الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) - (1236) - بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ
(12)
- 3326 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِي بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتِ الآياتُ مِنْ آخِرِ (سُورَةِ الْبَقَرَةِ) فِي الرِّبَا.
===
(7)
- (1236) - (باب التجارة في الخمر)
(12)
- 3326 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(قالا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم التميمي الضرير الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن مسلم) بن صبيح - مصغرًا - الهمداني أبي الضحى الكوفي العطار، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وستين (63 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في) ذم (الربا)
خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.
===
والنهي عنه؛ تعني: قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} الآيات (1).
(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجرته إلى المسجد؛ كما هو مصرح به في بعض روايات مسلم، وفي رواية مسلم زيادة: (فاقترأهن) أي: قرأ تلك الآيات (على الناس) فاقترأ هنا لمبالغة معنى الثلاثي (ثم) بعد نزول تلك الآيات (نهى) رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي تحريم (عن التجارة في الخمر) كما قال المؤلف (فحرم التجارة في الخمر) تنبيهًا على أنهما في الحرمة سواء. انتهى "سندي".
لأنها نجسة العين، فلا يصح بيعها؛ لعدم ماليتها، لكن تحريم الخمر - كما في "النووي" نقلًا عن القاضي - هو في سورة المائدة بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
…
} الآية إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (2)، وهي نزلت قبل آية الربا بمدة طويلة؛ فإن آية الربا آخر ما نزل، أو من آخر ما نزل، فيحتمل: أن يكون هذا النهي عن التجارة فيها متأخرًا عن تحريمها، ويحتمل: أنه أخبر بتحريم التجارة حين حرمت الخمر، ثم أخبر به مرةً أخرى بعد نزول آية الربا توكيدًا ومبالغةً في إشاعته، ولعله حضر المجلس من لم يكن بلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك، والله أعلم. انتهى "نووي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب
(1) سورة البقرة: (275 - 281).
(2)
سورة المائدة: (90 - 91).
(13)
- 3327 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَمُرَةَ
===
تحريم التجارة في الخمر في المسجد، وفي كتاب البيوع، باب آكل الربا وشاهده وكاتبه، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في ثمن الكلب والميتة، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع الخمر.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(13)
- 3327 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن طاووس) بن كيسان الحميري مولاهم اليماني، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة ست ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (قال) ابن عباس: (بلغ عمر) بن الخطاب في زمن خلافته رضي الله تعالى عنه.
(أن سمرة) بن جندب بن هلال الفزاري حليف الأنصار الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، له أحاديث، مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين (58 هـ).
بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ: قَاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ؛
===
يروي عنه: (ع)(باع خمرًا، فقال) عمر.
فالحديث من مسند عمر، فيكون سنده من سداسياته؛ لأنه من رواية عمر عن النبي، وفيه رواية صحابي عن صحابي، وتابعي عن تابعي.
واختلف العلماء في كيفية بيع سمرة بن جندب الخمر على أربعة أقوال:
الأول: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك، حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجحه.
والثاني: أنه باع العصير ممن يتخذه خمرًا، والعصير يسمى خمرًا؛ كما قد يسمى العنب به؛ لأنه يؤول إليه.
والثالث: أنه خلل الخمر، ثم باع الخل معتقدًا جوازه؛ كما هو مذهب أبي حنيفة، وأما إنكار عمر ذلك على سمرة .. فيمكن أنه لا يجوز التخليل عنده؛ كما هو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.
والرابع: أن سمرة علم بتحريم الخمر، ولم يعلم تحريم بيعها، ولذلك اقتصر عمر رضي الله تعالى عنه على ذمه دون عقوبته، وقد رجح القرطبي وابن الجوزي الوجه الأول، ثم ذكر ابن الجوزي أن سمرة كان واليًا لعمر على البصرة، ولكن رد عليه الحافظ في "الفتح"(4/ 344) بأن سمرة إنما ولي على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بعد عمر بدهر، وولاة البصرة لعُمر قد ضُبطوا، وليس منهم سمرة، ويمكن أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية، والله أعلم. هذا ملخص ما في "فتح الباري".
فقال عمر: (قاتل الله سمرة) قال ابن الأثير: في "جامع الأصول"(1/ 451) أي: قتله، وهو في الأصل: فَاعَلَ من القتل، ويستعمل في الدعاء على الإنسان، وقيل: معناه: عاداه الله، والأصل: الأول.
أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا".
===
قلت: وربما تطلق هذه الكلمة ولا يراد بها معناها الأَصْلِيُّ، ولا الدعاء على الإنسان، وإنما تطلق على طريق البساطة في الكلام؛ كقولهم: تربت يمينك، وتربت يداك، وويحك، وويلك، فالظاهر أن عمر رضي الله تعالى عنه إنما أطلقها بهذا الطريق، ولم يرد بها الدعاء حقيقةً، وهو الظن بالصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
(ألم يعلم) سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله) تعالى (اليهود) وطردهم من رحمته (حرمت عليهم الشحوم) أي: شحوم الميتة (فجملوها) أي: أذابوها (فباعوها) يعني: بالحيلة المذكورة من إذابة الشحم؛ ليزول عنه اسم الشحم؛ لأنه يسمى حينئذٍ ودكًا، فأكلوا أثمانها.
قال ابن الأثير: وجمل في هذا المعنى أفصح من أجمل، وذكره العيني، قال الشاعر:
قد كنت قدمًا مثريًا متمولًا
…
متجملًا متعففًا متدينا
فالآن صرت وقد عدمت تمولي
…
متجملًا متعففًا متدينا
أي: كنت ذا ثروةٍ وزينةٍ وعفةٍ وديانةٍ، فصرت آكل شحم مذابٍ، وشارب عُفَافةٍ؛ وهي - بالضم -: بقية ما في الضرع من اللبن، وذا دين. انتهى من بعض الهوامش.
قال أبو عبيد: يقال: جملت؛ من باب فصر، وأجملت؛ من باب أفعل، واجتملت؛ من باب افتعل، كلها بمعنى: الإذابة. انتهى من "الكوكب".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال السندي: قوله: (أن سمرة باع خمرًا) الظاهر أنه باعها؛ لعدم علمه بالحديث، قوله:(قاتل الله سمرة) ليس المراد به: اللعن، وإنما المراد به: إظهار الغضب للتنبيه على أنه جهل في غير محله (فجملوها) أي: أذابوها؛ يقال: جمل الشحم؛ من باب نصر، وأجمله؛ إذا أذابه واستخرج دهنه.
قال الخطابي: أذابوها حتى تصير ودكًا، فينفك عنها اسم الشحم، وفي هذا إبطال كل حيلة يتوصل بها إلى محرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغيير هيئته وتبديل اسمه.
قوله: (فجملوها فباعوها وأكلوا أثمانها) بالحيلة المذكورة من إذابة الشحم، واستدل به من حرم استعمال الحيل مطلقًا، والحق - كما قال الألوسي في "روح البيان" (23/ 209) تحت قوله تعالى:{فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} - أن الحيلة إذا أوجبت إبطال حكمة شرعية .. لا تقبل؛ كحيلة سقوط الزكاة وسقوط الاستبراء، وأما إذا توصل بها الرجل إلى ما يجوز فعله، أو دفع المكروه بها عن نفسه أو عن غيره .. فلا بأس بها.
وقال السرخسي رحمه الله تعالى في كتاب الحيل من "المبسوط"(20/ 210): فالحاصل: أن ما يتخلص به الرجل من الحرام، أو يتوصل إلى الحلال من الحيل .. فهو حسن، وإنما يكره ذلك أن يحتال في حق الرجل حتى يبطله، أو في باطل حتى يموهه، أو في حق حتى يدخل فيه شبهه؛ فما كان على هذا الطريق .. فهو مكروه، وما كان على السبيل الذي قلنا أولًا .. فلا بأس به، واستدل على جواز الحيلة المشروعة بقوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (1)؛ فإن ذلك تعليم حيلة، وبقوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ
(1) سورة ص: (44).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} (1)؛ فإنه حيلة، وجاء السرخسي بعدة أحاديث وآثار تدل على جوازها.
وقال صاحب "التكملة": ومن أقوى ما يدل على جواز الحيلة المشروعة ما أخرجه الشيخان والنسائي عن أبي سعيد وأبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلًا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال:"أكل تمر خيبر هكذا؟ " قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، قال:"لا تفعل ذلك، ولكن بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا" كما ذكره مسلم في باب بيع الطعام مثلًا بمثل، وإنما هو تعليم حيلة للتوصل إلى طريق حلال، فما كان هذا القبيل .. فهو جائز قطعًا، وأما حيلة اليهود في تحليل السبت وبيع الشحوم وأكل ثمنها .. فكانت من قبيل إبطال الحكمة الشرعية؛ فإن الشريعة قصدت منعهم عن الصيد يوم السبت وعن أكل الشحوم وبيعها، ففعلوا ما حصل منه ذلك بعينه، وإنما غيروا الطريق أو التعبير، وقدمنا أن مجرد تغيير الاسم لا يؤثر في حل الشيء وحرمته حتى تتغير حقيقته، فمن أجل ذلك عابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وزاد أبو داوود وأحمد في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قوله: (وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء .. حرم عليهم ثمنه) فاستدل به من حرم بيع كل محرم الأكل.
وأجاب عنه المارديني في "الجوهر النقي": (إذا حرم أكل شيء .. حرم ثمنه) خرج على شحوم الميتة التي حرم أكلها والانتفاع بشيء منها، وكذا الخمر، أي: إذا حرم أكل شيء ولم يبح الانتفاع به .. حرم ثمنه، ولم يعن ما
(1) سورة يوسف: (70).