الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(39) - (202) - بَابُ لُزُومِ الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ
(129)
- 785 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ .. كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ؛ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ؛ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ؛ تُبْ عَلَيْهِ،
===
(39)
- (202) - (باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة)
(129)
- 785 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا دخل المسجد .. كان في) ثواب (صلاة) أي: في حكم المصلي من جهة الثواب. انتهى "مبارق"، (ما كانت الصلاة تحبسه) أي: مدة كونها حابسة مانعة له من الخروج، لا يمنعه من الخروج إلا انتظارها، (والملائكة يصلون على أحدكم) أي: يدعون لأحدكم ويستغفرون له (ما دام في مجلسه) وموضعه (الذي صلى فيه) أي: أوقع الصلاة فيه من المسجد، وكذا إذا قام إلى موضع آخر من المسجد مع دوام نية انتظاره للصلاة، فالأول خرج مخرج الغالب.
وجملة قوله: (يقولون) حال من فاعل (يصلون) أي: لم تزل الملائكة تصلي عليه حال كونهم قائلين في الصلاة عليه: (اللهم؛ اغفر له) مغفرة شاملة لجميع ذنوبه، (اللهم) أي: يا إلهنا (ارحمه) رحمة عامة في الدنيا والآخرة، (اللهم؛ تب عليه) أي: وفقه توبة معروضة على جميع ذنوبه
مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ".
===
(ما لم يحدث) أي: ما لم يخرج حدثه، أولم ينقض وضوءه (فيه) أي: في المسجد، وقوله:(ما لم يؤذ) أي: ما لم يدخل الإذاية (فيه) أي: في المسجد على أحد من مخلوق الله .. بدل من قوله: "ما لم يحدث" بدل كل من بعض؛ أي: لم يصدر منه ما يتأذى به بنو آدم من قول أو فعل، أو تتأذى به الملائكة كالريح الخارج من الدبر، ويحتمل أن يكون معنى قوله:"ما لم يحدث" ما لم يفعل في مجلسه أمرًا محدثًا ومبتدعًا، ويحتمل أن يكون معناه: ما لم يصر فيه ذا حدث؛ أي: ما لم يبطل وضوءه. انتهى من "المبارق".
واستنبط من هذا الحديث أفضلية الصلاة على سائر العبادات وصالحي البشر على الملائكة، كما لا يخفى، وهذا الحديث يفهم منه أن فضل الصلاة لم يكن لأجل الجماعة فقط، بل فضل الجماعة لما يلازمها من الأحوال؛ كقصد الجماعة، ونقل الخطا، وانتظار الصلاة، وصلاة الملائكة عليه، وغير ذلك، ويعتضد مالك بهذا الحديث لمذهبه في قوله: لا تفضل جماعة جماعة؛ لاشتراكهم في تلك الأمور. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب الحدث في المسجد وفي مواضع كثيرة فيه، ومسلم في كتاب المساجد، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، رقم (276)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، والترمذي وغيرهم.
فالحديث متفق عليه، فهو في أعلى درجات الصحة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد له بحديث آخر لأبي هريرة أيضًا رضي الله عنه، فقال:
(130)
- 786 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ
===
(130)
- 786 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة) بن سوار المدائني، أصله من خراسان، اسمه مروان، مولى بني فزارة، ثقة حافظ، رمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة أربع، أو خمس أو ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) اسمه هشام بن عبد الله القرشي العامري أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: سنة تسع. يروي عنه: (ع).
(عن المقبري) سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن سعيد بن يسار) أبي الحباب مولى ميمونة المدني، ثقة متقن، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ)، وقيل قبلها بسنة. روى عن: أبي هريرة، وعائشة، ويروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما توطن) والتزم (رجل مسلم المساجد) أي: حضورها في أوقات الصلوات الخمس (للصلاة) فيها جماعة
وَالذِّكْرِ .. إِلَّا تَبَشْبَشَ اللهُ لَهُ؛ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ".
===
(والذكر) أي: ولذكر الله فيه، ومنه تلاوة القرآن، وهو أفضل الأذكار .. (إلا تبشبش الله) سبحانه؛ أي: فرح الله (له) أي: لحضوره المسجد؛ (كما يتبشبش) ويفرح (أهل) الشخص (الغائب) المسافر (بـ) حضور (غائبهم) ورجوعه من السفر (إذا قدم عليهم) ورجع من سفره، وبشبشة الله وفرحه بعبده صفة ثابتة له تعالى، نثبتها ونعتقدها، لا نكيفها ولا نمثلها ولا نؤولها، ونصرفها عن المعنى الظاهر المستحيل في حقه سبحانه وتعالى؛ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أثرها الإقبال عليه بإحسانه واللطف به في أموره وتقريبه إليه ورفع منزلته عنده، والله أعلم.
قوله: "ما توطن" أي: ما التزم حضورها "إلا تبشبش" التبشبش: فرح الصديق بمجيء صديقه، واللطف في المسألة والإقبال، والمراد به هنا: تلقيه ببره وإحسانه وتقريبه إليه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ورواه ابن حبان في "صحيحه" عن عبد الله بن محمد، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا عثمان بن عمر، أنبأنا ابن أبي ذئب
…
فذكره بإسناده ومتنه، ورواه الحاكم عن عبدان بن يزيد عن إبراهيم بن الحسين عن آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب به كذلك، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 379) حديث (1503)، وقال: إسناده صحيح، وكذا ابن أبي شيبة، ورواه أبو داوود الطيالسي في "مسنده" عن ابن أبي ذئب بإسناده ومتنه سواء، ورواه مسدد في "مسنده" من طريق سعيد بن يسار، ورواه أحمد بن منيع في "مسنده" عن يعقوب عن ابن أبي ذئب به.
(131)
- 787 - (3) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ،
===
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وأيضًا له طرق صحيحة، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(131)
- 787 - (3)(حدثنا أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي) أبو جعفر السرخسي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين (253 هـ). يروي عنه:(خ م د ت ق).
(حدثنا النضر بن شميل) المازني أبو الحسن النحوي البصري، نزيل مرو، ثقة ثبت، من كبار التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ)، وله اثنتان وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا حماد) بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة، ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، من كبار الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ثابت) بن أسلم البناني أبي محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي أيوب) المراغي الأزدي العتكي البصري، اسمه يحيى، ويقال: حبيب بن مالك، ويقال: إن المراغي قبيلة من الأزد، وقيل: موضع بناحية عمان. روى عن: عبد الله بن عمرو بن العاص، ويروي عنه:(خ م د س ق)،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ، فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْرِعًا قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ وقَدْ حَسَرَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ:"أَبْشِرُوا؛ هَذَا رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ، يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي قَدْ قَضَوْا فَرِيضةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى".
===
وثابت البناني، ثقة، من الثالثة، مات قبل المئة بعد الثمانين. انتهى "تهذيب" و"تقريب".
(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عبد الله بن عمرو: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فرجع) بعد الصلاة إلى منزله (من رجع) أي: من أراد الرجوع له، (وعقب) أي: بقي في المسجد (من عقب) أي: من أراد البقاء فيه لانتظار العشاء، (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته بعدما رجع (مسرعًا) في مشيته، و (قد حفزه) أي: غلبه (النفس) أي: النفس لسرعته، (وقد حسر) أي: كشف (عن ركبتيه) لسرعته.
(فقال: أبشروا) أيها المعقبون في المسجد، (هذا) الحاضر الذي يخاطبكم (ربكم) الذي خلقكم (قد فتح بابًا من أبواب السماء) حالة كونه (يباهي) ويتفاخر (بكم الملائكة، يقول) في مفاخرته بكم على الملائكة: (انظروا) يا ملائكتي (إلى عبادي) هؤلاء (قد قضوا) وأدوا (فريضة) من فرائضي اللاتي أوجبتها عليهم (وهم ينتظرون) الآن فريضة (أخرى) ليصلوها.
وقوله: (وعقب من عقب) التعقيب في الصلاة الجلوس بعد أن يقضيها لدعاء أو مسألة، وفي الحديث:"من عقب في الصلاة .. فهو في الصلاة"،
(132)
- 788 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ،
===
وقال السيوطي: التعقيب في المساجد: انتظار الصلوات بعد الصلاة، قوله:(قد حفزه) -بحاء مهملة وفاء وزاي- أي: أعجله وشاقه وأتعبه من شدة سعيه (النفس) -بفتحتين- الهواء الخارج من الرئة والداخل إليها، به حياة كل حيوان بري، فإذا انقطع .. مات (قد حسر) أي: كشف، وفي الحديث دليل على أن الركبة ليست بعورة.
وهذا الحديث قد انفرد به ابن ماجه، وفي "الزوائد": إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقد رواه الإمام أحمد في "مسنده" من هذا الوجه، قال عبد العظيم المنذري: وأبو أيوب هو المراغي العتكي ثقة، ما أراه سمع عبد الله بن عمرو، ورواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" بزيادة طويلة في أوله، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
قلت: فدرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(132)
-788 - (4)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني (حدثنا رشدين) بكسر الراء وسكون المعجمة (ابن سعد) بن مفلح المهري -بفتح الميم وسكون الهاء- أبو الحجاج المصري، ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة، قال ابن يونس: كان صالحًا في دينه، فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث، من السابعة، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ)، وله ثمان وسبعون سنة. يروي عنه:(ت ق).
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ
===
(عن عمرو بن الحارث) بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري مولاهم المصري أبي أمية، ثقة فقيه حافظ، من السابعة، مات قديمًا قبل الخمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(ع)، ويروي عن: دراج أبي السمح.
(عن دراج) -بتشديد الراء آخره جيم- ابن سمعان أبي السمح -بفتح السين وسكون الميم- قيل: اسمه عبد الرحمن، ودراج لقبه، السهمي مولاهم المصري القاص، صدوق، وفي حديثه عن أبي الهيثم ضعف، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبي الهيثم) سليمان بن عمرو بن عبد، ويقال: عبيد، الليثي العتواري -بضم العين المهملة وسكون المثناة وراء آخره- نسبة إلى عتوارة؛ بطن من كنانة المصري. روى عن: أبي سعيد الخدري وكان في حجره، وأبي هريرة، وأبي بصرة. يروي عنه:(عم)، ودراج أبو السمح، وكعب بن علقمة.
وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره الفسوي في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة.
(عن أبي سعيد) الخدري رضي الله تعالى عنه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه دراج بن سمعان، قال في "التقريب": هو ضعيف فيما رواه عن أبي الهيثم، كما مر آنفًا، وقال الذهبي في "التلخيص" في هامش "المستدرك" (1/ 212): كثير المناكير.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد) أي: يلازم حضورها ويتعوده في الصلوات الخمس، ويرجع إليها مرة بعد
فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ
…
} الْآيَةَ.
===
أخرى، والمراد: جنس المسجد أي مسجد كان، فيصدق بملازمة المسجد الواحد، كما لأهل الحرمين .. (فاشهدوا له بالإيمان) أي: بأنه مؤمن؛ لأن المنافق لا يلازم المساجد عادة، قال الطيبي: أي: فاقطعوا القول بالإيمان؛ فإن الشهادة قول صدر عن صاحبه في الإخبار عن مواطأة القلب اللسان على سبيل القطع. انتهى.
قلت: وهو الموافق للاستشهاد بالآية؛ يعني: قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (1)، لكن يشكل عليه حديث سعد، قال في رجل: إنه مؤمن، فقال له صلى الله عليه وسلم:"أو مسلم"، رواه في "الصحيحين" فإنه يدل على المنع عن الجزم بالإيمان، إلا أن يقال: ذلك الرجل لم يكن ملتزمًا للمساجد، أو يراد بالإيمان ها هنا: الإسلام، وفيه أن الجزم بالإسلام لا يحتاج إلى ملازمة المساجد، والأقرب أن المراد بالشهادة: الاعتقاد وغلبة الظن، لا الجزم بإيمانه. انتهى "سندي"، ويدل على ذلك ما (قال) ـه (الله تعالى) وذكره في كتابه العزيز في سورة التوبة: ({إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
…
}) أتم (الآية).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، الحديث (2617)، أخرجه أيضًا في كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، الحديث (3093). انتهى "تحفة الأشراف"، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 379)، رقم (2502) وقال: إسناده صحيح، وأحمد في "المسند"(3/ 98)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 212 - 213) في كتاب الصلاة، وقال: هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا
(1) سورة التوبة: (18).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في صحتها وصدق رواتها، غير أن شيخي الصحيح لم يخرجاه، وقد سقت القول في صحته فيما تقدم، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 66) في كتاب الصلاة، باب فضل المساجد وفضل عمارتها بالصلاة فيها وانتظار الصلاة فيها عن أبي سعيد الخدري. انتهى من هامش المتن.
قلت: فهذا الحديث ضعيف السند، صحيح المتن؛ لأن له شواهد، وكفاه له شهادة الآية المذكورة، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والباقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم