المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(32) - (975) - باب ارتباط الخيل في سبيل الله - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌(1) - (944) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ

- ‌(2) - (945) - بَابُ فَرَائِضِ الصُّلْبِ

- ‌(3) - (946) - بَابُ فَرَائِضِ الْجَدِّ

- ‌(4) - (947) - بَابُ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ

- ‌(5) - (948) - بَابُ الْكَلَالَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(6) - (949) - بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ

- ‌(7) - (950) - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلَاءِ

- ‌(8) - (951) - بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ

- ‌(9) - (952) - بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌(10) - (953) - بَابُ مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ

- ‌(11) - (954) - بَابُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ

- ‌(12) - (955) - بَابٌ: تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ

- ‌(13) - (956) - بَابُ مَنْ أَنْكَرَ وَلَدَهُ

- ‌(14) - (957) - بَابٌ: فِي ادِّعَاءِ الْوَلَدِ

- ‌(15) - (958) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ

- ‌(16) - (959) - بَابُ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ

- ‌(17) - (960) - بَابٌ: إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ .. وَرِثَ

- ‌(18) - (961) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ

- ‌كتابُ الجِهاد

- ‌(19) - (962) - بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(20) - (963) - بَابُ فَضْلِ الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(21) - (964) - بَابُ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا

- ‌(22) - (965) - بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى

- ‌(23) - (966) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ

- ‌(24) - (967) - بَابُ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْجِهَادِ

- ‌(25) - (968) - بَابُ فَضْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(26) - (969) - بَابُ فَضْلِ الحَرْسِ وَالتَّكْبِيرِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌مستدركة

- ‌(27) - (970) - بَابُ الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه على تنبيه

- ‌(28) - (971) - بَابُ فَضْلِ غَزْوِ الْبَحْرِ

- ‌(29) - (972) - بَابُ ذِكرِ الدَّيْلَمِ وَفَضْلِ قَزْوِينَ

- ‌(30) - (973) - بَابُ الرَّجُلِ يَغْزُو وَلَهُ أَبَوَانِ

- ‌(31) - (974) - بَابُ النِّيَّةِ فِي الْقِتَالِ

- ‌تتمة

- ‌(32) - (975) - بَابُ ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(33) - (976) - بَابُ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌(34) - (977) - بَابُ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌تتمة ما في أحاديث الباب من حياة الشهداء

- ‌(35) - (978) - بَابُ مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَةُ

- ‌(36) - (979) - بَابُ السِّلَاحِ

- ‌(37) - (980) - بَابُ الرَّمْيِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(38) - (981) - بَابُ الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ

- ‌(39) - (982) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(40) - (983) - بَابُ لُبْسِ الْعَمَائِمِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(41) - (984) - بَابُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْغَزْوِ

- ‌(42) - (985) - بَابُ تَشْيِيعِ الْغُزَاةِ وَوَدَاعِهِمْ

- ‌(43) - (986) - بَابُ السَّرَايَا

- ‌تتمة

- ‌(44) - (987) - بَابُ الْأَكْلِ فِي قُدُورِ الْمُشْرِكِينَ

- ‌(45) - (988) - بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ

- ‌(46) - (989) - بَابُ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(47) - (990) - بَابُ الْمُبَارَزَةِ وَالسَّلَبِ

- ‌(48) - (991) - بَابُ الْغَارَةِ وَالْبَيَاتِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

- ‌(49) - (992) - بَابُ التَّحْرِيقِ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌(50) - (993) - بَابُ فِدَاءِ الْأُسَارَى

- ‌تتمة

- ‌(51) - (994) - بَابُ مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ

- ‌(52) - (995) - بَابُ الْغُلُولِ

- ‌تتمة

- ‌(53) - (996) - بَابُ النَّفَلِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (997) - بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌(55) - (998) - بَابُ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ يَشْهَدُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(56) - (999) - بَابُ وَصِيَّةِ الْإِمَامِ

- ‌(57) - (1000) - بَابُ طَاعَةِ الْإِمَامِ

- ‌تتمة

- ‌(58) - (1001) - بَابُ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ

- ‌(59) - (1002) - بَابُ الْبَيْعَةِ

- ‌(60) - (1003) - بَابُ الْوَفَاءِ بِالْبَيْعَةِ

- ‌(61) - (1004) - بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ

- ‌(62) - (1005) - بَابُ السَّبَقِ وَالرِّهَانِ

- ‌تنبيه

- ‌(63) - (1006) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌(64) - (1007) - بَابُ قِسْمَةِ الْخُمُسِ

الفصل: ‌(32) - (975) - باب ارتباط الخيل في سبيل الله

(32) - (975) - بَابُ ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ

(67)

- 2743 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَيْرُ مَعْقُود بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".

===

(32)

- (975) - (باب ارتباط الخيل في سبيل الله)

(67)

- 2743 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، ثقة متقن صاحب حديث، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن شبيب بن غرقدة) - بمعجمة وقاف - ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن عروة) بن الجعد، ويقال: ابن أبي الجعد، ويقال: اسم أبيه عياض الأسدي (البارقي) - بالموحدة والقاف - نسبة إلى ذي بارق بن مالك؛ بطن من همدان، وقيل: اسم جبل نزله الأزديون، الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، نزل الكوفة، وهو أول قاض بها، له ثلاثة عشر حديثًا اتفقا على حديث. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) عروة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخير) وهو الأجر والغنيمة (معقود) أي: مربوط (بنواصي الخيل) ورؤوسها (إلى يوم القيامة).

وقوله في بعض الرواية: (الأجر والمغنم) بيان وتفسير للخير والمغنم؛ وهو بمعنى الغنيمة، وهما اسمان لما يغنم، وكذلك الغنم - بوزن القفل - والأصل في

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

معنى هذه المادة: إصابة الخير ونيله بلا بدل ولا مقابل ولا مشقة ولا تعب .. مربوط بنواصي الخيل.

وذكر في "النهاية": أن الغنيمة والغنم والمغنم هو ما أصيب من أموال أهل الحرب، وأوجف عليه المسلمون الخيل والركاب.

قوله: "الخير معقود في نواصي الخيل" أي: ملازم بها؛ كأنه معقود فيها، كذا في "النهاية".

والمراد بالخيل: ما يتخذ للغزو؛ بأن يقاتل عليه أو يرتبط لأجل ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الخيل لثلاثة

" الحديث، ولقوله في آخر الحديث: "الأجر والمغنم".

قال عياض: إذا كان في نواصيها البركة .. فيبعد أن يكون فيها شؤم، فيحتمل أن يكون الشؤم في غير الخيل التي ارتبطت للجهاد، وأن الخيل التي أعدت له هي المخصوصة بالخير والبركة، أو يقال: الخير والشر يمكن اجتماعهما في ذات واحدة؛ فإنه فسر الخير بالأجر والمغنم، ولا يمنع أن يكون ذلك الفرس مما يتشاؤم به. انتهى.

وقوله في بعض الروايات: (الأجر والغنم) بدل من قوله: (الخير) أو هو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو الأجر والمغنم، ووقع عند مسلم من رواية جرير عن حصين: قالو: بم ذاك يا رسول الله؟ قال: "الأجر والمغنم".

قال الطيبي: يحتمل أن يكون الخير الذي فسر بالأجر والمغنم استعارةً؛ لظهوره وملازمته، وخص الناصية؛ لرفعة قدرها، وكأنه شبهه لظهوره بشيء محسوس معقود على مكان مرتفع، فنسب الخير إلى لازم المشبه به، وذكر الناصية تَجْرِيدًا للاستعارة.

ص: 240

(68)

- 2744 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ،

===

والمراد بالناصية هنا: الشعر المسترسل على الجبهة، قاله الخطابي وغيره. قالوا: ويحتمل أن يكون كنى بالناصية عن جميع ذات الفرس؛ كما يقال: فلان مبارك الناصية.

قال الحافظ: ويبعده لفظ الحديث الثالث؛ يعني: حديث أنس: "البركة في نواصي الخيل"، وقد روى مسلم من حديث جرير قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرسه بإصبعه، ويقول

" فذكر الحديث، فيحتمل أن تكون الناصية خصت بذلك؛ لكونها المقدم منها؛ إشارةً إلى أن الفضل في الإقدام على العدو دون المؤخر؛ لما فيه من الإشارة إلى الإدبار. انتهى من "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الجهاد ماض مع الإمام البر والفاجر، ومسلم في كتاب الإمارة والسير، باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في فضل الخيل، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عروة البارقي بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(68)

- 2744 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري عالمها، ثقة

ص: 241

عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"الخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".

===

متقن فقيه، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن نافع) أبي عبد الله مولى ابن عمر، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخيل) أي: جنسها؛ والمراد بها: ما يتخذ للغزو بأن يقاتل عليه، أو ربطه لأجل ذلك (في نواصيها) جمع ناصية؛ وهي مقدم الرأس، أو شعر مقدم الرأس المسترسل على الجبهة، قيل: كنى بها عن ذوات الخيل؛ لأنها أول ما يبدو منها إذا أقبلت؛ كما تقول: فلان مبارك الناصية، وأنت تريد مبارك الذات (الخير) أي: معقود في نواصيها الخير (إلى يوم القيامة) وقد فسر الخير في حديث عروة البارقي الماضي: بالأجر والمغنم، وبهذا التفسير ظهر أن المراد بالخيل: ما يتخذ للغزو عليه، وقد روى أحمد في حديث أسماء بنت يزيد مرفوعًا:"الخيل في نواصيها الخير معقود إلى يوم القيامة؛ فمن ربطها عدة في سبيل الله، وأنفق عليها احتسابًا .. كان شبعها وريها وظمؤها وأرواثها وأبوالها فلاحًا في موازينه يوم القيامة". ذكره الحافظ في "الفتح"(6/ 55).

قال النووي: وفي رواية: (الخير معقود بنواصي الخيل)، وفي رواية:(البركة في نواصي الخيل)، والمعقود والمعقوص بمعنىً واحد؛ ومعناه: ملوي مضفور فيها.

ص: 242

(69)

- 2745 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِب، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَار، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ،

===

وفي أحاديث الباب استحباب رباط الخيل وانتقائها للغزو وقتال أعداء الله تعالى، وأن فضلها وخيرها باقٍ إلى يوم القيامة.

وقوله: "إلى يوم القيامة" فيه إشارة إلى أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، وأن الخيل لا يستغنى عنها في الجهاد إلى يوم القيامة؛ كما هو مشاهد في عصرنا؛ حيث إن الخيل يحتاج إليها في الجبال والفلوات، على رغم من توفر الطائرات والدبابات وسائر آلات الحرب المعاصرة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم والنسائي ومالك وأحمد.

فهو في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عروة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(69)

- 2745 - (3)(حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب) الأموي البصري، واسم أبي الشوارب محمد بن عبد الرحمن بن أبي عثمان، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).

(حدثنا عبد العزيز بن المختار) الدباغ البصري مولى حفصة بنت سيرين، ثقة، من السابعة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا سهيل) بن أبي صالح ذكوان السمان أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقرونًا وتعليقًا، من السادسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).

ص: 243

عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ - أَوْ قَالَ -: الْخَيْلُ مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ - قَالَ سُهَيْلٌ: أَنَا أَشُكُّ - الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة،

===

(عن أبيه) أبي صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم عن حكم الخيل: (الخيل في نواصيها الخير) إلى يوم القيامة، قال أبو هريرة:(أو قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير) بزيادة لفظ معقود؛ أي: مربوط في رؤوسها الخير، قال عبد العزيز:(قال) لنا (سهيل: أنا أشك) أي: أنا الشاك فيما قال أبو صالح؛ هل قال: الخيل في نواصيها (الخير إلى يوم القيامة) بلا ذكر لفظ: "معقود" أو قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) بزيادة لفظة: "معقود".

قال العيني: قوله: "معقود" مرفوع على أنه خبر المبتدأ المؤخر؛ وهو قوله: "الخير" والجملة خبر المبتدأ الأول؛ وهو "الخيل".

ومعنى قوله: "معقود" ملازم لها؛ كأنه معقود فيها، وهو من باب الاستعارة المكنية؛ لأن الخير ليس بمحسوس حتى تعقد عليه الناصية، ولكنهم يدخلون المعقولط في جنس المحسوس، ويحكمون عليه بما حكم على المحسوس؛ مبالغة في اللزوم، والنواصي جمع ناصية؛ وهي قُصاصُ الشعر؛ وهو الشعر المسترسل على الجبهة، وخص النواصي بالذكر؛ لأن العرب تقول غالبًا: فلان مبارك الناصية، فيكنى بها عن ذات الإنسان.

ص: 244

الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: فَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ،

===

وقوله: "الخيل

" إلى آخره، لفظ عام؛ والمراد به: المخصوص؛ لأنه لم يرد به إلا بعض الخيل؛ وهو المعد للجهاد عليه؛ بدليل قوله: "الخيل ثلاثة" فيما بعد.

وفي بعض الهوامش: قوله: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" يعني: أن الخير ملازم لها؛ كأنه معقود فيها؛ كما في "النهاية"(إلى يوم القيامة) أي: إلى قربه، وفي رواية زيادة:(الأجر والمغنم) وهما تفسيران للخير؛ كما مر، وكما في "المشكاة"، وفي حديث أنس:(البركة في نواصي الخيل) أي: كثرة الخير في ذواتها، وقد يكنى بالناصية عن الذات، يقال:(فلان مبارك الناصية) أي: مبارك الذات، فهو مجاز مرسل؛ من التعبير بالجزء عن الكل، علاقته الكلية والجزئية، قال ابن الملك: إنما جعلت البركة في نواصيها؛ لأن بها يحصل الجهاد الذي فيه خير الدنيا وخير الآخرة، وأما قوله في الحديث الآخر:(الشؤم يكون في الفرس) .. فمحمول على ما لم يكن معدًا للجهاد.

وفي قوله: "إلى يوم القيامة" دليل على أن الجهاد قائم مستمر إلى ذلك الوقت؛ والمراد: قبيل القيامة بيسير؛ أي: حتى تأتي الريح الطيبة من قبل اليمن، تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة؛ كما ثبت في الصحيح.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخيل) أي: جنسها من حيث هو هو (ثلاثة) أقسام، والفاء في قوله:(فهي) للإفصاح؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفت أن جنسها ثلاثة، وأردت بيان تلك الثلاثة .. فأقول لك: أحدها: خيل (لرجل أجر) أي: ذات أجر وثواب (و) ثانيها: خيل (لرجل ستر) أي: ذات ستر وحجاب عن مسألة الناس

ص: 245

وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ؛ فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ .. فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَيُعِدُّهَا، فَلَا تُغَيِّبُ شَيْئًا فِي بُطُونِهَا .. إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرٌ، وَلَوْ رَعَاهَا فِي مَرْجٍ .. مَا أَكَلَتْ شَيْئًا إِلَّا كُتِبَ لَهُ بِهَا أَجْرٌ، وَلَوْ سَقَاهَا مِنْ نَهَرٍ جَارٍ .. كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تُغَيِّبُهَا فِي بُطُونِهَا أَجْرٌ"، حَتَّى ذَكَرَ الْأَجْرَ

===

(و) ثالثها: خيل (على رجل وزر) أي: ذات وزر وذنب، والفاء في قوله:(فأما الذي هي له أجر) للإفصاح أيضًا؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفت الأقسام الثلاثة، وأردت بيان تعريف كل منها .. فأقول لك:(أما) الرجل (الذي هي) أي: الخيل (له) أي: لذلك الرجل (أجر) أي: ذات أجر وثواب .. (فـ) هو (الرجل) الذي (يتخذها) ويقتنيها للجهاد عليها (في سبيل الله) وطاعته (ويعدها) أي: يهيئها لذلك الجهاد (فلا تغيب) تلك الخيل من التغييب؛ أي: لا تدخل (شيئًا) من علفها وشرابها (في بطونها) أي: في أجوافها .. (إلا كتب) بالبناء للمفعول؛ أي: إلا كتب الله سبحانه وتعالى (له) أي: لذلك الرجل بذلك الشيء غيبت في جوفها (أجر) أو ثواب (ولو رعاها) أي: ولو رعى ذلك الرجل تلك الخيل وسامها (في مرج) وروضةٍ (ما أكلت) ولا رعت تلك الخيل (شيئًا) من نبات ذلك المرج .. (إلا كتب له) أي: لذلك الرجل (بها) أي: بِأَكْلَتها، ومقتضى السياق أن يقال:(به) بالتذكير؛ أي: بالشيء الذي أكلته من المرج (أجر) وثواب قوله: (ولو سقاها) قبله محذوف؛ تقديره: ولو مر بها وسقاها (من نهر جار) أي: سقاها من ذلك النهر الذي مر عليه .. (كان له) أي: كتب لذلك الرجل (بكل قطرة) وجرعة (تغيبها) أي: تدخلها (في بطونها) وجوفها (أجر) أي: ثواب.

وقوله: (حتى ذكر الأجر) غاية لمحذوف؛ تقديره: ذكر رسول الله صلى الله

ص: 246

فِي أَبْوَالِهَا وَأَرْوَاثِهَا، "وَلَوِ اسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ .. كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ تَخْطُوهَا أَجْرٌ، وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ .. فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمًا وَتَجَمُّلًا وَلَا يَنْسَى حَقَّ ظُهُورِهَا وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا، وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ وِزْرٌ

===

عليه وسلم الأجر والثواب المكتوب له في تعهده ورعايته إياها حتى ذكر الأجر المكتوب له (في أبوالها وأرواثها) لأن بها؛ أي: بإخراج أبوالها وأرواثها، بقاءها وحياتها، مع أن أصلها قبل الاستحالة غالبًا من مال صاحبها، وهذا؛ أي: ذكر الثواب في الأبوال والأرواث مبالغة في كثرة الثواب له بسببها؛ لأنه إذا كتب له ما يستقذر، فكيف بغيره؟ ! انتهى من "الأبي" بتصرف.

(ولو) أنها (استنت) أي: عدت وجرت (شرفًا) أي: شوطًا ومرةً (أو شرفين) أي: شوطيق ومرتين .. (كتب له) أي: لصاحبها (بكل خطوة) بفتح الخاء مصدرًا؛ وهو نقل الرجل من موضع إلى آخر، وبالضم: اسم لما بين القدمين؛ أي: كتب له بعدد كل خطوة (تخطوها) أي: تثبها وتمشيها (أجر) وثواب.

(وأما) الرجل (الذي هي) أي: تلك الخيل (له ستر) أي: سترة وعفة عن سؤال الناس؛ أي: تستره وتعفه عن سؤال الغير إما بما يكتسب عليها، أو بما يربح من نتاجها .. (فـ) هو (الرجل) الذي (يتخذها) ويقتنيها (تكرمًا) أي: تحفظًا من مسألة الناس وتكرمًا عنها (وتجملًا) أي: تزينًا بصرفها في حوائجه (و) الحال أنه (لا ينسى) ولا يترك (حق) الله في (ظهورها) بإعارتها للمحتاج إليها وللحمل عليها في سبيل الله تعالى مثلًا (و) لا ينسى حقها في (بطونها) من شبعها وريها (في) حالة (عسر) علفـ (ها) وقلتهما (و) في حالة (يسر) علفـ (ها) وشرابها وكثرتهما.

(وأما) الرجل (الذي) هي؛ أي: تلك الخيل (عليه وزر) أي: ذات وزر

ص: 247

فَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذَخًا وَرِياءَ النَّاس، فَذَلِكَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ".

===

وذنب .. (فـ) هو (الذي يتخذها) ويقتنيها (أشرًا) أي: حالة كونه ذا أشر أو لأجل الأشر والبطر والبذخ والرياء؛ والأشر: هو قلة القيام بشكر النعمة (وبطرًا) أي: وحالة كونه ذا بطر؛ وهو صرف النعمة في غير مصارفها (وبذخًا) أي: وفي حالة كونه ذا بذخ؛ وهو الفخر بالنعمة على الناس والتطاول بها عليهم (ورياء الناس) أي: وذا رياء للناس؛ وهو أن يرى الناس ما أعطاه الله له على سبيل الظهور والترفع عليهم (فذلك) الذي يتخذها أشرًا وبطرًا

إلى آخره، هو (الذي هي) أي: تلك الخيل (عليه وزر) أي: ذات وزرٍ وذنب.

قال الراغب: الأشر: شدة البطر، والبطر: دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها، وصرفها إلى غير وجهها. انتهى.

والبذخ - بالتحريك -: الفخر والتطاول على الناس؛ كما في "النهاية". انتهى من بعض الهوامش.

وفي "فتح الملهم": الأشر - بفتح الهمزة والشين -: هو المرح واللجاج، وأما البطر .. فهو الطغيان عند الحق.

وأما البذخ - بفتح الموحدة والذال المعجمة - .. فهو بمعنى الأشر والبطر.

قلت: الثلاثة كلها بمعنىً واحد، وقلة القيام بشكر النعمة، وصرفها في غير مصارفها. انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة مطولًا، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

ص: 248

(70)

- 2746 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ،

===

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عروة البارقي بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(70)

- 2746 - (4)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد أبو عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا أبي) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي أبو النضر البصري والد وهب، ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه، من السادسة، مات سنة سبعين ومئة (170 هـ) بعدما اختلط، لكن لم يحدث في اختلاطه. يروي عنه:(ع).

(قال) والدي: (سمعت يحيى بن أيوب) الغافقي - بمعجمة ثم فاء وقاف - أبا العباس المصري، صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ). يروي عنه:(ع).

حالة كون يحيى (يحدث عن يزيد بن أبي حبيب) المصري أبي رجاء، واسم أبيه سويد، واختلف في ولائه، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن علي) بضم العين مصغرًا (ابن رباح) بن قصير - على وزن طويل - اللخمي أبي عبد الله المصري، ثقة وكان يغضب منها، من كبار الثالثة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(م عم).

ص: 249

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ الْخَيْلِ: الْأَدْهَمُ الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ الْأَرْثَمُ طُلْقُ الْيَدِ الْيُمْنَى؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ .. فَكُمَيْتٌ

===

(عن أبي قتادة الأنصاري) الحارث بن ربعي - بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة - ابن بلدمة - بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة - السلمي - بفتحتين - المدني رضي الله تعالى عنه، شهد أحدًا وما بعدها، ولم يصح شهوده بدرًا، مات سنة أربع وخمسين (54 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير الخيل) وأفضلها وأحسنها وأجملها (الأدهم) قال التوربشتي: الأدهم: الذي يشتد سواده (الأقرح) وهو الذي في وجهه القرحة - بالضم - وهي ما دون الغرة؛ يعني: فيه بياض يسير ولو قدر درهم.

(المحجل) والتحجيل: بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر، بعد أن يجاوز الأرساغ، ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين.

(الأرثم) بالمثلثة؛ أي: في جَحْفَلَتِه وشفته العليا بياض؛ يعني: أنه الأبيضُ الشفةِ العليا، وقيل: الأبيضُ الأنف، قاله القاري، والجحفلةُ بمنزلة الشفة للخيل والبغال والحمير.

(طُلْق اليدِ اليمنى) - بضم الطاء واللام ويسكن - إذا لم يكن في إحدى قوائمها تحجيل (فإن لم يكن) الفرسُ (أدهم) أي: أسودَ من الدهمة؛ وهي السواد على ما في "القاموس" .. (فكُمَيْت) - بالتصغير - وهو الذي بأُذنَيه وعَرْفِه سواد والباقي أحمر، وقال التوربشتي: الكُميت في الخيل يَسْتَوِي فيه المذكر والمؤنث، والمصدرُ الكميتةُ؛ وهي حمرة يدخلها قترة، وقال الخليل:

ص: 250

عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ".

===

إنما صغر؛ لأنه بين السواد والحمرة لم يخلص لواحد منهما، فأرادوا بالتصغير أنه قريب منهما.

(على هذه الشية) - بكسر الشين المعجمة وفتح التحتية - أي: العلامة.

والمعنى: فإن لم يكن الفرس أدهم .. فأفضله كميت، حالة كون كميت مرتبأ على هذا الترتيب في الخيريةِ والأفضليةِ.

والشية؛ في الأصل: كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره، والهاء عوض عن الواو المحذوفة من أوله، وهمزها لحن، والإشارة فيه إلى الأقرح الأرثم، ثم المحجل طلق اليمين. انتهى من "تحفة الأحوذي".

وحاصل المعنى: أن أفضل ألوان الخيل الأدهم فما بعده على الترتيب السابق، فإن لم يكن أدهم .. فأفضلها الكميت حالة كونه مرتبًا على ترتيب الشيات السابقة والصفات المتقدمة؛ أي: فأفضلها بعد الأدهم الكُميت الأقرح، ثم الكُميت المحجَّل، ثم الكميت الأرثم، ثم الكُميت الطلق اليد اليمنى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء فيما يستحب من الخيل، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الجهاد، وقال: هذا حديث غريب صحيح، وقد احتج الشيخان بجميع رواته ولم يخرجاه، والبغوي في "شرح السنة"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وأحمد في "المسند"، وابن حبان في "الموارد".

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ص: 251

(71)

- 2747 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ.

===

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث عروة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(71)

- 2747 - (5)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة حجة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سَلْمِ بن عبد الرحمن النخعي) الكوفي أبي عبد الرحيم، صدوق، من السادسة، له عندهم حديث واحد؛ وهو هذا الحديث الآتي. يروي عنه:(م عم).

(عن أبي زرعة) هَرِمِ (بن عمرو بن جرير) بن عبد الله البجلي الكوفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل) والشكال - بكسر الشين المعجمة - فسره مسلم في "صحيحه" بقوله: والشكال: أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياضٌ، وفي يده اليسرى أو في يده اليمنى ورجله اليسرى بياض. انتهى.

ص: 252

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا أحد الأقوال في تفسير الشكال، ولكن ذكر ابن سيده في "المخصص" (2/ 156) عن الأصمعي قال: فإذا ابيضت اليد والرجل التي من شقها .. قيل: به شكال، فإذا ابيضت رجله من شقه الأيمن ويده من شقه الأيسر .. قيل: به شكال مخالف، وفرس مشكول وذو شكال، فإذا كان محجل الرجل واليد من الشق الأيمن .. فهو ممسك الأيامن ومطلق الأياسر وهم يكرهونه، فإذا كان محجل الرجل واليد من الشق الأيسر .. فهو ممسك الأياسر مطلق الأيامن، وهم يستحسنونه. انتهى.

وقد ذكر النووي رحمه الله تعالى عدة أقوال أخرى في تفسير الشكال، وفي "النهاية": الشكال في الخيل: هو أن تكون ثلاث قوائم منها محجلةً وواحدة مطلقةً؛ تشبيهًا بالشكال الذي تشد به الخيل؛ وهو حبل تشد به قوائمها؛ لأنه يكون في ثلاث قوائم غالبًا، وقيل: هو أن تكون الواحدة محجلةً، والثلاث مطلقة، وقيل: هو أن تكون إحدى رجليه وإحدى يديه من خلاف محجلتين. انتهى من "تلخيص النهاية".

قلت: وهذا القول الأخير هو في معنى ما فسر به مسلم الشكال في الرواية التالية في "صحيحه"، قالوا: وإنما كرهه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه على صورة المشكول، وقيل: يحتمل أن يكون جَرَّب ذلك الجِنْسَ فلم يَجِدْ فيه نَجابةً، قال النووي: قال بعض العلماء: إذا كان مع ذلك أغَرَّ .. زالَتْ الكراهة؛ لزوال شَبهِ الشكال.

وقال القرطبي: يحتمل أنه إنما كرهه؛ لما يقال: إن حوافر المشكل وأعضاءه ليس فيها من القوة ما في غير المشكل، حكاه الأبي.

ثم قال: فالكراهة على هذا هي بمعنى النفرة، لا الكراهة التي هي أحد الأحكام الخمسة، ويدل على ذلك أن تلك مُتعلَّقها الأفعالُ، ومتعلَّقُ هذه

ص: 253

(72)

- 2748 - (6) حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رَوْحٍ الدَّارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الْقَاضِي، عَنْ أَبِيه،

===

الشكالُ، والشكالُ ليس بفعلٍ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإمارة، باب ما يكره من صفات الخيل، وأبو داوود في كتاب الجهاد، باب ما يكره من الخيل، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما يكره من الخيل، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الخيل، باب الشكال بين الخيل.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث عروة بحديث تميم الداري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(72)

- 2748 - (6)(حدثنا أبو عمير) مصغرًا (عيسى بن محمد) بن إسحاق بن النحاس - بمهملتين - (الرملي) ويقال: اسم جده إسحاق، ثقة فاضل، من صغار العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا أحمد بن يزيد بن روح الداري) الفلسطيني، مستور، من الثانية عشرة. يروي عنه:(ق).

(عن محمد بن عقبة القاضي) الشامي، مجهول، من السابعة. يروي عنه:(ق).

(عن أبيه) عقبة الشامي، له حديث واحد في باب ارتباط الفرس، مجهول، من السابعة. يروي عنه:(ق).

ص: 254

عَنْ جَدِّه، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "منِ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ عَالَجَ عَلَفَهُ بِيَدِهِ .. كَانَ لَهُ بِكُلِّ حَبَّةٍ حَسَنَةٌ".

===

(عن جده) لم يسم عندهم.

(عن تميم) بن أوس بن خارجة (الداري) أبي رقية - بقاف وتحتانية مصغرًا - الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان، قيل: مات سنة أربعين (40 هـ). يروي عنه: (م عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن محمد بن عقبة ضعيف، وكذا أبوه عقبةُ وجَدُّه، فكلهم مجهولون، والجَدُّ لم أَرَ مَنْ ذكره.

(قال) تميم الداري: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ارتبط) وحبس (فرسًا) ليجاهد به (في سبيل الله) وطاعته لإعلاء كلمة الإيمان (ثم عالج) وحاول (علفه) وجمعه له (بيده) وسقاه الماء في محبسه؛ أي: خدمه بالعلف والسقي، ورعاه بهما بجلبهما له من المرج والنهر حتى حَصَّلَ له في كل وقت بالشبع والرَّيِّ .. (كان له) أي: لذلك المرتبط؛ أي: كتب له (بكل حبة) وروثة وبعرة تخرج من جوفه (حسنة) أي: أجر وثواب بنية الجهاد به وإعداده له.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولا شاهد له ولا مشارك ولا متابع، فدرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.

ولكن رواه الطبراني في "المعجم الصغير" من رواية عبد الله بن شوذب عن إبراهيم بن أبي عبلة عن روح بن زنباع عن تميم الداري، وهذا إسناد لا بأس به، وهو أحسن من سند ابن ماجه.

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فتكون درجة الحديث: أنه حسن بغيره، وغرضه: الاستشهاد به؛ كالبواقي.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ستة:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 256