الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(28) - (1257) - بَابٌ: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً
(66)
- 3380 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ
===
والطب نوعان:
طب القلوب؛ ومعالجتها بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله.
وطب الأبدان؛ وهو المراد به هنا، ومنه: ما جاء عن الشارع صلوات الله وسلامه عليه، ومنه ما جاء عن غيره، وأكثره عن التجربة؛ وهو قسمان:
ما لا يحتاج إلى فكر ولا نظر؛ كدفع الجوع والعطش.
وما يحتاج إليهما؛ كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال، مما تفصيله في كتب القوم، فلا نطيل الكلام بذكره.
(28)
- (1257) - (باب: ما أنزل الله داءً .. إلا أنزل له شفاء)
(66)
- 3380 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
كلاهما (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة) ثقة إمام، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن زياد بن علاقة) - بكسر المهملة وبالقاف - الثعلبي - بالمثلثة - أبو مالك الكوفي، من الثالثة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أسامة بن شريك) الثعلبي - بالمثلثة والمهملة - الصحابي الفاضل
قَالَ: شَهِدْتُ الْأَعْرَابَ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ فَقَالَ لَهُمْ: "عِبَادَ اللهِ؛ وَضَعَ اللهُ الْحَرَجَ إِلَّا مَنِ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا،
===
رضي الله تعالى عنه، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة على الصحيح. يروي عنه:(عم).
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أسامة: (شهدت) أي: حضرت (الأعراب) وهم سكان البادية؛ أي: حضرت وقت حضورهم عند النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونهم (يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور أشكل عليهم، فقالوا في أسئلتهم: (أعلينا) أي: هل علينا (حرج) وذنب (في) التداوي بـ (كذا) كالحجامة من الصداع؟ (أعلينا حرج) أي: هل علينا حرج ومؤاخذة (في) التداوي بـ (كذا) كالسعوط والحقنة والكي بالنار وشرب العسل مثلًا؟
(فقال لهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب أسئلتهم:
يا (عباد الله؛ وضع الله الحرج) أي: رفع الله الحرج والإثم والمؤاخذة في ارتكاب ما ذكرتم من التداوي وغيره، كالاجتماع في النادي للمحادثة والمضاحكة والمداعبة (إلا) محادثة (من اقترض) واقتطع وأكل واغتاب وطعن (من عرض أخيه) المسلم (شيئًا) من الاغتياب قليلًا كان أو كثيرًا، والعرض: موضع المدح أو الذم من الإنسان؛ أي: إلا محادثة من ذكر أخاه المسلم في غيبته بما يكرهه من السوء؛ فإنه لا يضعه ولا يسقطه عنه، بل يؤاخذه ويعاقبه عليه؛ لأنه كمن أكل لحمه وهو حي.
قال السندي: والمعنى: وضع الحرج وأسقطه عَمَّنْ فَعلَ شيئًا مما ذكرتموه إلا ذنب من اقترض واقتطع لحم أخيه باغتيابه في حال غيبته؛ بسبه أو إيذائه في
فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ أَلَّا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: "تَدَاوَوْا عِبَادَ اللهِ؛ فَإنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً .. إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ؟ قَالَ:
===
نفسه؛ فإنه لا يسقطه عنه ولا يتركه، بل يعاقبه عليه في الآخرة إلا أن استعفاه في الدنيا قبل موته.
عبر عن الاغتياب بالاقتراض؛ لأنه يسترد منه ويستوفي جزائه في الآخرة؛ كما يستوفي المقرضُ في الدنيا بدلَ قرضه من المقترض.
(فذاك) الذي اقترض وأكل من لحم أخيه في المحادثة هو (الذي حرج) - بوزن فَرِحَ - أي: ارتكب الحرج والذنب فيؤاخذ باغتيابه ويعاقب عليه في الآخرة إن لم يستعفه في الدينا ولم يستحله (فقالوا) أي: قال أولئك الأعراب: (يا رسول الله؛ هل علينا جناح) وذنب (ألا نتداوى؟ )، ولفظة (لا) في قوله (ألَّا): زائدة؛ أي: هل علينا ذنب في مداوتنا من المرض؟ لأن زيادتها هو الذي يقتضيه المقام؛ لأن سؤالهم عن الذنب في فعل شيء لا في تركه؛ لأنه من المعلوم أن المباح ليس في تركه حرج؛ لأنه هو الذي يقتضيه جوابه لهم بما سيذكر بعد، فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تداووا) وتعالجوا من أمراضكم يا (عباد الله؛ فإن الله سبحانه) وتعالى (لم يضع) أي: لم ينزل في الأرض (داء) أي: مرضًا (إلا وضع) وأنزل (معه) أي: مع ذلك الداء (شفاء) أي: ما هو شفاء ودواء له (إلا الهرم) والخرف؛ وهو بلوغ العبد نهاية سن الكبر حتى اختل عقله، واختلط كلامه، فلا يميز بين الليل والنهار.
و(قالوا) أيضًا في سؤاله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ ما خير) وأفضل (ما أعطي) ورزق (العبد) من فضله وإحسانه تعالى (قال)
"خُلُقٌ حَسَنٌ".
===
رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم هذا: خير ما أعطي العبد من ربه (خلق حسن) يعامل به مع الله تعالى معاملةً حسنةً؛ بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، ومع خلقه؛ بحسن المعاشرة معهم؛ بأن يوقر الكبير ويرحم الصغير، ويكافئ محسنهم، ويصفح عن مسيئهم.
قوله: (فقالوا: يا رسول الله؛ هل علينا جناح ألا نتداوى؟ ) ويدل على أن (لا) زائدة كما قلنا آنفًا في حلنا رواية أبي داوود: (فقالوا: يا رسول الله؛ أنتداوى؟ ) بلا ذكر (لا) النافية مع ذكر همزة الاستفهام.
ورواية الترمذي: (يا رسول الله؛ ألا نتداوى؟ ) بـ (ألا) الاستفتاحية؛ أي: أنطلب الدواء والعلاج لمرضنا ودائنا إذا عرض لنا الداء؟
(قال: "تداووا") أي: تعالجوا من أمراضكم، فيه إثبات الطب والعلاج، وأن التداوي مباح غير مكروه؛ كما قاله بعض الناس.
قال في "فتح الودود": الظاهر أن الأمر للإباحة والرخصة، وهو الذي يقتضيه المقام؛ فإن السؤال كان عن الإباحة قطعًا، فالمتبادر من جوابه أنه بيان للإباحة، ويفهم من كلام بعضهم أن الأمر للندب، وهو بعيد؛ فقد ورد مدح من ترك الدواء والاسترقاء توكلًا على الله تعالى.
نعم؛ قد تداوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانًا للجواز، فمن نوى موافقته صلى الله عليه وسلم .. يؤجر على ذلك. انتهى منه.
قوله: (إن الله لم يضع) أي: لم يخلق (داء) أي: مرضًا وجمعه أدواء .. (إلا وضع) وخلق (له) أي: لذلك الداء (شفاء) أي: دواءً شافيًا بجري العادة الإلهيةَ (إلا الهرم) - بفتحتين - وهو كبر السن، يقال: هرم؛ من باب طرب يهرم - بالفتح - إذا كبر سنه، وعدَّهُ من الأسقام وإن لم يكن منها؛ لأنه من أسباب
(67)
- 3381 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاح، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،
===
الهلاك ومقدماته، كالداء، أو لأنه يفتر البدن عن القوة والاعتدال؛ كالداء.
قال الخطابي: جعل الهرم داءً، وإنما هو ضعف الكبر، وليس هو من الأدواء التي هي أسقام عارضة للأبدان من قبل اختلاف الطبائع وتغير الأمزجة، وإنما شبهه بالداء؛ لأنه جالب التلفِ والأدواءِ التي يعقبها الموت والهلاك. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".
وقال العيني: فيه إباحة التداوي وجواز الطب، وهو رد على الصوفية في قولهم: إن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، ولا يجوز له مداواته، وهو خلاف ما أباحه الشارع. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطب، باب الرجل يتداوى، والترمذي في كتاب الطب، باب الدواء والحث عليه، والحاكم في كتاب العلم، وقال: صحيح، والبيهقي في كتاب الضحايا، باب ما جاء في إباحة التداوي والخطيب أيضًا.
ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أسامة بن شريك بحديث يعمر بن الحارث رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(67)
- 3381 - (2)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(أنبأنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي، ثقة حجة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي خِزَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا، وَرُقىً نَسْتَرْقِي بِهَا، وَتُقىً نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ شَيْئًا؟ .
===
(عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب المدني، ثقة متقن، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن ابن أبي خزامة) قال الترمذي: ابن أبي خزامة مجهول لم يرو عنه غير الزهري، والصواب - كما في "الترمذي" -: عن الزهري عن أبي خزامة - بزاي قبلها كسرة - زيد بن يعمر بن الحارث بن سعد بن هذيم، كذا جاء مصرحًا به في رواية الحاكم في "المستدرك" لهذا الحديث من طريق الزهري عن أبي خزامة عن أبيه.
وقال مسلم في الطبقة الأولى من أهل المدينة في التابعين: أبو خزامة بن يعمر - بفتح التحتانية وسكون المهملة - صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(ت ق).
(عن أبيه) يعمر بن الحارث السعدي الصحابي رضي الله تعالى عنه، له حديث واحد في الرقى. يروي عنه:(ت ق).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن أبا خزامة مختلف فيه.
(قال) يعمر بن أبي خزامة: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: سأله بعض الصحابة عن التداوي والرقى والتقى، فقالوا له: (أرأيت) أي: أخبر لنا (أدويةً نتداوى بها) أي: أخبرنا عن أدوية نتداوى بها (و) عن (رقىً نسترقي بها) أي: نعالج بها (و) عن (تقىً نتقيها) أي: نجعلها وقاة لنا من الأعداء (هل ترد) وتدفع عنا (من قدر الله) وقضائه (شيئًا؟ )
قَالَ: "هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ".
===
فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم: (هي) أي: رد ما ذكر ما تخافون عنكم عند حصولها (من قدر الله) وقضائه؛ يعني: أنه تعالى قدر الأسباب التي هي التداوي والرقى والتقى والمسببات التي هي الشفاء والحفظ والسلامة، وربط حصول المسببات التي هي الشفاء وما بعده؛ أي: علق حصولها بحصول الأسباب التي هي التداوي والاسترقاء، فحصول المسببات التي هي الشفاء وما بعده عند حصول الأسباب التي هي التداوي من قدر الله تعالى؛ أي: فحصول المسببات عند حصول الأسباب نفس ما قدره ويقضيه؛ فهي ترد عنكم ما تخافون.
وقوله: (ورقىً) - بضم الراء والقصر - جمع رقية؛ وهي ما يقرأ من الدعاء لطلب الشفاء.
وقوله: (وتقىً) بوزن رقىً، جمع تقاة، وأصلها: وقاة، قلبت الواو تاء فصار تقاة؛ لأنه من وقى يقي وقاية؛ وهي ما يلجأ إليه الناس عند الخوف من الأعداء؛ كالسلاح والحصون والكهوف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في الرقى والأدوية، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن، ولا يعارض هذا الحديث ما رواه الترمذي في كتاب القدر، باب لا ترُدُّ الرُّقى والدواءُ من قدر الله شيئًا؛ لأن في إسناده صالح بن أبي الأخضر، وهو مختلف فيه.
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أسامة بن شريك.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أسامة بن شريك بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(68)
- 3382 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً
===
(68)
- 3382 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عطاء بن السائب) بن مالك أبي محمد، ويقال: أبو السائب الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، ولكن روى عنه سفيان قبل الاختلاط، فهو ثقة، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(عن أبي عبد الرحمن) السلمي، اسمه عبد الله بن حُبَيِّبٍ - بالتصغير - ابن رُبَيِّعةَ - بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد الياء المكسورة مصغرًا - الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته ولأبيه صحبة، ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد السبعين، وقال ابن قانع: مات سنة خمس وثمانين (85 هـ)، وله تسعون سنة، وقال العجلي: تابعي كوفي ثقة. يروي عنه: (ع).
(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي صاحب النعلين رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله) وخلق (داءً) أي: مرضًا
إِلَا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً".
(69)
- 3383 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ،
===
(إلا أنزل) وخلق (له) أي: لذلك الداء (دواء) شافيًا له بفضله وكرمه ومنه عز وجل.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو داوود الطيالسي عن المسعودي، ورواه الحميدي في "مسنده" وسياقه أتم، وكذا ابن أبي عمر في "مسنده" عن سفيان به، وكذا أبو يعلى الموصلي، ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق عطاء بن السائب، وقال: صحيح الإسناد، وله شاهد من حديث أبي هريرة في "البخاري" وغيره، وسيأتي للمؤلف بعد هذا الحديث.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أسامة بن شريك بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(69)
- 3383 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإبراهيم بن سعيد الجوهري) أبو إسحاق الطبري نزيل بغداد، ثقة حافظ تُكلِّم فيه بلا حجة، من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(م عم).
(قالا: حدثنا أبو أحمد) الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي الزبيري الكوفي، ثقة ثبت إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمر بن سعيد بن أبي حسين) النوفلي المكي، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(خ م ت س ق).
حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً".
===
(حدثنا عطاء) بن أبي رباح أسلم القرشي مولاهم، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة أربع عشرة ومئة (114 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنزل الله) وخلق (داء) أي: مرضًا .. (إلا أنزل) وخلق (له شفاء) أي: دواءً شافيًا مزيلًا له بإذن الله وإرادته تعالى، قال في "الكواكب": ما أصاب الله أحدًا بداء .. إلا قَدَّر له دواءً، أو المراد بإنزاله: إنزال الملائكة الموكلين بمباشرة مخلوقات الأرض من الدواء والداء. انتهى.
فعلى الأول: المراد بالإنزال: التقدير، وعلى الثاني: إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي مثلًا، أو إلهام بغيره. انتهى من "الإرشاد".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء .. إلا أنزل له دواء، والحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم