الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(44) - (987) - بَابُ الْأَكْلِ فِي قُدُورِ الْمُشْرِكِينَ
(111)
- 2787 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ طَعَامِ النَّصَارَى
===
(44)
- (987) - (باب الأكل في قدور المشركين)
(111)
- 2787 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمَّد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
كلاهما (قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سماك بن حرب) بن أوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة، وكان ربما يلقن، من الرابعة، مات سنة ثلاث وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن قبيصة بن هلب) - بضم الهاء وسكون اللام بعدها موحدة - الطائي الكوفي، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن أبيه) هلب الطائي الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، نزل الكوفة، وقيل: اسمه يزيد، وهلب لقبه. يروي عنه:(د ت ق).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأنَّ فيه قبيصة بن هلب، وهو مقبول.
(قال) هلب الطائي: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) حكم أكل (طعام النصارى) لأنهم كثيرًا ما يتحفظون ولا يتحرزون من النجاسات ولا
فَقَالَ: "لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ طَعَامٌ ضَارَعْتَ فِيهِ نَصْرَانِيَّةً".
===
من المسكرات في مآكلهم ولا مشاربهم ولا في أوانيهم وقدورهم؛ لأنهم غالبًا يشربون في كاساتهم الخمور، ويطبخون في قدورهم لحوم الخنازير والميتة، فهل يجوز لي الأكل في أوانيهم والشرب في كاساتهم؟
(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يختلجن) لا يدخلن ولا يتحركن (في صدرك) وقلبك (طعام) أي: شك في حلِّية طعام لهم؛ فإنَّه طعام نظيف مباح لك؛ لأنهم أهل كتاب؛ لأنك إن امتنعت من أكل طعامهم وتركته وتحرزت وتباعدت منه؛ لأجل ما تلجلج وتحرك في صدرك من الشك في طعامهم. . (ضارعت) - بفتح التاء للمخاطب - أي: شابهت (فيه) أي: في ترك طعامهم؛ أي: شابهت ملتك ملة (نصرانية) من حيث امتناعهم إذا وقع في قلب أحدهم أنَّه حرام ومكروه، وهذه الجملة الفعلية تعليل للنهي.
والمعنى: لا يتحرك في صدرك شك من طعامهم؛ فإنك إن فعلت ذلك. . ضارعت وشابهت فيه الملة النصرانية الرهبانية؛ فإنَّه من دأب النصارى وعادتهم وترهيبهم.
وقال الطيبي: هذه الجملة جواب شرط محذوف، والجملة الشرطية المحذوفة مع جوابها مستأنفة لبيان الموجب؛ والتقدير: أي: لا يدخلن في قلبك ضيق وشك من طعامهم؛ لأنك على الحنيفية السهلة السمحة؛ فإنك إذا شددت على نفسك بمثل هذا الامتناع. . شَابَهْتَ فيه النصرانيةَ الرهبانيةَ؛ فإن ذلك دأبهم وعادتهم، قال تعالى {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ. . .} الآية (1). انتهى من "تحفة الأحوذي".
وعبارة "العون": وهذه الجملة جواب لشرط محذوف؛ تقديره: إن
(1) سورة الحديد: (27).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
شككت. . شابهت فيه النصرانية الرهبانية، والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي.
والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج؛ لأنك على الحنيفية السهلة، فإذا شككت وشددت على نفسك بمثل هذا. . شابهت فيه الرهبانية، كذا في "فتح الودود". انتهى منه.
قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم؛ من الرخصة في طعام أهل الكتاب.
فإن قلت: قد ذكر المؤلف في الترجمة قدور المشركين، وليس في الحديث ذكر المشركين؟
قلت: فالظاهر أنَّه حمل المشركين في الترجمة على أهل الكتاب، لا المشركين عبدة الأوثان والأحجار وآكلي الميتة والدم؛ لأنه لا ترخيص في طعامهم.
وقوله: "لا يختلجن" من الاختلاج، وروي:(يتخلجن) من التخلج - بالخاء المعجمة فيهما - والاختلاج وكذا التخلج: الاضطراب والتحرك؛ والمعنى: لا يتحركن في صدرك شيء من الشك، وروي:(لا يتحلجن) - بالحاء المهملة - والمعنى: لا يدخلن في قلبك منه شيء؛ فإنَّه مباح نظيف، وفي "المجمع": أصل الاختلاج: الحركة والاضطراب.
وقوله: (هلب) - بضم الهاء وسكون اللام وبموحدة - ويقال: هلب - بفتح الهاء وكسر اللام - وصوبه بعضهم، وهو لقب له، واسمه يزيد بن قناعة، وقيل: يزيد بن عدي بن قناعة، طائي نزل الكوفة، وقيل: بل هو هلب بن يزيد، وذكر أبو القاسم البغوي رحمه الله تعالى أنَّه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو
(112)
- 2788 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيُّ،
===
أقرع، فمسح رأسه، فنبت شعره، فسمي الهلب الطائي، قاله المنذري.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأطعمة، باب كراهية التقذر بالطعام، والترمذي في كتاب السير، باب طعام المشركين، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
قلت: فدرجة هذا الحديث: أنَّه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ثمَّ استشهد المؤلف لحديث هلب الطائي بحديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(112)
- 2788 - (2)(حدثنا علي بن محمَّد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثني أبو فروة يزيد بن سنان) بن يزيد التميمي الجزري الرهاوي، ضعيف، من كبار السابعة، مات سنة خمس وخمسين ومئة (155 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(حدثني عروة بن رويم) بالراء مصغرًا (اللخمي) أبو القاسم، صدوق، يرسل كثيرًا، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه:(د س ق).
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: وَلَقِيَهُ وَكَلَّمَهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ قُدُورُ الْمُشْرِكِينَ نَطْبُخُ فِيهَا؟ قَالَ: "لَا تَطْبُخُوا فِيهَا"، قُلْتُ: فَإِنِ احْتَجْنَا إِلَيْهَا فَلَمْ نَجِدْ مِنْهَا بُدًّا؟
===
(عن أبي ثعلبة الخشني) - بضم المعجمة وفتح الشين المعجمة بعدها - الصحابي المشهور بكنيته رضي الله تعالى عنه، قيل: اسمه جرثوم - بضمتين بينهما راء ساكنة - أو جرثومة - بزيادة تاء التأنيث - أو جرثم أو جرهم، إلى غير ذلك، واختلف في اسم أبيه أيضًا، مات سنة خمس وسبعين (75 هـ)، وقيل: قبل ذلك في أول خلافة معاوية. يروي عنه: (ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأنَّ فيه أبا فروة يزيد بن سنان التميمي، فهو متفق على ضعفه.
(قال) عروة بن رويم: سمعت أبا ثعلبة (و) الحال أنَّه؛ أي: أن عروة (لقيه) أي: لقي أبا ثعلبة ورآه (وكلمه) أي: وكلم أبا ثعلبة؛ وهذا كناية عن لقاء عروة لأبي ثعلبة وسماعه منه مشافهة (قال) أبو ثعلبة: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته) صلى الله عليه وسلم عن حكم الطبخ في آنية المشركين (فقلت) في سؤاله عن ذلك: (يا رسول الله) ما حكم (قدور المشركين) يعني: أهل الكتاب؛ كما مر (نطبخ فيها) لحومنا، هل يجوز لنا الطبخ في آنيتهم وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر؟
فـ (قال) رسول الله في جواب سؤالي: (لا تطبخوا) أنتم أيها المسلمون لحومكم (فيها) أي: في قدورهم؛ فإنها متنجسة بلحوم الخنزير، قال أبو ثعلبة: فـ (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن احتجنا) معاشر المسلمين (إليها) أي: إلى الطبخ في قدورهم حاجةً ضرورية (فلم نجد منها) أي: من الطبخ في قدورهم (بدًا) أي: غنًى؛ لفقدان غيرها؟
قَالَ: "فَارْحَضُوهَا رَحْضًا حَسَنًا ثُمَّ اطْبُخُوا وَكُلُوا".
===
فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فارحضوها) - بفتح الحاء المهملة والضاد المعجمة - من رحضه؛ كمنعه.
وقوله: (رحضًا حسنًا) مصدر مؤكد لعامله، والجملة جواب لشرط محذوف؛ تقديره: فإن احتجتم إلى قدورهم حاجة ضرورية، ولم تجدوا غيرها. . فارحضوها رحضًا؛ أي: فاغسلوا قدورهم غسلًا حسنًا؛ أي: بالغًا الغاية في إنقائها من أوساخهم ودسوماتهم (ثمَّ اطبخوا) فيها لحومكم (وكلو) ها؛ والقدور: جمع قدر؛ وهي آلة يطبخ فيها اللحم وغيره، سواء كانت من حجر أو طين مشوي أو نحاس أو حديد أو غيرها.
وكان سبب سؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك أن الخشنيين قوم أبي ثعلبة كانوا يسكنون بالشام بأرض قوم من أهل الكتاب، وكان جماعة من قبائل العرب قد سكنوا الشام وتنصروا؛ منهم: آل غسان وتنوخ وبهز، وبطون من قضاعة؛ منهم: بنو خشين قوم أبي ثعلبة، كذا في "فتح الباري".
فإن قلت: والظاهر المستفاد من الحديث: إذا وجدوا غير قدورهم. . لا يجوز الطبخ في قدورهم وإن غسلت مع أن الفقهاء قالوا: يجوز الطبخ في قدورهم والأكل في آنيتهم إذا غسلت، فكيف الجمع بين الحديث وبين قول الفقهاء؟
قلت: الجمع بينهما: المستفاد من الحديث على طريق الاحتياط والتنزه من استعمال ظروفهم المستعملة في أيديهم ولو بعد الغسل، والتنفير عن مخالطتهم بطريق المبالغة، وهذا هو التقوى، وما قاله الفقهاء هو الفتوى. انتهى من "المرقاة" باختصار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الذبائح، باب صيد القوس بنحوه، ومسلم في كتاب الصيد، باب الصيد بالكلاب المعلمة بنحوه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وأبو داوود في كتاب الأطعمة، باب الأكل في آنية أهل الكتاب بنحوه، والترمذي في "الجامع" كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل في آنية الكفار عن زيد بن أخزم عن مسلم بن قتيبة عن شعبة عن أبي أيوب عن أبي قلابة عن أبي ثعلبة به، بلفظ: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قدور المشركين، فقال:"أنقوها غسلًا، واطبخوا فيها"، ولم يذكر بقية الحديث.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، فالحديث: صحيح المتن بغيره، ضعيف السند، وغرضه: الاستشهاد به.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأوّل للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم