المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(46) - (1275) - باب: الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأشربة

- ‌(1) - (1230) - بَابٌ: الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

- ‌(2) - (1231) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا .. لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

- ‌(3) - (1232) - بَابُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ

- ‌(4) - (1233) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ .. لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ

- ‌(5) - (1234) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ

- ‌(6) - (1235) - بَابُ لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ

- ‌(7) - (1236) - بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (1237) - بَابُ الْخَمْرِ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا

- ‌تتمة

- ‌(9) - (1238) - بَابٌ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

- ‌ملحقة

- ‌(10) - (1239) - بَابٌ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ .. فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ

- ‌(11) - (1240) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ

- ‌(12) - (1241) - بَابُ صِفَةِ النَّبِيذِ وَشُرْبِهِ

- ‌(13) - (1242) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ

- ‌(14) - (1243) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌(15) - (1244) - بَابُ نَبِيذِ الْجَرِّ

- ‌(16) - (1245) - بَابُ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ

- ‌(17) - (1246) - بَابُ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ

- ‌(18) - (1247) - بَابُ الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ

- ‌(19) - (1248) - بَابُ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ

- ‌(20) - (1249) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ

- ‌(21) - (1250) - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1251) - بَابُ إِذَا شَرِبَ .. أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ

- ‌(23) - (1252) - بَابُ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(24) - (1253) - بَابُ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

- ‌(25) - (1254) - بَابُ الشُّرْبِ بِالْأَكُفِّ وَالْكَرْعِ

- ‌(26) - (1255) - بَابٌ: سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا

- ‌(27) - (1256) - بَابُ الشُّرْبِ فِي الزُّجَاجِ

- ‌كتاب الطب

- ‌(28) - (1257) - بَابٌ: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً

- ‌(29) - (1258) - بَابُ الْمَرِيضِ يَشْتَهِي الشَيْءَ

- ‌(30) - (1259) - بَابُ الْحِمْيَةِ

- ‌تتمة

- ‌(31) - (1260) - بَابٌ: لَا تُكْرِهُوا الْمَرِيضَ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(32) - (1261) - بَابُ التَّلْبِينَةِ

- ‌(33) - (1262) - بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(34) - (1263) - بَابُ الْعَسَلِ

- ‌(35) - (1264) - بَابُ الْكَمْأَةِ وَالْعَجْوَةِ

- ‌(36) - (1265) - بَابُ السَّنَى وَالسَّنُّوتِ

- ‌(37) - (1266) - بَابٌ: الصَّلَاةُ شِفَاءٌ

- ‌تتمة

- ‌(38) - (1267) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ

- ‌(39) - (1268) - بَابُ دَوَاءِ الْمَشْيِ

- ‌(40) - (1269) - بَابُ دَوَاءِ الْعُذْرَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الغَمْزِ

- ‌(41) - (1270) - بَابُ دَوَاءِ عِرْقِ النَّسَا

- ‌(42) - (1271) - بَابُ دَوَاءِ الْجِرَاحَةِ

- ‌(43) - (1272) - بَابُ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ

- ‌(44) - (1273) - بَابُ دَوَاءِ ذَاتِ الْجَنْبِ

- ‌(45) - (1274) - بَابُ الْحُمَّى

- ‌(46) - (1275) - بَابٌ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ

- ‌(47) - (1276) - بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌(48) - (1277) - بَابُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ

- ‌(49) - (1278) - بَابٌ: فِي أَيِ الْأَيَامِ يَحْتَجِمُ

- ‌(50) - (1279) - بَابُ الْكَيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(51) - (1280) - بَابُ مَنِ اكْتَوَى

- ‌(52) - (1281) - بَابُ الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ

- ‌(53) - (1282) - بَابُ مَنِ اكْتَحَلَ وِتْرًا

- ‌(54) - (1283) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُتَدَاوَي بِالْخَمْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(55) - (1284) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(56) - (1285) - بَابُ الْحِنَّاءِ

- ‌(57) - (1286) - بَابُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ

- ‌(58) - (1287) - بَابُ الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(59) - (1288) - بَابُ الْعَيْنِ

- ‌(60) - (1289) - بَابُ مَنِ اسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ

- ‌(61) - (1290) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌(62) - (1291) - بَابُ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ

- ‌(63) - (1292) - بَابُ مَا عَوَّذَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا عُوِّذَ بِهِ

- ‌(64) - (1293) - بَابُ مَا يُعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْحُمَّى

- ‌(65) - (1294) - بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ

- ‌(66) - (1295) - بَابُ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌(67) - (1296) - بَابُ النُّشْرَةِ

- ‌(68) - (1297) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(69) - (1298) - بَابُ قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ

- ‌(70) - (1299) - بَابُ مَنْ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ

- ‌(71) - (1300) - بَابُ الْجُذَامِ

- ‌(72) - (1301) - بَابُ السِّحْرِ

- ‌(73) - (1302) - بَابُ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ وَمَا يُتَعَوَّذُ مِنْهُ

الفصل: ‌(46) - (1275) - باب: الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء

(46) - (1275) - بَابٌ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ

(101)

- 3415 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؛

===

(46)

- (1275) - (باب: الحمى من فيح جهنم فابرُدوها بالماء)

(101)

- 3415 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة متقن له تصانيف كثيرة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحمى) بضم المهملة وفتح الميم المشددة وبالقصر (من فيح جهنم) أي: من سطوع حر جهنم وفورانها حقيقةً، أرسلت إلى الدنيا نذيرًا للجاحدين، وبشيرًا للمقرين؛ لأنها كفارة لذنوبهم، أو من باب التشبيه؛ أي: حرارتها شبيهة بحرارة جهنم، شبه اشتعال حرارة الطبيعة

ص: 276

فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ".

===

في كونها مذيبة للبدن ومعذبة له بنار جهنم؛ ففيه تنبيه للنفوس على شدة حر جهنم، أعاذنا الله منها ومن سائر المكاره في الدنيا والآخرة بمنه وكرمه آمين، والأول أولى.

قال الطيبي: ليست (من) هنا بيانية حتى يكون تنبيهًا؛ كقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (1) بل هي هنا: إما ابتدائية؛ أي: إن الحمى نشأت وحصلت من فيح جهنم وحرارتها، أو تبعيضية؛ أي: إن الحمى بعض من فيح جهنم وحرارتها، قال: ويدل على هذا التأويل ما في الصحيح: (اشتكت النار إلى ربها، فقالت: رب؛ أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين؛ نفس في الشتاء، ونفس في الصيف) وكما أن حرارة الصيف من فيحها .. كذلك الحمى.

(فابردوها) - بهمزة وصل وبضم الراء - يقال: بردت الحمى أبردها بردًا؛ من باب نصر: أسكنت حرارتها، وأطفأت لهبها؛ كما في الرواية الأخرى:(فاطفئوها بالماء) وقد أخطأ من قال: (فأبردوها) - بقطع الهمزة - وذكر النووي أنها لغة رديئة، وفي الرواية الأخرى:(فأطفئوها) بالهمزة رباعيًّا من أطفأ؛ أي: أزيلوا حرارتها (بالماء) أي: ببرودة الماء البارد.

واعلم: أن الحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلي جميع البدن؛ وهي قسمان:

1 -

عَرَضِيّةٌ؛ وهي الحادثة من ورم أو حركة أو إصابة حرارة الشمس أو القبض الشديد ونحوها.

2 -

ومَرَضيَّةٌ؛ وهي ثلاثة أنواع: وتكون عن مادة، ثم منها ما يسخن جميع

(1) سورة البقرة: (187).

ص: 277

(102)

- 3416 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،

===

البدن؛ فإن كان مبدأ تعلقها بالروح .. فهي حمى يوم؛ لأنها تقلع غالبًا في يوم، ونهايتها إلي ثلاث، وإن كان تعلقها بالأعضاء الأصلية .. فهي حمى دق، وهي أخطرها، وإن كان تعلقها بالأخلاط .. سميت: عَفنِيَّةً، وهي بعدد الأخلاط الأربعة، وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الإفراد والتركيب. انتهى من "الإرشاد".

قوله: "فيح جهنم" والفيح: شدة حرارتها، وأصله من فاحت القدر؛ إذا غلت، وقد يعبر عنه بالفور؛ كما جاء في الرواية الأخرى.

و(لفح النار) إصابة شدة حرها، و (جهنم) اسم علم من أسماء نار الآخرة، مؤنث معنىً، ولذلك لا ينصرف.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، باب الحمى من فيح جهنم، ومسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، ومالك في "الموطأ" في كتاب العين، باب الغسل بالماء في الحمى.

فدرجته: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(102)

- 3416 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).

ص: 278

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ،

فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ".

===

(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني أبي عثمان، ثقة ثبت متقن، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن شدة) حرارة (الحمى من فيح جهنم) أي: من غَلَيانِ حرارة جهنم، فإذا حصلت لأحدكم وأخذته .. (فابرُدوها) أي: فأطفئوا حرارتها وأزيلوها؛ كما تطفأ حرارة النار (بالماء) البارد.

قوله: "فأطفئوها" - بالهمزة في أوله رباعيًّا من أطفأ الرباعي؛ أي: أسكنوا حرارتها بالماء البارد.

قوله: "بالماء " ذكر المازري رحمه الله تعالى عن بعض أطباء عصره أنه حمل حديث الباب على الاغتسال، أو على الانغماس في الماء، وجعل يستهزئ بحديث الباب - والعياذ بالله - بأن الأطباء؛ أي: أطباء ذلك العصر مجمعون على أن اغتسال المحموم بالماء البارد مهلك.

ثم رد عليه المازري: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالاغتسال

ص: 279

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولا بالانغماس، وإنما قال: أبردوها بالماء، ولم يبين الصفة، فيمكن أن يراد به: رش الماء على جيب المحموم كما سيأتي في حديث أسماء بنت أبي بكر، وذكر في حديث أم سلمة أيضًا رضي الله عنهم.

ومن المعلوم: أن استعمال الماء بصور مختلفة حتى في صور الاغتسال أو السباحة. بما قد اعترف الأطباء قديمًا وحديثًا بأنه نافع في كثير من الحميات، وقد حقق كثير من الأطباء القدامى أن الماء البارد ينفع في كثير من أنواع الحمى؛ كحمى اليوم، وحمى الدق، والحميات الصفراوية.

وأما الطب الحديث .. فقد أجمع خبراؤه اليوم على أن استعمال الماء البارد من أقوى الوسائل تأثيرًا في إزالة الحمى، وأنهم يصفون للمحموم أن يرش الماء على جبينه، أو توضع خرقات مبلولة على جبينه، بل وأن يمسح جميع بدنه بمناشف مبلولة بماء مثلوج، وقد ثبتت هذه الطرق من أنفع المعالجات لإزالة فورة الحمى. انتهى من "الفتح"(10/ 176).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، باب الحمى من فيح جهنم، ومسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، والترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في تبريد الحمى بالماء، وقال: هذا حديث صحيح.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 280

(103)

- 3417 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَام، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

===

(103)

- 3417 - (3)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا مصعب بن المقدام) - بكسر الميم وسكون القاف - الخثعمي مولاهم أبو عبد الله الكوفي، صدوق له أوهام، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م ت س ق)، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: كوفي متعبد، وذكره ابن شاهين في "الثقات"، وقال ابن معين: صالح.

(حدثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي أبو يوسف الكوفي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة، مات سنة ستين، وقيل: سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وستين ومئة (162 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن سعيد بن مسروق) الثوري الكوفي والد سفيان، ثقة، من السادسة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن عباية) بفتح أوله والموحدة الخفيفة وبعد الألف تحتانية خفيفة (ابن رفاعة) بن رافع بن خديج الأنصاري الزرقي أبي رفاعة المدني، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن رافع بن خديج) بن عدي الأنصاري الأوسي الحارثي أبي عبد الله المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، أول مشاهده أحد ثم الخندق، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين (74 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

ص: 281

قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ"، فَدَخَلَ عَلَى ابْنٍ لِعَمَّارٍ فَقَالَ:"اكْشِفِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاس، إِلَهَ النَّاسِ".

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) رافع بن خديج: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول: الحمى من فيح جهنم) أي: من شدة غليانها؛ والمراد: أنها قطعة من النار الشديدة في شدة الغليان على بدن الإنسان، إذا أخذتكم أيها المحمومون .. (فابرُدوها) أي: فاطفئوا عنكم حرارتها (بالماء) البارد، قال القاضي: تبريدها بالماء على أصل الطب، وهي معارضة الشيء بضده.

قوله: "من فيح جهنم" - بفتح الفاء وسكون الياء بعدها مهملة - وفي رواية: (الحمى فور من النار) - بفتح الفاء وسكون الواو وبالراء آخره - وفي أخرى: (من فوح جهنم) - بالواو بدل الياء التحتانية - قال الحافظ: كلها بمعنىً؛ والمراد: سطوع حرها ووهجه.

قال رافع بن خديج: (فدخل) النبي صلى الله عليه وسلم (على ابنٍ لعمار) بن ياسر وهو محموم، فدعا له بالشفاء (فقال) في دعائه له:(اكشف الباس) أي: أذهب البأس والضرر والمرض عن هذا الولد يا (رب الناس) ويا مَالِكَهُمْ ويا (إله الناس) ومعبودهم.

وعمار هذا؛ هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك العنسي - بنون ساكنة بين مهملتين - أبو اليقظان، مولي بني مخزوم، صحابي فاضل مشهور رضي الله تعالى عنه، من السابقين الأولين، بدري قتل مع علي في صفين سنة سبع وثلاثين (37 هـ). يروي عنه:(ع).

واسم ابنه: محمد بن عمار بن ياسر العنسي - بالنون - مولى بني مخزوم،

ص: 282

(104)

- 3418 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِر، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ

===

مقبول، من الثالثة، قُتِلَ دُونَ المئة بعد الستين من الهجرة، وهذا الابن إن ثبت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم عليه .. فهو صحابي.

وهذه الجملة زيادة شاذة انفرد بها ابن ماجه، فهي ضعيفة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، باب الحمى، ومسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء، والترمذي في كتاب الطب، باب في تبريد الحمى بالماء البارد، وأحمد في "مسنده".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة بحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(104)

- 3418 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن هشام بن عروة) ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن) زوجته (فاطمة بنت المنذر) بن الزبير بن العوام، ثقة، من الثالثة. يروي عنها:(ع).

(عن) جدتها (أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله تعالى عنهما.

ص: 283

أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَدْعُو بِالْمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِي جَيْبِهَا وَتَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ"، وَقَالَ:"إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ".

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أنها) أي: أن أسماء (كانت تؤتى) وتجاء - بالبناء للمجهول - (بالمرأة الموعوكة) أي: المحمومة المضطربة لشدة حرارة الحمى بها، يقال: وُعك المرء - بالبناء للمفعول - إذا أصابته الحمى (فتدعو) أسماء (بالماء) البارد (فتصبه) أي: ذلك الماء (في جيبها) أي: في جيب المرأة الموعوكة؛ والجيب - بفتح الجيم وسكون الياء -: هو ما ينفتح من القميص من النحر إلى أسفل الصدر.

(وتقول) أسماء إذا سئلت عن سبب ذلك الصب: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابرُدُوها) أمر؛ من برد الثلاثي؛ من باب نصر؛ أي: أطفئوا حرارة تلك الحمى (بالماء) البارد (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: (إنها) أي: إن شدة حرارة الحمى قطعة (من فيح جهنم) أي: من شدة حرارة جهنم، وهذا الذي فعلته أسماء طريق من طرق العمل بأحاديث الباب، وقد ثبتت فائدته بالتجربة الحديثة عند أطباء العصر الحديث، ولا شك في صحة ما قاله صلى الله عليه وسلم من أن الحمى تعالج بالماء البارد، ولكن الذي ينبغي لكل أحد في وقائع جزئية أن يرجع إلي طبيب حاذق؛ ليعالج مرضه في ضوء مواصفاته الشخصية؛ لأن المعالجات تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال.

قوله: "فابردوها" - بهمزة وصل في أوله وضم الراء - على أنه أمر؛ من برد يبرد؛ من باب نصر، وهو الضبط الراجح الذي اختاره النووي، والقاضي عياض والقرطبي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم.

ص: 284

(105)

- 3419 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى،

===

وقيل: إنه بهمزة قطع مفتوحة وراء مكسورة؛ من أبرد الرباعي، ولكن ذكر النووي وغيره عن الجوهري أنها لغة رديئة، بل خطَّأَ القرطبي هذا الضبط باتًا، فلا شك أن الأفصح هو الأول، ويقول الحماسي:

إذا وجدتُ لَهيبَ الحُبِّ في كَبدِي

أقبلْتُ نحوَ سِقاء القومِ أبتردُ

هَبْنِي بَردْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهره

فمن لنارٍ على الأَحشَاءِ تتَّقِدُ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، باب الحمى من فيح جهنم، ومسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء، والترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في تبريد الحمى بالماء، وأحمد في "مسنده".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(105)

- 3419 - (5)(حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف) الباهلي البصري الجوباري - بجيم مضمومة وواو ساكنة ثم موحدة - صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م دت ق).

(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي - بالمهملة - البصري أبو محمد، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 285

عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ كِيرِ جَهَنَّمَ، فَنَحُّوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ".

===

(عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري، ثقة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن الحسن) بن أبي الحسن يسار البصري الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمى) أي: شدة حرارتها (غير من غير جهنم) الكير - بكسر الكاف وسكون الياء -: زق ينفخ فيه الحداد؛ أي: حرارتها تنفخ من نار جهنم؛ أي: منفوخ بها من نار جهنم (فنحوها) أي: فأبعدوها وأزيلوها (عنكم) أي: عن أجسادكم (بالماء البارد) أي: بصب الماء البارد على أجسادكم.

والمعنى: حرارة الحمى منفوخة من حرارة جهنم على أهل الدنيا بكير القدرة وزقها؛ لتكون طهرة للمؤمن، وعذابًا للكافر والمنافق، فنحوها عنكم؛ أي: فأبعدوا تلك الحرارة عن أجسادكم بالماء البارد؛ لأن الشيء يدافع بضده؛ مأخوذ من التنحية، يقال: نحى الشيء عن موضعه؛ إذا أزاله وأبعده.

ص: 286

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه؛ ولكن أصله في "الصحيحين": في "البخاري" من حديث رافع بن خديج وأسماء بنت أبي بكر، وفي "مسلم": من حديث عائشة وابن عمر.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ ولأن له شواهد مما ذكر وغيره، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

فالأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

وكلها صحاح.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 287