المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) - (991) - باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌(1) - (944) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ

- ‌(2) - (945) - بَابُ فَرَائِضِ الصُّلْبِ

- ‌(3) - (946) - بَابُ فَرَائِضِ الْجَدِّ

- ‌(4) - (947) - بَابُ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ

- ‌(5) - (948) - بَابُ الْكَلَالَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(6) - (949) - بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ

- ‌(7) - (950) - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلَاءِ

- ‌(8) - (951) - بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ

- ‌(9) - (952) - بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌(10) - (953) - بَابُ مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ

- ‌(11) - (954) - بَابُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ

- ‌(12) - (955) - بَابٌ: تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ

- ‌(13) - (956) - بَابُ مَنْ أَنْكَرَ وَلَدَهُ

- ‌(14) - (957) - بَابٌ: فِي ادِّعَاءِ الْوَلَدِ

- ‌(15) - (958) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ

- ‌(16) - (959) - بَابُ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ

- ‌(17) - (960) - بَابٌ: إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ .. وَرِثَ

- ‌(18) - (961) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ

- ‌كتابُ الجِهاد

- ‌(19) - (962) - بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(20) - (963) - بَابُ فَضْلِ الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(21) - (964) - بَابُ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا

- ‌(22) - (965) - بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى

- ‌(23) - (966) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ

- ‌(24) - (967) - بَابُ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْجِهَادِ

- ‌(25) - (968) - بَابُ فَضْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(26) - (969) - بَابُ فَضْلِ الحَرْسِ وَالتَّكْبِيرِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌مستدركة

- ‌(27) - (970) - بَابُ الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه على تنبيه

- ‌(28) - (971) - بَابُ فَضْلِ غَزْوِ الْبَحْرِ

- ‌(29) - (972) - بَابُ ذِكرِ الدَّيْلَمِ وَفَضْلِ قَزْوِينَ

- ‌(30) - (973) - بَابُ الرَّجُلِ يَغْزُو وَلَهُ أَبَوَانِ

- ‌(31) - (974) - بَابُ النِّيَّةِ فِي الْقِتَالِ

- ‌تتمة

- ‌(32) - (975) - بَابُ ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(33) - (976) - بَابُ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌(34) - (977) - بَابُ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌تتمة ما في أحاديث الباب من حياة الشهداء

- ‌(35) - (978) - بَابُ مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَةُ

- ‌(36) - (979) - بَابُ السِّلَاحِ

- ‌(37) - (980) - بَابُ الرَّمْيِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(38) - (981) - بَابُ الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ

- ‌(39) - (982) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(40) - (983) - بَابُ لُبْسِ الْعَمَائِمِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(41) - (984) - بَابُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْغَزْوِ

- ‌(42) - (985) - بَابُ تَشْيِيعِ الْغُزَاةِ وَوَدَاعِهِمْ

- ‌(43) - (986) - بَابُ السَّرَايَا

- ‌تتمة

- ‌(44) - (987) - بَابُ الْأَكْلِ فِي قُدُورِ الْمُشْرِكِينَ

- ‌(45) - (988) - بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ

- ‌(46) - (989) - بَابُ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(47) - (990) - بَابُ الْمُبَارَزَةِ وَالسَّلَبِ

- ‌(48) - (991) - بَابُ الْغَارَةِ وَالْبَيَاتِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

- ‌(49) - (992) - بَابُ التَّحْرِيقِ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌(50) - (993) - بَابُ فِدَاءِ الْأُسَارَى

- ‌تتمة

- ‌(51) - (994) - بَابُ مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ

- ‌(52) - (995) - بَابُ الْغُلُولِ

- ‌تتمة

- ‌(53) - (996) - بَابُ النَّفَلِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (997) - بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌(55) - (998) - بَابُ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ يَشْهَدُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(56) - (999) - بَابُ وَصِيَّةِ الْإِمَامِ

- ‌(57) - (1000) - بَابُ طَاعَةِ الْإِمَامِ

- ‌تتمة

- ‌(58) - (1001) - بَابُ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ

- ‌(59) - (1002) - بَابُ الْبَيْعَةِ

- ‌(60) - (1003) - بَابُ الْوَفَاءِ بِالْبَيْعَةِ

- ‌(61) - (1004) - بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ

- ‌(62) - (1005) - بَابُ السَّبَقِ وَالرِّهَانِ

- ‌تنبيه

- ‌(63) - (1006) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌(64) - (1007) - بَابُ قِسْمَةِ الْخُمُسِ

الفصل: ‌(48) - (991) - باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان

(48) - (991) - بَابُ الْغَارَةِ وَالْبَيَاتِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

(120)

- 2796 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

===

(48)

- (991) - (باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان)

(120)

- 2796 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني، ثقةٌ، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين ومئة، وقيل: سنة ثمان، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

(قال) ابن عباس: (حدثنا الصعب بن جثامة) - بفتح الجيم وتشديد المثلثة - وهو من مهاجري الصحابة، وكان ينزل بودان وشهد فتح فارس، والظاهر أنه مات في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنهما؛ يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه: أن فيه رواية صحابي عن صحابي وتابعي عن تابعي.

(قال) الصعب بن جثامة: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ في "الفتح" (6/ 147): لَمْ أقف على هذا السائل، ثم وجدت في "صحيح ابن حبان" من طريق محمد بن عمرو عن الزهري بسنده عن الصعب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم؟ قال: "نعم"، فظهر من هذا أن الراوي هو السائل. انتهى؛ كما سيُصرِّح مسلم

ص: 383

عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ قَالَ: "هُمْ مِنْهُمْ".

===

في الرواية التالية (عن أهل الدار) والمنزلِ والقريةِ والمحلِ (من المشركين) وفي رواية مسلم: (عن الذراري من المشركين) أي: سئل عن حكم قتل نساء المشركين وصبيانهم الذين (يبيتون) بالبناء للمفعول - بضم الياء الأولى وفتح الثانية المشددة - أي: الذين يغار عليهم ويهجمون في الليل بالإغارة؛ أي: سئل عن حكم نسائهم وصبيانهم إذا أغار المسلمون عليهم في الليل.

(فيصاب النساء والصبيان) منهم بالقتل والجرح؛ أي: يصيب المسلمون نساءهم وصبيانهم بالقتل والجرح هل يجوز ذلك أم لا؟ فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب هذا السؤال: (هم) أي: نساؤهم وصبيانهم (منهم) أي: من رجالهم في الحكم؛ أي: مثل آبائهم في جواز إصابتهم إذا لَمْ يتعمدوهم بالقتل والجرح من غير ضرورة؛ يعني: إذًا لا بأس في إصابة النساء والصبيان، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد إذا لَمْ يمكن الوصول إلى الآباء إلَّا بقتل الأبناء؛ لاختلاطهم وتسترهم بالأبناء .. جاز قتلهم، كذا في "فتح الباري".

والمعنى: هم؛ أي: نساؤهم وصبيانهم كرجالهم المقاتلة في الحكم، فلا بأس في قتلهم، ومنه يؤخذ حكم قذف القنابل في عصرنا هذا؛ فإنه يجوز قذف القنابل إليهم، إذا لَمْ يقصد بها النساء والصبيان، بل أريد بها النكاية في العدو؛ فإن أصيب بها النساء والصبيان من غير قصد .. فلا بأس، والله أعلم.

ثم إن تحريم قتل النساء والصبيان مقيد عند الجمهور بما إذا لَمْ يقاتلوا، فإن قاتلوا .. فلا بأس بقتلهم، والدليل على ذلك: ما أخرجه أبو داوود

ص: 384

(121)

- 2797 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ،

===

والنسائي من حديث رباح - بكسر الراء - ابن الربيع، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فرأى الناس مجتمعين، فرأى امرأة مقتولة، فقال:"ما كانت هذه لتقاتل"، فدل على أن علة عدم قتلها عدم قتالها؛ فإن قاتلت .. قتلت.

وقال مالك والأوزاعي: لا يجوز قتل النساء والصبيان وما روينا حجة عليهما. انتهى "فتح الباري"(6/ 147).

والفرق بين الغارة والبيات: أن الغارة هي الهجوم على الأعداء ليلًا كان أو نهارًا، والبيات هو الهجوم عليهم في الليل. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجهاد، باب أهل الدار يبيتون، ومسلم في كتاب الجهاد، باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات، وأبو داوود في كتاب الجهاد، باب قتل النساء، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في قتل النساء.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث الصعب بن جثامة بحديث سلمة ابن الأكوع رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(121)

- 2797 - (2)(حدثنا محمد بن إسماعيل) بن سمرة الأحمسي أبو جعفر السراج، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ت س ق).

(أنبأنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقةٌ، من التاسعة، مات في آخر

ص: 385

عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَع، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ هَوَازِنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْنَا مَاءً لِبَنِي فَزَارَةَ فَعَرَّسْنَا حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحُ .. شَنَنَّاهَا عَلَيْهِمْ غَارَةً؛ فَأَتَيْنَا أَهْلَ مَاءٍ

===

سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن عكرمة بن عمار) العجلي أبي عمار اليمامي، صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب، وتفرد بهذا الحديث، من الخامسة، مات قبيل الستين ومئة. يروي عنه:(م عم).

(عن إياس بن سلمة ابن الأكوع) الأسلمي. أبي سلمة المدني، ثقةٌ، من الثالثة، مات سنة تسع عشرة ومئة (119 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي أبي إياس المدني، شهد بيعة الرضوان رضي الله تعالى عنه، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عكرمة بن عمار، وهو كثير الغلط، وتفرد بالحديث ولم يتابعه أحد.

(قال) سلمة: (غزونا) أي: جاهدنا حالة كوننا (مع أبي بكر) الصديق أميرًا علينا (هوازن) قبيلة مشهورة من العرب (على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أي: في زمن حياته (فأتينا ماءً لبني فزارة) قوم من هوازن (فعرسنا) أَيْ نزَلْنَا عليه آخر الليل للاستراحة (حتى إذا كان) الوقت (عند الصبح .. شنناها) أي: صببنا (عليهم) مصيبةً وأمطرنا عليهم؛ أي: على بني فزارة مصيبة (غارة) أي: من جهة الإغارة؛ من الشن - بشين معجمة ونون مشددة - وهو صب الماء متفرقًا، وضميرها مبهم يفسره قوله: غارة (فأتينا أهل ماء) لهم؛ أي: النازلين عنده؛ أي: الذين نزلوا على مائهم حراسة له عن غيرهم

ص: 386

فَبَيَّتْنَاهُمْ فَقَتَلْنَاهُمْ تِسْعَةَ أَوْ سَبْعَةَ أَبْيَاتٍ.

(122)

- 2798 - (3) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

===

(فبيتناهم) أي: هجمنا عليهم في الليل بغتةً (فقتلناهم) أي: قتلنا من النازلين على الماء أهل (تسعة) أبيات (أو) أهل (سبعة أبيات) قال في "القاموس": بيت العدو: أوقع بهم المصيبة في الليل، قوله: سبعة أبيات؛ أي: سبعة عشائرَ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجهاد، باب في البيات، وأحمد.

ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مر، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث الصعب بن جثامة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(122)

- 2798 - (3)(حدثنا يحيى بن حكيم) المقومي أبو سعيد البصري، ثقةٌ حافظ عابد، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا عثمان بن عمر) بن فارس العبدي البصري، أصله من بخاري، ثقةٌ، من التاسعة، مات سنة تسع ومئتين (209 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، ثقةٌ حجة إمام الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

ص: 387

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى أمْرَأَةً مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ الطَّرِيق، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة في بعض الطريق، فنهى عن قتل النساء والصبيان) أي: نهى عن قتلهن قصدًا وبلا ضرورة، أخرج الطبراني في "الأوسط" أن ذلك وقع في مكة، وأخرج أبو داوود في "المراسيل" عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة من المشركين بالطائف، فقال:"ألم أَنْهَ عن قتل النساء؟ ! مَنْ صَاحِبُها؟ " فقال رجل: أنا يا رسول الله، أَرْدَفْتُها فأرادت أن تصرعَني فتقتلَني فقتلتها، فأمر بها أن توارى. ذكرها في "الفتح".

قوله: (فنهى عن قتل النساء والصبيان) قال النووي: أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لَمْ يقاتلوا، فإن قاتلوا .. قال جمهور العلماء: يقتلون.

وأما شيوخ الكفار .. فإن كان فيهم رأي قتلوا، وإلا .. ففيهم وفي الرهبان خلاف، قال مالك وأبو حنيفة: لا يقتلون، والأصح في مذهب الشافعي: قتلهم. انتهى.

واعلم: أن هذا الحكم من ميراث الإسلام البارزة؛ فإنه أول من حكم بحرمة قتل هؤلاء في الحرب حين كان الناس يعتدون عند الحرب على النساء والشيوخ والولدان، ولم تكن في العالم أمة أكثر احتفاظأ بهذا الحكم، وأعظم اعتناءً به من الأمة الإسلامية. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجهاد، في باب قتل الصبيان، وباب قتل النساء في الحرب، ومسلم في كتاب الجهاد، باب تحريم قتل النساء والولدان، وأبو داوود في كتاب الجهاد، باب في قتل

ص: 388

(123)

- 2799 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد، عَنِ الْمُرَقِّعِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ

===

النساء، والترمذي في كتاب السير، باب في النهي عن قتل النساء والصبيان، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي والدارمي في كتاب السير، باب النهي عن قتل النساء والصبيان، والشافعي في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث الصعب بن جثامة بحديث حنظلة الكاتب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(123)

- 2799 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، حجة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم المدني، ثقةٌ، من الخامسة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن المُرَقعِّ) بضم أوله وفتح ثانيه وكسر القاف المشددة (ابن عبد الله بن صيفي) وقيل: المرقع بن صيفي التيمي الحنظلي، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(د س ق).

(عن حنظلة) بن الربيع بن صيفي - بفتح المهملة بعدها تحتانية - التميمي، يعرف بحنظلة (الكاتب) الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، مات بعد

ص: 389

قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَرْنَا عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا النَّاسُ فَأَفْرَجُوا لَهُ فَقَالَ: "مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ"، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: "انْطَلِقْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ يَقُولُ: لَا تَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً

===

علي بن أبي طالب. يروي عنه: (م ت س ق).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن المرقع بن صيفي ذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم أر من جرحه، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين.

(قال) حنظلة: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررنا) في تلك الغزوة (على امرأة مقتولة) مطروحة في الطريق (قد اجتمع عليها الناس، فأفرجوا) أي: تفرقوا عنها (له) صلى الله عليه وسلم؛ أي: لأجل نظره إليها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كانت هذه) المرأة (تقاتل فيمن يقاتل) أي: مع من يقاتل من الرجال، فكيف تقتل؟ !

فيؤخذ من هذا أن المبيح للقتل هو الحرب لا الكفر، والأول مذهب الحنفية، والثاني: مذهب الشافعية. انتهى "سندي".

(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لرجل) من الحاضرين عنده: (انطلق) أي: اذهب (إلى خالد بن الوليد) بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي سيف الله يكنى أبا سليمان، من كبار الصحابة رضوان الله عليهم، وكان إسلامه بين الحديبية والفتح، وكان أميرًا على قتال أهل الردة وغيرها من الفتوح إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين (22 هـ) رضي الله تعالى عنه.

(فقل) أيها الرجل الله) أي: لخالد: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك) بأن (يقول) للجيش: (لا تقتلن) أيها الجيش (ذرية) أي: صبيانًا

ص: 390

وَلَا عَسِيفًا".

(123)

- 2799 - (م) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ،

===

(وَلَا عسيفًا) أي: ولا شخصًا أجيرًا للكفار لرعي دوابهم، أو لحمل متاعهم مثلًا؛ لأنه لَمْ يحضر المعركة للقتال، وكأن المراد به: الأجير لحفظ الدواب ونحوه، لا الأجير لقتال المسلمين؛ فإنه يقتل مثل رجالهم وإن كان مسلمًا؛ كما يفهم مما ذكرنا آنفًا.

ويحتمل أن تكون جملة (يقول) بدلًا من جملة (يأمرك) والضمير فيهما يعود إلى الرسول، والضمير في (لا تقتلن) يعود إلى خالد.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه النسائي في السير عن عمرو بن علي ومحمد بن المثني، كلاهما عن عبد الرَّحمن عن سفيان به، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الجهاد، وقال: وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرَّحمن وابن جريجٍ عن أبي الزناد، فصار الحديث صحيحًا على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في "التلخيص"، ورواه ابن حبان في "صحيحه" عن أبي هريرة بطريق محمد بن بشار عن عبد الرَّحمن به في كتاب السير، باب الخروج وكيفية الجهاد، ورواه أحمد وأبو داوود، وله شاهد في "الصحيحين" من حديث ابن عمر.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له توابع وشواهد، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

ثم ذكر المؤلف المتابعة أو الشاهد في حديث حنظلة رضي الله تعالى عنه، فقال:

(123)

- 2799 - (م)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا قتيبة) بن

ص: 391

حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي الزِّنَاد، عَنِ الْمُرَقَّع، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيع، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ،

===

سعيد بن جميل بن طريف الثقفي البغلاني، يروي عنه ابن ماجة بواسطة أبي بكر بن أبي شيبة، وبواسطة محمد بن يحيى الذهلي، وغيرهما، ثقةٌ ثبت، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ) عن تسعين سنة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا المغيرة بن عبد الرَّحمن) بن عبد الله بن خالد بن حزام - بمهملة وزاي - الحزامي المدني، ثقةٌ له غرائب، من السابعة، قال أبو داوود: قد نزل عسقلان. يروي عنه: (ع).

(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم المدني، ثقةٌ، من الخامسة، مات سنة ثلاثين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن المرقع) بن صيفي بن رباح بن الربيع أخي حنظلة كاتب النبي صلى الله عليه وسلم.

(عن جده رباح بن الربيع) أخ لحنظلة الكاتب.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم: سمع المرقع هذا الحديث من حنظلة الكاتب، كما في السند السابق، وسمع المرقع بن صيفي هذا الحديث أيضًا من جده رباح بن الربيع، والحديثان محفوظان.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة، وغرضه: الاستشهاد بحديث رباح بن الربيع لحديث حنظلة بن الربيع الكاتب في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وساق رباح بن الربيع (نحوه) أي: نحو حديث حنظلة بن الربيع الكاتب، فيكون الحديث الثاني شاهدًا للأول، أو يكون المراد بيان متابعة المغيرة بن عبد الرَّحمن لسفيان الثوري في الرواية عن

ص: 392

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: يُخْطِئُ الثَّوْرِيُّ فِيهِ.

===

أبي الزناد، فتكون المتابعة ناقصة؛ لأن راويَي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مختلفان.

(قال أبو بكر بن أبي شيبة: يخطئ الثوري فيه) أي: في سند هذا الحديث.

قال أبو حاتم وأبو زرعة: رواية المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم وهمه سفيان الثوري؛ كما في السند الأول لهذا الحديث، وإنما المحفوظ هو رواية المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في السند الثاني من رواية مغيرة بن عبد الرَّحمن عن أبي الزناد، وفي "التقريب": رباح بن الربيع الأسيدي - بتشديد الياء - أخو حنظلة الكاتب بن الربيع صحابي له حديث؛ كما هنا؛ كما أن أخاه حنظلة الكاتب صحابي، فليتامل.

وحنظلة الربيع الكاتب. يروي عنه: (م ت س ق) كما مر.

ورباح بن الربيع أخوه يروي عنه أيضًا: (د س ق).

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثلاثة التالية للاستشهاد، والأخير للمتابعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 393