الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(29) - (192) - بَابُ تَطْهِيرِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا
(88)
- 744 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَّنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ،
===
(29)
- (192) - (باب تطهير المساجد وتطييبها)
أي: تطهيرها عن القاذورات الحسية وتطييبها من الرائحة الكريهة كالثوم والبصل.
* * *
(88)
- 744 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير -مصغرًا- السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون) -بفتح الجيم العنسي بالنون- أبو سليمان الداراني، صدوق يخطئ، من الثامنة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا محمد بن صالح المدني) الأزرق مولى بني فهر، روى عن مسلم بن أبي مريم وابن المنكدر، ويروي عنه:(د س ق)، وعبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مقبول، من السابعة.
(حدثنا مسلم بن أبي مريم) اسمه يسار السلولي المدني مولى الأنصار.
روى عن: أبي سعيد الخدري، وابن عمر، وعطاء بن يسار، وغيرهم، ويروي عنه:(خ م د س ق)، ومحمد بن صالح الأزرق، والسفيانان، وغيرهم. وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخْرَجَ أَذىً مِنَ الْمَسْجِدِ .. بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ".
===
(عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن مسلم بن أبي مريم لم يسمع من أبي سعيد الخدري، ففيه انقطاع، ومحمد بن صالح فيه لين.
(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخرج أذىً من المسجد) أي: قذرًا، والمراد به: كل ما لا يليق وجوده في المسجد؛ كالبصاق، والمخاط، والنخاعة، والنخامة، وكل قمامة عفنة، أو غير عفنة، وحشرات ماتت فيه .. (بنى الله) سبحانه (له) أي: لذلك المُخرج (بيتًا في الجنة) مجازاة له على تنظيف بيته.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح لغيره؛ لأنه يشهد له حديث عثمان رضي الله عنه المتفق عليه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من بنى مسجدًا لله .. بنى له بيتًا في الجنة" لأن تنظيفه مثل بنائه، ومثل هذا لا يقال بالرأي، ويعتضد هذا بأن أجور الأعمال مضاعفة، وأن الحسنة بعشر أمثالها، ويشهد له أيضًا حديث عائشة المذكور بعده.
ودرجة الحديث: أنه صحيح المتن، ضعيف السند، فغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(89)
- 745 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْمَسَاجِدِ أَنْ تُبْنَى فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُطَهَّرَ وَتُطَيَّبَ.
===
(89)
- 745 - (2)(حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم) العبدي أبو محمد النيسابوري، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(خ م د ق).
(وأحمد بن الأزهر) بن منيع أبو الأزهر العبدي النيسابوري، صدوق كان يحفظ، ثم كبر فصار كتابه أثبت من حفظه، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(س ق).
(قالا: حدثنا مالك بن سعير) -مصغرًا آخره راء- ابن الخمس -بكسر المعجمة وسكون الميم بعدها مهملة- لا بأس به، من التاسعة، مات على رأس المئتين (200 هـ). يروي عنه:(خ ت س ق).
(أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن مالك بن سعير لا بأس به.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمساجد) بـ (أن تُبنى في الدُّور) والقبائل والحوار، وجملة أن المصدرية في تأويل مصدر مجرور على أنه بدل اشتمال من المساجد، كما أشرنا إليه في حلنا؛ أي: أمر ببناء المساجد في المواضع التي اجتمع فيها الناس مستوطنين؛ لأن الجمعة والجماعة واجبة عليهم، والجمعة لا تصح إلا في المسجد الجامع، (و) أمر أيضًا بـ (أن تُطهر) وتُتنظّف من النجاسات والقاذورات، (و) بأن (تُطيّب) وتُعطر من الروائح
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الكريهة، والفعلان بالبناء للمفعول، وإنما أمر بذلك، لكونها محالًا لحضور الملائكة. انتهى "سندي".
قوله: (أمر ببناء المساجد في الدور) قال البغوي في "شرح السنة": يريد بها المحال التي فيها الدور، ومنه قوله تعالى:{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (1) لأنهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبائل دارًا، ومنه الحديث: ما بقيت دار إلا بُني فيها مسجد، قال سفيان: بناء المساجد في الدور؛ يعني: القبائل؛ أي: من العرب يَصِلُ بعضها ببعض وهم بنو أب واحد يُبنى لكل قبيلة مسجد، هذا ظاهر معنى تفسير سفيان الدّور، قال أهل اللغة: الأصل في إطلاق الدّور على المواضع، وقد تُطلق على القبائل مجازًا، قاله الشوكاني في "النيل".
وقال علي القاري في "المرقاة": الدّور جمع دار؛ وهو اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة، والمراد بها: المحلات؛ فإنهم كان يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة دارًا، أو محمول على اتخاذ بيت في الدار للصلاة كالمسجد يُصلي فيه أهل البيت، قاله ابن الملك، والأوّل هو المعوّل وعليه العمل، وحكمة أمره لأهل كل محلة ببناء مسجد فيها أنه قد يتعذر أو يشق على أهل محلة الذهاب إلى الأخرى، فيُحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه، فأُمروا بذلك؛ ليتيسر لأهل كل محلة العبادة في مسجدهم من غير مشقة تلحقهم. انتهى من "العون".
قوله: (وأن تطهر) أي: تُنظف، كما في رواية أبي داوود، والمراد: تنظيفها من الوسخ والدنس وبإزالة النتن والعذرات والتراب، (و) أن (تُطيب) بالرش أو العطر، قال ابن رسلان: بطيب الرجال وهو ما خفي لونه وظهر ريحه؛
(1) سورة الأعراف: (145).
(89)
- 745 - (م) حَدَّثَنَا رِزْقُ اللهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ،
===
فإن اللون ربما شغل بصر المصلي، والأولى في تطييب المسجد مواضع المصلين، ومواضع سجودهم أولى، ويجوز أن يحمل التطييب على التجمير في المسجد بالبخور. انتهى، والظاهر أن الأمر ببناء المساجد للوجوب. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في باب المساجد، رقم (451)، والترمذي أخرجه مرسلًا.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله شاهد أيضًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فقال:
(89)
- 745 - (م)(حدثنا رزق الله بن موسى) الناجي البغدادي الإسكافي، قيل: اسمه عبد الأكرم، صدوق يهم، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا يعقوب بن إسحاق) بن زيد (الحضرمي) مولاهم أبو محمد المقرئ النحوي، صدوق، من صغار التاسعة، مات سنة خمس ومئتين (205 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(حدثنا زائدة بن قدامة) الثقفي أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت، صاحب سنة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
عَنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُطَهَّرَ وَتُطَيَّبَ.
(90)
- 746 - (3) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ،
===
(عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة، غرضه بسوقه: بيان متابعة زائدة بن قدامة لمالك بن سعير، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول.
(قالت) عائشة: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُتخذ) وتُبنى (المساجد في الدّور، وأن تُطهر) من الأوساخ والأدناس، (و) أن (تُطيّب) وتُعطّر وتُبخر بالمجامير؛ لحضور الملائكة لها.
فهذا الحديث تقدم في الحديث الذي قبله بيان من خرّجه، فهو صحيح، غرضه: بيان المتابعة لما قبله، والله أعلم.
* * *
ثم استأنس واستطرد المؤلف للترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فقال:
(90)
- 746 - (3)(حدثنا أحمد بن سنان) بن أسد بن حبان -بكسر المهملة بعدها موحدة- أبو جعفر القطان الواسطي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة تسع وخمسين ومئتين (259 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ خَالِدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ فِي الْمَسَاجِدِ تَمِيم الدَّارِيُّ.
===
(عن خالد بن إياس) أو إلياس بن صخر بن أبي الجهم بن حذيفة أبي الهيثم العدوي المدني إمام المسجد النبوي، متروك الحديث، من السابعة. يروي عنه:(ت ق).
(عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب) بن أبي بلتعة أبي محمد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن في إسناده خالد بن إياس، وقد اتفقوا على ضعفه، وقال البخاري: منكر الحديث ليس بشيء، قال أبو داوود: كان يؤم في المسجد النبوي نحوًا مَن ثلاثين سنة، وقال النسائي: متروك، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يُكتب حديثه.
(قال) أبو سعيد الخدري: (أول من أسرج) وأوقد المصابيح (في المساجد تميم) بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة بن وداع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم أبو رقية -بقاف وتحتانية مصغرًا- (الداري) انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان، ونزل بيت المقدس، وكان إسلامه سنة تسع، قيل: وُجد على قبره أنه مات سنة أربعين (40 هـ) - ولم يكن له ولد ذكر، بل ابنة تُسمى رقية. يروي عنه رضي الله عنه:(م عم)، هكذا رواه ابن ماجه موقوفًا.
وانفرد به ابن ماجه، ولا شاهد له، فالحديث: ضعيف جدًّا (11)(106)، غرضه بسوقه: الاستئناس به؛ لضعفه، أو الاستطراد؛ لعدم موافقته للترجمة، والله أعلم.
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول: حديث أبي سعيد، ذكره للاستدلال.
والثاني حديث عائشة، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث عائشة أيضًا، ذكره للمتابعة.
والرابع: حديث أبي سعيد الخدري، ذكره للاستئناس أو للاستطراد.
والله سبحانه وتعالى