيا، وتعظيم أمر الجهاد، وأن من حصل له من الجنة قدر سوط .. يصير كأنه حصل له أعظم من جميع ما في الدنيا، فكيف بمن حصل له منها أعلى الدرجات؟ ! انتهى "قسطلاني".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم والترمذي.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم