المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(72) - (1301) - باب السحر - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأشربة

- ‌(1) - (1230) - بَابٌ: الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

- ‌(2) - (1231) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا .. لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

- ‌(3) - (1232) - بَابُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ

- ‌(4) - (1233) - بَابٌ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ .. لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ

- ‌(5) - (1234) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ

- ‌(6) - (1235) - بَابُ لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ

- ‌(7) - (1236) - بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (1237) - بَابُ الْخَمْرِ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا

- ‌تتمة

- ‌(9) - (1238) - بَابٌ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

- ‌ملحقة

- ‌(10) - (1239) - بَابٌ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ .. فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ

- ‌(11) - (1240) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ

- ‌(12) - (1241) - بَابُ صِفَةِ النَّبِيذِ وَشُرْبِهِ

- ‌(13) - (1242) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ

- ‌(14) - (1243) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌(15) - (1244) - بَابُ نَبِيذِ الْجَرِّ

- ‌(16) - (1245) - بَابُ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ

- ‌(17) - (1246) - بَابُ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ

- ‌(18) - (1247) - بَابُ الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ

- ‌(19) - (1248) - بَابُ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ

- ‌(20) - (1249) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ

- ‌(21) - (1250) - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1251) - بَابُ إِذَا شَرِبَ .. أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ

- ‌(23) - (1252) - بَابُ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(24) - (1253) - بَابُ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

- ‌(25) - (1254) - بَابُ الشُّرْبِ بِالْأَكُفِّ وَالْكَرْعِ

- ‌(26) - (1255) - بَابٌ: سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا

- ‌(27) - (1256) - بَابُ الشُّرْبِ فِي الزُّجَاجِ

- ‌كتاب الطب

- ‌(28) - (1257) - بَابٌ: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً .. إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً

- ‌(29) - (1258) - بَابُ الْمَرِيضِ يَشْتَهِي الشَيْءَ

- ‌(30) - (1259) - بَابُ الْحِمْيَةِ

- ‌تتمة

- ‌(31) - (1260) - بَابٌ: لَا تُكْرِهُوا الْمَرِيضَ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(32) - (1261) - بَابُ التَّلْبِينَةِ

- ‌(33) - (1262) - بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(34) - (1263) - بَابُ الْعَسَلِ

- ‌(35) - (1264) - بَابُ الْكَمْأَةِ وَالْعَجْوَةِ

- ‌(36) - (1265) - بَابُ السَّنَى وَالسَّنُّوتِ

- ‌(37) - (1266) - بَابٌ: الصَّلَاةُ شِفَاءٌ

- ‌تتمة

- ‌(38) - (1267) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ

- ‌(39) - (1268) - بَابُ دَوَاءِ الْمَشْيِ

- ‌(40) - (1269) - بَابُ دَوَاءِ الْعُذْرَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الغَمْزِ

- ‌(41) - (1270) - بَابُ دَوَاءِ عِرْقِ النَّسَا

- ‌(42) - (1271) - بَابُ دَوَاءِ الْجِرَاحَةِ

- ‌(43) - (1272) - بَابُ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ

- ‌(44) - (1273) - بَابُ دَوَاءِ ذَاتِ الْجَنْبِ

- ‌(45) - (1274) - بَابُ الْحُمَّى

- ‌(46) - (1275) - بَابٌ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ

- ‌(47) - (1276) - بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌(48) - (1277) - بَابُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ

- ‌(49) - (1278) - بَابٌ: فِي أَيِ الْأَيَامِ يَحْتَجِمُ

- ‌(50) - (1279) - بَابُ الْكَيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(51) - (1280) - بَابُ مَنِ اكْتَوَى

- ‌(52) - (1281) - بَابُ الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ

- ‌(53) - (1282) - بَابُ مَنِ اكْتَحَلَ وِتْرًا

- ‌(54) - (1283) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُتَدَاوَي بِالْخَمْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(55) - (1284) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(56) - (1285) - بَابُ الْحِنَّاءِ

- ‌(57) - (1286) - بَابُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ

- ‌(58) - (1287) - بَابُ الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الْإِنَاءِ

- ‌(59) - (1288) - بَابُ الْعَيْنِ

- ‌(60) - (1289) - بَابُ مَنِ اسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ

- ‌(61) - (1290) - بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌(62) - (1291) - بَابُ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ

- ‌(63) - (1292) - بَابُ مَا عَوَّذَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا عُوِّذَ بِهِ

- ‌(64) - (1293) - بَابُ مَا يُعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْحُمَّى

- ‌(65) - (1294) - بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ

- ‌(66) - (1295) - بَابُ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌(67) - (1296) - بَابُ النُّشْرَةِ

- ‌(68) - (1297) - بَابُ الاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ

- ‌(69) - (1298) - بَابُ قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ

- ‌(70) - (1299) - بَابُ مَنْ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ

- ‌(71) - (1300) - بَابُ الْجُذَامِ

- ‌(72) - (1301) - بَابُ السِّحْرِ

- ‌(73) - (1302) - بَابُ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ وَمَا يُتَعَوَّذُ مِنْهُ

الفصل: ‌(72) - (1301) - باب السحر

(72) - (1301) - بَابُ السِّحْرِ

(175)

- 3489 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ،

===

(72)

- (1301) - (باب السحر)

(175)

- 3489 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة متقن له تصانيف، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م دس ق).

(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن هشام) بن عروة بن الزبير القرشي الأسدي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عروة بن الزبير، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات حفاظ.

(قالت) عائشة: (سحر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء الفعل للفاعل، ونصب (النبي) على أنه مفعول مقدم على فاعله؛ للاهتمام والاعتناء به (يهودي) فاعل مؤخر للاستهجان والاستقباح له؛ أي: صنع بالنبي صلى الله عليه وسلم يهودي (من يهود) المدينة من (بني زريق، يقال له: لبيد بن الأعصم) أي: يسمى بهذا الاسم.

ص: 478

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإن قلت: قد صرح الراوي في هذه الرواية بأنه كان يهوديًّا، وقد وقع في رواية لابن عيينة عند البخاري (5765):(رجل من بني زريق حليف ليهود، كان منافقًا)، وبين الروايتين معارضة، فكيف الجمع بينهما؟

قلت: جمع بينهما الحافظ في "الفتح" بأن من أطلق أنه يهودي. . نظر إلى ما في نفس الأمر، ومن أطلق عليه منافقًا. . نظر إلى ظاهر أمره، ويحتمل أنه قيل له: يهودي؛ لكونه من حلفائهم لا أنه كان على دينهم.

وبنو زُريق بطن من الأنصار مشهور من الخزرج، وكان بين كثير من الأنصار واليهود حِلْفٌ وإخاء قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام. . تبرأ الأنصار منهم، وقد أخرج البيهقي في "دلائل النبوة" (7/ 92) من طريق عمرة عن عائشة قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه، يقال له: لبيد بن أعصم، وكان تعجبه خدمته، فلم تزل به يهود حتى سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

وقد بين الواقدي السنة التي وقع فيها السحر فيما أخرجه عنه ابن سعد بسند له إلى عمر بن الحكم مرسلًا، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة، ودخل المحرم من سنة سبع. . جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم، وكان حليفًا في بني زريق، وكان ساحرًا، فقالوا له: يا أبا الأعصم؛ أنت أَسْحَرُنَا، وقد سحرنا محمد، فَلِمَ لا تصنعُ شيئًا ونحن نجعل لك جُعلًا على أن تصنع لنا سحرًا يَنكَؤُه، فجعلوا له ثلاثة دنانير، ووقع في رواية أبي ضمرة عند الإسماعيلي:(فأقام أربعين ليلة).

وقال السهيلي: لم أقف في شيء من الأحاديث المشهورة على قدر المدة التي مكث النبي صلى الله عليه وسلم فيها في السحر، حتى ظفرت به في "جامع

ص: 479

حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّئَ وَلَا يَفْعَلُهُ،

===

معمر" عن الزهري: أنه لبث ستة أشهر، وأيده الحافظ بحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (6/ 63) بإسناد موصول صحيح، راجع "فتح الباري" (10/ 226) والله سبحانه وتعالى أعلم، وفي مسند يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق: سحر النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة سنةً؛ أي: حُبس عنها سنة، حتى كاد يغض بصره عنها.

وهذا الحديث يدل على أن السحر موجود، وأن له أثرًا في المسحور، وقد دل على ذلك مواضع كثيرة من الكتاب والسنة، بحيث يحصل بذلك القطع بأن السحر حق، وأنه موجود، وأن الشرع قد أخبر بذلك؛ كقصة سحرة فرعون بقوله تعالى:{وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (1)، {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2). . . إلى غير ذلك مما تضمنته تلك الآيات من ذكر السحر والسحرة.

وبالجملة: فهو أمر مقطوع به؛ بإخبار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عن وجوده ووقوعه، فمن كذب بذلك. . فهو كافر مكذب لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، منكر لما علم مشاهدةً وعيانًا، ومنكر ذلك إن كان مُسْتتِرًا به. . فهو الزنديقُ، وإن كان مظهرًا. . فهو المرتد. انتهى من "المفهم".

والسحر لغةً: كُلُّ ما لطُفَ وخَفِيَ، واصطلاحًا: كل ما خفي سببه، أو تُخيِّلَ على غير حقيقته، وقد بسطنا الكلام عليه في تفسيرنا "الحدائق" في مظانه.

قالت عائشة رضي الله عنها: سحَرَهُ يهودي (حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يخيل) ويصور (إليه) صلى الله عليه وسلم (أنه يفعل الشيء) أي: فَعَلَ الشيءَ (ولا يفعله) أي: والحال أنه لم يفعل ذلك الشيء حقيقة؛ أي: يظن

(1) سورة الأعراف: (116).

(2)

سورة طه: (66).

ص: 480

قَالَتْ: حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ؛ أَشَعَرْتِ أَنَّ أللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟

===

أنه فعل شيئًا لم يفعله؛ أي: كان يتخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطئ، وهذا التخيل بالبصر لا لخلل تطرق إلى العقل والقلب، بل السحر تسَلَّط على جسده الشريف وظواهر جواهره اللطيفة، لا على قلبه وعقله واعتقاده، وهذا لا يُدْخِلُ لَبْسًا على الرسالة، وفسر القاضي عياض هذا التخييلَ بقوله: يحتمل أن يكون المراد بالتخييل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء، فإذا دنا من المرأة. . فَتَر عن ذلك؛ كما هو شأن المعقود.

(قالت): واستمر كذلك مسحورًا (حتى كان ذات يوم) أي: كان في يوم من الأيام، ولفظ:(ذات) مقحم (أو) قالت عائشة - والشك من عروة أو ممن دونه -: أي: أو قالت عائشة: حتى إذا (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذات ليلة) أي: كان في ليلة من الليالي (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: طلب الشفاء من سحره من الله تعالى (ثم دعا) مرةً ثانية (ثم دعا) مرةً ثالثة؛ إظهارًا للعجز والافتقار، وعلمًا منه بأن الله هو الكاشف للكروب والأضرار، وقيامًا بعبادة الدعاء عند الاضطرار.

وفيه دليل على استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات وتكريره، وحسنُ الالتجاء إلى الله تعالى.

(ثم) بعدما دعا ثلاث مرات (قال) لي: (يا عائشة؛ أشعرت) - بفتح همزة الاستفهام التقريري وفتح الشين المعجمة والعين المهملة وكسر التاء - خطابًا لعائشة؛ أي: أعلمت، فالهمزة للاستفهام التقريري؛ أي: هل علمت (أن الله) عز وجل (أفتاني) أي: أجابني (فيما استفتيته فيه) أي: فيما

ص: 481

جَاءَنِي رَجُلَانِ؛ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي،

===

دعوته؟ ! فسمى الدعاء استفتاءً؛ والجواب فتيا؛ لأن الداعي طالب، والمجيب مستفت، فاستعير أحدهما للآخر، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية. انتهى من "المفهم".

أي: أجابني فيما سألته عنه، وفي رواية عمرة عند البيهقي في "الدلائل":(قد أنبأني بوجعي) وذلك أنه (جاءني رجلان) في منامي.

ووقع في رواية عمرة في "الدلائل"(7/ 92): (فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نائم. . إذا أتاه ملكان)، وهذا يدل على أن قصة إتيان الملكين إنما وقعت في المنام، وحمله الحافظ في "الفتح" على أنه صلى الله عليه وسلم كان بصفة النائم وهو يقظان، فتخاطبا وهو يسمع، وذكر أنه وقع في حديث ابن عباس عند ابن سعد بسند ضعيف جدًّا:(فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان).

وأخرج النسائي وابن سعد والحاكم وعبد بن حميد عن زيد بن أرقم: سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل، فقال: إن رجلًا من اليهود سحرك. . . إلى آخره، ودل ذلك على أن أحد الملكين كان جبريل، وذكر الحافظ أن الآخر ميكائيل، ولم أقف على مَأْخَذِه، والله أعلم.

(فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي) وفي رواية: (عند رجلي) بتشديد الياء على صيغة التثنية.

ومعنى: "جاءني رجلان" أي: ملكان في صورة رجلين، وظاهره أن ذلك كان في اليقظة، ويحتمل أن يكون منامًا، ورؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي. انتهى "مفهم".

ص: 482

فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلِي أَوِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلِي لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَم، قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ

===

(فقال) الرجل (الذي) هو جالس (عند رأسي لـ) لرجُل (الذي) هو جالس (عند رجلي أو) قال: (الذي عند رجلي للذي عند رأسي) والشك من الراوي: (ما وجع) هذا (الرجل) أي: ما مرضُه؟ وفي رواية ابن عيينة عند البخاري: (ما بال الرجل؟ ).

والحاصل: أن أحدهما سأل الآخر عن وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا اللفظ يدل على أن ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان نوعًا من المرض حدث بسبب سحر.

فـ (قال) الآخر: هو؛ أي: هذا الرجل (مطبوب) أي: مسحور، يقال: طُبَّ الرجل - بضم الطاء - إذا سُحر، ويقال: إنهم كنوا عن السحر بـ (الطب) تفاؤلًا؛ كما قالوا للديغ: سليم (قال) الآخر السائل أولًا: (من طبه) أي: سحره؟ (قال) المسؤول أولًا: طبه (لبيد بن الأعصم، قال) السائل أولًا: (في أي شيء) طبه؟ أي: سحره (قال) المسؤول أولًا: طبه (في مشط) - بضم الميم وسكون المعجمة - هي الآلة التي يُسرَّح بها شعر الرأس واللحية، وقد تكسر ميمه، وقد تضم شينه أيضًا، يجمع على أمشاط، وقد يطلق المشط: على العظم العريض في الكتف، وعلى سُلَاميات ظهر القدم، وعلى نبت صغير يقال له: مشط الذنب.

وقال القرطبي: يحتمل أن الذي سحر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أحد هذه الأربع.

(و) في (مشاطة) - بضم الميم وفتح المعجمة مخففة وبعد الألف طاء

ص: 483

وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ"،

===

مهملة - وهي الشعر الذي يسقط ويخرج من الرأس أو اللحية عند تسريحه، وفي حديث ابن عباس:(من شعر رأسه ومن أسنان مشطه).

ووقع في البخاري: (في مشاقة) - بالقاف بدل الطاء؛ وهو الواحدة من مشاقِّ الكَتَّان - وهو ما سقط من الكتان والحرير ونحوها عند المشط، وقيل: هي المشاطة من الشعر.

(و) في (جف) - بضم الجيم والفاء المشددة - أي: وطئه أيضًا في جُف (طلعة ذكر) وفي رواية مسلم: (وجب) - بالباء الموحدة المشددة وضم الجيم في الروايتين - وهما بمعنىً واحد، والجف وكذا الجب: وعاء طلع النخل؛ أي: الغشاء الذي يكون عليه عند طلوعه.

قال شمر: أراد بالجب: داخل المطلعة إذا أخرج عنها الكفري؛ كما يقال لداخل الركية - أي: البئر - من أسفلها إلى أعلاها: جب.

وقيل فيه: إنه من القطع؛ يعني به: ما قطع من قشورها، ويطلق على الذكر والأنثى، ولذلك قيده في الحديث بإضافته إلى (طلعة) وبإضافة طلعة إلى (ذكر) أي: طلعة نخل مذكر، ورواه بعضهم بتنوين (طلعة) على أن قوله:(ذكر) صفة لـ (جف).

(قال) السائل منهما: (فأين هو؟ ) أي: في أي مكان هو؟ أي: ما طَبَّه فيه من الأمور الثلاثة المذكورة (قال) المجيب منهما: هو مدفون (في بئر ذي أروان) - بالهمز - وكذا وقع في بعض روايات البخاري، وفي جميع روايات مسلم، وفي بعض روايات البخاري:(بئر ذروان) - بالذال المفتوحة والراء الساكنة - وكلاهما صحيح، والأول أجود وأصح، وادعى ابن قتيبة أنه الصواب، وهو قول الأصمعي؛ وهي بئر في المدينة في بستان بني زريق. انتهى "نووي".

ص: 484

قَالَتْ: فَأَتَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: "وَاللهِ يَا عَائِشَةُ؛ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاء،

===

وذكر الحافظ أنه في الأصل: (بئر ذي أروان) ثم سُهِّلت الهمزةُ؛ لكثرة الاستعمال، فصارت ذروان.

وفي رواية ابن عيينة عند البخاري: (تحت راعوفة في بئر ذي أروان)، والراعوفة: حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه، يقوم عليه المستقي، وقد يكون أسفل البئر؛ ليكون عليه المستقي للبئر.

(قالت) عائشة: (فأتاها) أي: فأتى تلك البئر وجاءها (النبي صلى الله عليه وسلم في أناس) أي: مع أناس (من أصحابه) وهذا صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى البئر بنفسه، ووقع في "دلائل النبوة" للبيهقي:(فلما أصبح. . غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغدا معه أصحابه إلى البئر).

لكن وقع في حديث ابن عباس عند ابن سعد: (فبعث إلى علي وعمار، فأمرهما أن يأتيا إلى البئر).

وعنده في مرسل ابن الحكم: (فدعا جبير بن إياس الزرقي؛ وهو ممن شهد بدرًا، فدله على موضعه من بئر ذروان، فاستخرجه)، ويقال: إن الذي استخرجه قيس بن محصن الزرقي.

قال في "الفتح": ويجمع بأنه أعان جبيرًا على ذلك، وباشره بنفسه، فنسب إليه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وجههم أولًا، ثم توجه فشاهدها بنفسه، والله أعلم.

(ثم) بعدما أتاها (جاء) إلى عائشة ورجع إليها (فقال) لها: (والله؛ يا عائشة لكأن ماءها) أي: ماء تلك البئر (نقاعة الحناء) فيه دليل على جواز

ص: 485

وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ"،

===

الحلف وإن لم يستحلف، ونقاعة الحناء - بضم النون -: الماء الذي يخرج فيه لونه إذا نقع وبل فيه.

قال في "المنجد": والحناء - بكسر الحاء المهملة وبالمد -: شجر يتخذ ورقه للخضاب الأحمر المعروف، وزهره أبيض كالعناقيد، واحدتها حناءة، وجمعه حُنآن - بضم أوله - يعني: أن ماء تلك البئر كالماء الذي ينقع فيه الحناء؛ يعني: أنه تغير لونه لرداءته أو لما خالطه مما ألقي فيه.

(ولكأن نخلها) أي: النخيل التي حولها (رؤوس الشياطين) في التناهي في كراهتها وقبح منظرها، وقيل: الشياطين: حيات عرفاء قبيحة المنظر هائلة جدًّا. انتهى "قسطلاني".

يعني: أنها مستكرهة مستقبحة المنظر والمخبر، وهذا على عادة العرب إذا استقبحوا شيئًا. . شبهوه بأنياب الأغوال، ورؤوس الشياطين.

يعني - والله أعلم -: أن تلك الأرض التي فيها النخل والبئر خراب لا تعمر؛ لرداءتها، فبئرها معطلة، ونخلها مشذبة؛ أي: مقطوعة الأغصان ومقشرة اللحاء بمهملة.

وتغير ماء البئر: إما لطول إقامته، وإما لما خالطه مما ألقي فيه. انتهى من "المفهم".

وفي رواية عمرة عند البيهقي في "الدلائل": (وإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه؛ كأنه رؤوس الشاطين)، ويحتمل: أن يكون شبه طلعها برؤوس الشياطين؛ لقبح منظرها، ويحتمل أن يكون المراد بالشياطين: الحيات، وهناك شجر الزقوم، شبهت فروعها برؤوس الشياطين، فشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل بالزقوم، والله أعلم.

ص: 486

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ؟

===

زاد البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 94) في روايته عن أبي بكر بن محمد عن عمرة: (قال: فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة، فإذا فيه مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاطة رأسه، وإِذا تمثالٌ من شمع تمثالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا فيها إبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فأتاه جبريل عليه السلام بالمعوذتين، فقال: يا محمد؛ قُلْ أعوذ برب الفلق، وحُلَّ عقدةً، من شر ما خلق، وحُلَّ عقدةً حتى فرغ منها، ثم قال: قل أعوذ برب الناس، وحل عقدة، حتى فرغ منها وحل عقده كلها، وجعل لا ينزع إبرةً. . إلا وجد لها ألمًا، ثم يجد بعد ذلك راحةً، فقيل: يا رسول الله؛ لو قتلْتَ اليهوديَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد عافني الله عز وجل، وما وراءه من عذاب الله أَشدُّ".

قال: فأخرجه (قالت) عائشة: فـ (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ أفلا أحرقته) كذا صحت الرواية، والظاهر عليه أن الضمير راجع إلى ما أخرج من البئر مما عقد عليه السحر.

ومراد عائشة: أن يحرق ذلك أمام الناس؛ لاستئصال شَأفتِه، وليكون عبرة للناس ويناسبه جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك يحتمل إثارةَ شرٍّ على الناس، بإشاعة خبر السحر وتذكره وتعلُّمه.

وذكر القرطبي: أن الضمير عائد إلى لبيد بن الأعصم، واقترحت عائشة أن يحرق الرجل؛ ليكون نكالًا للناس، ويؤيده ما ذكر آنفًا من حديث عمرة في "دلائل النبوة" للبيهقي، ولفظه:(فقيل: يا رسول الله؛ لو قتلت اليهودي).

وورد في رواية لمسلم: (فأَخْرِجْه) بصيغة الأمر بدل قولها هنا: (أفلا

ص: 487

قَالَ: "لَا، أَمَّا أَنَا. . فَقَدْ عَافَانِيَ اللهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا"، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.

===

أحرقته) ولعل المراد من الإخراج: أن يعلم به الناس، ويؤيده ما في "مسند أحمد" (6/ 96):(فأَخْرَجْتَه للناس).

ووقع في رواية ابن عيينة عند البخاري: (أفلا تنشَّرْتَ) والنشر: علاج السحر بالنشرة؛ والنشرة: علاج لدفع مضرة السحر. انتهى من "التكملة"، والهمزة في قوله:(أفلا أحرقته) داخلة على محذوف، وفيه حذف معطوف عليه قبل الإحراق؛ والتقدير: أتركته، فلا أخرجته ولا أحرقته؟ ! لأن الإحراق إنما يكون بعد الإخراج.

(قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا) أي: لا أخرجته ولا أحرقته؛ أي: ما أظهرته للناس ولا أحرقته (أما أنا. . فقد عافاني الله) تعالى وشفاني (وكرهت أن أثير) وأظهر (على الناس) وأنشر بينهم (منه) أي: من ذلك المخرج (شرًا) أي: ضررًا.

والجار والمجرور بيان مقدم على مبينه؛ أي: وأظهر شرًا من ذلك المخرج وضررًا؛ أي: بإخراج السحر من البئر، فلعله يُعمل به أو يَضُر أحدًا.

ففيه ترك مصلحة؛ لدفع مفسدة أعظم منها، وفيه جواز النشرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجبها بأن النشرة لا تجوز، وإنما علل امتناعه بإثارة فتنة، والله أعلم.

(فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بها) أي: بالبئر؛ أي: بِرَدْمها وسدِّها مع ما فيها من السحر؛ لئلا يطلع الناس على ما فيها من السحر (فدُفنت) أي: رُدِمَتْ وسُدَّت على السحر الذي فيها؛ لما يخاف من ضرر السحر، ومن ضرر ماء تلك البئر.

ص: 488

(176)

- 3490 - (2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ،

===

وذكر السمهودي في "وفاء الوفاء"(3/ 1138) أن الذي هورها وهدمها هو الحارث بن قيس وأصحابه، قال:(وحفروا بئرًا أخرى، فأعانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفرها حتى استنبطوا ماءها، ثم تهورت بعد)، راجع "طبقات ابن سعد" أيضًا (2/ 198).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، في باب السحر، وفي كتاب الأدب، وفي كتاب الدعوات، ومسلم في كتاب السلام، باب السحر، وأحمد بن حنبل.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استأنس المؤلف لحديث عائشة بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(176)

- 3490 - (2)(حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار) القرشي (الحمصي) صدوق عابد، من العاشرة، مات سنة خمس وخمسين ومئتين (255 هـ). يروي عنه:(دس ق).

(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد الكلاعي أبو يحمد، بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم)، وقال النسائي: إذا قال بقية: حدثنا أو أخبرنا. . فهو ثقة، وقال ابن عدي: إذا روى عن أهل الشام. . فهو ثبت، وإذا روى عن غيرهم. . فهو مخلط، فبقية هنا وإن حدث

ص: 489

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْعَنْسِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبيبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْمِصْرِيَّيْنِ قَالَا: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَا يَزَالُ يُصيبُكَ كُلَّ عَامٍ

===

بصيغة السماع، لكنه ضعيف؛ لأن شيخه من الضعفاء.

(حدثنا أبو بكر) عمرو أو عامر بن عبد الله بن أبي مريم (العنسي) الغساني الشامي، قيل: اسم جده بكير أو عبد السلام، ضعيف، من السابعة، مات سنة ست وخمسين ومئة (156 هـ). يروي عنه:(دت ق).

(عن يزيد بن أبي حبيب) سويد المصري أبي رجاء، واختلف في ولائه؛ ثقة فقيه، وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(و) عن (محمد بن يزيد) بن أبي زياد الثقفي مولى المغيرة بن شعبة، نزيل مصر، مجهول الحال، من السادسة. يروي عنه:(دت ق). انتهى "تقريب".

وقوله: (المصريين) صفة ليزيد ومحمد بن يزيد كلاهما (قالا: حدثنا نافع) العدوي مولاهم؛ مولى ابن عمر، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

(قال) ابن عمر: (قالت أم سلمة) هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا بكر العنسي، وهو متفق على ضعفه، وأما محمد بن يزيد بن أبي زياد. . فهو لا يقدح في السند؛ لأنه ذكر على سبيل المقارنة.

قالت أم سلمة: (يا رسول الله؛ لا يزال يصيبك كل عام) من الأعوام التي

ص: 490

وَجَعٌ مِنَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي أَكَلْتَ، قَالَ:"مَا أَصَابَنِي شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا وَهُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيَّ وَآدَمُ فِي طِينَتِهِ".

===

مرت عليك (وجع) أي: ألم (من الشاة المسمومة) لك؛ أي: من أكلتك (التي أكلت) منها التي سمت لك فيها اليهودية يوم خيبر؟

فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب أم سلمة: (ما أصابني شيء) من الألم (منها) أي: من أكلة تلك الشاة. . (إلا وهو) أي: الشيء الذي أصابني من أكلتها (مكتوب) أي: مقدر (علي) قبل خلقي (و) الحال أن (آدم) أبا البشر (في طينته) أي: في حالة طينية قبل بشريته.

والمعنى: لا يزال ذلك الألم يصيبني كل وقت في زمان حياتي؛ لأنه مقدر علي في سابق علم الله عز وجل قبل خلق الكائنات.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده؛ لما مر آنفًا، وغرضه: الاستئناس به، فالحديث: ضعيف متنًا وسندًا (15)(359).

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستئناس.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 491