الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(48) - (211) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ
(161)
- 817 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّهِ -قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: هِيَ لُبَابَةُ-
===
(48)
- (211) - (باب القراءة في صلاة المغرب)
واستدل المؤلف على الترجمة بالنظر إلى جواز قراءة طوال المفصل في المغرب بحديث أم الفضل رضي الله تعالى عنها، فقال:
(161)
- 817 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين على الصحيح (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
كلاهما (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أبي عبد الله المدني الأعمى، أحد الفقهاء السبعة، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، وقيل: ثمان، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
(عن أمه) أي: روى ابن عباس عن أمه أم الفضل رضي الله تعالى عنها.
(قال أبو بكر بن أبي شيبة) في روايته: (هي) أي: أم ابن عباس، اسمها (لبابة) -بضم اللام وتخفيف الموحدتين- بنت الحارث بن حزن -بفتح المهملة وسكون الزاي وبعدها نون- الهلالية أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب وأخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لها ثلاثون حديثًا (30) اتفقا
أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِـ (والْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا).
===
على حديث، وانفرد كل منهما بحديث. يروي عنها:(ع)، وابناها عبد الله وتمام، وأنس بن مالك، وكريب مولى ابن عباس.
قال في "التقريب": ماتت بعد العباس في خلافة عثمان وصلى عليها عثمان رضي الله تعالى عنهم جميعًا.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أنها) أي: أن لبابة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في) صلاة (المغرب بـ) سورة ("والمرسلات عرفًا") وعبارة "المشكاة" هنا: (وعن أم الفضل بنت الحارث، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفًا)، قال ملا علي: أي: أحيانًا لبيان الجواز، وإلا .. فالمستحب فيها قصار المفصل؛ لأن وقتها ضيق. انتهى.
وقال السندي: قوله: (كان يقرأ في المغرب بالمرسلات) أي: كان أحيانًا يقرأ السور الطوال في المغرب لبيان الجواز، وإلا .. فحديث ابن جريج:(كنا ننصرف من الغرب وإن أحدنا ليبصر مواقع نبله) .. يدل على أن عادته صلى الله عليه وسلم في المغرب قراءة السور القصار، وسيجيء من حديث ابن عمر التصريح بذلك، ولذلك قال الفقهاء باستحباب ذلك. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب القراءة في المغرب، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في المغرب، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب قدر القراءة في المغرب، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في قراءة المغرب، قال أبو عيسى: حديث أم الفضل حديث حسن صحيح.
(162)
- 818 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِـ (الطُّورِ) قَالَ: جُبَيْرٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: فَلَمَّا سَمِعْتُهُ
===
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أم الفضل بحديث جبير بن مطعم رضي الله عنهما، فقال:
(162)
- 818 - (2)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(أنبأنا سفيان) بن عيينة.
(عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم) بن عدي بن نوفل النوفلي المدني، ثقة، عارف بالنسب، من الثالثة، مات على رأس المئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي المدني، الصحابي المشهور رضي الله عنه، عارف بالأنساب، أسلم قبل حنين، مات سنة ثمان، أو تسع وخمسين (59 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) جبير بن مطعم: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في) صلاة (المغرب بـ) سورة ("الطور"، قال جبير في غير هذا الحديث: فلما سمعته)
يَقْرَأُ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ
…
} إِلَى قَوْلِهِ: {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} .. كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ.
===
صلى الله عليه وسلم (يقرأ) آية: ({أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ
…
} إلى قوله: {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} (1) .. كاد) أي: قرب (قلبي) أن (يطير) مني هيبة من هذه الآية وفزعًا منها؛ لظهور الحق ووضوح بطلان الباطل. انتهى "سندي".
قوله: (يقرأ في المغرب) والجملة في محل النصب حال؛ أي: سمعته في حال قراءته، وهذا الحديث يرد على من قال: التطويل في صلاة المغرب منسوخ. انتهى من "العون".
قوله: (بالطور) أي: بسورة الطور، قال ابن الجوزي: يحتمل أن تكون الباء بمعنى (من) كقوله تعالى: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (2) وهو خلاف الظاهر، وقد ورد في الأحاديث ما يشعر بإنه قرأ السورة كلها؛ فعند البخاري في التفسير بلفظ: سمعته يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ
…
}
…
الآيات إلى قوله: {الْمُصَيْطِرُونَ} (3) .. كاد قلبي يطير، وقد ادعى الطحاوي أنه لا دلالة في شيء من الأحاديث على تطويل القراءة في المغرب؛ لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة، ثم استدل لذلك بما رواه من طريق هشيم عن الزهري في حديث جبير بلفظ: سمعته يقرأ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} (4) قال: فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة هو هذه الآية خاصة، وليس في السياق ما يقتضي قوله خاصة، وحديث البخاري المتقدم يبطل هذه
(1) سورة الطور: (35 - 38).
(2)
سورة الإنسان: (6).
(3)
سورة الطور: (35 - 37).
(4)
سورة الطور: (7).
(163)
-819 - (3) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ،
===
الدعوى، وقد ثبت في رواية أنه سمعه يقرأ:{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (1) ومثله لابن سعد، وزاد في أخرى: فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب الجهر في المغرب، رقم (765)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب قدر القراءة في المغرب (811)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب القراءة في المغرب (988)، وأحمد ومالك والترمذي تعليقًا.
فالحديث في أعلى درجات الصحة، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.
* * *
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة ثانيًا بالنسبة إلى جواز قراءة قصار المفصل في المغرب بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(163)
-819 - (3)(حدثنا أحمد بن بديل) -مصغرًا- بن قريش الكوفي، أبو جعفر اليامي بالتحتانية، قاضي الكوفة، صدوق له أوهام، من العاشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(1) سورة الطور: (1 - 2).
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وَ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).
===
(حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع) ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن عمر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في) الركعة الأولى من (المغرب: "قل يا أيها الكافرون"، و) في الركعة الثانية: ("قل هو الله أحد").
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، قال الحافظ ابن حجر: ولم أر حديثًا مرفوعًا فيه التنصيص على القراءة في المغرب بشيء من قصار المفصل إلا حديثًا في ابن ماجه عن ابن عمر نص فيه على الكافرون والإخلاص، ومثله لابن حبان عن جابر بن سمرة، فأما حديث ابن عمر .. فظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول، قال الدارقطني: أخطأ فيه بعض رواته، والمحفوظ أنه كان يقرأ بهما في سنة المغرب، كما يأتي في حديث رقم (1141)، وأما حديث جابر بن سمرة .. ففيه سعيد بن سماك، وهو متروك، والمحفوظ أنه قرأ بهما في الركعتين بعد المغرب.
واعتمد بعض مشايخنا وغيرهم حديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة أنه قال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال سليمان: فكان يقرأ في الصبح بطوال المفصل، وفي المغرب بقصار المفصل
…
الحديث، أخرجه النسائي، وصححه ابن خزيمة وغيره، وهذا الحديث يشهد لحديث ابن عمر هذا، فحديثه صحيح بغيره، وقال ابن خزيمة في "صحيحه": وهذا من الاختلاف في المباح، فجائز للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب، إلا أنه إذا كان إمامًا .. استحب له أن يخفف في القراءة، كما تقدم انتهى.
قال الحافظ: وهذا أولى من قول الدارقطني وتخطئته لحديث ابن عمر، فحديث ابن عمر هذا صحيح؛ لأنه يشهد له حديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة، كما ذكرنا آنفًا، فغرضه بسوقه: الاستدلال به على أنه يجوز في المغرب القراءة بقصار المفصل، كما أنه يجوز فيها القراءة بطوال المفصل، بل هي الأولى؛ لضيق وقته، فطوال المفصل من الحجرات إلى سورة النبأ، وأوساطه من النبأ إلى والضحى، وقصاره من الضحى إلى الناس.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول والأخير للاستدلال، والثاني للاستشهاد للأول.
والله سبحانه وتعالى أعلم