المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(69) - (1298) - باب قتل ذي الطفيتين - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأشربة

- ‌(1) - (1230) - بَابٌ: الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

- ‌(2) - (1231) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا .. لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

- ‌(3) - (1232) - بَابُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ

- ‌(4) - (1233) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ .. لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ

- ‌(5) - (1234) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ

- ‌(6) - (1235) - بَابُ لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ

- ‌(7) - (1236) - بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (1237) - بَابُ الْخَمْرِ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا

- ‌تتمة

- ‌(9) - (1238) - بَابٌ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

- ‌ملحقة

- ‌(10) - (1239) - بَابٌ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ .. فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ

- ‌(11) - (1240) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ

- ‌(12) - (1241) - بَابُ صِفَةِ النَّبِيذِ وَشُرْبِهِ

- ‌(13) - (1242) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ

- ‌(14) - (1243) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌(15) - (1244) - بَابُ نَبِيذِ الْجَرِّ

- ‌(16) - (1245) - بَابُ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ

- ‌(17) - (1246) - بَابُ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ

- ‌(18) - (1247) - بَابُ الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ

- ‌(19) - (1248) - بَابُ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ

- ‌(20) - (1249) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ

- ‌(21) - (1250) - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1251) - بَابُ إِذَا شَرِبَ .. أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ

- ‌(23) - (1252) - بَابُ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(24) - (1253) - بَابُ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

- ‌(25) - (1254) - بَابُ الشُّرْبِ بِالْأَكُفِّ وَالْكَرْعِ

- ‌(26) - (1255) - بَابٌ: سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا

- ‌(27) - (1256) - بَابُ الشُّرْبِ فِي الزُّجَاجِ

- ‌كتاب الطب

- ‌(28) - (1257) - بَابٌ: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً

- ‌(29) - (1258) - بَابُ الْمَرِيضِ يَشْتَهِي الشَيْءَ

- ‌(30) - (1259) - بَابُ الْحِمْيَةِ

- ‌تتمة

- ‌(31) - (1260) - بَابٌ: لَا تُكْرِهُوا الْمَرِيضَ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(32) - (1261) - بَابُ التَّلْبِينَةِ

- ‌(33) - (1262) - بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(34) - (1263) - بَابُ الْعَسَلِ

- ‌(35) - (1264) - بَابُ الْكَمْأَةِ وَالْعَجْوَةِ

- ‌(36) - (1265) - بَابُ السَّنَى وَالسَّنُّوتِ

- ‌(37) - (1266) - بَابٌ: الصَّلَاةُ شِفَاءٌ

- ‌تتمة

- ‌(38) - (1267) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ

- ‌(39) - (1268) - بَابُ دَوَاءِ الْمَشْيِ

- ‌(40) - (1269) - بَابُ دَوَاءِ الْعُذْرَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الغَمْزِ

- ‌(41) - (1270) - بَابُ دَوَاءِ عِرْقِ النَّسَا

- ‌(42) - (1271) - بَابُ دَوَاءِ الْجِرَاحَةِ

- ‌(43) - (1272) - بَابُ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ

- ‌(44) - (1273) - بَابُ دَوَاءِ ذَاتِ الْجَنْبِ

- ‌(45) - (1274) - بَابُ الْحُمَّى

- ‌(46) - (1275) - بَابٌ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ

- ‌(47) - (1276) - بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌(48) - (1277) - بَابُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ

- ‌(49) - (1278) - بَابٌ: فِي أَيِ الْأَيَامِ يَحْتَجِمُ

- ‌(50) - (1279) - بَابُ الْكَيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(51) - (1280) - بَابُ مَنِ اكْتَوَى

- ‌(52) - (1281) - بَابُ الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ

- ‌(53) - (1282) - بَابُ مَنِ اكْتَحَلَ وِتْرًا

- ‌(54) - (1283) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُتَدَاوَي بِالْخَمْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(55) - (1284) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(56) - (1285) - بَابُ الْحِنَّاءِ

- ‌(57) - (1286) - بَابُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ

- ‌(58) - (1287) - بَابُ الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(59) - (1288) - بَابُ الْعَيْنِ

- ‌(60) - (1289) - بَابُ مَنِ اسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ

- ‌(61) - (1290) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌(62) - (1291) - بَابُ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ

- ‌(63) - (1292) - بَابُ مَا عَوَّذَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا عُوِّذَ بِهِ

- ‌(64) - (1293) - بَابُ مَا يُعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْحُمَّى

- ‌(65) - (1294) - بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ

- ‌(66) - (1295) - بَابُ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌(67) - (1296) - بَابُ النُّشْرَةِ

- ‌(68) - (1297) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(69) - (1298) - بَابُ قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ

- ‌(70) - (1299) - بَابُ مَنْ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ

- ‌(71) - (1300) - بَابُ الْجُذَامِ

- ‌(72) - (1301) - بَابُ السِّحْرِ

- ‌(73) - (1302) - بَابُ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ وَمَا يُتَعَوَّذُ مِنْهُ

الفصل: ‌(69) - (1298) - باب قتل ذي الطفيتين

(69) - (1298) - بَابُ قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ

(164)

- 3478 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ؛

===

(69)

- (1298) - (باب قتل ذي الطفيتين)

وهما: الخطان الأبيضان على ظهر الحية.

* * *

(164)

- 3478 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، اسمه عبد الرحمن، ثقة، من الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عروة بن الزبير، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمر إرشاد وندب (بقتل) الحية (ذي الطفيتين) أي: صاحب الخطين الأبيضين على ظهره؛ أي: أمر بقتل الحية التي على ظهرها الخطان الأبيضان؛ والطفيتان - بضم الطاء المهملة وسكون الفاء - مثنى الطفية؛ والمراد من الطفيتين هنا: الخطان الأبيضان على ظهر الحية.

ص: 446

فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ؛ يَعْنِي: حَيَّةً خَبِيثَةً.

===

وأصل الطفية: خوصة المُقْل، والجمع طفىً؛ كمدية ومدىً، شَبَّه الخطين على ظهرها بخُوصَتِي المُقْلِ؛ والخوص: كل ورق طويل رقيق؛ كورق النخل والنارجيل؛ والمقل: شجر يشبه ورقه ورق النخل، له ثمر صغار يؤكل، في الأرميا:(ميطى)، وربما يستعمل في النخلة، فلعل التشبيه إنما وقع في الطول والرقة.

(فإنه) أي: لأن ذا الطفيتين مضر مؤذ للإنسان أشد الإيذاء والضرر؛ لأنه (يلتمس البصر) أي: يطلب بصر الإنسان؛ لأنه يطمس بصره إذا نظر بعينه عين الإنسان (ويصيب الحبل) أي: يسقط حمل الإنسان من بطن أمه إذا نظرته الحامل.

وقوله: (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بذي الطفيتين (حية خبيثة) تفسير من الراوي؛ أي: مؤذيةً تطلب الإنسان للدغه، أو طمس عينه، أو إسقاط حمله.

قيل: هي الأفعى مغبرة اللون، لونها كلون التراب على ظهرها خطان أبيضان، وهي معروفة عند العرب، تخرج في الليل على شارع الإنسان لِتَلْدَغَه.

والمعنى: أن هذه الحية تخطف البصر وتطمسه بمجرد نظرها إليه؛ لخاصة جعلها الله تعالى في بصرها إذا وقع على بصر الإنسان، وقيل: المعنى: أنها تقصد البصر باللسع والنهش، والتفسير الأول أصح وأشهر.

قال العلماء: وفي الحيات نوع يسمى الناظر، إذا وقع نظره على عين إنسان. . مات من ساعته، والله أعلم.

قوله: "ويصيب الحمل" معناه: أن المرأة الحامل إذا نظرت إلى حية من هذا النوع وخافت منها. . أسقطت حملها غالبًا، وإن أردت بسط الكلام في

ص: 447

(165)

- 3479 - (2) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْح، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،

===

الحيات. . راجع "حياة الحيوان" للشيخ الدميري.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب بدء الخلق، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومسلم في كتاب السلام، باب قتل الحيات وغيرها، ومالك في "الموطأ" في كتاب الاستئذان، باب في قتل الحيات، وهو مرسل عنده، وأحمد في "المسند".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(165)

- 3479 - (2)(حدثنا أحمد بن عمرو) بن عبد الله بن عمرو (بن السرح) - بمهملات - أبو الطاهر الأموي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(م دس ق).

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرني يونس) بن يزيد بن أبي النجود الأيلي الأموي مولاهم؛ مولى آل أبي سفيان، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلًا، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ)، وقيل: سنة ستين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) الزهري المدني، ثقة إمام متقن، من

ص: 448

عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ؛ فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ".

===

الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ثقة فقيه، من الثالثة، مات في آخر سنة ست ومئة (106 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات. (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اقتلوا الحيات) كلها إلا ما نهيتكم عن قتلها؛ وهي ذوات البيوت.

وقوله: (واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر) من عطف الخاص على العام؛ اهتمامًا بشأنه؛ أي: اقتلوا هذين النوعين منها خاصة؛ لأنهما أشد ضررًا من غيرهما، وتقدم تفسير ذي الطفيتين في مبحث حديث عائشة آنفًا (فإنهما) تعليل للأمر بقتلهما؛ أي: لأنهما (يلتمسان البصر) أي: يطلبان طمس بصر الإنسان بمجرد نظرهما إليه (ويسقطان الحبل) أي: الحمل من الحامل؛ يعني: أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وفزعت. . أسقطت الحمل غالبًا.

قال السندي: الأبتر: هو الذي لا ذنب له، أو قصير الذنب.

"يلتمسان البصر" أي: أنهما إذا نظرا إلى الإنسان. . ذهب بصره بالخاصية فيهما، وقيل: إنهما يقصدان البصر بالسم.

"ويسقطان الحبل" والحبل: مصدر أطلق على المحمول؛ أي: يسقطانه بالخاصية فيهما أيضًا.

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال القرطبي: قوله: "اقتلوا الحيات" هذا الأمر وما في معناه من باب الإرشاد إلى دفع المضرة المخوفة من الحيات، فما كان منها متحقق الضرر. . وجبت المبادرة إلى قتله، كما قد أرشد إليه قوله:"اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر؛ فإنهما يختطفان البصر، ويسقطان الحبل".

فخصهما بالذكر مع أنهما قد دخلا في العموم، ونبه على أن ذلك بسبب عظيم ضررهما، وما لم يتحقق ضرره؛ فما كان منها في غير البيوت. . قتل أيضًا؛ لظاهر الأمر العام في هذا الحديث، وفي حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه رواه مسلم في "صحيحه" برقم (2234)، ولأن نوع الحيات غالبه الضرر، فيستصحب فيه ذلك، ولأنه كله مروع بصورته، وبما في النفوس من النفرة منه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب الشجاعة، ولو على قتل حية" ذكره ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"(ص 44).

فشجع على قتلها، وقال فيما أخرجه أبو داوود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه مرفوعًا:"اقتلوا الحيات، فمن خاف ثأرهن. . فليس مني" رواه أبو داوود رقم (5249).

وأما ما كان منها في البيوت؛ فما كان في المدينة. . فلا يقتل حتى يؤذن ثلاثة أيام، وصفة الإنذار هكذا:(أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان بن داوود ألا تؤذونا، ولا تظهرن لنا). انتهى "نووي".

لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن بالمدينة جنًا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا. . فآذنوه ثلاثة أيام"، وهل يختص ذلك الحكم بالمدينة، لأنا لا نعلم هل أسلم من جن غير أهل المدينة أحد أم لا؟ وبه قال ابن نافع،

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أو لا يختص وينهى عن قتل جنان جميع البلاد حتى يؤذن ثلاثة أيام؛ وهو قول مالك، وهو الأولى؛ لعموم نهيه عن قتل الجنان التي تكون في البيوت، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم" متفق عليه، وذكر فيهن الحية، ولأنا قد علمنا قطعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة للنوعين، وأنه قد آمن به خلق كثير من النوعين؛ بحيث لا يحصرهم بلد، ولا يحيط بهم عدد، والعجب من ابن نافع، كأنه لم تكن له أذن سامع، وكأنه لم يسمع قوله تعالى:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} (1)، ولا قولَه صلى الله عليه وسلم:"إن وفد جن نصيبين أتوني - ونعم الجن هم - فسألوني الزاد. . ." الحديث، رواه مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي.

فهذه نصوصٌ في أنَّ من جن غير المدينة مَنْ أَسْلَم، فلا يُقتل شيء منها حتى يُحرَّجَ عليه؛ كما تقدم، فتفَهَّم هذا العَقْد وتمسَّك به، فهو الذي يجمع بين أحاديث الباب المختلفة. انتهى من "المفهم".

والحيات - جمع حية - ويطلق على الذكر والأنثى، وإنما دخلت الهاء عليه؛ لأنه واحد من جنس؛ كبطة ودجاجة، على أنه قد روي عن العرب (رأيت حيًّا على حية) أي: ذكرًا على أنثى؛ والحَيُّوتُ ذكَرُ الحيات، ذكره في "الصحاح". انتهى منه باختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب بدء الخلق، باب وبث فيها من كل دابة، ومسلم في كتاب السلام، باب قتل الحيات وغيرها،

(1) سورة الأحقاف: (29).

ص: 451

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأبو داوود في كتاب الأدب، باب في قتل الحيات، والترمذي في كتاب الأحكام والفوائد، باب ما جاء في قتل الحيات.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 452