المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(66) - (1295) - باب تعليق التمائم - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأشربة

- ‌(1) - (1230) - بَابٌ: الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

- ‌(2) - (1231) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا .. لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

- ‌(3) - (1232) - بَابُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ

- ‌(4) - (1233) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ .. لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ

- ‌(5) - (1234) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ

- ‌(6) - (1235) - بَابُ لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ

- ‌(7) - (1236) - بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (1237) - بَابُ الْخَمْرِ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا

- ‌تتمة

- ‌(9) - (1238) - بَابٌ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

- ‌ملحقة

- ‌(10) - (1239) - بَابٌ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ .. فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ

- ‌(11) - (1240) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ

- ‌(12) - (1241) - بَابُ صِفَةِ النَّبِيذِ وَشُرْبِهِ

- ‌(13) - (1242) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ

- ‌(14) - (1243) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌(15) - (1244) - بَابُ نَبِيذِ الْجَرِّ

- ‌(16) - (1245) - بَابُ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ

- ‌(17) - (1246) - بَابُ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ

- ‌(18) - (1247) - بَابُ الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ

- ‌(19) - (1248) - بَابُ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ

- ‌(20) - (1249) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ

- ‌(21) - (1250) - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1251) - بَابُ إِذَا شَرِبَ .. أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ

- ‌(23) - (1252) - بَابُ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(24) - (1253) - بَابُ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

- ‌(25) - (1254) - بَابُ الشُّرْبِ بِالْأَكُفِّ وَالْكَرْعِ

- ‌(26) - (1255) - بَابٌ: سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا

- ‌(27) - (1256) - بَابُ الشُّرْبِ فِي الزُّجَاجِ

- ‌كتاب الطب

- ‌(28) - (1257) - بَابٌ: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً

- ‌(29) - (1258) - بَابُ الْمَرِيضِ يَشْتَهِي الشَيْءَ

- ‌(30) - (1259) - بَابُ الْحِمْيَةِ

- ‌تتمة

- ‌(31) - (1260) - بَابٌ: لَا تُكْرِهُوا الْمَرِيضَ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(32) - (1261) - بَابُ التَّلْبِينَةِ

- ‌(33) - (1262) - بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(34) - (1263) - بَابُ الْعَسَلِ

- ‌(35) - (1264) - بَابُ الْكَمْأَةِ وَالْعَجْوَةِ

- ‌(36) - (1265) - بَابُ السَّنَى وَالسَّنُّوتِ

- ‌(37) - (1266) - بَابٌ: الصَّلَاةُ شِفَاءٌ

- ‌تتمة

- ‌(38) - (1267) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ

- ‌(39) - (1268) - بَابُ دَوَاءِ الْمَشْيِ

- ‌(40) - (1269) - بَابُ دَوَاءِ الْعُذْرَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الغَمْزِ

- ‌(41) - (1270) - بَابُ دَوَاءِ عِرْقِ النَّسَا

- ‌(42) - (1271) - بَابُ دَوَاءِ الْجِرَاحَةِ

- ‌(43) - (1272) - بَابُ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ

- ‌(44) - (1273) - بَابُ دَوَاءِ ذَاتِ الْجَنْبِ

- ‌(45) - (1274) - بَابُ الْحُمَّى

- ‌(46) - (1275) - بَابٌ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ

- ‌(47) - (1276) - بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌(48) - (1277) - بَابُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ

- ‌(49) - (1278) - بَابٌ: فِي أَيِ الْأَيَامِ يَحْتَجِمُ

- ‌(50) - (1279) - بَابُ الْكَيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(51) - (1280) - بَابُ مَنِ اكْتَوَى

- ‌(52) - (1281) - بَابُ الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ

- ‌(53) - (1282) - بَابُ مَنِ اكْتَحَلَ وِتْرًا

- ‌(54) - (1283) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُتَدَاوَي بِالْخَمْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(55) - (1284) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(56) - (1285) - بَابُ الْحِنَّاءِ

- ‌(57) - (1286) - بَابُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ

- ‌(58) - (1287) - بَابُ الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(59) - (1288) - بَابُ الْعَيْنِ

- ‌(60) - (1289) - بَابُ مَنِ اسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ

- ‌(61) - (1290) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌(62) - (1291) - بَابُ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ

- ‌(63) - (1292) - بَابُ مَا عَوَّذَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا عُوِّذَ بِهِ

- ‌(64) - (1293) - بَابُ مَا يُعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْحُمَّى

- ‌(65) - (1294) - بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ

- ‌(66) - (1295) - بَابُ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌(67) - (1296) - بَابُ النُّشْرَةِ

- ‌(68) - (1297) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(69) - (1298) - بَابُ قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ

- ‌(70) - (1299) - بَابُ مَنْ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ

- ‌(71) - (1300) - بَابُ الْجُذَامِ

- ‌(72) - (1301) - بَابُ السِّحْرِ

- ‌(73) - (1302) - بَابُ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ وَمَا يُتَعَوَّذُ مِنْهُ

الفصل: ‌(66) - (1295) - باب تعليق التمائم

(66) - (1295) - بَابُ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

(160)

- 3474 - (1) حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ،

===

(66)

- (1295) - (باب تعليق التمائم)

(160)

- 3474 - (1)(حدثنا أيوب بن محمد) بن زياد الوزان أبو محمد (الرقي) مولى ابن عباس، ثقة، من العاشرة، مات سنة تسع وأربعين ومئتين (249 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا معمر) - بتشديد الميم الثانية المفتوحة - بوزن محمد (ابن سليمان) النخعي أبو عبد الله الرقي، ثقة فاضل أخطأ الأزدي بتليينه، وأخطأ من زعم أن البخاري أخرج له، من التاسعة، مات سنة إحدى وتسعين ومئة (191 هـ). يروي عنه:(ت س ق).

(حدثنا عبد الله بن بشر) - بكسر الموحدة وسكون المعجمة - الرقي القاضي، أصله من الكوفة، اختلف فيه قول ابن معين وابن حبان، وقال أبو زرعة والنسائي: لا بأس به، وحكى البزار أنه ضعيف في الزهري خاصة، من السابعة. يروي عنه:(س ق).

(عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الجملي - بفتحتين - المرادي أبي عبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد كان لا يدلس، ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).

ص: 429

عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّار، عَنِ ابْنِ أُخْتِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ الله، عَنْ زَيْنَبَ قَالَتْ: كَانَتْ عَجُوزٌ

===

(عن يحيى بن الجزار) العرني - بضم المهملة وفتح الراء ثم نون - الكوفي، قيل: اسم أبيه زبان - بزاي وموحدة - وقيل: بل لقبه، هو صدوق رُمِيَ بالغُلوِّ في التشيع، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).

(عن ابن أخت زينب امرأة عبد الله) بن مسعود، ولم أر من ذكر اسم الابن ولا اسم الأخت، وأما زينب. . فهي زينب بنت معاوية، وقيل: بنت عبد الله بن معاوية، وقيل: زينب بنت أبي معاوية، وبهذا الأخير جزم أبو عمر بن عبد البر، ثم نَسَبها، فقال: بنتُ أبي معاوية بن عتاب بن الأسعد بن غاضرة بن حَطِيط بن جُشَم بن ثقيف، وابنةُ أبي معاوية الثقفية الكوفية رضي الله تعالى عنها. روَتْ عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن زوجها ابن مسعود، وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم، ويروي عنها: ابنها أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وابن أخيها أو ابن أختها، ولم يُسمّ اسم هذا الابن، وعمرو بن الحارث بن أبي ضرار، وبُسر بن سعيد، وعبيد بن السبَّاق، وغيرُهم من رواة حديثها.

أخرج حديثها في "الصحيحين" واللفظ لمسلم من طريق الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عمرو بن الحارث الصحابي أخي جويرة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن. . ." الحديث بطوله أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين. يروي عنها:(ع).

روى ذلك الابن؛ يعني: ابن أختها (عن) خالته (زينب) امرأة عبد الله (قالت) زينب: (كانت) امرأة (عجوز) من جيراننا في الكوفة، ولفظ:

ص: 430

تَدْخُلُ عَلَيْنَا تَرْقِي مِنَ الْحُمْرَة، وَكَانَ لَنَا سَرِيرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِم، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا دَخَلَ. . تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ، فَدَخَلَ يَوْمًا، فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ. . احْتَجَبَتْ مِنْهُ، فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي فَمَسَّنِي فَوَجَدَ مَسَّ خَيْطٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ:

===

(عجوز) بوزن فعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، فلا حاجة إلى تأنيث اللفظ؛ أي: كانت تلك العجوز (تدخل علينا) معاشر أهل بيتنا كثيرًا، حالة كون العجوز (ترقي) من باب رمى، أي: تعالج الناس (من) مرض (الحمرة) بالقراءة عليهم.

قال في "المنجد": الحمرة: مرض وبائي يُسبِّبُ حُمَّى وبُقَعًا حمراء في الجلد، ولا تدخل جرَاثيمُه الجسمَ إلا مِن خَدْشٍ أو جرح.

قالت زينب: (وكان لنا) معاشر أهل بيتنا (سرير طويل القوائم) والأرجُل (وكان عبد الله) بن مسعود زوجي في عادته (إذا دخل) البيت؛ أي: إذا أراد دخول بيتنا قادمًا من خارج، لا يدخل طولًا؛ خوفًا من كون الأجانب في الطريق حتى (تنحنح) أي: أظهر صوت التنحنح (وصوت) عطف مرادف لما قبله (فدخل) عبد الله علينا (يومًا) من الأيام بعدما تنحنح وصَوَّت.

(فلما سمعت) العجوز (صوته) أي: صوت عبد الله. . (احتجبت) أي: استترت العجوز (منه) أي: من عبد الله بدخول حجاب البيت (فجاء) عبد الله من خارج (فجلس إلى جانبي) أي: في جانبي؛ فـ (إلى) بمعنى (في) الظرفية (فمسني) أي: لمسني لمس مباشرة (فوجد مس خيط) أي: فعرف من لمسي لمس خيط؛ أي: لمس خيط علقته على عنقي؛ وهو الخيط الذي قرأت لي عليه العجوز المذكورة لمعالجة الحمرة التي أخذتني (فقال) عبد الله: (ما هذا) الخيط الذي علقته على عنقك؛ قالت زينب: (فقلت) لعبد الله: هذا الخيط

ص: 431

رُقىً لِي فِيهِ مِنَ الْحُمْرَة، فَجَذَبَهُ وَقَطَعَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللهِ أَغْنِيَاءَ عَنِ الشِّرْك، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ"،

===

(رقىً لي فيه) أي: هذا الخيط لي فيه رقىً؛ أي: معالجة (من الحمرة) التي أخذتني؛ والرقى - جمع رقية - وهي العوذة التي تعلق على الجسم.

قالت زينب: (فجذبه) أي: فجذب عبد الله ذلك الخيط ونزعه مني (وقطعه) مني (فرمى به) عني (وقال) عبد الله: والله (لقد أصبح) وكان (آل عبد الله) يعني: نفسه؛ أي: صار أهله وعياله الآن (أغنياء عن الشرك) أي: مستغنين عن الحاجة إلى أسباب الشرك؛ أي: عن أعمال المشركين، وإنما قلت ذلك؛ لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك) أي: كلها من أعمال الشرك، فيجب الاجتناب والابتعاد منها على أهل الإسلام.

فهذا المرفوع؛ أعني: قوله: "إن الرقى والتمائم. . ." إلى آخره؛ هو الذي روته زينب عن زوجها عبد الله بن مسعود.

