المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(10) - (173) - باب من نام عن الصلاة أو نسيها - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌(1) - (164) - أَبْوَابُ مَوَاقِيتِ الْصَّلَاةِ

- ‌(2) - (165) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(3) - (166) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ

- ‌(4) - (167) - بَابُ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ

- ‌(5) - (168) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(6) - (169) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(7) - (170) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(8) - (171) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(9) - (172) - بَابُ مِيقَاتِ الصَّلَاةِ فِي الْغَيْمِ

- ‌(10) - (173) - بَابُ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا

- ‌(11) - (174) - بَابُ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ

- ‌(12) - (175) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَعَنِ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا

- ‌(13) - (176) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ

- ‌كتاب الأذان

- ‌(14) - (177) - بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ

- ‌(15) - (178) - بَابُ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(16) - (179) - بَابُ السُّنَّةِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(17) - (180) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(18) - (181) - بَابُ فَضْلِ الْأَذَانِ وَثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌(19) - (182) - بَابُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ

- ‌(20) - (183) - بَابُ إِذَا أُذِّنَ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ .. فَلَا تَخْرُجْ

- ‌أبواب المساجد والجماعات

- ‌(21) - (184) - بَابُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌(22) - (185) - بَابُ تَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (186) - بَاب: أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ

- ‌(24) - (187) - بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌فائدة

- ‌(25) - (188) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(26) - (189) - بَابُ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(27) - (190) - بَابٌ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ

- ‌(28) - (191) - بَابُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ

- ‌(29) - (192) - بَابُ تَطْهِيرِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا

- ‌(30) - (193) - بَابُ كَرَاهِيَةِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(31) - (194) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِنْشَادِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(32) - (195) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ

- ‌(33) - (196) - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(34) - (197) - بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(35) - (198) - بَابٌ: الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا

- ‌(36) - (199) - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(37) - (200) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(38) - (201) - بَابُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(39) - (202) - بَابُ لُزُومِ الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ

- ‌(40) - (203) - بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(41) - (204) - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(42) - (205) - بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(43) - (206) - بَابُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ

- ‌(44) - (207) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌(45) - (208) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(46) - (209) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(47) - (210) - بَابُ الْجَهْرِ بِالْآيَةِ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(48) - (211) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(49) - (212) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(50) - (213) - بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ

- ‌(51) - (214) - بَابٌ: فِي سَكْتَتَيِ الْإِمَامِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(52) - (215) - بابٌ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا

- ‌(53) - (216) - بَابُ الْجَهْرِ بِآمِينَ

- ‌(54) - (217) - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكوعِ

- ‌فائدة

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(10) - (173) - باب من نام عن الصلاة أو نسيها

(10) - (173) - بَابُ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا

(28)

- 684 - (1) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

===

(10)

- (173) - (باب من نام عن الصلاة أو نسيها)

(28)

-684 - (1)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي (الجهضمي) أبو عمرو البصري. روى عن: يزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ويروي عنه:(ع).

ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة مئتين وخمسين (250 هـ)، أو بعدها.

(حدثنا يزيد بن زريع) -بتقديم الزاي مصغرًا- التيمي العيشي، أبو معاوية البصري، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا حجاج) بن حجاج الباهلي البصري الأحول. روى عن: قتادة، وأنس بن سيرين، وأبي الزبير، وغيرهم، ويروي عنه:(خ م د س ق)، ويزيد بن زريع، وإبراهيم بن طهمان.

ثقة، من السادسة، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ثقة من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، أروى الناس عنه إبراهيم بن طهمان، وهو من أصحاب قتادة، قال يزيد بن زريع: مات بالطاعون بالبصرة سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ).

(حدثنا قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه.

ص: 76

قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَغْفُلُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ يَرْقُدُ عَنْهَا قَالَ: "يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا".

(29)

- 685 - (2) حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ،

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أنس: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغفل) وينسى (عن الصلاة، أو يرقد) وينام (عنها، قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (يصليها إذا ذكرها) أي: تذكرها فيما إذا نسي وإذا استيقظ فيما إذا نام عنها، قال السندي: قوله: (يغفل) بضم الفاء، والجملة صفة الرجل باعتبار أن التعريف للجنس، فهو في المعنى كالنكرة، فيصح أن يوسف بالجملة، كقوله:

ولقد أمُرُّ على اللئيم يسبني

فمضيت ثُمَّتَ قلت لا يعنيني

وجعلها حالًا بعيد معنىً، (أو يرقد عنها) تعديته بعن؛ لتضمينه معنى الغفلة. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب المواقيت (53)، باب فيمن نام عن الصلاة، رقم (613).

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد له بحديث آخر لأنس رضي الله تعالى عنه، فقال:

(29)

- 685 - (2)(حدثنا جبارة) بضم الجيم ثم بموحدة مخففة (بن المغلس) -بضم الميم ثم بمعجمة مفتوحة بعدها لام ثقيلة مكسورة ثم بمهملة آخره- الحماني -بكسر المهملة وتشديد الميم- أبو محمد الكوفي. روى عن: أبي عوانة، ويروي عنه:(ق)، وأبو سعيد الأشج.

ص: 77

حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً. . فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا".

===

قال البخاري: حديثه مضطرب، وقال ابن نمير: ما هو عندي ممن يكذب، كان يوضع له الحديث فيحدث به، وما كان عندي ممن يتعمد الكذب، وقال صالح جزرة: كان رجلًا صالحًا، وقال في "التقريب": ضعيف، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ).

(حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من السابعة، مات سنة خمس أو ست وسبعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه جبارة بن المغلس.

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة) مفروضة. . (فليصلها إذا ذكرها) أي: تذكرها.

وشارك المؤلف في روايته: البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة. . فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة، رقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، رقم (684)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب من نام عن صلاة أو نسيها، رقم (442)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل ينسى الصلاة، رقم (178)، ومالك وأحمد والدارمي.

فدرجة الحديث: أنه في أعلى درجات الصحة، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأنه من المتفق عليه، فهو ضعيف المسند، صحيح المتن، وغرضه: الاستشهاد به.

ص: 78

(30)

- 686 - (3) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَسَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ:

===

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أنس الأول بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(30)

-686 - (3)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري.

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري.

(حدثنا يونس) بن يزيد الأيلي الأموي، ثقة، من السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة على الصحيح، وقيل: سنة ستين. يروي عنه: (ع).

(عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد سنة تسعين، وقد ناهز الثمانين. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل) ورجع (من غزوة خيبر) والفاء في قوله: (فسار) زائدة؛ لأنه جواب الظرف؛ أي: سار (ليله حتى إذا أدركه) وأخذه (الكرى) -بفتحتين- النوم أو النعاس. . (عرس) أي: نزل للاستراحة، من التعريس؛ وهو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة، (وقال) معطوف على عرس؛ أي: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لبلال) بن

ص: 79

"اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ"، فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ. . اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ، فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَيْ بِلَالُ"،

===

رباح المؤذن: (اكلأ) لنا -بهمزة في آخره- أي: احفظ وانتظر (لنا الليل) أي: صباح الليل وطلوع الفجر فتوقظنا عند طلوع الفجر؛ لئلا تفوتنا صلاة الصبح.

(فصلى بلال) من صلاة الليل (ما قدر) وقضى (له) من الله تعالى منها؛ أي: ما أمكن له قبل غلبة النعاس له، (ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه) رضي الله تعالى عنهم معتمدين على مراقبة بلال الفجر، (فلما تقارب) أي: قرب (الفجر) أي: طلوعه. . (استند بلال) جواب لما؛ أي: أسند بلال ظهره (إلى راحلته مواجه الفجر) أي: حالة كونه مستقبل الفجر بوجهه.

(فغلبت بلالًا عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ) أي: لم ينتبه (بلال ولا أحد من أصحابه) صلى الله عليه وسلم من نومهم (حتى ضربتهم الشمس) بحرارتها وألقت عليهم ضوءها، (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم) أي: أول الناس (استيقاظًا) وانتباهًا من النوم، (ففزع) أي: فجع (رسول الله صلى الله عليه وسلم لفوات صلاة الصبح بطلوع الشمس، (فقال: أي بلال) أين وعدك لنا مراقبة الفجر، وإيقاظنا للصلاة، حيث قلت لك: اكلأ لنا الليل؟ !

ص: 80

فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:"اقْتَادُوا"، فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شيْئًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ. . قَالَ: "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً. . فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ عز وجل

===

(فقال بلال) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أخذ بنفسي) أي: قبض نفسي الحساسة الإله (الذي أخذ) وقبض (بنفسك) الشريفة أفديك (بأبي أنت وأمي) أي: أفديك أنت بأبي وأمي؛ أي: جعلتهما فداء لك من كل مكروه (يا رسول الله)، ثم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس:(اقتادوا) رواحلكم بحبالها وجروها بها، يقال: أقاد البعير واقتاده إذا جره من خلفه بحبله وخطامه، (فاقتادوا رواحلهم شيئًا) أي: قادوها قودًا قليلًا في مسافة قليلة، ثم نزلوا لقضاء صلاة الصبح.

(ثم) بعدما نزلوا (توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقضاء صلاة الصبح، (وأمر بلالًا) بالإقامة للصلاة ولم يأمره بالأذان؛ لأن الأذان لإعلام دخول وقت الصلاة الحاضرة، فليس مشروعًا للقضاء، (فأقام) بلال (الصلاة) أي: لقضاء صلاة الصبح، وفيه دليل على أن الإقامة مشروعة للقضاء، (فصلى) النبي صلى الله عليه وسلم (بهم) أي: بأصحابه (الصبح) أي: قضاء الصبح.

(فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة) أي: فرغ من قضاء صلاة الصبح. . (قال) لأصحابه الحاضرين: (من نسي) منكم (صلاة) مفروضة؛ أي: صلاة كانت من الصلوات الخمس. . (فليصلها إذا ذكرها) أي: تذكرها؛ (فإن الله عز وجل أي: وإنما وجب قضاء الصلاة الفائتة؛ لأن الله عز وجل

ص: 81

قَالَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} "، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا: (لِلذِّكْرَى).

===

(قال) في كتابه الحكيم: ({وَأَقِمِ}) أنت يا موسى ({الصَّلَاةَ}) المفروضة عليك ({لِذِكْرِي})(1) أي: عند تذكري.

قال السندي: بالإضافة إلى ياء المتكلم، وهي القراءة المشهورة، وظاهرها لا يناسب المقصود هنا، فأوله بعضهم بأن المعنى وقت ذكر صلاتي على حذف المضاف، والمراد بالذكر المضاف إلى الله تعالى: ذكر الصلاة؛ لكون ذكر الصلاة يفضي إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى فيها، فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله، فقيل ذلك في موضع أقم الصلاة لذكر الله.

(قال) يونس بن يزيد: (وكان ابن شهاب يقرؤها) أي: يقرأ كلمة ذكري (للذكرى) مصدرًا كالرجعى بلام الجر، ثم بلام التعريف، ثم بذال مكسورة وآخره ألف مقصورة، وهي قراءة شاذة، لكنها موافقة للمطلوب هنا بلا تكلف. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المواقيت، باب من نسي صلاة. . فليصل إذا ذكر، ومسلم في كتاب المساجد، باب قضاء الفائتة، وأبو داوود في كتاب الصلاة (11)، باب من نام عن صلاة أو نسيها، والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، والنسائي في كتاب المواقيت، باب من نسي صلاة، باب من نام عن صلاة، باب إعادة من نام عن صلاة لوقتها من الغد، والبيهقي في كتاب الصلاة، باب لا تفريط على من نام عن صلاة أو نسيها، وأحمد وعبد الرزاق مرسلًا، وأبو عوانة.

(1) سورة طه: (14).

ص: 82

(31)

- 687 - (4) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرُوا تَفْرِيطَهُمْ فِي النَّوْمِ

===

فدرجة الحديث: أنه في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس الأول بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(31)

- 687 - (4)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي البصري.

روى عن حماد بن زيد، ويروي عنه:(م عم)، والبغوي.

ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ).

(أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي الأزرق، ثقة، من الثامنة؛ مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه (ع).

(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن رباح) الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة. روى عن: أبي قتادة، ويروي عنه:(م عم).

