المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(28) - (191) - باب المساجد في الدور - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌(1) - (164) - أَبْوَابُ مَوَاقِيتِ الْصَّلَاةِ

- ‌(2) - (165) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(3) - (166) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ

- ‌(4) - (167) - بَابُ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ

- ‌(5) - (168) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(6) - (169) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(7) - (170) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(8) - (171) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(9) - (172) - بَابُ مِيقَاتِ الصَّلَاةِ فِي الْغَيْمِ

- ‌(10) - (173) - بَابُ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا

- ‌(11) - (174) - بَابُ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ

- ‌(12) - (175) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَعَنِ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا

- ‌(13) - (176) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ

- ‌كتاب الأذان

- ‌(14) - (177) - بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ

- ‌(15) - (178) - بَابُ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(16) - (179) - بَابُ السُّنَّةِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(17) - (180) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(18) - (181) - بَابُ فَضْلِ الْأَذَانِ وَثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌(19) - (182) - بَابُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ

- ‌(20) - (183) - بَابُ إِذَا أُذِّنَ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ .. فَلَا تَخْرُجْ

- ‌أبواب المساجد والجماعات

- ‌(21) - (184) - بَابُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌(22) - (185) - بَابُ تَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (186) - بَاب: أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ

- ‌(24) - (187) - بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌فائدة

- ‌(25) - (188) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(26) - (189) - بَابُ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(27) - (190) - بَابٌ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ

- ‌(28) - (191) - بَابُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ

- ‌(29) - (192) - بَابُ تَطْهِيرِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا

- ‌(30) - (193) - بَابُ كَرَاهِيَةِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(31) - (194) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِنْشَادِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(32) - (195) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ

- ‌(33) - (196) - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(34) - (197) - بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(35) - (198) - بَابٌ: الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا

- ‌(36) - (199) - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(37) - (200) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(38) - (201) - بَابُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(39) - (202) - بَابُ لُزُومِ الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ

- ‌(40) - (203) - بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(41) - (204) - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(42) - (205) - بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(43) - (206) - بَابُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ

- ‌(44) - (207) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌(45) - (208) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(46) - (209) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(47) - (210) - بَابُ الْجَهْرِ بِالْآيَةِ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(48) - (211) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(49) - (212) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(50) - (213) - بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ

- ‌(51) - (214) - بَابٌ: فِي سَكْتَتَيِ الْإِمَامِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(52) - (215) - بابٌ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا

- ‌(53) - (216) - بَابُ الْجَهْرِ بِآمِينَ

- ‌(54) - (217) - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكوعِ

- ‌فائدة

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(28) - (191) - باب المساجد في الدور

(28) - (191) - بَابُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ

(85)

- 741 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ -وَكَانَ قَدْ عَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

(28)

- (191) - (باب المساجد في الدُّور)

أي: بيان حكم اتخاذ المساجد في البيوت هل يجوز أم لا؟

* * *

(85)

- 741 - (1)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد الأموي العثماني المدني نزيل مكة، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني أبو إسحاق البغدادي، ثقة حجة، من الثامنة. يروي عنه:(ع)، ط ت سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ).

(عن ابن شهاب) الزهري المدني، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن محمود بن الربيع) بن سراقة بن عمرو (الأنصاري) الخزرجي أبي نعيم المدني الصحابي الصغير رضي الله عنه، وجُلُّ روايته عن الصحابة. يروي عنه:(ع)، وأنس وهو أكبر منه، والزهري، ورجاء بن حيوة، وغيرهم. مات سنة (99 هـ) تسع وتسعين، وله ثلاث وتسعون سنة.

(وكان) محمود مع صغره (قد عقل) وعرف (مجة) أي: بزقة ماء (مجها) أي: مج تلك البزقة (رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه ملاعبة معه،

ص: 250

مِنْ دَلْوٍ فِي بِئْرٍ لَهُمْ-، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ السَّالِمِيِّ وَكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ بَنِي سَالِمٍ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ مِنْ بَصَرِي، وَإنَّ السَّيْلَ يَأْتِينِي فَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ

===

آخذًا تلك المجة (من) ماء (دلو) أي: إناء كائن (في) ماء (بئر) كائن (لهم) في دارهم، وهو ابن خمس سنين، ذكر ذلك إشارة إلى أنه مميز يصلح لتحمل الحديث.

وجملة قوله: (وكان قد عقل

) إلى آخره، جملة معترضة بين خلال سلسلة السند إشارة إلى ما ذكر.

(عن عتبان) بكسر المهملة وسكون المثناة فوق (بن مالك) بن عمرو بن عجلان الأنصاري الخزرجي (السالمي) بالألف بعد المهملة، وفي هامش "التقريب": كذا في النسخ المحفوظة، وفي بعض النسخ المطبوعة: السلمي بلا ألف، ولعلها مخالفة لما يذكر بعد، الصحابي المدني المشهور رضي الله عنه، (وكان) مالك أعمى، ومع ذلك كان (إمام قومه) أي: عشيرته وجيرانه (بني سالم، وكان) مالك (شهد بدرًا) أي: غزوتها (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) مالك: (جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ إني قد أنكرت) وكرهت (من بصري) وعيني شيئًا من النقص، وفي الرواية السابقة في كتاب الإيمان زيادة:(بعض الشيء)، (وإن السيل) أي: سيل الأمطار (يأتيني) ويسيل في وادينا أيام الأمطار، (فـ) خفت أن (يحول) أي: يحجز ذلك السيل (بيني وبين

ص: 251

مَسْجِدِ قَوْمِي، وَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصلِّيَ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلّىً فَأفْعَلْ، قَالَ:"أَفْعَلُ"، فَغَدَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَمَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، وَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنْتُ لَهُ، وَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ

===

مسجد قومي، ويشق عليّ اجتيازه) أي: اجتياز ذلك السيل ومجاوزته إلى المسجد.

(فإن رأيت) يا رسول الله؛ أي: بدا وظهر لك في رأيك، وفيه تفويض الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الأحسن والأدب عند العظماء في طلب الحاجة منهم، لكن لا يجوز مثله في الدعاء من الله تعالى (أن تأتيني) إليّ في بيتي (فتصلي في بيتي) أي: تُعين لي من بيتي (مكانًا أتخذه) أي: اجعله (مصلىً) لنفسي إذا عجزت عن الخروج لليل .. (فافعل) ذلك الإتيان يا رسول الله، جواب إن الشرطية في قوله: فإن رأيت.

فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعتبان: سـ (أفعل) ذلك الإتيان إليك إن شاء الله تعالى، (فغدا) أي: بكّر (رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتي غدوًا (و) معه (أبو بكر) الصديق؛ أي: جاء أول النهار عندي ومعه أبو بكر، وقد ورد أنه قد كان معه عمر أيضًا وغيره، فلعل الاقتصار على ذكر أبي بكر؛ لأنه الرفيق الأول من البيت وغيرهم لحقوه في الطريق، كذا قيل. انتهى "سندي".

وقوله: (بعدما اشتد) حر (النهار) وارتفعت الشمس متعلق بغدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزلي، (و) لما وصل إليه .. (استأذن) أي: طلب الإذن مني في الدخول عليّ، (فأذنت له) في الدخول عليّ (و) لما دخل منزلي .. (لم يجلس حتى قال: أين تحب) أي: أي مكان تحب

ص: 252

أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ؟ "، فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ احْتَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرَةٍ تُصنَعُ لَهُمْ.

===

(أن أصلي لك) فيه (من بيتك؟ فأشرت له) صلى الله عليه وسلم (إلى المكان الذي أُحب أن أُصلي فيه) إذا كنت عاجزًا عن الخروج إلى المسجد، قال مالك:(فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المكان الذي أشرت له، (وصففنا) أي: جعلنا صفوفًا (خلفه) صلى الله عليه وسلم للصلاة، وفيه أن فعل النافلة في النهار جماعة مشروع، وقد جاء كثرة الجماعة في هذه الصلاة، فعدُّ بعضِ العلماء إياها بدعة .. لا يخلو عن إشكال.

(فصلى بنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ركعتين)، قال مالك:(ثم) بعدما فرغ من الصلاة .. (احتبسته) أي: منعته من الخروج والرجوع حتى يأكلوا ضيافتنا (على خزيرة) أي: لأجل أن يأكلوا من خزيرة (تُصنع لهم) أي: صُنعت لهم، والخزيرة -بفتح الخاء المعجمة-: طعام يُتخذ من لحم يُقطّع صغارًا، ثم يُطبخ ويُجعل عليه دقيق. انتهى "سندي".

ورواية ابن ماجه في هذا الحديث: (فقام رسول الله، وصففنا خلفه، فصلى بنا ركعتين) معارضة لرواية مسلم: (فدخل وهو يصلي في منزلي، وأصحابه يتحدثون فيما بينهم

) الحديث.

قلت: لا معارضة؛ لأن رواية مسلم التي نفت صلاة أصحابه معه هي في غير الركعتين، أما هما .. فصلوهما معه، ثم شرعوا في الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي ما بعدهما وحده.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث، البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: في كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، رقم (425)، ومسلم في كتاب

ص: 253

(86)

- 742 - (2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الْمُقْرِئُ،

===

المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة (263)، والنسائي في كتاب الإمامة، ومالك في "الموطأ".

ودرجة هذا الحديث: أنه في أعلى الدرجات؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

قال القاضي عياض: وفي الحديث اتخاذ المساجد في الدّور، قيل: وفيه إمامة الزائر، لكن بإذن رب المنزل، فلا يعارض حديث النهي عن ذلك، وليس فيه ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أحق بالإمامة حيث حلَّ، وقد قالوا: إن الأمير أحق من رب المنزل إذا حضر، فكيف به صلى الله عليه وسلم وهو حق لصاحب المنزل مع غيره صلى الله عليه وسلم، فإذا قدّم غيره .. جاز، قال النووي: في الحديث التزام الصلاة بموضع معين، وإنما يُكره ذلك في المسجد عند خوف الرياء، وفيه أنه لا بأس أن يجعل الرجل في بيته مسجدًا يُصلي فيه، قال ابن رشد: ويُحترم احترام المسجد، وقال ابن عرفة: ليست له حرمة المسجد. انتهى من "الأبي"، وفيه أنه أباح له الصلاة في بيته؛ لتحقق عذره، ولأن مثل هذا لا يقدر على الوصول إلى المسجد مع الأمطار وسيل الوادي وكونه أعمى. انتهى من "الكوكب".

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عتبان بن مالك بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(86)

- 742 - (2)(حدثنا يحيى بن الفضل) بن يحيى بن كيسان بن عبد الله العنزي -بفتح المهملة والنون ثم زاي- أبو زكرياء البصري (المقرئ) المعروف بالخرقي- بكسر المعجمة وفتح الراء ثم قاف- صدوق، من الحادية

ص: 254

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعَالَ فَخُطَّ لِي مَسْجِدًا فِي دَارِي أُصَلِّي فِيهِ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا عَمِيَ،

===

عشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ)، وذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه:(د ق).

(حدثنا أبو عامر) العقدي -بفتح العين والقاف- عبد الملك بن عمرو القيسي، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس ومئتين (205 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عاصم) بن سليمان الأحول البصري، ثقة، من الرابعة، مات بعد سنة أربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي صالح) السمان ذكوان القيسي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.

(أن رجلًا من الأنصار) والرجل المبهم في هذا الحديث هو عتبان بن مالك الأنصاري، وهو في "الصحيحين" و"النسائي" من حديث عتبان بن مالك (أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (أن تعال) وأقبل إلى بيتي (فخُطّ) أي: عيّن (لي مسجدًا في داري) أي: مكان صلاة (أُصلي فيه) إذا عجزت عن الخروج إلى مسجد قومي، (وذلك) أي: طلب الرجل من النبي صلى الله عليه وسلم الإقبال إليه وتعيين موضع الصلاة له (بعدما عمي) ذلك

ص: 255

فَجَاءَ فَفَعَلَ.

(87)

-743 - (3) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ،

===

الرجل وفقد بصره، (فجاء) النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، (ففعل) النبي صلى الله عليه وسلم ما طلب الرجل منه من تخطيط موضع الصلاة له وتعيينه بالصلاة فيه.

قال السندي: قوله: (فخُطّ لي) أي: عيّن لي بالصلاة فيه، وقوله:(أُصلي فيه) صفة مسجدًا.

واعلم: أن هذا الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عتبان بن مالك، والرجل المبهم هو عتبان، وإنما أورده المؤلف؛ لكونه من طريق أبي هريرة.

قلت: ولا يشكل بما في حديث عتبان أنه جاء إليه صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحديث أنه أرسل إليه لاحتمال أنه جاء إليه أولًا، ثم أرسل إليه ثانيًا، أو بالعكس لزيادة التأكيد، كيف وقد جاء في روايات حديث عتبان أنه أرسل إليه؟ ! فتأمل.

وحديث أبي هريرة هذا انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله شاهد في "الصحيحين"، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عتبان.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عتبان بن مالك بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(87)

-743 - (3)(حدثنا يحيى بن حكيم) المقوّمي -بضم الميم وتشديد الواو المكسورة على صيغة اسم الفاعل- أبو سعيد البصري، ثقة حافظ

ص: 256

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِي، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَنَعَ بَعْضُ عُمُومَتِي

===

عابد مصنف، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) وقد يُنسب لجده، وقيل: هو إبراهيم أبو عمرو البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان أبي عون البصري، ثقة ثبت فاضل، من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن سيرين) الأنصاري مولاهم أبي موسى البصري، ثقة، من الثالثة، مات سنة ثماني عشرة ومئة، وقيل: سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود) العبدي البصري. روى عن: أنس بن مالك، ويروي عنه:(ق)، وأنس بن سيرين.

قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له ابن ماجه حديثًا واحدًا في السؤال عن صلاة الضحى، وقال في "التقريب": ثقة، من الخامسة.

(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أنس: (صنع بعض عمومتي) أي: صنع بعض أقاربي من أصحاب

ص: 257

لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي وَتُصَلِّيَ فِيهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ، وَفِي الْبَيْتِ فَحْلٌ مِنْ هَذِهِ الْفُحُولِ، فَأَمَرَ بِنَاحِيَةٍ مِنْهُ فَكُنِسَ وَرُشَّ، فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ،

===

عمومتي، لم أر من عيّن ذلك البعض؛ أي: هيأ وطبخ (للنبي صلى الله عليه وسلم أي: لأجل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته (طعامًا) أي: طعام عزومة، (فقال) ذلك البعض (للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أُحب) وأتمنى (أن) تأتي وتحضر إلى بيتي، و (تأكل) طعام العزومة (في بيتي، وتُصلي) لي صلاة (فيه) أي: في بيتي؛ لأتخذ ذلك المكان مصلىً ومسجدًا لنفسي إذا عجزت عن الخروج إلى المسجد ولم أتمكن منه.

(قال) أنس: (فأتاه) أي: فأتى ذلك البعض النبي صلى الله عليه وسلم في بيته (وفي البيت) أي: والحال أن في بيت ذلك البعض (فحل) أي: حصير نسج من ورق النخل الذكر، والفحل -بفتح الفاء وسكون الحاء المهملة- هو الذكر ضد الأنثى، أُريد به ها هنا: الحصير المتخذ من بعض ذكر النخل، فجاز فيه التذكير؛ أي: والحال أن في بيته حصيرًا نُسج من سعف النخل الذكر (من هذه الفحول) أي: حصير من هذه الحصر المنسوجة من خوص النخل الذكر، خصّه بالذكر لقوته وصفاقته على غيره.

(فأمر) ذلك البعض لبعض خدمه (بناحية منه) أي: بكنس ناحية وجانب من بيته وتنظيفه من القمامة؛ ليُصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم، (فكُنس) ذلك الجانب (ورُشّ) ماءً ليُبرد بالبناء للمفعول في الفعلين؛ أي: صُفِّي ذلك الموضع من القمامة ورُش ماءً وفُرش فيه حصير الفحل، (فصلى) في ذلك الموضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وصلينا معه) صلى الله عليه وسلم.

ص: 258

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ مَاجَهْ: الْفَحْلُ: هُوَ الْحَصِيرُ الَّذِي قَدِ اسْوَدَّ.

===

(قال أبو عبد الله) بالسند السابق محمد بن يزيد (بن ماجه) رحمه الله تعالى؛ يعني: المؤلف: (الفحل) هنا (هو الحصير الذي قد اسودَّ) لطول عهده، وهو من كلام أبي الحسن القطان راوية المؤلف وتلميذه.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 259