الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
- كتاب الأذان
(14) - (177) - بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ
===
(3)
- (كتاب الأذان)
وفي المخطوطة: (أبواب الأذان والسنة فيه)، وهو الموافق لاصطلاحاتهم في ترتيب الكتب الفقهية وأبوابها؛ لأن الأذان داخل في كتاب الصلاة ليس مستقلًّا عنها.
* * *
(14)
- (177) - (باب بدء الأذان)
أي: باب في ابتداء الأذان، والأذان لغة: الإعلام، ومنه قوله:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (1)، وقوله:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} (2)، وشرعًا: الإعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة بألفاظ مخصوصة.
قال الحافظ في "الفتح": وردت أحاديث تدل على أن الأذان شُرع بمكة قبل الهجرة، فذكر تلك الأحاديث، ثم قال: والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور في ذلك على ما في حديث عبد الله بن عمر، ثم حديث عبد الله بن زيد. انتهى كلام الحافظ، والمراد بحديث عبد الله بن عمر وحديث عبد الله بن
(1) سورة التوبة: (3).
(2)
سورة الحج: (27).
(39)
-695 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ،
===
زيد .. اللذان رواهما الترمذي في هذا الباب. انتهى "تحفة الأحوذي".
* * *
(39)
- 695 - (1)(حدثنا أبو عبيد محمد بن عبيد بن ميمون المدني) التبّان -بفتح التاء وتشديد الموحدة- التيمي مولاهم، صدوق يخطئ، من العاشرة. يروي عنه:(خ ق).
(حدثنا محمد بن سلمة) بن عبد الله الباهلي مولاهم (الحراني) ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى وتسعين ومئة (191 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م عم).
(حدثنا محمد بن إسحاق) بن يسار بن خيار المدني أبو بكر، ويقال: أبو عبد الله المطلبي مولاهم، نزيل العراق، رأى أنسًا وابن المسيب. روى عن: محمد بن إبراهيم التيمي، ويروي عنه:(م عم)، ومحمد بن سلمة الحراني، صدوق يدلس ورُمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة، وقيل بعدها.
(حدثنا محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد (التيمي) أبو عبد الله المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عبد الله بن زيد) بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي المدني. روى عن: أبيه، وأبي مسعود الأنصاري، ويروي عنه:(م عم)، ومحمد بن إبراهيم التيمي.
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ هَمَّ بِالْبُوقِ وَأَمَرَ بِالنَّاقُوسِ فَنُحِتَ،
===
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وقال ابن منده: وُلد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال في "التقريب": ثقة، من الثالثة.
(عن أبيه) عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي أبي محمد المدني الصحابي المشهور الذي أُري الأذان رضي الله عنه، مات سنة اثنتين وثلاثين (32 هـ)، وصلى عليه عثمان، وقيل: استشهد بأحد. يروي عنه: (عم).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس رُمي بالتشيع والقدر.
(قال) عبد الله بن زيد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اهتم واعتنى لجمع الناس للصلاة بعلامة يجتمعون لها عند رؤية تلك العلامة كنار أو سماعها، حتى (قد هم) وقصد (بـ) النفخ في (البوق) وهو قرن يُنفخ فيه فيخرج منه صوت عال يُسمع للناس بمشورة من بعض الناس، والمراد: أنه يُنفخ فيه عند في خول وقت الصلاة، فيجتمعون عند سماع صوته، فقالوا: هو من شعار اليهود، فتركوه؛ يعني: قد ذكروا له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ البوق ليجمع الناس على الصلاة باستماع صوته حين لم يكن لهم أذان.
وقد جاء أنه كرهه من أجل أنه من دأب اليهود، فكأنه أحيانًا كان يميل في أثناء المشورة إليه للضرورة، فقيل: إنه قد همّ به، فذكر له الناقوس بعدما أعرضوا عن البوق، (وأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بـ) نحت (الناقوس، فنُحت) الناقوس بأمره، وأمر باتخاذه؛ وهي خشبة طويلة
فَأُرِيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ فِي الْمَنَامِ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ؛ تَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قُلْتُ: أُنَادِي بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ:
===
تُضرب بخشبة أصغر منها واسمه الوبيل، تضربه النصارى لأوقات صلاتهم، والمشهور أنه كرهه؛ لأنه من أمر النصارى، فكأنه مال إليه في أثناء المشورة للاضطرار بعد ذلك.
قوله: (فنُحت) بالبناء للمجهول من النحت؛ وهو نجر الخشب؛ أي: فسعوا فيمن ينحته، (فـ) بينما هم على ذلك (أُري) بالبناء للمفعول؛ أي: أُخبر (عبد الله بن زيد) بن عبد ربه (في المنام) بألفاظ الأذان، وفي بعض النسخ:(فرأى عبد الله بن زيد) بالبناء للفاعل، (قال) عبد الله بن زيد:(رأيت) في منامي ذلك (رجلًا عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا) مثل ناقوس النصارى، قال عبد الله:(فقلت له) أي: لذلك الرجل الحامل للناقوس: (يا عبد الله) أ (تبيعـ) ـني هذا (الناقوس) الذي تحمله؟
(قال) لي ذلك الرجل الحامل للناقوس: (وما تصنع به؟ ) أي: وأي شيء تصنع بهذا الناقوس إذا بعته لك؟ قال عبد الله بن زيد: (قلت) لذلك الرجل في جواب سؤاله: (أُنادي) وأدعو الناس (به) أي: بضرب هذا الناقوس (إلى الصلاة) بعد دخول وقتها، (قال) لي ذلك الرجل:(أ) تقول ذلك (فلا أدلك على خير) أي: على ما هو خير لك وأفضل (من ذلك) أي: من ضرب الناقوس لدعوة الناس إلى الصلاة؟
قال عبد الله: (قلت) لذلك الرجل: (وما هو؟ ) أي: وأي شيء هو أفضل من ضرب الناقوس في دعوة الناس إلى الصلاة؟ (قال) لي الرجل: إذا أردت
تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ،
===
دعوة الناس إلى الصلاة .. (تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر) أربع مرات؛ أي: أكبر من أن يُعرف كنه كبريائه وعظمته، أو من أن يُنسب إليه ما لا يليق بجلاله، أو من كل شيء سواه، وقيل: معناه: الله كبير، وقال بعض المحققين: إن أفعل قد يُقطع عن متعلقه قصدًا إلى نفس الزيادة وإفادة المبالغة، ونظيره فلان يُعطي ويمنع، وعلى هذا يحمل كل ما جاء من أوصاف الباري جل وعلا نحو أعلم.
ولعل وجه تكريره أربعًا إشارة إلى أن هذا الحكم جار في الجهات الأربع، وسار في تطهير شهوات النفس الناشئة عن طبائعها الأربع، كذا قال القاري. انتهى "بذل المجهود".
وينبغي الاحتراز عن اللحن في أكبر بزيادة ألف بين الباء والراء؛ فإنه يصير بمعنى الطبل جمع كبر كسبَب وأسباب. انتهى "ابن رسلان".
(أشهد أن لا إله) أي: لا معبود بحق في الوجود (إلا الله) أي: إلا المعبود المستحق منكم العبادة، (أشهد أن لا إله إلا الله) ومعنى أشهد: أعلم وأبيّن، ومن ذلك: شهد الشاهد عند القاضي؛ معناه: قد بيّن له وأعلمه الخبر الذي عنده، وقال أبو عبيدة: معناه: أقضي كما في شهد الله، معناه: قضى الله، قال الزجاج: ليس كذلك، وإنما حقيقة الشهادة هو تيقن الشيء وتحققه من شهادة الشيء؛ أي: حضوره.
(أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي) اسم فعل أمر بمعنى: هلموا (على الصلاة) وأقبلوا إليها، قال الفراء: معنى حي: هلم،
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؟ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ رَأَى رُؤْيَا،
===
وفُتحت الياء من حي لسكون الياء التي قبلها. انتهى؛ أي: هلموا إليها وأقبلوا عليها (حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح) أي: أسرعوا إلى ما هو سبب الخلاص من العذاب، والظفر بالثواب، والبقاء في دار المآب؛ وهو الصلاة. انتهى من "البذل".
(الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله) ختم به؛ ليتوافق النهاية والبداية؛ إيماءً إلى أنه الأول والآخر، (قال) محمد بن عبد الله بن زيد:(فخرج) والدي (عبد الله بن زيد) صاحب الرؤيا من منزله (حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره) أي: أخبر عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم (بـ) خبر (ما رأى) من الرؤيا، فـ (قال) عبد الله في إخباره للنبي صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله) إني (رأيت) في منامي (رجلًا عليه ثوبان أخضران) أي: لهما خضرة كلون النبات، والجملة الاسمية صفة أولى لـ (رجلًا)، وكذا الجملة الفعلية في قوله:(يحمل) ذلك الرجل في يده (ناقوسًا) صفة ثانية لـ (رجلًا).
(فقصّ) عبد الله بن زيد؛ أي: عرض (عليه) صلى الله عليه وسلم (الخبر) أي: خبر ما رأى في رؤياه بتمامه، (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا لمن عنده:(إن صاحبكم) هذا (قد رأى) في منامه (رؤيا) حق في شأن ما تشاورنا فيه؛ أي: رأى رؤيا صادقة مطابقة للوحي أو موافقة
فَاخْرُجْ مَعَ بِلَالٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ
===
للاجتهاد، وكانت رؤياه هذه في السنة الأولى من الهجرة بعد بناء المسجد، قال الترمذي عن البخاري: لا يُعرف له إلا حديث الأذان، وكذا قال ابن عدي، قال الحافظ: وقد وجدت له أحاديث غير حديث الأذان.
قال عبد الله بن زيد: (فـ) قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اخرج) يا عبد الله (مع بلال إلى) سطح (المسجد، فألقها) أي: ألق هذه الكلمات التي رأيتها (عليه) أي: على بلال واقرأها عليه.
وقوله: "إن صاحبكم رأى رؤيا فاخرج" فيه أنه كيف أثبت الأذان برؤيا عبد الله بن زيد مع أن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها الأحكام؟
أُجيب: بأنه جاء في رواية أبي داوود أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إنها رؤيا حق إن شاء الله" وهو يفيد أنه صلى الله عليه وسلم ما عمل برؤيا رجل إلا بعد معرفته أنها حق؛ إما بوحي أو إلهام أو باجتهاد منه من حيث إنه رأى نظمًا يبعد فيه مداخل الشيطان، أو من حيث إنه ذكر نداء الناس للصلاة، وكل ذلك جائز في نفسه لا يُتوقع عليه ترتب خلل.
والحاصل: أن بناء الأحكام على رؤيا غير الأنبياء بعد معرفة نبي أنها حق مما لا ريب فيه، والثابت مما نحن فيه هو هذا لا بناء الأحكام على مجرد الرؤيا، فلا إشكال.
وقوله: "إن شاء الله" في رواية أبي داوود .. لا يُفيد الشك في كونها حقًّا عنده، بل قد يكون للتبرك وغيره، والله تعالى أعلم، ثم هذا الإشكال والحاجة إلى الجواب عنه إنما هو بالنظر إلى الابتداء، وأما بالنظر إلى البقاء .. فالتقرير يكفي ضرورة أنه لا يقرر على الخطأ، وقد قرر على الأذان. انتهى من "السندي".
وَلْيُنَادِ بِلَالٌ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ"، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ بِلَالٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَعَلْتُ أُلْقِيهَا عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَادِي بِهَا، قَالَ: فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالصَّوْتِ فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَاللهِ؛ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَكَمِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فِي ذَلِكَ:
أَحْمَدُ اللهَ ذَا الْجَلَالِ وَذَا الْإِكْـ
…
ـرَامِ حَمْدًا عَلَى الْأَذَانِ كَثِيرَا
إِذْ أَتَانِي بِهِ الْبَشِيرُ مِنَ اللهِ
…
فَأَكْرِمْ بِهِ لَدَيَّ بَشِيرَا
===
(وليناد) بها (بلال؛ فإنه) أي: فإن بلالًا (أندى) وأرفع (صوتًا منك، قال) عبد الله: (فخرجت مع بلال إلى) سطح (المسجد، فجعلت) أي: شرعت (ألقيها) أي: أمليها (عليه) أي: على بلال (وهو) أي: بلال (يُنادي بها) أي: بهذه الكلمات؛ لأنه أرفع مني صوتًا، فنادى بها بلال (قال: فسمع عمر بن الخطاب بالصوت) أي: بصوت أذان بلال، (فخرج) عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فقال) عمر له صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله؛ والله؛ لقد رأيت) في منامي (مثل) هذا (الذي رأى) عبد الله بن زيد.
(قال أبو عبيد) شيخ المؤلف محمد بن عبيد بن ميمون المدني: (فأخبرني أبو بكر الحكمي) حكى شعر عبد الله بن زيد في قصة الأذان، روى عنه أبو عبيد محمد بن عبيد وابن ماجه بواسطة أبي عبيد المدني، قال في "التقريب": هو من مشايخ ابن ماجه، مجهول، من الثامنة. انتهى.
(أن عبد الله بن زيد الأنصاري قال في ذلك) أي: في رؤية الأذان في المنام ثلاث أبيات من بحر الخفيف:
(أحمد الله ذا الجلال وذا الإكـ
…
ـرام حمدًا على الأذان كثيرا
إذ أتاني به البشير من الله
…
فأكرم به لديّ بشيرا
فِي لَيَالٍ وَالَى بِهِنَّ ثَلَاثٍ
…
كُلَّمَا جَاءَ زَادَنِي تَوْقِيرَا
(40)
- 696 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ،
===
في ليال والى بهن ثلاث
…
كلما جاء زادني توقيرا)
أي: أحمد الله ذا الجلال والعظمة وذا الإكرام والإحسان؛ على رؤيتي الأذان في المنام حمدًا كثيرًا؛ إذ أتاني البشير من الله به؛ أي: بالأذان، فأكرم به؛ أي: بذلك البشير لدي؛ أي: عندي من جهة كونه بشيرًا؛ أي: مبشرًا لي بتلك الرؤيا، وقوله:(فأكرم به) لفظه لفظ أمر، ومعناه الفعل الماضي، وهي إحدى صيغتي التعجب المشهورتين، والمعنى: ما أكرم به لدي من جهة كونه مبشرًا! وقوله: (في ليالٍ) متعلق بأتاني؛ أي: إذ أتاني بهن؛ أي: بكلمات الأذان في ثلاث ليال متواليات؛ أي: متتابعات، كلما جاءني .. زادني ذلك البشير توقيرًا وتعظيمًا وإكرامًا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود؛ أخرجه في كتاب الصلاة (28)، باب كيف بدء الأذان، رقم (499)، والترمذي في كتاب الصلاة (129)، باب ما جاء في بدء الأذان، رقم (189) قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح، والدارمي، وأحمد.
وحكمه: الصحة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف للترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(40)
- 696 - (2)(حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن الطحان (الواسطي) المزني، ضعيف، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ)، وله تسع وتسعون سنة. يروي عنه:(ق).
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَشَارَ النَّاسَ لِمَا يُهِمُّهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَذَكَرُوا الْبُوقَ، فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ،
===
(حدثنا أبي) خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطي المزني مولاهم، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ)، وكان مولده سنة عشر ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الرحمن بن إسحاق) بن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني نزيل البصرة، صدوق رُمي بالقدر، من السادسة. روى عن: الزهري، وسهيل بن أبي صالح، وصالح بن كيسان، ويروي عنه:(م عم).
(عن الزهري) محمد بن مسلم المدني، ثقة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن سالم) بن عبد الله بن عمر.
(عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه شيخ المؤلف محمد بن خالد بن عبد الرحمن الواسطي ضعيف، كما في "التقريب"، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني صدوق رُمي بالقدر.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس) أي: شاورهم (لما يهمهم) أي: لأجل ما أوقعهم في الهم والتعب والمشقة؛ يقال: همه الأمر وأهمه بمعنىً؛ إذا أوقعه في الهم والتعب، حالة كونهم ذاهبين (إلى الصلاة) مجتمعين لها، (فذكروا) أي: ذكر بعض الناس (البوق)، وقالوا: اتخذوا بوقًا؛ أي: قرنًا يُنفخ فيه فتجتمعون عند سماع صوته، (فكرهه) أي: كره النبي صلى الله عليه وسلم اتخاذ البوق (من أجل) اتخاذ (اليهود) إياه، وكونه شعارهم، والبوق: القرن الذي يُنفخ فيه فيُسمع له صوت رفيع.
ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ، فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى، فَأُرِيَ النِّدَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَطَرَقَ الْأَنْصَاريُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا بِهِ فَأَذَّنَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَزَادَ بلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
===
(ثم) بعدما كره النبي صلى الله عليه وسلم اتخاذ البوق (ذكروا الناقوس) وقالوا: لو اتخذنا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى فنضربه عند دخول وقت الصلاة ونجعل صوته علامة على دخول وقت الصلاة، (فكرهه) أي: فكره النبي صلى الله عليه وسلم اتخاذ الناقوس (من أجل) اتخاذ (النصارى) إياه لإعلام دخول وقت صلاتهم، وقال في "النهاية": الناقوس: خشبة طويلة تُضرب بخشبة أصغر منها، والنصارى يُعلمون بصوته دخول أوقات صلاتهم، (فأُري) أي: أُخبر ألفاظ (النداء) والأذان (تلك الليلة) المستقبلة لمساء تشاورهم (رجل من الأنصار، يقال له: عبد الله بن زيد) بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي.
(و) أُري (عمر بن الخطاب) قبله بعشرين ليلة، فأستحيا أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن رؤيته كانت مرة واحدة، (فطرق) أي: جاء (الأنصاري) الذي رأى المنام بعدما استيقظ (رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا) قبل الصباح، فأخبر منامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا به) أي: بالأذان والنداء فوق سطح المسجد بتلك الكلمات التي رأى الأنصاري، (فأذن) بها بلال رضي الله عنه.
(قال الزهري) بالسند السابق: (وزاد بلال) باجتهاده (في نداء صلاة الغداة) أي: في أذان صلاة الصبح لفظة: (الصلاة خير من النوم) مرتين، (فأقرها) أي: فأقر تلك الزيادة (رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكرها على بلال،
قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَلكِنَّهُ سَبَقَنِي.
===
قال ابن عمر: و (قال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه: (يا رسول الله؛ قد رأيت) في منامي (مثل) النداء (الذي رآ) هـ الأنصاري، (ولكنه) أي: ولكن الأنصاري (سبقني) في الإخبار لك.
قال الحافظ في "الفتح": كان اللفظ الذي يُنادي به بلال للصلاة قوله يعني: (الصلاة جامعة) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" من مراسيل سعيد بن المسيب. انتهى.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وفي "الصحيحين" و"الترمذي" و"النسائي" طرف منه من طريق نافع عن ابن عمر، وما زاد الزهري عن بلال في نداء صلاة الصبح إلى آخره، وسيأتي مرفوعًا بعد هذا من طريقه عن سعيد بن المسيب عن بلال، قال أبو عيسى: وهذا الحديث حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر، وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. قال الحافظ: وقد قال ابن منده في حديث ابن عمر: إنه مجمع على صحته.
فدرجة الحديث: أنه صحيح متنًا، ضعيف سندًا، كما مر، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عبد الله بن زيد.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول: حديث عبد الله بن زيد، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث ابن عمر، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم