الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(58) - (1001) - بَابُ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ
(143)
- 2819 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّزٍ عَلَى بَعْثٍ وَأَنَا فِيهِمْ،
===
(58)
- (1001) - (باب لا طاعة في معصية الله)
(143)
- 2819 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة على الصحيح (145 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمر بن الحكم بن ثوبان) المدني، صدوق، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو مختلف فيه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث) أي: أمر (علقمة بن مجزز) - بضم الميم وجيم وزايين أولاهما مشددة مكسورة على صيغة اسم الفاعل - ولم أر من ذكر ترجمته في كتب الصحابة كـ "الإصابة" أي: أمره (على بعث) وجيش بعثه إلى العدو (وأنا) أي: والحال أني (فيهم) أي: في أولئك الجيش
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَأْسِ غَزَاتِهِ أَوْ كَانَ ببَعْضِ الطَّرِيقِ. . اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ فَأَذِنَ لَهُمْ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيَّ، فَكُنْتُ فِيمَنْ غَزَا مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ. . أَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا لِيَصطَلُوا أَوْ لِيَصْنَعُوا عَلَيْهَا صَنِيعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ - وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ -:
===
الذين بعثهم (فلما انتهى) ووصل علقمة (إلى رأس غزاته) أي: إلى أصل وموضع غزوته وهو موضع العدو (أو) قال الراوي: فلما (كان) علقمة (ببعض الطريق) أي: كان في بعض الطريق إلى عدوهم. . (استأذنته) أي: طلبت الإذن في التقدم إلى العدو ومحاربتهم (طائفة من الجيش) أي: قطعة منهم.
(فأذن لهم) مجزز في التقدم إليهم (وأمر) مجزز (عليهم) أي: على الذين استأذنوا في التقدم؛ أي: جعل (عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي) أميرًا عليهم ورئيسًا لهم؛ وهو عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سُعَيد - مصغرًا - ابن سعد بن سهم القرشي السهمي أبو حذافة، من قدماء المهاجرين، مات بمصر في خلافة عثمان. يروي عنه:(س) رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
قال أبو سعيد الخدري: (فكنت) أنا (فيمن غزا) وجاهد (معه) أي: مع عبد الله بن حذافة في ذلك اليوم (فلما كان) عبد الله بن حذافة (ببعض الطريق) أي: في بعض الطريق إلى العدو بعدما أذن لهم مجزز (أوقد القوم) أي: اتقد القوم الذين كانوا مع عبد الله بن حذافة (نارًا؛ ليصطلوا) ليتدفؤوا بها ويقوا أنفسهم من البرد (أو) قال: (ليصنعوا) ويطبخوا (عليها صنيعًا) أي: طعامًا مطبوخًا، والشك من الراوي (فقال عبد الله) بن حذافة، وقوله:(وكانت فيه) أي: في عبد الله بن حذافة؛ أي: في خُلُقه (دعابة) أي: مزاح؛ وهو قصد اللفظ دون المعنى، جعله بين القوسين؛ إشارةً إلى أنه زيادة في بعض النسخ.
أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ؛ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَمَا أَنَا بِآمِرِكُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا صَنَعْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكُمْ إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّار، فَقَامَ نَاس فَتَحَجَّزُوا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ. . قَالَ: أَمْسِكُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّمَا كُنْتُ أَمْزَحُ مَعَكُمْ؛
===
وفي "المختار": الدعابة - بضم الدال المهملة -: المزاح، ويقال: دعب يدعب؛ من باب قطع، فهو دَعَّاب - بالتشديد - والمداعبة: الممازحة. انتهى منه.
أي: قال عبد الله للناس: (أليس لي عليكم السمع) لما أقول (والطاعة) فيما آمر به؟ (قالوا) له: (بلى) لك علينا السمع والطاعة (قال) عبد الله لهم: (فما أنا بآمركم بشيء. . إلا صنعتموه؟ ) أي: فما أنا آمرًا لكم بشيء. . إلا فعلتموه؛ أي: إلا كان واجبًا عليكم صنعه (قالوا: نعم) نصنع ما أمرتنا به؛ لأنه واجب علينا صناعته (قال) عبد الله: (فإني أعزم عليكم) أي: أطلب منكم أن تتساقطوا في هذه النار، فما لكم إباء وامتناع (إلا) أن (تواثبتم) وتساقطتم (في هذه النار) التي أوقدتموها.
قال السندي: قوله: (دعابة) في "القاموس": الدعابة - بالضم -: اللعب والمزح.
(فما أنا بآمركم) الباء زائدة في خبر ما المشبهة بليس (إلا تواثبتم) إلا حرف استثناء (تواثبتم) بفعل من التواثب؛ وهو التساقط في الشيء.
(فقام ناس فتحجزوا) أي: فاستعدوا وتهيؤا للسقوط فيها واجتمعوا لذلك (فلما ظن) عبد الله بن حذافة وأيقن (أنهم واثبون) أي: ساقطون فيها (قال) لهم: (أمسكوا) واحفظوا (على أنفسكم) من السقوط في النار، ولفظة:(على) زائدة (فإنما) أنا (كنت أمزح) وألعب (معكم).
فَلَمَّا قَدِمْنَا. . ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللهِ. . فَلَا تُطِيعُوهُ".
===
قال أبو سعيد الخدري: (فلما قدمنا) وحضرنا المدينة. . (ذكروا ذلك) أي: ما جرى بينهم وبين عبد الله بن حذافة (للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أمركم منهم) أي: من الأمراء (بمعصية الله) تعالى؛ كقتل النفس وطرحها في النار. . (فلا تطيعوه) أي: فلا توافقوه فيما أمركم؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله.
وحديث أبي سعيد الخدري هذا انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك"، وأبو يعلى في "مسنده".
فدرجته: أنه صحيح المتن بما بعده من حديث ابن عمر، حسن السند؛ لما تقدم آنفًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قوله أولًا: (بعث علقمة بن مجزز) كان سبب ذلك البعث على ما ذكره ابن سعد أنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن ناسأ من الحبشة تراآهم أهل جدة، فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ربيع الآخر في سنة تسع، في ثلاث مئة نفر، فانتهى إلى جزيرة في البحر، فلما خاض البحر إليهم. . هربوا، فلما رجع. . تعجل بعض القوم إلى أهلهم، فأَمَّر عبدَ الله بن حذافة على من تعجل.
وذكر ابن إسحاق في هذه القصة أن وقاص بن مجزز كان قتل يوم ذي قرد، فأراد علقمة بن مجزز أن يأخذ بثأره، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السرية، راجع "فتح الباري".
(144)
- 2820 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ،
===
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد الخدري بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(144)
- 2820 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أخبرنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري عالمها، ثقة فقيه قرين مالك، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لكون رجاله ثقات أثباتًا.
(ح وحدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(وسويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق).
كلاهما (قالا: حدثنا عبد الله بن رجاء المكي) أبو عمران البصري نزيل
عَنْ عُبَيْدِ الله، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ الطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَمَنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ. . فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ".
===
مكة، ثقة تغير حفظه قليلًا، من صغار الثامنة، مات في حدود التسعين ومئة (190 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(عن عبيد الله) بن عمر.
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته أيضًا، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال): واجب (على المرء المسلم) السمع و (الطاعة) للأمير (فيما أحب) ذلك المرء ورضي ووافق هواه (أو) فيما (كره) وسخط؛ كالجهاد (إلا أن يؤمر) ذلك المرء (بمعصية) الله تعالى (فإن أمر بمعصية. . فلا سمع ولا طاعة) عليه في تلك الحال؛ لأن الطاعة إنما تجب في المعروف؛ كما مر في الحديث المتقدم، والمعصية منكر، فليس فيها سمع ولا طاعة، بل تحرم الطاعة على من كان قادرًا على الامتناع.
قوله: "على المرء المسلم السمع والطاعة" ظاهر في وجوب السمع والطاعة للأئمة والأمراء والقضاة، ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية، فإن أمر بمعصية. . فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولًا واحدًا، ثم إن كانت تلك المعصية كفرًا. . وجب خلعه على المسلمين كلهم، وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين؛ كإقامة الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومنَعَ من ذلك، وكذلك لو أباح شرب الخمر والزنا ولم يَمْنَع منهما، لا يُختلَف في وجوب خلعه.
فأما لو ابتدع بدعةً، ودعا الناس إليها. . فالجمهور على أنه يخلع، وذهب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
البصريون إلى أنه لا يخلع؛ تمسكًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان". رواه مسلم، وهذا يدل على استدامة ولاية المتأول وإن كان مبتدعًا.
فأما لو أمر بمعصية؛ مثل أخذ مال الغير بغير حق، أو قتل أو ضرب بغير حق. . فلا يطاع في ذلك، ولا ينفذ أمره، ولو أفضى ذلك إلى ضرب ظهر المأمور وأخذ ماله؛ إذ ليس دم أحدهما ولا ماله بأولى من دم الآخر ولا ماله، وكلاهما يحرم شرعًا؛ إذ هما مسلمان، فلا يجوز الإقدام على واحد منهما؛ لا للآمر ولا للمأمور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، كما ذكره الطبري، ولقوله ها هنا:"فإن أمر بمعصية. . فلا سمع ولا طاعة"
فأما قوله في حديث حذيفة: "اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك". .
فهذا أمر للمفعول به ذلك الاستسلام والانقياد وترك الخروج عليه؛ مخافة أن يتفاقم الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك، يقال: تفاقم الأمر؛ إذا تعاظم وأدى إلى ما هو أعظم منه.
ويحتمل أن يكون ذلك خطابًا لمن يفعل به ذلك بتأويل يسوغ للأمير بوجه يظهر له ولا يظهر ذلك للمفعول به، وعلى هذا يرتفع التعارض بين الأحاديث، ويصح الجمع، والله تعالى أعلم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة، وفي كتاب الجهاد، باب السمع والطاعة، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأبو داوود في كتاب الجهاد باب في الطاعة، والترمذي في كتاب الجهاد، باب لا طاعة لمخلوق، قال
(145)
- 2821 - (3) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ،
===
أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب البيعة، باب جزاء من أمر بمعصية.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(145)
- 2821 - (3)(حدثنا سويد بن سعيد) الهروي.
(حدثنا يحيى بن سليم) الطائفي، نزيل مكة، صدوق سيئ الحفظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ) أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(ح وحدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سليم - مصغرًا - العنسي - بالنون - أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم) فهو مخلط هنا، ولكن لا يضر؛ لأن له متابعًا؛ وهو يحيى بن سليم.
كلاهما (قالا) أي: قال كل من يحيى بن سليم وإسماعيل بن عياش:
(حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم) - بالمعجمة والمثلثة مصغرًا - القارئ
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ
===
المكي أبو عثمان، صدوق، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود) المسعودي أبي عبد الرحمن الكوفي، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ) أو قبلها. يروي عنه:(خ عم).
(عن أبيه) عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي، ثقة، من صغار الثانية، مات سنة تسع وسبعين (79 هـ)، وقد سمع من أبيه ولكن شيئًا يسيرًا. يروي عنه:(ع).
(عن جده عبد الله بن مسعود) رضي الله تعالى عنه.
وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات، قال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات، لكن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي اختلط بأخرة، ولم يتميز حديثه الأول من الآخر، فاستحق الترك، قاله ابن حبان.
قلت: هذا كلام غير صحيح؛ لأن عبد الرحمن الذي اختلط هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والذي في هذا السند هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وهذا ليس مختلطًا، فيظهر أنهما تداخلا وتشابها على البوصيري، فالسند صحيح.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيلي) من الولاية؛ أي: يتولى (أموركم) أي: شؤونكم من الدين والدنيا (بعدي رجال) أي: أمراء
يُطفِئُونَ السُّنَّةَ وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَة، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: "تَسْأَلُنِي يَا بْنَ أُمِّ عَبْدٍ: كَيْفَ تَفْعَلُ؟ ! لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللهَ".
===
(يطفئون) أي: يخمدون، من الإطفاء ضد الإيقاد؛ أي: يعدمون بنظامهم الباطل (السنة) الشرعية والطريقة الحقة التي أرسلت أنا بها، وهي ما أنا عليه وخلفائي من بعدي (ويعملون) أي: يحكمون (بالبدعة) العاطلة، والخرافات المخالفة للأدلة الشرعية (ويؤخرون الصلاة) المفروضة (عن مواقيتها) الشرعية المحددة.
قال ابن مسعود: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ إن أدركتهم) أي: إن أدركت أنا زمان أولئك الأمراء المبتدعة الذي يعملون بالبدعة ويحكمون بها (كيف أفعل) أنا؟ هل أتبعهم، أم أخالفهم وأجاهدهم؟ .
فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي: أ (تسألني يابن أم عبد) بقولك (كيف تفعل) معهم، هل توافقهم أم تنكرهم؟ ! بل لا تطعهم؛ لأنه (لا طاعة) ولا متابعة (لمن عصى الله) أي: لمن أمر بمعصية الله تعالى؛ لأنها تبعدك عن الطريقة الشرعية المطهرة، وتسلك بك الطريقة الشيطانية التي توجب لك غضب الله تعالى وسخطه، وتهلكك في الدنيا والآخرة، وأم عبد كنية أم ابن مسعود.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن عَتَابٍ مولى هرمز، سمعت أنس بن مالك يقول: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فقال: فيما استطعتم)، ورواه أبو داوود الطيالسي في "مسنده" عن شعبة، فذكره بإسناده ومتنه، وأحمد في "مسنده"، فالحديث له شاهد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا مما ذكرناه ومن أحاديث الباب، وغرضه: الاستشهاد به ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول منها للاستدلال به على الترجمة، والأخيران للاستشهاد له.
والله سبحانه وتعالى أعلم