المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(59) - (1002) - باب البيعة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌(1) - (944) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ

- ‌(2) - (945) - بَابُ فَرَائِضِ الصُّلْبِ

- ‌(3) - (946) - بَابُ فَرَائِضِ الْجَدِّ

- ‌(4) - (947) - بَابُ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ

- ‌(5) - (948) - بَابُ الْكَلَالَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(6) - (949) - بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ

- ‌(7) - (950) - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلَاءِ

- ‌(8) - (951) - بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ

- ‌(9) - (952) - بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ

- ‌(10) - (953) - بَابُ مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ

- ‌(11) - (954) - بَابُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ

- ‌(12) - (955) - بَابٌ: تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ

- ‌(13) - (956) - بَابُ مَنْ أَنْكَرَ وَلَدَهُ

- ‌(14) - (957) - بَابٌ: فِي ادِّعَاءِ الْوَلَدِ

- ‌(15) - (958) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ

- ‌(16) - (959) - بَابُ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ

- ‌(17) - (960) - بَابٌ: إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ .. وَرِثَ

- ‌(18) - (961) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ

- ‌كتابُ الجِهاد

- ‌(19) - (962) - بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(20) - (963) - بَابُ فَضْلِ الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(21) - (964) - بَابُ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا

- ‌(22) - (965) - بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى

- ‌(23) - (966) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ

- ‌(24) - (967) - بَابُ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْجِهَادِ

- ‌(25) - (968) - بَابُ فَضْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(26) - (969) - بَابُ فَضْلِ الحَرْسِ وَالتَّكْبِيرِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌مستدركة

- ‌(27) - (970) - بَابُ الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه على تنبيه

- ‌(28) - (971) - بَابُ فَضْلِ غَزْوِ الْبَحْرِ

- ‌(29) - (972) - بَابُ ذِكرِ الدَّيْلَمِ وَفَضْلِ قَزْوِينَ

- ‌(30) - (973) - بَابُ الرَّجُلِ يَغْزُو وَلَهُ أَبَوَانِ

- ‌(31) - (974) - بَابُ النِّيَّةِ فِي الْقِتَالِ

- ‌تتمة

- ‌(32) - (975) - بَابُ ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(33) - (976) - بَابُ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌(34) - (977) - بَابُ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌تتمة ما في أحاديث الباب من حياة الشهداء

- ‌(35) - (978) - بَابُ مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَةُ

- ‌(36) - (979) - بَابُ السِّلَاحِ

- ‌(37) - (980) - بَابُ الرَّمْيِ فِي سَبِيلِ اللهِ

- ‌(38) - (981) - بَابُ الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ

- ‌(39) - (982) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(40) - (983) - بَابُ لُبْسِ الْعَمَائِمِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(41) - (984) - بَابُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْغَزْوِ

- ‌(42) - (985) - بَابُ تَشْيِيعِ الْغُزَاةِ وَوَدَاعِهِمْ

- ‌(43) - (986) - بَابُ السَّرَايَا

- ‌تتمة

- ‌(44) - (987) - بَابُ الْأَكْلِ فِي قُدُورِ الْمُشْرِكِينَ

- ‌(45) - (988) - بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ

- ‌(46) - (989) - بَابُ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ

- ‌(47) - (990) - بَابُ الْمُبَارَزَةِ وَالسَّلَبِ

- ‌(48) - (991) - بَابُ الْغَارَةِ وَالْبَيَاتِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

- ‌(49) - (992) - بَابُ التَّحْرِيقِ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌(50) - (993) - بَابُ فِدَاءِ الْأُسَارَى

- ‌تتمة

- ‌(51) - (994) - بَابُ مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ

- ‌(52) - (995) - بَابُ الْغُلُولِ

- ‌تتمة

- ‌(53) - (996) - بَابُ النَّفَلِ

- ‌فائدة

- ‌(54) - (997) - بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌(55) - (998) - بَابُ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ يَشْهَدُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌(56) - (999) - بَابُ وَصِيَّةِ الْإِمَامِ

- ‌(57) - (1000) - بَابُ طَاعَةِ الْإِمَامِ

- ‌تتمة

- ‌(58) - (1001) - بَابُ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ

- ‌(59) - (1002) - بَابُ الْبَيْعَةِ

- ‌(60) - (1003) - بَابُ الْوَفَاءِ بِالْبَيْعَةِ

- ‌(61) - (1004) - بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ

- ‌(62) - (1005) - بَابُ السَّبَقِ وَالرِّهَانِ

- ‌تنبيه

- ‌(63) - (1006) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌(64) - (1007) - بَابُ قِسْمَةِ الْخُمُسِ

الفصل: ‌(59) - (1002) - باب البيعة

(59) - (1002) - بَابُ الْبَيْعَةِ

(146)

- 2822 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَجْلَانَ،

===

(59)

- (1002) - (باب البيعة)

(146)

- 2822 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ع).

(حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي - بسكون الواو - أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة اثنتين وتسعين ومئة (192 هـ). يروي عنه (ع).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق إمام المغازي، صدوق، بل ثقة صاحب علم كثير؛ كما في "التهذيب"، لكن يدلس، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(ويحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(وعبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري أبو عثمان المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(و) محمد (بن عجلان) المدني، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).

ص: 465

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِت، عَنْ أَبِيه، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَالْأَثَرَةِ عَلَيْنَا،

===

(عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت) الأنصاري، ويقال له: عبد الله، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(خ م د س ق).

(عن أبيه) الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري المدني أبي عبادة، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ثقة، من كبار الثانية، مات بعد السبعين في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ثقة قليل الحديث، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة. يروي عنه: (خ م ت س ق).

(عن عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي أبي الوليد المدني، أحد النقباء، بدري مشهور رضي الله تعالى عنه، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية. يروي. عنه: (ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) عبادة بن الصامت: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معاشر الصحابة (على السمع) للأمير فيما يقول (والطاعة) له فيما أمر (في العسر) أي: فيما يعسر علينا ويشق وتكرهه أنفسنا ويصعب عليها؛ كالجهاد (و) في (اليسر) أي: وفيما يسهل علينا وتحبه أنفسنا؛ كالرخص بعد العزيمة (و) في (المنشط) أي: وفي حال نشاطنا وفرحنا (و) في (المكره) أي: وفي حال كراهتنا وتعبنا، وهما مصدران أو ظرفان ميميان؛ من النشاط والكراهة؛ والمراد: وجوب السمع والطاعة في كل ما يأمر به الأمير؛ رضيه المأمور أو سخطه، ما لم يكن معصيةً.

(و) في حال (الأثرة علينا) - بفتحتين وضم الهمزة وفتحها مع سكون المثلثة

ص: 466

وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُولَ الْحَقَّ حَيْثُمَا كُنَّا

===

فيهما - وهي أن يؤثر غيرك عليك في العطايا والهبات ونحوها؛ كالمناصب، أو يستبد بالمنافع والدنيا بنفسه؛ والمراد: أن السمع والطاعة في غير المعصية لا يسقطان بعذر أن الأمير لا يعدل مع المأمور، أو يفضل فيها البعض على البعض، أو يختار نفسه بها.

والأثرة في جميع ضبطها: اسم من الاستئثار؛ وهو الاختصاص والاستبداد؛ والمعنى: بايعناه على السمع والطاعة في حالتي الشدة والرخاء، والضراء والسراء، وفي حال استئثار الولاة علينا بالمنافع واختصاصهم بها دوننا، أو إيثارهم غيرنا بها وتقديمه علينا فيها؛ لكونه ذا قرابة له. انتهى "دهني".

والحاصل: أننا بايعناه (على السمع والطاعة) للأمير (في) حالة (العسر) والشدة والضيق (و) في حالة (اليسر) والرخاء والسعة (و) في حالتي (المنشط والمكره) أي: في حالتي السراء والضراء (و) في حالة (الأثرة علينا) أي: وفي حالة أثرة الأمراء أنفسهم واختيارهم علينا بالمنافع والمصالح والدنيا واختصاصهم بها؛ يعني: بايعنا على السمع والطاعة للأمير وإن آثر نفسه أو غيرنا علينا في العطايا والهبات والمناصب.

(و) بايعناه على (ألا ننارع الأمر أهله) أي: وعلى ألا نخاصم من كان أهلًا للإمارة في إمارتهم، ولا نطلب نزعها منهم، وهو تقرير وبيان لقوله:(وعلى أثرة علينا) لأن ترك المنازعة معناه: الصبر على الأثرة.

(و) بايعناه على (أن نقول الحق حيثما كنا) وفي أي شخص كان، ولو أميرًا أو قريبًا لنا، وهذا بمثابة الاستدراك على ما عساه يفهم من الصبر على الأثرة وترك المنازعة؛ فكأنه يقول: إن ترك منازعة الأمراء والصبر على استئثارهم لا يبلغ أن يوجب السكوت على المنكر، أو الكف عن القول بالحق، بل يجب مع

ص: 467

لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ.

(147)

- 2823 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،

===

ذلك قول الحق من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأمراء وغيرهم بلا ملامة لائم، أو جزع من إذاية ظالم له. انتهى "دهني".

وهذا بمعنى قوله: (لا نخاف) من قول الحق (في) حقوق (الله، لومة لائم) ولا عذل عاذل، ولا إذاية ظالم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، والنسائي في كتاب البيعة، باب البيعة على السمع والطاعة.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث عبادة بن الصامت بحديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(147)

- 2823 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

ص: 468

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ؛ أَمَّا هُوَ إِلَيَّ. . فَحَبِيبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي. . فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ

===

(حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي) الدمشقي، ثقة إمام، سواه أحمد بالأوزاعي، وقدمه أبو مسهر، لكنه اختلط في آخر أمره، من السابعة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ)، وقيل بعدها، وله بضع وسبعون سنة. يروي عنه:(م عم).

(عن ربيعة بن يزيد) الدمشقي أبي شعيب الإيادي القصير، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة إحدى أو ثلاث وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي إدريس الخولاني) عائذ الله بن عبد الله، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم غزوة حنين، وسمع من كبار الصحابة، ومات سنة ثمانين (80 هـ) قال سعيد بن عبد العزيز: كان عالم الشام بعد أبي الدرداء. يروي عنه: (ع).

(عن أبي مسلم) الخولاني الزاهد الشامي، اسمه عبد الله بن ثوب - بضم المثلثة وفتح الواو بعدها موحدة - ثقة عابد، من الثانية، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدركه، وعاش إلى زمن يزيد بن معاوية. يروي عنه:(م عم).

(قال) أبو مسلم: (حدثني الحبيب الأمين أما هو) أي: أما هذا الشيخ المحدث لي. . فهو (إلي فحبيب) أي: محبوب عندي محبة صادقة (وأما هو) أي: هذا الشيخ المحدث لي فهو (عندي. . فأمين) حق أمانة على ما حدث وغيره.

وقوله: (عوف بن مالك) عطف بيان، أو بدل من الحبيب.

وقوله: (الأشجعي) صفة ثانية لعوف الصحابي المشهور رضي الله تعالى

ص: 469

قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَة أَوْ تِسْعَةً فَقَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ "، فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ فَقَالَ: "أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُوا

===

عنه، من مسلمة الفتح، وسكن دمشق، ومات سنة ثلاث وسبعين (73 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) عوف بن مالك: (كنا) مجتمعين (عند النبي صلى الله عليه وسلم حالة كوننا (سبعة) أنفار (أو) قال الراوي: حالة كوننا (ثمانية) أنفار (أو) قال: حالة كوننا (تسعة) أنفار، و (أو) تحتمل أن تكون للشك؛ كما فسرناه، أو للإضراب (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ألا تبايعون) أيها الأنفار (رسول الله) صلى الله عليه وسلم على الإسلام؛ ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة، وكان مقتضى الظاهر: ألا تبايعوني؟ قال عوف بن مالك: (وكنا حديث) وقريب (عهد) وزمن (ببيعة) معه صلى الله عليه وسلم؛ كما في رواية مسلم.

قال عوف بن مالك: (فبسطنا) أي: مددنا (أيدينا) إلى رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم (فقال قائل) منا: (يا رسول الله؛ إنا قد بايعناك) أولًا على الإسلام (فعلام) أي: فعلى أي شيء (نبايعك) الآن؟ بحذف ألف (ما) الاستفهامية؛ لدخول حرف الجر عليها؛ فرقًا بينها وبين (ما) الموصولة؛ نظير {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (1).

(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبايعوني على (أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا) من المخلوق (و (تبايعوني على أن (تقيموا) وتؤدوا

(1) سورة النبأ: (1).

ص: 470

الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا - وَأَسَرَّ كَلِمَةً خُفْيَةً - وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا"، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولئكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ فَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ.

===

(الصلوات الخمس) المفروضة في أوقاتها المحددة (و) تبايعوني على أن (تسمعوا) الأمراء فيما يقولون (و) على أن (تطيعو) هم فيما يأمرونكم به.

قال عوف بن مالك: (وأسر) النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: أخفى منا ولم يجهر (كلمة خفيةً) لَمْ نسمعها؛ لعدم تعلق تكليف بها (و) تبايعوني أيضًا على أن (لا تسألوا الناس شيئًا) أي: من السؤال قليلًا ولا كثيرًا، أو شيئًا من الأشياء والأموال. انتهى "عون".

