الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(22) - (1251) - بَابُ إِذَا شَرِبَ .. أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ
(55)
- 3369 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ
===
(22)
- (1251) - (باب إذا شرب .. أعطى الأيمن فالأيمن)
(55)
- 3369 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني أحد الأئمة في الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن مسلم ابن شهاب (الزهري) المدني، ثقة إمام في الحديث، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن أنس بن مالك) الأنصاري الخزرجي رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي) بالبناء للمفعول؛ أي: أتاه آت (بلبن قد شيب) وخلط ومزج (بماء) ليبرد، والآتي باللبن هو أنس بن مالك، وفي الحديث جواز خلط اللبن بالماء إذا لم يقصد به الغش، والمقصود منه هنا: إبراد اللبن أو إكثاره ليكفي الجماعة (وعن يمينه) صلى الله عليه وسلم (أعرابي) أي: شخص من سكان البادية لم أر من ذكر اسمه (وعن يساره أبو بكر) الصديق رضي الله تعالى عنه (فشرب) النبي صلى الله عليه وسلم
ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ: "الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ".
===
من اللبن قدر حاجته (ثم) بعدما شربه (أعطى) النبي صلى الله عليه وسلم ما فضل منه (الأعرابي) وقال له عمر: أعط يا رسول الله أبا بكر ما فضل منك (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (الأيمن فالأيمن) أحق بما فضل من الأيسر، ويجوز فيهما الرفع والنصب؛ فالرفع على الابتداء والخبر محذوف جوازًا؛ تقديره: الأيمن أحق، أو مقدم بالإعطاء لشرفه بشرف الجهة، والنصب على أنه مفعول لفعل محذوف جوازًا؛ تقديره: أعط الأيمن، أو قدم الأيمن فالأيمن، فالرفع أرجح؛ لكونه عمدة حينئذ.
وقوله: في بعض رواية مسلم: (الأيمنون فالأيمنون) بالرفع .. يُرجِّحُ روايةَ الرفع هنا، وفيه أن الأيمن يقدم في إعطاء الشراب وإن كان مفضولًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم الأعرابي على أبي بكر مع فضله على الأعرابي.
قال القرطبي: وإنما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالأعرابي؛ لأنه كان عن يمينه، فبين أن ذلك سنة، ولذلك قال:"الأيمن فالأيمن" أي: أعط الأيمن وابدأ به.
وقيل أيضًا: إنه قصد ائتلافه؛ فإنه كان من كبراء قومه، فلذلك جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأول أظهر، ولا يبعد قصد المعنى الثاني. انتهى من "المفهم".
قال الخطابي: العادة جارية لملوك الجاهلية ورؤسائها بتقديم الأيمن في الشرب، قال: عمرو بن كلثوم في قصيدة له: (وكان الكأس مجراها اليمينا) فخشي عمر لذلك أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي على أبي بكر
(56)
- 3370 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
===
في إعطاء الشراب فنبه عليه؛ لأنه احتمل عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر تقديم أبي بكر على خلاف تلك العادة؛ لفضله على الأعرابي، فتصير السنة تقديم الأفضل في الشرب على الأيمن، فبين النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله: أن تلك العادة لم تغيرها السنة، وأنها مستمرة، وأن الأيمن يقدم على الأفضل في ذلك، ولا يلزم من ذلك حط رتبة الأفضل، نقله الحافظ في "الفتح"(10/ 76).
وأعطى الشراب أعرابيًّا كان عن يمينه، وقال:(قدموا الأيمن فالأيمن في الشراب) وذكر ابن التين أن الأعرابي هو خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه، ورده الحافظ في مساقاة "الفتح"(5/ 31) وبين منشأ شبهته.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأشربة، باب الأيمن فالأيمن بالشرب، ومسلم في كتاب الأشربة، باب استحباب إدارة الماء واللبن، وأبو داوود في كتاب الأشربة، باب في الساقي متى يشرب، والترمذي في كتاب الأشربة، باب ما جاء أن الأيمنين أحق، قال: وفي الباب عن ابن عباس وسهل بن سعد وابن عمر وعبد الله بن بسر، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(56)
- 3370 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
===
الدمشقي، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سليم - مصغرًا - العنسي - بفتح المهملة وسكون النون - أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).
(حدثنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) الزهري المدني، ثقة متقن، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل: سنة ثمان، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه إسماعيل بن عياش، وهو مخلط فيما روى عن غير أهل بلده.
(قال) ابن عباس: (أتي) بالبناء للمجهول؛ أي: أتاه آت، ولم أر من ذكر اسم ذلك الآتي؛ أي: أتى آت من المسلمين (رسول الله صلى الله عليه وسلم
بِلَبَنٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَنْ يَسَارِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيد، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ عَبَّاسٍ:"أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَسْقِيَ خَالِدًا"، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُوثِرَ بِسُؤْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفْسِي أَحَدًا، فَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَشَرِبَ وَشَرِبَ خَالِدٌ.
===
بلبن، وعن يمينه) صلى الله عليه وسلم (ابن عباس، وعن يساره خالد بن الوليد) بن المغيرة المخزومي سيف الله، من كبار الصحابة، أسلم بين الحديبية والفتح رضي الله تعالى عنه، وهو أكبر من ابن عباس (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: أتأذن لي أن أسقي) وأعطي هذا اللبن الفاضل عني (خالد) بن الوليد؛ لأنك أحق به منه؛ لأنك الأيمن مني؟
فـ (قال ابن عباس) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أحب أن أوثر) وأختار (بسؤر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: بما بقي عنه في الإناء من الشراب (على نفسي أحدًا) غيري، بل أريد أن أشربه بنفسي (فأخذ ابن عباس) ذلك السؤر (فشربـ) ـه وأبقى منه شيئًا لخالد (وشرب خالد) ما بقي من ابن عباس، قال السندي: قوله: "أن أوثر" في "المصباح": آثرته - بالمد -: فضلته.
السؤر: ما يبقى في الإناء من الماء. انتهى.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث ابن عباس أيضًا، وله شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أنس وسهل وسعد.
فدرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ صحيح؛ لأن له في الصحيح شاهدًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أنس.
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم