الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) - (181) - بَابُ فَضْلِ الْأَذَانِ وَثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ
(55)
- 711 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ
===
(18)
- (181) - (باب فضل الأذان وثواب المؤذنين)
(55)
- 711 - (1)(حدثنا محمد بن الصباح) البزاز الدولابي أبو جعفر البغدادي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وعشرين ومئتين (227 هـ)، وكان مولده سنة خمسين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا سفيان بن عيينة) والصواب إسقاط عبد الله، فيقال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، كما في رواية البخاري.
(عن عبد الرحمن بن عبد الله) بن عبد الرحمن (بن أبي صعصعة) الأنصاري المازني، ثقة، من السادسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(خ د س ق).
(عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري المازني المدني، ثقة، من الثالثة، قال في "تهذيب التهذيب": ومنهم من يُسقط عبد الرحمن من نسبه، ومنهم من ينسبه هو إلى جده، فيقول: عبد الرحمن بن أبي صعصعة. انتهى، واسم أبي صعصعة: عمرو بن زيد، كما في "القسطلاني". يروي عنه:(خ د س ق).
(وكان أبوه) أي: أبو عبد الرحمن، وهو عبد الله (في حجر أبي سعيد) أي: في حجر أبي سعيد وتربيته ورعايته وحضانته.
قَالَ: قَالَ لِي أَبُو سَعِيدٍ: إِذَا كُنْتَ فِي الْبَوَادِي .. فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالْأَذَانِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَسْمَعُهُ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ".
(56)
- 712 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ،
===
(قال) أبوه عبد الله بن أبي صعصعة: (قال لي أبو سعيد) الخدري رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة.
(إذا كنت) يا عبد الله (في البوادي) جمع بادية؛ وهي الصحراء التي لا عمارة فيها؛ أي: إذا كنت فيها لإصلاح غنمك ورعايتها، وأذنت للصلاة .. (فارفع صوتك بالأذان؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يسمعه) أي: لا يسمع صوت الأذان (جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر) ولا شيء من حيوان أو جماد بأن يخلق الله له إدراكًا .. (إلا شهد) ذلك الشي الذي سمع الأذان (له) أي: للمؤذن يوم القيامة بذلك الأذان.
والحكمة في تلك الشهادة -وكفى بالله شهيدًا- اشتهار المشهود له بالفضل وعلو الدرجة، وكما أن الله يفضح قومًا بالشهادة .. يكرم بها آخرين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع منها في كتاب الأذان، باب رفع الصوت، ومالك في "الموطأ"، وأحمد، وابن خزيمة.
وحكمه: الصحة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(56)
- 712 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة) بن
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ،
===
سوار المدائني، أصله من خراسان كان اسمه مروان أبو عمرو، الفزاري مولاهم، ثقة حافظ، رُمي بالإرجاء، من التاسعة. يروي عنه:(ع)، مات سنة أربع، أو خمس، أو ست ومئتين (206 هـ).
(حدثنا شعبة) بن الحجاج.
(عن موسى بن أبي عثمان) التبان -بمثناة وموحدة- المدني، وقيل: الكوفي. روى عن: أبي يحيى المكي، والأعرج، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ويروي عنه:(د س ق)، وشعبة، والثوري.
قال سفيان: كان مؤذنًا، ونعم الشيخ، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مقبول، من السادسة.
(عن أبي يحيى) المكي، يقال: هو سمعان الأسلمي، روى عن أبي هريرة حديث:"المؤذن يُغفر له مدى صوته"، ويروي عنه:(د س ق)، وموسى بن أبي عثمان.
ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال ابن القطان: لا يعرف أصلًا، وقال المنذري والثوري: هو مجهول، وقال في "التقريب": مقبول، من الرابعة.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو هريرة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المؤذن يُغفر له) بالبناء للمجهول؛ أي: يُغفر للمؤذن بقدر (مدى) أي: غاية وبُعد (صوته) أي: بقدر بُعد صوته؛ أي: يغفر له مغفرة طويلة عريضة بقدر بُعد
وَيَسْتَغفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَشَاهِدُ الصَّلَاةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حَسَنَةً،
===
صوته على طريق المبالغة؛ أي: يستكملُ مغفرة الله إذا استوفى وسعه وطاقته في رفع الصوت، وقيل: معناه يغفر له خطاياه وإن كانت بحيث لو فرضت أجسامًا .. لملأت ما بين الجوانب التي يبلغها الصوت، وقيل: معناه تغفر له ذنوبه التي باشرها في تلك النواحي إلى حيث يبلغ صوته، وقيل: معناه يُغفر بشفاعته ذنوب من كان ساكنًا أو مقيمًا إلى حيث يبلغ صوته، وقيل: يُغفر بمعنى يستغفر؛ أي: يستغفر له كل من يسمع صوته إلى غاية صوته. انتهى من "بذل المجهود".
قال السندي: قيل: معناه؛ أي: يُغفر له قدر صوته وحده، فإن بلغ الصوت الغاية .. بلغت المغفرة الغاية، وإن كان صوته دون ذلك .. فالمغفرة كذلك، أو المعنى: لو كان له ذنوب تملأ ما بين محله الذي أذن فيه وبين ما ينتهي إليه أذانه وصوته على تقدير كونها أجسامًا .. لغُفر له، وقيل: يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان مقدّر بهذه المسافة.
قوله: (ويستغفر له) أي: يطلب له مغفرة باقي الذنوب (كل رطب) أي: نام (ويابس) أي: جماد فيما يبلغه صوته، (وشاهد الصلاة) أي: حاضرها ممن كان غافلًا عن وقتها، وقال ابن حجر: أي: حاضر صلاة الجماعة المسببة عن أذانه، قال: هو عطف على قوله: "المؤذن يغفر له" أي: وللذي يحضر لصلاة الجماعة (يُكتب له) أي: لشاهد الصلاة أو للمؤذن (خمس وعشرون حسنة) أي: ثواب خمس وعشرين صلاة، ويؤيد الأول ما ورد في رواية:"صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين صلاة"، ويؤيد الثاني ما روي أن المؤذن يكتب له مثل أجر كل من صلى بأذانه، ثم قال العلامة القاري:
وَيُكَفَّرُ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا".
(57)
- 713 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ
===
يحتمل أن يكون الضمير في (يكتب له) للشاهد، وهو أقرب لفظًا وسياقًا، أو للمؤذن وهو أنسب معنىً وسياقًا. انتهى من "البذل".
(ويُكفّر له) وفي رواية أبي داوود: (عنه)، واللام هنا بمعنى عن بدليل تلك الرواية؛ أي: يكفّر ويُمحى ويُستر عن شاهد الصلاة (ما بينهما) أي: ما بين الصلاتين اللتين شهدهما من الذنوب الصغائر، أو يكفر عن المؤذن ما بين أذان إلى أذان من الصغائر. انتهى من "البذل".
وقيل: يعطف قوله: "وشاهد الصلاة" على "كل رطب ويابس" أي: يشهد للمؤذن حاضرها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالأذان (515)، ورواه النسائي أيضًا باختصار من طريق أبي يحيى عن أبي هريرة، رقم (646)، وأحمد وابن حبان من هذا الوجه.
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي سعيد بحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم، فقال:
(57)
- 713 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي.
(وإسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وخمسين ومئتين (251 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).
قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
===
(قالا: حدثنا أبو عامر) العقدي عبد الملك بن عمرو القيسي العقدي البصري، ثقة مأمون، من التاسعة، مات سنة أربع، أو خمس ومئتين (205 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن طلحة بن يحيى) بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني، نزيل الكوفة. يروي عن: عمه عيسى بن طلحة، ومجاهد بن جبر، ويروي عنه:(م عم)، والسفيانان، وعبد الله بن إدريس.
وقال في "التقريب": صدوق يخطئ، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ).
(عن) عمه (عيسى بن طلحة) بن عبيد الله التيمي أبي محمد المدني، ثقة فاضل، من كبار الثالثة، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(قال) عيسى: (سمعت معاوية بن أبي سفيان) صخر بن حرب الأموي الشامي رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) معاوية: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة") قيل: هو كناية عن كونهم رؤساء؛ فإن العرب تصف السادة بطول العنق، أو كناية عن فرحتهم وسرورهم وأنهم لا يلحقهم الخجل. انتهى "سندي". والأعناق جمع عنق، والعنق: ما بين الكتف والقفا، اختلف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
السلف والخلف في معنى طول العنق: فقيل: معناه أكثر الناس تشوفًا إلى رحمة الله تعالى وثوابه؛ لأن المتشوف لطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه، فهو كناية عن كثرة ما يرونه من الثواب، وقال النضر بن شميل: هو حقيقة؛ لأنه إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم؛ لئلا يصيبها العرق، وقال ابن الملك: وطول العنق يدل غالبًا على طول القامة، وطولها لا يُطلب لذاته، بل لدلالته على تميزهم على سائر الناس وارتفاع شأنهم عليهم؛ أي: يكونون سادات الناس، ومن أجاب دعوة المؤذن .. يكون معه.
ورواه بعضهم: "إعناقًا" -بكسر الهمزة- أي: إسراعًا إلى الجنة، قال ابن الملك: وهذه الرواية غير معتد بها، وقال الأبي: هو كناية عن عدم الخجل من الذنوب؛ لأن الخجل ينكس رأسه، قال تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ} (1)، وقيل: المعنى أنهم أكثر رجاء؛ لأن من يرجو شيئًا .. أطال إليه عنقه، فالناس يكونون في الكرب، وهم في الروح يشرئبون أن يؤذن لهم في دخول الجنة، وقيل غير ذلك من الأقوال المتلاطمة. انتهى.
قال القرطبي: وقد احتج بهذا الحديث من رأى أن فضل الأذان أكثر من فضل الإمامة، واعتذر عن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤذن؛ لما يشتمل عليه الأذان من الشهادة بالرسالة، وقيل: إنما ترك الأذان؛ لما فيه من الحيعلة وهي أمر، وكان لا يسع أحدًا ممن سمعه التأخر، وإن كانت له حاجة وضرورة، وقيل: لأنه صلى الله عليه وسلم كان في شغل عنه بأمور المسلمين، وهذا هو الصحيح، وقد صرح بذلك عمر حيث قال: "لولا الخِلِّيفى -أي: الخلافة-
(1) سورة السجدة: (12).
(58)
- 714 - (4) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى أَخُو سُلَيْمٍ الْقَارِي،
===
لأذنت" رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (1/ 224) بلفظ: "لو أطقت الأذان مع الخِلِّيفى .. لأذنت". انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذ الحديث: مسلم في كتاب الصلاة (8)، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، رقم (14)، والبيهقي، وابن أبي شيبة، وأحمد.
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(58)
- 714 - (4)(حدثنا عثمان ابن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي أبو الحسن ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير، وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ)، وله ثلاث وثمانون سنة. يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا حسين بن عيسى) بن مسلم الحنفي أبو عبد الرحمن الكوفي (أخو سليم القاري) روى عن: الحكم بن أبان، ومعمر بن راشد، ويروي عنه:(د ق)، وعثمان ابن أبي شيبة.
قال البخاري: مجهول وحديثه منكر، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، أخرجا له حديثًا واحدًا:"ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم"، وهو الذي أشار إليه البخاري، قلت: وذكر الدارقطني أن حسينًا تفرد به عن الحكم، وقال الآجري عن أبي داوود:
عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ".
===
بلغني أنه ضعيف. انتهى من "التهذيب"، وقال في "التقريب": ضعيف، من الثامنة.
(عن الحكم بن أبان) -بهمزة مفتوحة وموحدة مخففة- أبي عيسى العدني.
قال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو زرعة: صالح، وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، وقال في "التقريب": صدوق عابد وله أوهام، من السادسة، مات سنة أربع وخمسيق ومئة (154 هـ) وكان مولده سنة ثمانين. يروي عنه:(عم).
(عن عكرمة) أبي عبد الله مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت، عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حسين بن عيسى، وهو منكر الحديث متفق على ضعفه.
(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم").
قوله: "ليؤذن لكم" أمر استحباب "خياركم" أي: من هو أكثر صلاحًا؛ ليحفظ نظره عن العورات ويبالغ في محافظة الأوقات، قال الجوهري: الخيار خلاف الأشرار، والخيار الاسم من الاختيار، وإنما كانوا خيارًا؛ لما ورد أنهم أمناء؛ لأن أمر الصائم من الإفطار والأكل والشرب والمباشرة منوط إليهم، وكذا
(59)
- 715 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُخْتَارُ بْنُ غَسَّانَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْأَزْرَقُ الْبُرْجُمِيُّ،
===
أمر المصلي لحفظ أوقات الصلاة يتعلق بهم، فهم بهذا الاعتبار مختارون، ذكره الطيبي، كذا في "المرقاة".
" وليؤمكم " بسكون اللام وتكسر "قراؤكم" -بضم القاف وتشديد الراء- جمع قارئ، وكلما يكون أقرأ .. فهو أفضل إذا كان عالمًا بمسائل الصلاة؛ فإن أفضل الأذكار وأطولها وأصعبها في الصلاة إنما هو القراءة، وفيه تعظيم لكلام الله تعالى وتقديم قارئه وإشارة إلى علو مرتبته في الدارين، كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر بتقديم الأقرأ في الدفن، قاله على القاري، قال المنذري: وأخرج هذا الحديث أبو داوود بإسناده، وفي إسناده الحسين بن علي الحنفي الكوفي، وقد تكلم فيه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وقد ذكر الدارقطني أن الحسين بن عيسى تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان.
فدرجته: أنه ضعيف (3)(98)؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا للترجمة بحديث آخر لابن عباس رضي الله عنهما، فقال:
(59)
- 715 - (5)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي.
(حدثنا مختار بن غسان) التمّار الكوفي العبدي، مقبول، من التاسعة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا حفص بن عمر الأزرق البرجمي) ويقال له: حفص بن عمران
عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ح وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ،
===
الكوفي، قال في "التقريب": مستور، من التاسعة. روى عن: جابر بن يزيد الجعفي، والأعمش، وكثير النواء، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، ومختار بن غسان، ونصر بن مزاحم، له عند ابن ماجه حديث واحد في الأذان عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس.
(عن جابر) بن يزيد بن الحارث الجعفي -بضم الجيم وسكون العين- نسبة إلى جعف بن سعد، كذا في "المغني"، أبي عبد الله الكوفي، ضعيف، رافضي، من الخامسة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ)، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومئة، ويروي عنه:(د ت ق).
(عن عكرمة) مولى ابن عباس، ثقة ثبت مفسر، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه مختار بن غسان، مقبول، وحفص بن عمر الأزرق مستور، وجابر بن يزيد ضعيف.
(ح وحدثنا روح بن الفرج) البزار أبو الحسن البغدادي، صدوق، من الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا علي بن الحسن بن شقيق) أبو عبد الرحمن المروزي، ثقة حافظ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس عشرة ومئتين (215 هـ)، وقيل: قبل ذلك. يروي عنه: (ع).
(حدثنا أبو حمزة) السكري -سُمي بذلك لحلاوة لسانه. انتهى "تحفة"-
عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَذَّنَ مُحْتَسِبًا سَبْعَ سِنِينَ .. كَتَبَ اللهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ".
===
محمد بن ميمون المروزي، ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة سبع، أو ثمان وستين ومئة (168 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن يزيد الجعفي الكوفي ضعيف.
(عن عكرمة) مولى ابن عباس، ثقة، من الثالثة.
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
غرضه بهذا التحويل: بيان متابعة أبي حمزة لحفص بن عمر في رواية هذا الحديث عن جابر الجعفي، وحكم هذا السند الضعف أيضًا؛ لأن مداره على جابر الجعفي.
(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أذّن) للصلاة (محتسبًا) أجره على الله تعالى (سبع سنين .. كتب الله) تعالى إله) أي: لذلك المحتسب (براءة) أي: نجاة وسلامة (من النار) الأخروية بفضله تعالى وكرمه؛ أي: كتب له خلاصًا منها، وهذا يستلزم دخول الجنة ابتداءً ومغفرة للذنوب كلها صغائرها وكبائرها، بل المتقدمة والمتأخرة، ويحتمل أن يكون مقيدًا بالموت على الإيمان، أو يكون بشارة بذلك، رزقنا الله تعالى حُسن الختام، آمين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي، وقال: جابر بن يزيد الجعفي ضعّفوه، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، وعن وكيع: لولا جابر الجعفي .. لكان أهل الكوفة من غير حديث. انتهى "سندي". ولولا حماد .. لكان أهل الكوفة بغير فقه؛ يعني: حماد بن أبي سليمان أبا إسماعيل الكوفي الفقيه، وقال الإمام أبو حنيفة: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء،
(60)
- 716 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ،
===
ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أتيته بشيء من رأي قط .. إلا جاءني فيه بحديث، كذا في "تخريج الزيلعي" ص (248). انتهى من "التحفة".
ودرجة هذا الحديث: أنه ضعيف (4)(99)؛ لضعف سنده ومتنه كما عرفت، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى للحديث الأول ثالثًا بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(60)
-716 - (6)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي النيسابوري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(والحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي (الخلال) الحلواني المكي الحافظ، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(خ م د ت ق).
(قالا: حدثنا عبد الله بن صالح) بن محمد بن مسلم الجهني أبو صالح المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة، وقال أبو حاتم: سمعت عبد الملك بن شعيب بن الليث يقول: أبو صالح ثقة مأمون، قد سمع من جدي حديثه. انتهى "تهذيب"، من العاشرة، مات سنة اثنتين وعشرين ومئتين (222 هـ)، وله خمس وثمانون سنة. يروي عنه:(خ د ت ق).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَى عَشْرَةَ سَنَةً .. وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً، وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً".
===
(حدثنا يحيى بن أيوب) الغافقي -بمعجمة ثم فاء ثم قاف- أبو العباس المصري. روى عن: ابن جريج، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحميد الطويل، ويروي عنه:(ع)، وشيخه ابن جريج، والليث وهو من أقرانه، وابن وهب، وغيرهم. صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ).
(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن نافع) مولى ابن عمر.
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن عبد الله بن صالح مختلف فيه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أذّن ثنتي عشرة سنة .. وجبت له الجنة) قيل: لا منافاة بينه وبين ما تقدم؛ لأن هذا الحديث كما زيد فيه في المدة زيد فيه في الأجر، حيث قيل: (وكُتب له بتأذينه
…
) إلى آخره (في كل يوم ستون حسنة، ولكل إقامة ثلاثون حسنة).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه الحاكم (1/ 205) عن محمد بن صالح بن هانئ عن محمد بن إسماعيل بن مهران عن أبي الطاهر وأبي الربيع عن عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع بإسناده ومتنه سواءً، ورواه الحاكم (1/ 205) أيضًا عن أحمد بن يعقوب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عن محمد بن إسماعيل السلمي عن عبد الله بن صالح المصري، فذكره بإسناده ومتنه، إلا أنه قال:(في كل مرة سبعون حسنة) بدل (كل يوم ستون حسنة)، والباقي مثله سواءً، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي في "التلخيص". وكذا رواه القاضي أبو الحسن الخلعي من طريق ابن لهيعة به، ورواه الدارقطني (1/ 240)، والبيهقي (1/ 433) في "سننهما" من طريق عبد الله بن صالح، إلا أنهما قالا:(في كل مرة) مكان (كل يوم).
ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لأن له شاهدًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ستة:
واحد للاستدلال، واثنان للاستئناس، كلاهما لابن عباس، وثلاثة للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم