المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(23) - (186) - باب: أين يجوز بناء المساجد - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌(1) - (164) - أَبْوَابُ مَوَاقِيتِ الْصَّلَاةِ

- ‌(2) - (165) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(3) - (166) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ

- ‌(4) - (167) - بَابُ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ

- ‌(5) - (168) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(6) - (169) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(7) - (170) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(8) - (171) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(9) - (172) - بَابُ مِيقَاتِ الصَّلَاةِ فِي الْغَيْمِ

- ‌(10) - (173) - بَابُ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا

- ‌(11) - (174) - بَابُ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ

- ‌(12) - (175) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَعَنِ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا

- ‌(13) - (176) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ

- ‌كتاب الأذان

- ‌(14) - (177) - بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ

- ‌(15) - (178) - بَابُ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(16) - (179) - بَابُ السُّنَّةِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(17) - (180) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(18) - (181) - بَابُ فَضْلِ الْأَذَانِ وَثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌(19) - (182) - بَابُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ

- ‌(20) - (183) - بَابُ إِذَا أُذِّنَ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ .. فَلَا تَخْرُجْ

- ‌أبواب المساجد والجماعات

- ‌(21) - (184) - بَابُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌(22) - (185) - بَابُ تَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (186) - بَاب: أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ

- ‌(24) - (187) - بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌فائدة

- ‌(25) - (188) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(26) - (189) - بَابُ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(27) - (190) - بَابٌ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ

- ‌(28) - (191) - بَابُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ

- ‌(29) - (192) - بَابُ تَطْهِيرِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا

- ‌(30) - (193) - بَابُ كَرَاهِيَةِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(31) - (194) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِنْشَادِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(32) - (195) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ

- ‌(33) - (196) - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(34) - (197) - بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(35) - (198) - بَابٌ: الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا

- ‌(36) - (199) - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(37) - (200) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(38) - (201) - بَابُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(39) - (202) - بَابُ لُزُومِ الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ

- ‌(40) - (203) - بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(41) - (204) - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(42) - (205) - بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(43) - (206) - بَابُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ

- ‌(44) - (207) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌(45) - (208) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(46) - (209) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(47) - (210) - بَابُ الْجَهْرِ بِالْآيَةِ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(48) - (211) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(49) - (212) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(50) - (213) - بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ

- ‌(51) - (214) - بَابٌ: فِي سَكْتَتَيِ الْإِمَامِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(52) - (215) - بابٌ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا

- ‌(53) - (216) - بَابُ الْجَهْرِ بِآمِينَ

- ‌(54) - (217) - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكوعِ

- ‌فائدة

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(23) - (186) - باب: أين يجوز بناء المساجد

(23) - (186) - بَاب: أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ

؟

(73)

- 729 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبي التَّيَّاحِ الضُّبَعِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ مَوْضِعُ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

===

(23)

- (186) - (باب: أين يجوز بناء المساجد؟ )

أي: هذا باب معقود في بيان حديث يكون جوابًا لهذا الاستفهام المذكور في الترجمة.

* * *

(73)

- 729 - (1) حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي -بفتح الطاء المهملة وتخفيف النون وبعد الألف فاء ثم مهملة- ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا وكيع) بن الجرّاح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن أبي التيّاح) - بمثناة ثم تحتية مشددة - يزيد بن حميد (الضبعي) -بضم المعجمة وفتح الموحدة البصري مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن مالك) البصري رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات أثبات.

(قال) أنس: (كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بستانًا

ص: 212

لِبَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَمَقَابِرُ لِلْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ثَامِنُونِي بِهِ"، قَالُوا: لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا أَبَدًا،

===

(لبني النجار) اسم قبيلة من الأنصار، (وكان فيه) أي: في ذلك الموضع (نخل) لهم (ومقابر للمشركين) من الجاهلية، (فقال لهم) أي: لبني النجار (النبي صلى الله عليه وسلم: ثامنوني) يا بني النجار (به) أي: بهذا الموضع؛ أي: اذكروا لي ثمنه وقيمته؛ أي: خذوا مني الثمن في مقابلته وأعطوني به. انتهى من "النهاية" أي: بيعونيه بالثمن، قال الحافظ: هو بالمثلثة؛ أي: اذكروا لي ثمنه لأذكر لكم الثمن الذي اختاره؛ قال ذلك على سبيل المساومة، فكأنه قال: ساوموني في الثمن. انتهى من "العون".

(قالوا) أي: قال بنو النجار: (لا نأخذ له) أي: لأجل هذا الموضع وفي مقابلته (ثمنًا) قليلًا ولا كثيرًا (أبدًا) أي: أصلًا، ولفظ الأبد ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان؛ أي: في زمن من الأزمنة المستقبلة، والمعنى: أي نعطيه تقربًا به إلى الله تعالى.

وظاهر رواية "الصحيحين" أنهم أخذوا ثمنه، لكن أهل السير ذكروا أنه أخذ منهم بالثمن، وأبو بكر أعطاه. انتهى "سندي"، وفي رواية مسلم:"ثامنوني بحائطكم هذا" أي: اذكروا لي ثمن حائطكم هذا، فأدفعه لكم، فأبتني فيه مسجدًا، وفي "النهاية": أي: قرروا معي ثمنه وبيعونيه بالثمن، يقال: ثامنت الرجل في البيع أثامنه؛ إذا قاولته في ثمنه وساومته على بيعه واشترائه. انتهى.

والمعنى: سموا لي ثمن بستانكم هذا، وبينوا لي كم تريدون وبيعوني به، قال الخطابي: فيه أن البائع أحق بتعيين الثمن، قال المازري: وقيل: بل فيه أن المشتري هو الذي يبدأ بذكره، وفيه نظر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يعين ثمنًا، وإنما ذكر مجملًا.

ص: 213

قَالَ: فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْنِيهِ وَهُمْ يُنَاوِلُونَهُ،

===

(قالوا) أي: قال بنو النجار: (لا) نطلب (والله) ثمنه إلى أحد، والله (لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله) بل ندخر أجره عند الله سبحانه وتعالى؛ أي: لا نطلب رغبة إلى شيء إلَّا إلى ثواب الله تعالى، كذا في "المبارق"، وفي "القسطلاني" أي: إلَّا من الله تعالى، كما وقع للإسماعيلي. انتهى.

قال ابن الملك: هذا الحديث يدلُّ على أنهم لَمْ يأخذوه، ولكن ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منهم بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر، ولعل التوفيق بينهما: بأن يكون الشراء بها واقعًا، والتزم دفعها أبو بكر، ولم يقبلوه منه. انتهى من شرحه على "المشارق".

وفيه اتخاذ المساجد، وهو فرض على قوم استوطنوا موضعًا؛ لأن الجمعة فرض عليهم وشرطها الجامع على المشهور، وصلاة الجماعة سنة، وسنتها الجامع وإقامة السنن الظاهرة واجبة على أهل المصر؛ لأنَّها لو تركت .. ماتت، والمخاطب بنصب المسجد الإمام وعليه يدلُّ الحديث، وإلا .. فعلى الجماعة، وكذا على الإمام أن يجري الرزق لإمام المسجد، وإلا .. فعلى الجماعة، والواجب اتخاذ مسجد واحد، فإن كفى للجماعة والجمعة .. فذاك، وإن لَمْ يكف .. فالظاهر أن اتخاذ مسجد ثان مندوب إليه؛ لأن فرض إقامة السنة تسقط بالأول، وهو في ذلك كالأذان فرض على أهل المصر، سنة في مساجد الجماعات، وفي "المدونة": والمسجد وقف لا يورث إذا كان صاحبه قد وقفه للناس، وأكره أن يبنى فوقه بيتًا لا تحته. انتهى من "الأبي""كوكب".

(قال) أنس: (فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبنيه) أي: يبني المسجد بنفسه، ظاهره أنه كان مباشرًا للبناء بيده الشريفة، (وهم) أي الأصحاب (يناولونه) صلى الله عليه وسلم؛ أي: يعطون النبي صلى الله عليه وسلم أداة

ص: 214

وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

"أَلَا إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ

فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ"

قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ الْمَسْجِدَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ.

===

البناء من الحجر والطين، (والنبي صلى الله عليه وسلم يقول) مرتجزًا؛ تنشيطًا لهم على العمل، وتسهيلًا للعمل عليهم، وتبشيرًا لهم بما أعد الله لهم من الخير في مقابلة ما هم فيه من صالح الأعمال رضي الله عنهم:

(ألا إن العيش عيش الآخره

فاغفر للأنصار والمهاجره

قال) أنس: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي) الصلاة المفروضة وغيرها (قبل أن يبني المسجد) النبوي (حيث أدركته الصلاة) أي: في أي مكان دخل عليه وقتها، ولو في مرابض الغنم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: في كتاب الصلاة، باب هل تُنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، رقم (438)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (524)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب في بناء المسجد، رقم (453)، والنسائي في كتاب المساجد، باب نبش القبور واتخاذ أرضها مسجدًا (701).

فدرجة هذا الحديث: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنهم، فقال:

ص: 215

(74)

-730 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَسْجِدَ الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَ طَاغِيَتُهُمْ.

===

(74)

-730 - (2)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ فاضل، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ)، وله ست وثمانون سنة. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا أبو همّام الدلال) محمد بن محبب - بموحدتين بعد المهملة على وزن محمد - ابن إسحاق القرشي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة إحدى وعشرين ومئتين (221 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا سعيد بن السائب) بن يسار الثقفي الطائفي، وهو ابن أبي يسار، ثقة عابد، من السابعة، مات سنة إحدى وسبعين ومئة (171 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(عن محمد بن عبد الله بن عياض) الطائفي، مقبول، من الثالثة، روى عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، ويروي عنه:(د ق)، وسعيد بن السائب الثقفي الطائفي، ذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن عثمان بن أبي العاص) الثقفي الطائفي أبي عبد الله، الصحابي المشهور، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف، ومات في خلافة معاوية بالبصرة. يروي عنه:(م عم).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف) ويبنيه (حيث كان طاغيتهم) معبودًا فيه؛ أي: صنمهم، والطاغية مبالغة الطاغي،

ص: 216

(75)

- 731 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،

===

كالراوية مبالغة الراوي، قال السندي: الطاغية: هي ما كانوا يعبدونه من دون الله تعالى من الأصنام وغيرها.

وفي "العون": قوله: (حيث كان طواغيتهم) جمع طاغوت؛ وهو بيت الصنم الذي كانوا يتعبدون فيه لله تعالى ويتقربون إليه بالأصنام على زعمهم، وعثمان بن أبي العاص المذكور هو الثقفي، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين استعمله على الطائف.

والحديث يدلُّ على جواز جعل الكنائس والبيع وأمكنة الأصنام مساجد، وكذلك فعل كثير من الصحابة حين فتحوا البلاد، جعلوا متعبداتهم متعبدات للمسلمين وغيّروا محاريبها، وإنما صُنع ذلك لانتهاك الكفر وإيذاء الكفار حيث عبدوا غير الله هناك، وقد عمل على هذه السنة ملك الهند السلطان العادل عالم كبير رحمه الله حيث بنى عدة مساجد في معبد الكفار، خذلهم الله تعالى. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب بناء المسجد، رقم (447).

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به، ولا تغتر بما كتبوا في تقارير ابن ماجة من ضعفه.

* * *

ثم استطرد المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(75)

- 731 - (3)(حدثنا محمد بن يحيى) الذهلي النيسابوري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم)، كما مر في السند قبل هذا.

ص: 217

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسُئِلَ عَنِ الْحِيطَانِ تُلْقَى فِيهَا الْعَذِرَاتُ

===

(حدثنا عمرو بن عثمان) بن سيّار الكلابي أبو سعيد الرقي. روى عن: موسى بن أعين، وإسماعيل بن عياش، ويروي عنه:(ق)، والذهلي، وعمرو الناقد، ضعيف، وكان قد عمي، من كبار العاشرة، مات سنة سبع عشرة أو تسع عشرة ومئتين (219 هـ). انتهى "تقريب".

قال النسائي والأزدي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة عن زهير وغيره، وقد روى عنه ناس من الثقات، وهو ممن يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات". انتهى "تهذيب".

(حدثنا موسى بن أعين) الجزري أبو سعيد القرشي مولاهم، ثقة عابد، من الثامنة، مات سنة خمس أو سبع وسبعين (177 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم أبو بكر المدني نزيل العراق إمام المغازي، صدوق يدّلس، ورُمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن نافع) مولى ابن عمر العدوي.

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن إسحاق وهو مختلف فيه.

(و) قد (سئل) ابن عمر، ولم أر من ذكر اسم السائل (عن) حكم (الحيطان) والبساتين التي (تُلقى) وتُرمى (فيها العذرات) -بفتح العين وكسر المعجمة- جمع عذرة -بفتح العين وسكون المعجمة- وهي روث الإنسان؛ أي: ترمى فيها العذرات والسراجين والسمادات لإصلاحها؛ أي: سئل

ص: 218

فَقَالَ: "إِذَا سُقِيَتْ مِرَارًا .. فَصَلُّوا فِيهَا"، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

===

عن حكمها هل هي نجسة أم طاهرة؟ (فقال) ابن عمر في جواب السائل: (إذا سُقيت) تلك الحيطان والبساتين؛ أي: سُقي ما فيها من الأشجار والزروع بماء الأمطار أو بماء الأنهار والآبار (مرارًا) أي: مرات كثيرة بحيث يظن انعدام العذرات فيها وتأكلها بالتراب .. (فصلوا فيها) أي: في تلك الحيطان بلا حائل؛ لأنَّها طاهرة؛ لغلبة ظن الطهارة فيها مع أن الأصل في كلّ شيء الطهارة، ولضرورة احتياج الفلاحين إلى الصلاة فيها إذا أدركهم وقت الصلاة وهم مشغولون فيها؛ أي: فقال ابن عمر: صلوا فيها حالة كونه (يرفعه) أي: يرفع هذا الحكم (إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويسنده إليه صلى الله عليه وسلم.

قوله: (عن الحيطان) قال السندي: الحيطان جمع حائط؛ أي: عن البساتين، قوله:(إذا سُقيت) على صيغة البناء للمفعول (مرارًا) أي: بحيث يظن أنه ما بقي فيها أثر النجاسة؛ من لونه وريحه وطعمه، من كثرة ما مر عليها من المياه. انتهى.

قيل: وكذلك إذا مرت عليها سنون، بحيث يظن انعدام أثر النجاسة لتأكل الأرض لها؛ لأن التراب أحد الطهورين، كذا قال بعض الفقهاء.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وقد روى هذا الحديث ابن إسحاق عن عطاء والزهري، ويروي عنه شعبة والسفيانان والحمادان ويونس بن بكير، وأحمد بن خالد كان صدوقًا، ومن بحور العلم، وله غرائب في سعة ما روى تُستنكر، واختلف في الاحتجاج به، وحديثه حسن، وقد صححه جماعة، مات سنة (151 هـ) قال الذهبي في "الكاشف"(18/ 3)، رقم (4789): وثقه غير

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واحد، ووهّاه آخرون؛ كالدارقطني، وهو صالح الحديث ما له عندي ذنب إلَّا ما قد حشاه في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأخبار المكذوبة.

قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لأن محمد بن إسحاق مختلف فيه، وغرضه بسوقه: الاستطراد للترجمة، فهو حديث استطرادي، وعليه جرى أكثر الفقهاء؛ لضرورة احتياج الفلاحين إلى الصلاة فيها، خصوصًا عند كثرة الأمطار.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد، والثالث للاستطراد، وكلها صحاح.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 220