المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(16) - (1245) - باب تخمير الإناء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأشربة

- ‌(1) - (1230) - بَابٌ: الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

- ‌(2) - (1231) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا .. لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

- ‌(3) - (1232) - بَابُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ

- ‌(4) - (1233) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ .. لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ

- ‌(5) - (1234) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ

- ‌(6) - (1235) - بَابُ لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ

- ‌(7) - (1236) - بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (1237) - بَابُ الْخَمْرِ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا

- ‌تتمة

- ‌(9) - (1238) - بَابٌ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

- ‌ملحقة

- ‌(10) - (1239) - بَابٌ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ .. فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ

- ‌(11) - (1240) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ

- ‌(12) - (1241) - بَابُ صِفَةِ النَّبِيذِ وَشُرْبِهِ

- ‌(13) - (1242) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ

- ‌(14) - (1243) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌(15) - (1244) - بَابُ نَبِيذِ الْجَرِّ

- ‌(16) - (1245) - بَابُ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ

- ‌(17) - (1246) - بَابُ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ

- ‌(18) - (1247) - بَابُ الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ

- ‌(19) - (1248) - بَابُ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ

- ‌(20) - (1249) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ

- ‌(21) - (1250) - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1251) - بَابُ إِذَا شَرِبَ .. أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ

- ‌(23) - (1252) - بَابُ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(24) - (1253) - بَابُ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

- ‌(25) - (1254) - بَابُ الشُّرْبِ بِالْأَكُفِّ وَالْكَرْعِ

- ‌(26) - (1255) - بَابٌ: سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا

- ‌(27) - (1256) - بَابُ الشُّرْبِ فِي الزُّجَاجِ

- ‌كتاب الطب

- ‌(28) - (1257) - بَابٌ: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً

- ‌(29) - (1258) - بَابُ الْمَرِيضِ يَشْتَهِي الشَيْءَ

- ‌(30) - (1259) - بَابُ الْحِمْيَةِ

- ‌تتمة

- ‌(31) - (1260) - بَابٌ: لَا تُكْرِهُوا الْمَرِيضَ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(32) - (1261) - بَابُ التَّلْبِينَةِ

- ‌(33) - (1262) - بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(34) - (1263) - بَابُ الْعَسَلِ

- ‌(35) - (1264) - بَابُ الْكَمْأَةِ وَالْعَجْوَةِ

- ‌(36) - (1265) - بَابُ السَّنَى وَالسَّنُّوتِ

- ‌(37) - (1266) - بَابٌ: الصَّلَاةُ شِفَاءٌ

- ‌تتمة

- ‌(38) - (1267) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ

- ‌(39) - (1268) - بَابُ دَوَاءِ الْمَشْيِ

- ‌(40) - (1269) - بَابُ دَوَاءِ الْعُذْرَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الغَمْزِ

- ‌(41) - (1270) - بَابُ دَوَاءِ عِرْقِ النَّسَا

- ‌(42) - (1271) - بَابُ دَوَاءِ الْجِرَاحَةِ

- ‌(43) - (1272) - بَابُ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ

- ‌(44) - (1273) - بَابُ دَوَاءِ ذَاتِ الْجَنْبِ

- ‌(45) - (1274) - بَابُ الْحُمَّى

- ‌(46) - (1275) - بَابٌ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ

- ‌(47) - (1276) - بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌(48) - (1277) - بَابُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ

- ‌(49) - (1278) - بَابٌ: فِي أَيِ الْأَيَامِ يَحْتَجِمُ

- ‌(50) - (1279) - بَابُ الْكَيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(51) - (1280) - بَابُ مَنِ اكْتَوَى

- ‌(52) - (1281) - بَابُ الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ

- ‌(53) - (1282) - بَابُ مَنِ اكْتَحَلَ وِتْرًا

- ‌(54) - (1283) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُتَدَاوَي بِالْخَمْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(55) - (1284) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(56) - (1285) - بَابُ الْحِنَّاءِ

- ‌(57) - (1286) - بَابُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ

- ‌(58) - (1287) - بَابُ الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(59) - (1288) - بَابُ الْعَيْنِ

- ‌(60) - (1289) - بَابُ مَنِ اسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ

- ‌(61) - (1290) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌(62) - (1291) - بَابُ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ

- ‌(63) - (1292) - بَابُ مَا عَوَّذَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا عُوِّذَ بِهِ

- ‌(64) - (1293) - بَابُ مَا يُعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْحُمَّى

- ‌(65) - (1294) - بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ

- ‌(66) - (1295) - بَابُ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌(67) - (1296) - بَابُ النُّشْرَةِ

- ‌(68) - (1297) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(69) - (1298) - بَابُ قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ

- ‌(70) - (1299) - بَابُ مَنْ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ

- ‌(71) - (1300) - بَابُ الْجُذَامِ

- ‌(72) - (1301) - بَابُ السِّحْرِ

- ‌(73) - (1302) - بَابُ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ وَمَا يُتَعَوَّذُ مِنْهُ

الفصل: ‌(16) - (1245) - باب تخمير الإناء

(16) - (1245) - بَابُ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ

(40)

- 3354 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "غَطُّوا الْإِنَاءَ،

===

(16)

- (1245) - (باب تخمير الإناء)

(40)

- 3354 - (1)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم المصري، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم المكي، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه (ع).

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: غطوا الإناء) المشتمل على المشروبات والمائعات، واستروا فمه؛ لئلا تدخله الهوام؛ أمر من التغطية؛ لأنه من باب زكى، أصله غطيوا، استثقلت الضمة على الياء، ثم نقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركته، فالتقى ساكنان، ثم حذفت الياء؛ لالتقاء الساكنين فصار غطوا، وهذا الأمر وما بعده من الأوامر النبوية؛ لإرشاد أمته صلى الله عليه وسلم إلى صيانة أنفسهم، والله أعلم.

ص: 106

وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ

===

(وأوكوا) أي: اربطوا فم (السقاء) أي: القربة بوكاء، أمر من الإيكاء، وهو أن يشد فم السقاء المشتمل على الماء والمائعات؛ كاللبن والخل بوكاء؛ وهو الخيط (وأطفئوا السراج) - بهمزة قطع وفاء مكسورة فهمزة مضمومة - أمر من الإطفاء؛ وهو إعدام لهبها؛ كإطفاء الشموع (وأغلقوا الباب) أمر من الإغلاق؛ أي: اجعلوه مغلقًا بغلق، قال ابن دقيق العيد: في الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية: حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد، لا سيما الشياطين.

وقوله: (فإن الشيطان لا يحل) - بضم الحاء المهملة - أي: لا يفك ولا - يفتح (سقاء) وقربة أوكي وشد فمه (ولا يفتح بابًا) مغلقًا (ولا يكشف إناء) غُطي وستر فمه؛ إشارة إلى أن الأمر بالإغلاق؛ لمصلحة إبعاد الشيطان عن الاختلاط بالإنسان، وخصه بالتعليل: تنبيهًا على أنَّه ممَّا يَخْفَى، مما لا يُطلَعُ عليه إلا من جانب النبوة، واللام في (الشيطان) للجنس، إذ ليس المراد فردًا بعينه، كذا في "فتح الباري"(11/ 87).

قال القرطبي: جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية؛ نظير قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (1)، وليس هو الأمر الذي قصد به الإيجاب، وغايته أن يكون من باب الندب، بل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب. انتهى.

(فإن لم يجد أحدكم) ما يغطي به الإناء ولم يتمكن منه (إلا أن يعرض)

(1) سورة البقرة: (282).

ص: 107

عَلَي إِنَائِهِ عُودًا وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ .. فَلْيَفْعَلْ؛ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَي أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ".

===

- بضم الراء على الأفصح - أي: إلا أن يضع (على) فم (إنائه) عرضًا (عودًا) صغيرًا؛ أي: إلا مِن وضعِ عُودٍ على فم إنائه عرضًا (و) أن (يذكر اسم الله) تعالى؛ أي: ومن ذكر اسم الله تعالى حين وضع العود على الإناء، والمراد بذكر الله تعالى هنا: خصوص التسمية .. (فليفعل) ذلك الذي تمكن منه من الوضع والذكر.

وقوله: (فإن الفويسقة) تصغير فاسقة؛ والمراد بها هنا: الفأرة .. تعليل للأمر بإطفاء النار، سميت بذلك؛ لخروجها من جحرها للإفساد على الناس؛ لأنها (تضرم) وتحرق (على أهل البيت) وأصحابه (بيتهم) بجر فتيلة النار وخيطها في نواحي البيت.

وقوله: "تضرم" من الإضرام؛ هو والتضريم والاستضرام: إيقاد النار وإشعالها، يقال: أضرم النار، وضرمها واستضرمها؛ إذا أوقدها، كذا في "القاموس"، ويقال: ضَرِمَت النارُ - بكسر الراء - أي: أَحْرقَتْ سريعًا.

ووقع في رواية عطاء عند البخاري في الاستئذان: (فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت) وهو تعليل للأمر باطفاء السراج؛ كما مر آنفًا.

وقال القرطبي: في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار .. فعليه أن يطفئها قبل نومه، أو يفعل بها ما يؤمن معه الاحتراق، وكذا إن كان في البيت جماعة؛ فإنه يتعين على بعضهم، وأحقهم بذلك آخرهم نومًا؛ فمن فرط في ذلك .. كان للسنة مخالفًا، ولأدائها تاركًا.

ثم أخرج القرطبي الحديث الذي أخرجه أبو داوود، وصححه ابن حبان

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحاكم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: جاءت فأرة فجرت الفتيلة، فألقتها بين النبي صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا نمتم .. فاطفئوا سراجكم؛ فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم".

قال ابن دقيق العيد: إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جر الفويسقة الفتيلة .. فمقتضاه: أن السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة .. لا يمنع إيقاده؛ كما لو كانت على منارة من نحاس أملس لا يمكن للفأرة الصعود إليه، أو يكون مكانه بعيدًا عن موضع يمكنها أَنْ تَثِبَ منه إلى السراج، قال: وأما ما ورد الأمر بإطفاء النار مطلقًا؛ كما رواه مسلم في حديث أبي موسى الأشعري .. فقد يتطرق منه مفسدة أخرى غير جر الفتيلة؛ كسقوط شيء من السراج على بعض متاع البيت، وكسقوط المنارة فينثر السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه، فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك؛ فإن استوثق بحيث يؤمن معه الاحتراق .. فيزول الحكم بزوال علته، كذا في "فتح الباري".

والحاصل: أن إطفاء السراج أو النار معلل بالأمن من الاحتراق ومن الإسراف وإضاعة المال.

ويؤخذ منه حكم إطفاء نور الكهرباء، فإن لزم منه إضاعة المال .. منع منه، وإن كان لحاجة .. فلا بأس.

وقال الحافظ في "الفتح": (11/ 87): وهذه الأوامر تتنوع بحسب مقاصدها؛ فمنها ما يحمل على الندب؛ وهو التسمية على كل حال، ومنها ما يحمل على الندب والإرشاد؛ كإغلاق الأبواب من أجل التعليل بأن الشيطان لا

ص: 109

(41)

- 3355 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ،

===

يفتح بابا مغلقًا؛ لأن الاحتراز عن مخالطة الشيطان مندوب إليه وإن كان تحته مصالح دنيوية؛ كالحراسة، وكذا إيكاء السقاء وتخمير الإناء، والله أعلم.

قال القرطبي: ومع هذه كلها لا بد من ذكر الله تعالى؛ كما جاء في الحديث الآخر الذي رواه مسلم بعد هذا الحديث، فيذكر الله تعالى، وببركة اسمه تندفع المفاسد، ويحصل تمام المصالح، فمطلق هذه الكلمات مردود إلى مقيدها. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم .. فليغمسه؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواءً، وخمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم، ومسلم في كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها، وإطفاء للسراج والنار عند النوم، وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب، وأبو داوود في كتاب الأشربة، باب في إيكاء الآنية، والترمذي في كتاب الأدب باب رقم (74)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

فدرجته: أنه صحيح؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله تعالى أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث جابر بن عبد الله بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(41)

- 3355 - (2)(حدثنا عبد الحميد بن بيان) بن زكريا (الواسطي) أبو الحسن السكري، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م د ق).

ص: 110

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَغْطِيَةِ الْإِنَاء، وَإِيكَاءِ السِّقَاء، وَإِكْفَاءِ الْإِنَاءِ.

===

(حدثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطي المزني مولاهم، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سهيل) بن أبي صالح ذكوان السمان أبي يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، من السادسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان الزيات، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت من الشام إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (151 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (أمرنا) معاشر الصحابة (رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغطية الإناء) المشتمل على الماء والمائع (وإيكاء) أي: ربط وشد فم (السقاء) والقربة بالوكاء؛ وهو الخيط؛ لئلا يدخله شيء من الهوام.

(وإكفاء) وقلب (الإناء) الفارغ على فمه؛ لئلا يدخله شيء من الهوام؛ أي: بقلبه وجعله على فمه، هذا إذا كان خاليًا فارغًا، وإذا كان فيه شيء .. فينبغي تغطيته.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث جابر بن عبد الله المذكور قبله، رواه مسلم وأبو داوود وابن ماجه.

ص: 111

(42)

- 3356 - (3) حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْل، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، حَدَّثَنَا حَرِيشُ بْنُ خِرِّيتٍ،

===

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا من الحديث المذكور قبله، وغرضه: الاستشهاد به لحديث جابر.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث جابر بحديث عائشة رضي الله عنهما، فقال:

(42)

- 3356 - (3)) حدثنا عصمة بن الفضل) النميري - مصغرًا - أبو الفضل النيسابوري نزيل بغداد، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا حرمي بن عمارة بن أبي حفصة) اسمه نابت - بنون وموحدة ومثناة - العتكي البصري أبو روح، صدوق يهم، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا حَرِيشُ) بفتح المهملة وكسر الراء آخره شين معجمة (ابنُ خِرِّيتٍ) - بكسر المعجمة وتشديد الراء المكسورة آخره مثناة فوقية - بصري ضعيف، من السابعة. يروي عنه:(ق). روى عن: ابن أبي مليكة، ويروي عنه: حرمي بن عمارة، قال البخاري: فيه نظر، قال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وقال الدارقطني: يعتبر به، وروى له ابن ماجه حديثًا واحدًا عن عائشة: كنت أصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة آنية مخمرة، وقال الساجي: فيه ضعف، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال البخاري في "تاريخه": أرجو أن يكون صالحًا؛ فهو مختلف فيه.

ص: 112

أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَصْنَعُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ آنِيَةٍ مِنَ اللَّيْلِ مُخَمَّرَةً؛ إِنَاء لِطَهُورِ؛ ، وَإنَاءً لِسِوَاكِه، وَإِنَاءً لِشَرَابِهِ.

===

(أنبأنا) عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله (بن أبي مليكة) - بالتصغير - ابن عبد الله بن جدعان، يقال: اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه حريش بن الخريت، وهو مختلف فيه.

(قالت) عائشة: (كنت أصنع) وأضع الرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة آنية) جمع إناء، والأواني جمع الجمع (من الليل) أي: في أوائل الليل (مخمرة) بالنصب صفة لثلاثة؛ أي: ثلاثًا من الأواني مغطيات بالغطاء، وهو موضع الترجمة.

وقوله: (إناء لطهوره) ووضوئه .. بدل من ثلاثة؛ بدل تفصيل من مجمل، وهو - بفتح الطاء المهملة - اسم لما يتطهر به (وإناء لسواكه) أي: لماء يغسل به سواكه قبل التسوك (وإناء لشرابه) أي: لما يشربه في الليل.

وقوله: (مخمرة) اسم مفعول من التخمير؛ بمعنى: التغطية.

قلت: وقد يستبعد أيضًا كون إناء السواك غير إناء الطهور لا سيما والوقت وقته.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق حرمي بن عمارة به، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.

ص: 113

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ودرجته: أنه صحيح بما قبله وإن كان سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.

وقد تقدم هذا الحديث للمؤلف بهذا الإسناد في كتاب الطهارة، باب تغطية الإناء رقم (45)، الحديث رقم (753).

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 114