(قال) عوف بن مالك أيضًا: (فـ) والله (لقد رأيت بعض أولئك النفر) الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على ألا يسألوا الناس شيئًا (يسقط سوطه) من يده على الأرض وهو راكب على دابته (فلا يسأل أحدًا) من الناس أن (يناوله) أي: أن يأخذ سوطه من الأرض ويناول له (إياه) أي: ذلك السوط الساقط من يده، بل ينزل من الدابة ويأخذه بنفسه.

قال النووي: فيه التمسك بالعموم؛ لأنهم نهوا عن السؤال، فحملوه على عمومه، وفيه الحث على التنزه عن جميع ما يسمى سؤالا وإن كان حقيرًا، والله أعلم.

وفي "المشكاة": عن أبي ذر قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشترط علي ألا تسأل الناس شيئًا، قلت: نعم، قال:"ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل إليه وتأخذه". رواه أحمد.

قال القرطبي: وأخذه صلى الله عليه وسلم على أصحابه في البيعة ألا يسألوا أحدًا شيئًا .. حمل لهم على مكارم الأخلاق، والترفع عن تحمل منن الخلق،

ص: 471

(148)

- 2824 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَتَّابٍ مَوْلَى هُرْمُزَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ

===

وتعليم الصبر على مضض الحاجات، والاستغناء عن الناس، وعزة النفوس، ولما أخذهم بذلك .. التزموه في جميع الأشياء وفي كلّ الأحوال، حتى فيما لا تلحق فيه منةً؛ طردًا للباب، وحسمًا للذرائع. انتهى "مفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الزكاة، باب كراهية المسألة للناس، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب كراهية المسألة مطولًا، والنسائي في كتاب الصلاة، باب البيعة على الصلوات الخمس.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ كما مر، وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عبادة بن الصامت بحديث أنس بن مالك رضي الله عنهما، فقال:

(148)

- 2824 - (3)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح.

(حدثنا شعبة) بن الحجاج.

(عن عتاب) بفتح المهملة وتشديد التاء (مولى هرمز) - بضم الهاء والميم بينهما راء ساكنة - أو ابن هرمز، بصري، صدوق، من الرابعة. يروي عنه:(ق).

(قال) عتاب: (سمعت أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

ص: 472

يَقُولُ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَقَالَ: "فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ".

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: سمعت أنسًا حالة كونه (يقول: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع) للأمير (والطاعة) له (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: بايعتكم (فيما استطعتم) وقدرتم عليه من التكاليف الشرعية، وهذا من كمال رأفته صلى الله عليه وسلم بأمته؛ حيث قيد مبايعته إياهم باستطاعتهم، فلا يدخل في عموم مبايعته ما لا يطيقون.

وفيه أنه إذا رأى الإنسان يلتزم ما لا يطيقه .. ينبغي أن يقول له: لا تلتزم ما لا تطيق، قال القرطبي: وهذا رفع لما يخاف من التحرج بسبب مخالفة تقع غلطًا أو غلبة؛ فإن ذلك كله غير مؤاخذ به.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن له شاهد من حديث ابن عمر أخرجه البخاري في كتاب الإحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، ومسلم في كتاب الإمارة، باب البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع، ومالك في "الموطأ" في كتاب البيعة، وأبو داوود في كتاب الخراج والإمارة، باب ما جاء في البيعة، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في الهجرة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا الحديث الذي ذكره المؤلف: حديث حسن صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا من حديث ابن عمر، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عبادة بن الصامت بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 473

(149)

- 2825 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَشْعُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَبْدٌ،

===

(149)

- 2825 - (4)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرَّحمن الفهمي المصري، ثقةٌ متقن إمام، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الزبير) المكي الأسدي مولاهم، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) جابر: (جاء) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (عبد) مملوك لمسلم ولا يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم (فبايع) أي: عاهد ذلك العبد (النبي صلى الله عليه وسلم أي: عاقده (على الهجرة) والانتقال من بلده إلى المدينة (ولم يشعر) أي: ولم يعلم (النبي صلى الله عليه وسلم أنه) أي: أن ذلك الشخص الذي بايعه على الهجرة (عبد) مملوك لإنسان، وفيه دليل على أن الأصل في الإنسان الحرية، ولذلك لَمْ يسأله عن حاله؛ إذ حمله على ذلك الأصل؛ حيث لَمْ يظهر له ما يخرجه عن ذلك الأصل، ولو لَمْ يكن الأمر كذلك .. لتعين أن يساله، وهذا أصلُ مالكٍ في هذا الباب؛ فكُلُّ من ادَّعى ملكَ إنسان من بني آدم .. كان مدفوعًا إلى بيان ذلك الأصل، لكن إذا أَنْكَره المُدعَى رقه وادعى الحريةَ، سواء كان ذلك المُدعَى رقه ممن كَثُر مِلْكُ نوعِه، أو

ص: 474

فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِعْنِيهِ"، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْن،

===

لَمْ يكن، فإِن كان في حوزِ المدعي لرقه .. كان القولُ قولَه، إذا كان حَوْزَ رق؛ فإن لَمْ يكن .. فالقولُ قولُ المدعى عليه. انتهى من "المفهم".

(فجاء سيده) أي: جاء سيدُ ذلك الإنسان الذي بايَع النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يريده) أي: يريد أَخْذَ ذلك العبد (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك السيد: (بِعْنِيهِ) أي: بِعْني هذا العبدَ المبايِعَ معي، ولم يرد في شيء من طرق هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم طالب سيدَه بإقامةِ بينة، فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اكْتَفَى بدعواه وتصديق العبد له؛ فإن العبد بالغٌ عاقل يُقْبَل إقرارُه على نفسه، ولم يكن للسيد مَنْ ينازعه ولا يستحلَف السيدُ؛ كما إذا ادعى اللقطةَ وعرفَ عفاصَها ووكاءَها .. أَخذَها ولم يُستحلَف؛ لعدم المنازِع. انتهى من "المفهم".

(فاشتراه) النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: اشترى ذلك العبدَ المبايِعَ معه على الهجرة من سيده الذي يَدَّعي مِلكيَّتَه (بعبدين أسودين) قال القاضي عياض: هذا من كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كره أن يرد ما عقد له من الهجرة ويبطلها، ويدل الحديث على أن سيده مسلم؛ كما أشرنا إليه أول الحديث، وإلا .. فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم من نزل من عبيد أهل الطائف وغيرهم، ولم يردهم إلى ساداتهم. انتهى.

وعبارة القرطبي هنا: إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشراء منه؛ جريًا على مقتضى مكارم أخلاقه، ورغبةً في تحصيل ثواب العتق، وكراهية أن يفسخ له عقد الهجرة، فحصل له العتق، وثبت له الولاء، فهذا المعتق مولىً للنبي صلى الله عليه وسلم غير أنه لا يعرف اسمه، وفيه دليل: على جواز بيع

ص: 475

ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَلَهُ أَعَبْدٌ هُوَ.

===

الحيوان بالحيوان متفاضلًا نقدًا، وهذا ما اتفق عليه الفقهاء، ولكنهم اختلفوا في النسيئة في بيع الحيوان: فقال الشافعي: هو جائز، وقال أبو حنيفة: هو ممنوع، استدل الشافعي بما أخرجه أبو داوود وغيره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشًا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ من قلاص الصدقة، فجعل يأخذ منها البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، واستدل أبو حنيفة بما أخرجه أصحاب السنن عن سمرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.

وقال الحنفية: إنه ناسخ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وفي الحديثين كلام ليس هذا موضع بسطه، فليراجع "إعلاء السنن"(280 - 287) فإنه قد أتى في هذه المسألة بما لا مزيد عليه.

(ثم) بعد ذلك العبد (لم يبايع) النبي صلى الله عليه وسلم (أحدًا) من الناس، وقوله:(بعد ذلك) اليوم تأكيد لمعنى (ثم)، وتصريح بما يفهم منها (حتى يسأله) أي: حتى يسأل من يريد بيعته (أعبد) أي: هل (هو) عبد أم لا؟ يعني: أنه لما وقعت له هذه الواقعة .. أخذ بالحزم والحذر، فكان يسأل من يرتاب فيه.

وفيه من الفقه الأخذ بالأحوط.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساقاة، باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنس متفاضلًا، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في ذلك إذا كان يدًا بيد، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين، قال أبو عيسى: حديث جابر هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أنه لا بأس ببيع عبد بعبدين

ص: 476

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يدًا بيد، واختلفوا فيه إذا كان نسيئًا، والنسائي في كتاب البيعة، باب بيعة المماليك، وفي كتاب البيوع، باب بيع الحيوان بالحيوان يدًا بيد متفاضلًا.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 477