(عن أبي قتادة) الأنصاري السلمي -بفتحتين- الحارث بن ربعي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو قتادة: (ذكروا) أي: ذكر الأصحاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم (تفريطهم) أي: تقصيرهم (في) شأن الصلاة بسبب (النوم) عنها؛

ص: 83

فَقَالَ: نَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا. . فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَلِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ".

===

أي: ذكروا أنا فرطنا في شأن الصلاة لأجل نومنا عنها، (فقال) قائل منهم عطف تفسير لذكروا:(ناموا) أي: نام الأصحاب، مقتضى السياق نمنا عن الصلاة (حتى طلعت الشمس، فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم تهوينًا للأمر عليهم وإزالة لما لحقهم من المشقة بفوت الصلاة عنهم: (ليس في النوم تفريط) أي: تقصير.

وليس المراد: أن نفس فعل النوم والمباشرة بأسبابه لا يكون فيه تفريط؛ أي: تقصير؛ فإنه قد يكون فيه تفريط إذا كان في وقت يفضي النوم فيه إلى فوت الصلاة مثلًا؛ كالنوم قبل العشاء، وإنما المراد: أن ما فات حالة النوم. . فلا تفريط في وقته؛ لأنه فات بلا اختيار، وأما المباشرة بالنوم. . فالتفريط فيها تفريط حالة اليقظة، كما قال:(إنما التفريط في اليقظة) -بفتحتين- أي: في حالة اليقظة بترك أداء الصلاة في حالتها قبل الشروع في النوم.

(فإذا نسي) وغفل (أحدكم صلاة) من المكتوبات (أو نام عنها. . فليصلها إذا ذكرها) أي: تذكر؛ فإن وقت التذكر كالوقت لها (ولوقتها) أي: أو لوقت مثلها (من) صلوات (الغد) والغد: اسم لليوم الذي بعد يومك؛ كان يقضي ظهر اليوم الفائت بعذر في وقت ظهر الغد؛ لأن الفائت بعذر النوم أو النسيان وقت قضائه موسع لا مضيق إن لم يكن فيه تفريط؛ أي: فليصلها في وقت التذكر إن أمكن، أي وقت كان ولو وقت كراهة الصلاة، أو لوقت مثلها من الغد، والمقصود المحافظة على مراعاة الوقت فيما بعد، وألا يتخذ الإخراج عن الوقت والأداء في وقت آخر عادة له.

ص: 84

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَأَنَا أُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ: يَا فَتى؛ انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ؛ فَإِنِّي شَاهِدٌ لِلْحَدِيثِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَمَا أَنْكَرَ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا.

===

(قال عبد الله بن رباح) الراوي عن أبي قتادة: (فسمعني عمران بن الحصين) رضي الله عنه (وأنا) أي: والحال أني (أحدث) للناس (بالحديث) أي: بحديث أبي قتادة، (فقال) لي عمران بن الحصين:(يا فتى) بلا تنوين؛ لأنه نكرة مقصودة، نظير: يا رجل أقبل قاصدًا لرجل معين؛ أي: يا شاب؛ (انظر كيف تحدث) أي: فكر على أي حالة وعلى أي لفظة تحدثه؛ يعني: لا تعدل عن الرواية بلفظه إلى الرواية بالمعنى؛ (فإني شاهد) أي: حاضر وقت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لـ) هذا (الحديث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال) عبد الله بن رباح: (فما أنكر) عليَّ عمرانُ بن حصين (من حديثه) أي: من حديث أبي قتادة (شيئًا) من ألفاظه؛ أي: قليلًا ولا كثيرًا، بل أقره على ما حدثته، والله أعلم.

وأما حديث عمران بن حصين. . فلفظه: (أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم) أي: في وقت تذكره (قلنا: يا رسول الله؛ ألا تقضيها لوقته من الغد؟ فقال: نهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم) ولم يقل أحد بتكرار القضاء، والله أعلم. انتهى "سندي" بتصرف واختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب الأذان بعد ذهاب الوقت، ومسلم في كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.

فدرجته أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: أربعة:

الأول: حديث أنس الأول، ذكره للاستدلال.

والثاني: حديث أنس الثاني، ذكره للاستشهاد.

والثالث: حديث أبي هريرة، ذكره للاستشهاد.

والرابع: حديث أبي قتادة، ذكره للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 86