وسنده من تساعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا مجهولًا؛ وهو ابن أخت زينب، إلا إن قلنا: إنه صحابي، فجهالة الصحابي لا تضر السند؛ فالسند صحيح حينئذٍ، وكذا الحديث صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

وإلا نقل ذلك. . فالسند: ضعيف؛ لأن فيه مجهولًا، والحديث صحيح بغيره؛ كما سنبينه من الشواهد والمتابعات.

قوله: (ترقي من الحمرة) من رقى يرقي رقيةً؛ من باب رمى يرمي، وقال في "القاموس": الحمرة: لون معروف، وورم من جنس الطواعين.

قلت: فلعل المراد ها هنا: المعنى الثاني.

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: (أغنياء عن الشرك) يريد: أنه لا حاجة لهم إلى أن يستعملوا ما هو شرك.

قوله: "إن الرقى" - بضم الراء وفتح القاف مقصورًا - جمع رقية - بضم الراء وبسكون القاف - نظير مدىً ومدية: العوذة.

والمراد بها ها هنا: ما كان بأسماء الأصنام والشياطين، لا ما كان بالقرآن وأسماء الله تعالى وصفاته؛ فإنه مستحب متبرك به.

"والتمائم" جمع تميمة؛ أريد بها ها هنا: الخرزات التي تعلقها النساء في أعناق الأولاد على ظن أنها تؤثر وتدفع العين، فإن كانت من القرآن أو من وأسماء الله تعالى وصفاته بقصد التبرك والتعويذ. . فلا بأس بها.

قال الخطابي: جمع تميمة؛ وهي التعويذة التي لا يكون فيها أسماء الله تعالى وآياته المتلوة والدعوات المأثورة، تعلق على الصبي، وإن كان فيها ذلك بقصد التبرك. . فلا بأس.

و"التِّوَلَةُ" - بكسر التاء المثناة فوق وبضمها وفتح الواو واللام -: نوع من السحر يَجْلِبُ المرأةَ ويَجْذِبهَا إلى زوجها محبةً له، أو بالعكس.

وقال القاري: التِّوَلَةُ: نوع من السحر، أو خيط يُقرأ فيه من السحر، أو قرطاسٌ يكتب فيه شيء من السحر؛ للمحبة أوغيرِها.

قوله: "شرك" أي: كلها من أفعال المشركين؛ لأن كل واحد منها يُفْضِي إلى الشرك؛ إما جليًا وإما خفيًا.

قال القاضي: وأطلق الشرك عليها؛ إما لأن المتعارف منها في عهده صلى الله عليه وسلم ما كان معهودًا في الجاهلية، وكان مشتملًا على ما يتضمن الشرك، أو لأن اتخاذها يدل على اعتقاد تأثيرها، وهو يفضي إلى الشرك.

ص: 433

قُلْتُ: فَإِنِّي خَرَجْتُ يَوْمًا فَأَبْصَرَنِي فُلَانٌ فَدَمَعَتْ عَيْنِي الَّتِي تَلِيه، فَإِذَا رَقَيْتُهَا. . سَكَنَتْ دَمْعَتُهَا، وَإذَا تَرَكْتُهَا. . دَمَعَتْ، قَالَ: ذَاكِ الشَّيْطَانُ؛ إِذَا أَطَعْتِهِ. . تَرَكَك، وَإِذَا عَصَيْتِهِ. . طَعَنَ

===

وقيل: المراد: الشرك الخفي؛ بترك التوكل والاعتماد على الله سبحانه وتعالى.

قالت زينب: (قلت) لعبد الله: لم تقول هذا يا عبد الله؟ تعني: أن الرقى شرك، وهو ثابت لفظه في رواية أبي داوود؛ أي: لم تقول: إن الرقى شرك وتأمرني بالتوكل على الله تعالى وترك الاسترقاء؛ فإني وجدت في الاسترقاء فائدةً، وإنما قلت: إني وجدت في الاسترقاء فائدةً (فإني خرجت يومًا) أي: لأني خرجت يومًا من الأيام من بيتي (فأبصرني) أي: رآني (فلان) كناية عن الرجل المعين (فـ) بعدما أبصرني فلان (دمعت عيني) أي: سالت عيني دموعًا؛ فدمع ها هنا؛ من باب فتح؛ لأنه حلقي اللام؛ أي: سالت عيني (التي تليه) أي: التي تلي جهة فلان دموعًا في ذلك الوقت الذي أبصرني فيه (فإذا رقيتها) وعالجتها بقراءة الطبيب علي. . (سكنت) أي: انقطعت (دمعتها) وانكفت عن السيلان (وإذا تركتها) أي: تركت رقيتها بقراءة الطبيب علي. . (دمعت) أي: سالت دموعًا.

(قال) عبد الله لزينب: (ذاك) أي: سيلان دمعها مرةً، وانقطاعه مرة أخرى؛ أي: سبب ذلك (الشيطان) أي: عمل الشيطان.

وقوله: (ذاك) - بكسر الكاف - لأنه خطاب مؤنث؛ أي: إنما ذلك من عمل الشيطان وتسويله؛ وذلك أنك (إذا أطعته) ووافقته فيما يريد منك؛ وهو التغافل عن طاعة الله تعالى وذكره (تركك) أي: خلاك من نخس عينك وإسالة الدموع منها (وإذا عصيته) وخالفته باشتغالك بالأذكار. . (طعن) ونخس

ص: 434

بِإِصْبَعِهِ فِي عَيْنِك، وَلكِنْ لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. . كَانَ خَيْرًا لَكِ وَأَجْدَرَ أَنْ تُشْفَيْنَ؛ تَنْضحِينَ فِي عَيْنِكِ الْمَاءَ وَتَقُولِينَ: أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ؛ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي

===

(بإصبعه في عينك) أي: في داخل عينك وأسال منك الدموع (ولكن لو) توكلت على الله وتركت الرقى و (فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. . كان) الاعتماد والتوكل على الله تعالى والاكتفاء برقى النبي صلى الله عليه وسلم (خيرًا لك) في دينك؛ لأنك توكلت على الله، واتبعت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

(وأجدر) أي: وأحق وأقرب إلى (أن تشفين) وتعافين من رمدك - بضم التاء وبسكون المعجمة وفتح الفاء وسكون الياء وفتح النون - على صيغة المبني للمجهول، و (أن) فيه مهملة، (تشفين) فعل مضارع مغير الصيغة مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والياء ضمير المؤنثة المخاطبة في محل الرفع فاعل، والجملة صلة أن المصدرية، وأن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر مقدر؛ تقديره: وكان ذلك أحق بشفائك، وأقرب إلى عافيتك.

ثم قال عبد الله: يا زينب؛ إن أردت السنة (تنضحين) أي: تقطرين (في عينك الماء وتقولين) عند وجع العين وغيرها: (أذهب) من الإذهاب؛ أي: أزل عني (الباس) أي: الشدة والضرر يا (رب الناس) أي: يا خالقهم ومربيهم (اشفـ) ـني من هذا الوجع وعافني (أنت الشافي) والمعافي من كل الأمراض.

يؤخذ من هذا الحديث جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين؛ أحدهما: ألا يكون في ذلك ما يوهم نقصًا، والثاني: أن يكون له أصل ومادة في

ص: 435

لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا.

===

القرآن، وهذا من ذاك؛ فإن له أصلًا في القرآن حيث قال تعالى:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (1)، قاله في "الفتح".

(لا شفاء) - بالمد والفتح - على أنه اسم لا النافية، وخبرها محذوف جوازًا؛ تقديره: موجود لنا أو لهذا المرض إلا بشفائك، قاله العيني.

(إلا شفاؤك) - بالرفع - بدل من محل اسم لا؛ لأنه في محل الرفع بالابتداء، أو من موضع لا مع اسمها، أو بدل من الضمير المستكن في خبر لا؛ كما تقرر ذلك كله في محله (شفاءً) بالنصب على المفعولية المطلقة لقوله:(اشف).

وجملة قوله: (لا يغادر) ولا يترك (سقمًا) أي: مرضًا. . صفة لقوله: (شفاء)، ومعنى:(لا يغادر) أي: لا يترك، و (سقمًا) - بفتحتين، ويجوز فيه ضم السين وتسكين القاف - أي: مرضًا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطب، باب تعليق التمائم، إلا أنه لم يقل:(وأجدر أن تشفين. . .) إلى قوله: (في عينك الماء)، ولم يذكر بعض القصة، والباقي متنًا وسندًا نحوه، ورواه الحاكم في "المستدرك" في كتاب الطب، من طريق أم ناجية عن زينب.

فالحديث صحيح المتن؛ لأن له شواهد ومتابعات، ضعيف السند؛ لأن فيه راويًا مجهولًا؛ وهو ابن أخت زينب، ولكن تابعته أم ناجية في الرواية عن زينب؛ كما في "المستدرك"، وعمرو بن الحارث بن أبي ضرار أخو جويرية أم المؤمنين، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن بغيره، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

(1) سورة الشعراء: (80).

ص: 436

(161)

- 3475 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيب، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَن، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ

===

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن مسعود بحديث عمران رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(161)

- 3475 - (2)(حدثنا علي) بن محمد (بن أبي الخَصِيب) - بفتح المعجمة وكسر المهملة - القرشي الكوفي، صدوق ربما أخطأ، من العاشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن مبارك) بن فضالة - بفتح الفاء وتخفيف المعجمة - ابن أبي أمية أبي فضالة البصري مولى زيد بن الخطاب، صدوق يدلس ويسوي، من السادسة، مات سنة ست وستين ومئة (166 هـ). يروي عنه:(دت ق)، قال ابن معين تارة ثقة، وتارة: ضعيف، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو مختلف فيه.

(عن الحسن) بن أبي الحسن البصري، اسمه يسار الأنصاري مولاهم، ثقة ثبت فاضل مشهور، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عمران بن الحصين) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مبارك بن فضالة، وهو مختلف فيه.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا) من المسلمين (في يده

ص: 437

حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ: "مَا هَذِهِ الْحَلْقَةُ؟ "، قَالَ: هَذِهِ مِنَ الْوَاهِنَة، قَالَ:"انْزِعْهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا".

===

حلقة) أي: خاتم أو سوار (من صفر) أي: من نحاس (فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم (ما هذه الحلقة؟ ) أي: ما هذا الخاتم، لِمَ اتخذْتَها ولَبِسْتَها؟ فـ (قال) الرجل له صلى الله عليه وسلم:(هذه) الحلقة اتخذتها وقاية ورقية (من الواهنة) أي: من مرض الواهنة، فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم:(انزعها) أي: انزع هذه الحلقة واخلعها عنك (فإنها) أي: فإن هذه الحلقة (لا تزيدك) أي: أن لُبْسها لا يزيدُك (إلا وهنًا) أي: ضعفًا في الإيمان حيث تركت التوكل على الله والاعتماد عليه في شفائك.

قوله: (من الواهنة) قال في "النهاية": الواهنة: عرق في المنكب يأخذ وجعه الإنسان وفي اليد كلها، فيرقى منها، وقيل: هو مرض يأخذ في العضد، وربما علق عليه جنس من الخرز، يقال له: خرز الواهنة، وهي تأخذ الرجال دون النساء.

وإنما نهاه عنها؛ لأنه إنما اتخذها على أنه تعصمه من الألم، فكانت عنده في معنى التمائم المنهي عنها. انتهى "سندي".

وفي "الزوائد": إسناده حسن؛ لما تقدم آنفًا.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق أبي عامر الخزاز عن الحسن، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" عن الحاكم به، ورواه أبو يعلى الموصلي من طريق أبي عامر الخزاز عن الحسن به بزيادة فيه، وابن حبان في كتاب الطب، باب فيمن تعلق شيئًا.

ص: 438

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن مسعود.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 439