الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) - (1234) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ
(8)
- 3322 - (1) حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ
===
(5)
- (1234) - (باب ما يكون منه الخمر)
أي: بيان ما يصنع منه الخمر.
* * *
(8)
- 3322 - (1)(حدثنا يزيد بن عبد الله) بن يزيد بن ميمون بن مهران (اليمامي) نزيل مكة أبو محمد، مقبول، من صغار التاسعة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي أبو عمار اليمامي، أصله من البصرة، صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب، من الخامسة، مات قبيل الستين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(حدثنا أبو كثير السحيمي) - بمهملتين مصغرًا - العنبري - بضم المعجمة وفتح الموحدة - اليمامي الأعمى، قيل: اسمه يزيد بن عبد الرحمن، وقيل: يزيد بن عبد الله بن أذينة أو ابن غفيلة - بمعجمة وفاء مصغرًا - ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله رجال الصحيح إلا يزيد اليمامي.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخمر من هاتين
الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ".
===
الشجرتين: النخلة والعنبة) قاله لا على وجه القصر عليهما، بل على معنى أنه منهما، ولا يقتصر على العنب، وقيل: المقصود: بيان ذلك لأهل المدينة، ولم يكن عندهم يومئذ مشروب إلا من هذين النوعين، وقيل: إنه معظم ما يتخذ من الخمر، أو أشد ما يكون في معنى المخامرة والإسكار إنما هو من هاتين، فلا ينافي هذا الحديث ما سيأتي - انتهى سندي - من كون الخمر من الحنطة والشعير والعسل وغيرها؛ كالذرة كما في الحبشة.
وفيه دليل على أن الأنبذة المتخذة من التمر والزهو والزبيب وغيرها؛ والزهو: البسر المُلون كما سيأتي .. تسمى خمرًا، وهي حرام إذا كانت مسكرة. انتهى "نووي".
وقال العيني: إن مذهب أبي حنيفة أن الخمر هي ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد، والخمر من غير العنب لا يسمى خمرًا حقيقةً. انتهى.
قال القرطبي: هذا الحديث حجة للجمهور على تسمية ما يعتصر من غير العنب بالخمر إذا أسكر، ولا حجة فيه لأبي حنيفة على قوله؛ حيث قصر الحكم بالتحريم على هاتين الشجرتين؛ لأنه قد جاء في أحاديث أخر ما يقتضي تحريم كل مسكر؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر حرام"، وكقوله:"كل ما أسكر .. فهو حرام" وحديث معاذ حيث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب العسل والذرة والشعير، فقال:"أَنْهَى عن كل مسكر" ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 53) بنحوه، وإنما خص صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هاتين الشجرتين بالذكر؛ لأن أكثر الخمر منهما أو أَعْلَى الخمرِ عند أهلها، والله أعلم، وهذا نحو قولهم:(المال الإبل) أي: أكثرها وأعمها. انتهى من "المفهم".
(9)
- 3323 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الأشربة، باب بيان أن جميع ما ينبذ مما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرًا، وأبو داوود في كتاب الأشربة، باب في الخمر مما هي، والترمذي في كتاب الأشربة، باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الأشربة، باب ومن ثمرات النخيل.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه مما اتفق عليه الخمسة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(9)
- 3323 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي مولاهم المصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، قرين مالك، ثقة ثبت حجة فقيه، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يزيد بن أبي حبيب) المصري أبي رجاء، واسم أبيه سويد، واختلف في ولائه، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).
أَنَّ خَالِدَ بْنَ كَثِيبر الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ السَّرِيَّ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَهُ، أَنَّ الشَّعْبِي حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنَ الْحِنْطَةِ خَمْرًا، وَمِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا، وَمِنَ الزَّبِيبِ خَمْرًا، وَمِنَ التَّمْرِ خَمْرًا، وَمِنَ الْعَسَلِ خَمْرًا".
===
(أن خالد بن كثير الهمداني) الكوفي، ليس به بأس، من السادسة، وأخطأ من قال: له صحبة. يروي عنه: (ق).
(حدثه) أي: حدث خالد ليزيد بن أبي حبيب (أن السري بن إسماعيل) الهمداني الكوفي ابن عم الشعبي، ولي القضاء، وهو متروك الحديث، من السادسة. يروي عنه:(ق).
(حدثه) أي: أن السري حدث لخالد بن كثير (أن الشعبي) عامر بن شراحيل، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).
(حدثه) أي: أن الشعبي حدث السري بن إسماعيل (أنه) أي: أن الشعبي (سمع النعمان بن بشير) بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، له ولأبويه صحبة رضي الله تعالى عنهم. يروي عنه:(ع)، سكن الشام، ثم قتل بحمص سنة خمس وستين (65 هـ). يروي عنه (ع).
(يقول) النعمان: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه السري بن إسماعيل، وهو متروك متفق على ضعفه.
(إن من الحنطة خمرًا، ومن الشعير خمرًا، ومن الزبيب خمرًا، ومن التمر خمرًا، ومن العسل خمرًا).
قال السندي: قوله: "إن من الحنطة خمرًا
…
" إلى آخره؛ يعني: أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
المستعمل الموجود الآن بين أيدي الناس هذه الأنواع، وأنواع الخمر تعم الكل، لا بمعنى الحصر، بل يعم ما خامر العقل؛ فإن حقيقة الخمر: ما خامر العقل. انتهى منه.
قال الخطابي: وفي حديث نعمان بن بشير هذا تصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بما قاله عمر رضي الله تعالى عنه حين خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل؛ وهي من خمسة أشياء: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر: كل ما خامر العقل؛ أي: ستره.
يعني بالذي نزل في تحريمها: قوله تعالى في سورة المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} (1)، قال المنذري: أخرجه البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي.
قال الخطابي: وليس معنى حديث عمر: أن الخمر لا تكون إلا من هذه الخمسة بأعيانها، وإنما جرى ذكرها خصوصًا؛ لكونها معهودة في ذلك الزمان، فكل ما كان في معناها، من ذرة أو سلت أو لُبِّ ثمرة وعصارة شجر .. فحكمها حكم هذه الخمسة؛ كما تقدم نظيره في الربا.
وفي "صحيح البخاري" أيضًا: عن ابن عمر قال: (نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب)، وأخرجه مسلم أيضًا، وفي "الصحيحين" أيضًا: عن أنس قال: (كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب فضيخ زهو وتمر؛ والزهو: البسر المتلون، فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها).
(1) سورة المائدة: (90).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وفي لفظ قال عبد العزيز بن صهيب: (قلت لأنس: ما هو؟ قال: بسر ورطب)، وفي لفظ في "الصحيحين": عن أنس وسألوه عن الفضيخ، فقال: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي اتسمونه الفضيخ، إني لقائم أسقي أبا طلحة وأبا أيوب ورجالًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا؛ إذ جاء رجل، فقال: هل بلغكم الخبر؟ فقلنا لا، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس؛ أرق هذه القلال، قال: فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل.
فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن وخوطب بها الصحابة .. مغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمرًا بالقياس مع كثرة النزاع فيه؛ فإذ قد ثبت تسميتها خمرًا، فتناول لفظ النصوص لها؛ كتناوله لشراب العنب سواء تناولًا واحدًا، فهذه طريقة قريبة سهلة تريح من كلفة القياس في الاسم والقياس في الحكم. انتهى من "العون".
قال الحافظ في "الفتح": هذا الحديث - يعني: قول عمر: نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء
…
إلى آخره - أورده أصحاب المسانيد والأبواب في الأحاديث المرفوعة، وقد خطب به عمر على المنبر بحضرة كبار الصحابة وغيرهم، فلم ينقل عن أحد منهم إنكاره، وأراد عمر بنزول الخمر نزول قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
…
} الآية (1)، فأراد عمر التنبيه على أن المراد بالخمر في هذه الآية ليس خاصًّا بالمتخذ من العنب، بل يتناول المتخذ من غيره. انتهى من "التحفة".
(1) سورة المائدة: (90).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال القرطبي: الأحاديث الواردة عن أنس وغيره على صحتها وكثرتها .. تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب، وما كان من غيره .. لا يسمى خمرًا ولا يتناوله اسم الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب، وللسنة الصحيحة، وللصحابة؛ لأنهم لما نزل تحريم الخمر .. فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كل مسكر، ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب، وبين ما يتخذ من غيره، بل سووا بينهما، وحرموا كل ما يسكر نوعه، ولم يتوقفوا ولا استفصلوا ولم يشكل عليهم شيء من ذلك، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان، وبلغتهم نزل القرآن، فلو كان عندهم فيه تردد .. لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحققوا التحريم؛ لما كان تقرر عندهم من النهي عن إضاعة المال، فلما لم يفعلوا ذلك، وبادروا إلى الإتلاف .. علمنا أنهم فهموا التحريم نصًا، فصار القائل بالتفريق سالكًا غير سبيلهم، ثم انضاف إلى ذلك خطبة عمر بما يوافق ذلك وسمعه الصحابة وغيرهم، فلم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك.
وقد ذهب إلى التعميم عمر وعلي وسعد وأبو موسى وأبو هريرة وابن عباس وعائشة، ومن التابعين: سعيد بن المسيب وعروة والحسن وسعيد بن جبير وآخرون، وهو قول مالك والأوزاعي والثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وعامة أهل الحديث. انتهى "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأشربة، باب الخمر مم هي، والترمذي في كتاب الأشربة، باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، والنسائي في كتاب الوليمة، باب ذكر الأشربة المحظورة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فهذا الحديث درجته: أنه ضعيف السند؛ لما مر آنفًا، صحيح المتن بغيره؛ لأن له شواهد من الأحاديث الصحيحة؛ كحديث عمر وابن عمر وأنس وغيرها، أخرجها كلها البخاري ومسلم؛ كما بيناها آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم