المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(40) - (203) - باب افتتاح الصلاة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌(1) - (164) - أَبْوَابُ مَوَاقِيتِ الْصَّلَاةِ

- ‌(2) - (165) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(3) - (166) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ

- ‌(4) - (167) - بَابُ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ

- ‌(5) - (168) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(6) - (169) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ

- ‌(7) - (170) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(8) - (171) - بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(9) - (172) - بَابُ مِيقَاتِ الصَّلَاةِ فِي الْغَيْمِ

- ‌(10) - (173) - بَابُ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا

- ‌(11) - (174) - بَابُ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ

- ‌(12) - (175) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَعَنِ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا

- ‌(13) - (176) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ

- ‌كتاب الأذان

- ‌(14) - (177) - بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ

- ‌(15) - (178) - بَابُ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(16) - (179) - بَابُ السُّنَّةِ فِي الْأَذَانِ

- ‌(17) - (180) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(18) - (181) - بَابُ فَضْلِ الْأَذَانِ وَثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ

- ‌(19) - (182) - بَابُ إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ

- ‌(20) - (183) - بَابُ إِذَا أُذِّنَ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ .. فَلَا تَخْرُجْ

- ‌أبواب المساجد والجماعات

- ‌(21) - (184) - بَابُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا

- ‌(22) - (185) - بَابُ تَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (186) - بَاب: أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ

- ‌(24) - (187) - بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌فائدة

- ‌(25) - (188) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(26) - (189) - بَابُ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(27) - (190) - بَابٌ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ

- ‌(28) - (191) - بَابُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ

- ‌(29) - (192) - بَابُ تَطْهِيرِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا

- ‌(30) - (193) - بَابُ كَرَاهِيَةِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(31) - (194) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِنْشَادِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(32) - (195) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ

- ‌(33) - (196) - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

- ‌(34) - (197) - بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌(35) - (198) - بَابٌ: الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا

- ‌(36) - (199) - بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(37) - (200) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(38) - (201) - بَابُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌(39) - (202) - بَابُ لُزُومِ الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ

- ‌(40) - (203) - بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(41) - (204) - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(42) - (205) - بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(43) - (206) - بَابُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ

- ‌(44) - (207) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌(45) - (208) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(46) - (209) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(47) - (210) - بَابُ الْجَهْرِ بِالْآيَةِ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(48) - (211) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌(49) - (212) - بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ

- ‌(50) - (213) - بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ

- ‌(51) - (214) - بَابٌ: فِي سَكْتَتَيِ الْإِمَامِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(52) - (215) - بابٌ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا

- ‌(53) - (216) - بَابُ الْجَهْرِ بِآمِينَ

- ‌(54) - (217) - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكوعِ

- ‌فائدة

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(40) - (203) - باب افتتاح الصلاة

(40) - (203) - بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

(133)

- 789 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ،

===

(40)

- (203) - (باب افتتاح الصلاة)

وفي أغلب النسخ هنا: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها) ولا نتيجة لذكر هذا هنا؛ لأنه في وسط كتاب الصلاة، والله أعلم، والمراد بإقامة الصلاة: الإقامة المأمور بها بقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1)، والمراد بها: أداؤها على الوجه اللائق بها باستيفاء شروطها وأركانها وآدابها، وغير ذلك.

* * *

(133)

- 789 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق (الطنافسي) أبو الحسن الكوفي، قال أبو حاتم: كان ثقة صدوقًا، وهو أحب إلي من أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح، وأبو بكر أكثر منه حديثًا وأفهم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي، الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري الأوسي أبو الفضل المدني، صدوق، من السادسة، رمي بالقدر وربما وهم، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).

(1) سورة البقرة: (43).

ص: 367

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ .. اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللهُ أَكْبَرُ".

===

(حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء) القرشي العامري المدني، ثقة، من الثالثة، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ) سنة. يروي عنه:(ع).

(قال: سمعت أبا حميد الساعدي) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، اسمه المنذر بن سعد بن المنذر، أو ابن مالك، وقيل: اسمه عبد الرحمن شهد أحدًا وما بعدها، وعاش إلى أول خلافة يزيد بن معاوية سنة ستين (60 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(يقول) أبو حميد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا (إذا قام إلى الصلاة .. استقبل القبلة، ورفع يديه، وقال: الله أكبر) ولا دلالة فيه على تقديم الرفع على التكبير، ولا على تأخيره عنه، وقد جاء ما يدل على تقديمه، فالأوجه الأخذ به وحمل ما يحتمله وغيره عليه. انتهى "سندي"، وفي "العون": وفي هذا دليل لمن قال بالمقارنة بين التكبير والرفع، وقد ورد تقديم الرفع على التكبير وعكسه، أخرجهما مسلم، ففي حديث الباب:(رفع يديه، ثم كبر)، وفي حديث مالك بن الحويرث عند مسلم:(كبر، ثم رفع يديه)، قال الحافظ: وفي المقارنة وتقديم الرفع على التكبير خلاف بين العلماء، والمرجح عند أصحابنا المقارنة، ولم أر من قال: بتقديم التكبير على الرفع، ويرجح الأول حديث وائل بن حجر عند أبي داوود بلفظ:(ورفع يديه مع التكبير)، وقضية المعية أنه ينتهي بانتهائه، وهو الذي صححه النووي في "شرح المهذب"، ونقله عن نص الشافعي، وهو المرجح عند المالكية.

ص: 368

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال صاحب "الهداية" من الحنفية: الأصح يرفع ثم يكبر؛ لأن الرفع نفي صفة الكبرياء عن غير الله تعالى، والتكبير إثبات ذلك له تعالى، والنفي سابق على الإثبات، كما في الشهادة، وهذا مبني على أن الحكمة في الرفع ما ذكر، وقد قال فريق من العلماء: الحكمة في اقترانهما أن يراه الأصم ويسمعه الأعمى، وقد ذكرت في ذلك مناسبات أخر. انتهى، وقال النووي في "شرح مسلم": أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام. انتهى من "العون".

ثم الحديث ظاهر في أنه ما ينوي باللسان، ولذلك قال كثير من العلماء: النية باللسان بدعة، لكن غالبهم على أنها مستحبة ليتوافق اللسان والقلب. انتهى "سندي"، وذكر البخاري أنه روى رفع اليدين عند الإحرام سبعة عشر رجلًا من الصحابة، وذكر الحاكم وأبو القاسم بن منده ممن رواه العشرة المبشرة، وذكر شيخنا أبو الفضل الحافظ أنه تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين رجلًا. انتهى، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب سنة الجلوس في التشهد، رقم (828)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب من ذكر التورك في الرابعة (181)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب (227)، رقم (304) مطولًا، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب التطبيق، باب الاعتدال من الركوع، رقم (1100/ 1180/ 1261)، وسيذكره ابن ماجه في موضعين هما:(862)، (1061). انتهى من "الهامش".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ص: 369

(134)

- 790 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي حميد بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(134)

- 790 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب) -بضم المهملة وبموحدتين- أبو الحسين العكلي -بضم المهملة وسكون الكاف- الكوفي، صدوق، يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثني جعفر بن سليمان الضبعي) -بضم المعجمة وفتح الموحدة- أبو سليمان البصري، صدوق، زاهد، من الثامنة، مات سنة ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثني علي بن علي) بن نجاد، بنون وجيم خفيفة (الرفاعي) -بفاء- اليشكري -بتحتانية مفتوحة ومعجمة ساكنة- أبو إسماعيل البصري، لا بأس به رمي بالقدر، وكان عابدًا، ويقال: كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم، من السابعة. يروي عنه:(عم).

(عن أبي المتوكل) الناجي علي بن داوود البصري مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، مات سنة ثمان ومئة (108 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.

(قال) أبو سعيد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل

ص: 370

يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ يَقُولُ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ".

===

(يستفتح صلاته) بالتكبير، ثم (يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) كذا في رواية أبي داوود، ولا بد من هذا التقدير ليصح المتن.

قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك) أي: وفقني، قاله الأبهري، وقال ابن الملك: سبحانك اسم مصدر أقيم مقام المصدر؛ وهو التسبيح، منصوب بفعل محذوف وجوبًا، تقديره: أسبحك تسبيحًا؛ أي: أنزهك تنزيهًا من كل السوء والنقائص وأبعدك مما لا يليق بجنابك، وقيل: تقديره: أسبحك تسبيحًا ملتبسًا ومقترنًا بحمدك، فالباء للملابسة، والواو زائدة، وقيل: الواو بمعنى مع؛ أي: أسبحك مع التلبس بحمدك، وحاصل المعنى: نفي الصفات السلبية وإثبات السمات الثبوتية، والله أعلم.

قال الخطابي: قوله: (وبحمدك) دخول الواوفيه، أخبرني ابن خلاد، قال: سألت الزجاج عن ذلك، فقال: معناه: سبحانك اللهم وبحمدك سبحتك. انتهى، قال في "المرقاة": قيل: قول الزجاج يحتمل وجهين؛ أحدهما: أن يكون الواو للحال، والثاني: أن تكون عاطفة جملة فعلية على مثلها؛ إذ التقدير: أنزهك تنزيهًا وأسبحك تسبيحًا مقيدًا بشكرك، وعلى التقديرين جملة (اللهم) معترضة، والباء في وبحمدك إما سببية والجار متعلق بفعل مقدر، أو إلصاقية والجار والمجرور حال من فاعله.

(تبارك اسمك) أي: كثرت بركة اسمك؛ إذ وجد كل خير من ذكر اسمك، وقيل: معناه: تعاظم ذاتك، (وتعالى جدك) تعالى تفاعل من العلو، والجد: العظمة؛ أي: علا وارتفع عظمتك على عظمة غيرك غاية العلو والرفعة. انتهى من "العون".

ص: 371

(135)

- 791 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك، رقم (7701)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب (65) ما يقول عند افتتاح الصلاة، رقم (242)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة والقراءة، رقم (898)، وأحمد في "المسند" والدارمي.

فدرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد ثانيًا لحديث أبي حميد بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(135)

- 791 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(قالا: حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي، الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيع، من صغار التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عمارة بن القعقاع) بن شبرمة -بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة- الضبي الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن مسعود، من السادسة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، الكوفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

ص: 372

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ .. سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ قَالَ: فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؛ أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ فَأَخْبِرْنِي مَا تَقُولُ؟ قَالَ: "أَقُولُ: اللَّهُمَّ؛ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو هريرة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر) للإحرام .. (سكت بين التكبير والقراءة) أراد بالسكوت ألا يقرأ القرآن جهرًا ولا يسمع الناس، وإلا .. فالسكوت الحقيقي ينافي القول، فلا يصح السؤال بقوله: ما تقول؟ أي: في سكوتك. انتهى "سندي".

(قال) أبو هريرة: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (بأبي أنت وأمي) أي: أنت مفدي بأبي وأمي من كل مكروه، (أرأيت سكوتك) أي: أخبرني عن سكوتك (بين التكبير) للإحرام (والقراءة) أي: بين الشروع في قراءة الفاتحة، (فأخبرني ما تقول) في ذلك السكوت؟ فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أقول) في ذلك السكوت سرًّا: (اللهم؛ باعد بيني وبين خطاياي) أي: بين أفعال فعلتها تصير خطايا على، فالمطلوب الحفظ وتوفيق الترك، أو بين ما فعلتها من الخطايا، والمطلوب المغفرة، وأمثال هذا السؤال منه صلى الله عليه وسلم من باب إظهار العبودية وتعظيم الربوبية، وإلا .. فهو مع عصمته مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لو كان هناك ذنب.

وقيل: المراد بالمغفرة في حقه مشروط بالاستغفار، والأقرب أن الاستغفار له زيادة خير والمغفرة حاصلة بدون ذلك لو كان هناك ذنب، وفيه إرشاد للأمة إلى الاستغفار وتعليم لهم كيفية الاستغفار. انتهى "سندي".

قوله: (بأبي أنت وأمي) قال التوربشتي: الباء متعلقة بمحذوف، قيل: هو اسم فيكون ما بعده مرفوعًا؛ تقديره: أنت مفدي بأبي وأمي، وقيل: هو فعل؛

ص: 373

كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ؛ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنَ الدَّنَسِ،

===

أي: فديتك، وما بعده منصوب وحذف هذا المقدر تخفيفًا لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب، ذكره الطيبي.

وقوله: (أرأيت) الظاهر أنه بفتح التاء لا غير؛ بمعنى: أخبرني، وقوله: بعده (فأخبرني ما تقول؟ ) فيه تفسير له، وقوله:(ما تقول؟ ) فيه إشعار بأن هناك قولًا؛ لكونه قال: (ما تقول) ولم يقل: هل تقول؟ نبه عليه ابن دقيق العيد، وقال: لعله استدل على أصل القول بحركة الفم، كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية. انتهى من "العون".

قوله: اللهم؛ باعد بيني وبين خطاياي (كما باعدت بين المشرق والمغرب) أخرجه مخرج المبالغة؛ لأن المفاعلة إذا لم تكن للمشاركة التي وضعت لها .. فهي تكون للمبالغة والتأكيد لمعنى الثلاثي، وقيل: تفيد البعد من الجانبين، فكأنه قيل: اللهم؛ باعد بيني وبين خطاياي، وباعد بين خطاياي وبيني، والخطايا إما أن يراد بها اللاحقة؛ فمعناه إذا قدر لي ذنب .. فبعد بيني وبينه، أو السابقة؛ فمعناه المحو والغفران لما حصل منها، وهو مجاز؛ لأن حقيقة المباعدة إنما هو في الزمان والمكان، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنه أراد ألا يبقى لها منه اقتراب بالكلية، وكرر لفظ بين هنا ولم يكررها بين المشرق والمغرب؛ لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الجار، بخلاف العطف على الظاهر.

(اللهم؛ نقني) -بتشديد القاف في الموضعين- لأنه من باب فعل المضعف المعتل اللام؛ أي: صفني (من خطاياي) وذنوبي، (كـ) ـما ينقى ويصفى (الثوب الأبيض من الدنس) أي: من الوسخ، والكاف صفة لمصدر محذوف؛

ص: 374

اللَّهُمَّ؛ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ".

===

تقديره: أي نقني من الخطايا تنقية مثل تنقية الثوب الأبيض من الدنس، وهذا مجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها، وشبه بالثوب الأبيض دون غيره؛ لأن الدنس فيه أظهر من غيره من الألوان، والمعنى: طهرني طهارة كاملة معتنىً بها، كما يعتنى بتنقية الثوب الأبيض من الوسخ، وقال ملا على: وفيه إيماء إلى أن القلب بمقتضى أصل الفطرة سليم ونظيف وأبيض وظريف، وإنما يسود بارتكاب الذنوب وبالتخلق بالعيوب.

(اللهم؛ اغسلني) أي: طهرني بأتم وجه وأوكده (من خطاياي بالماء والثلج) بسكون اللام (والبرد) -بفتحتين- وهو حب الغمام، قال الخطابي: ذكر الثلج والبرد تأكيدًا، أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي، ولم يمتهنهما الاستعمال، قال ابن دقيق العيد: عبر بذلك عن غاية المحو؛ فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء، قال: ويحتمل أن يكون المراد: أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو، وكأنه كقوله تعالى:{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} (1)، وأشار الطيبي بحثًا إلى هذا، فقال: يمكن أن يكون المطلوب من ذكر الثلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرحمة والمغفرة بعد العفو؛ لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة، ومنه قولهم:(برَّد الله مضجعه) أي: رحمه ووقاه عذاب النار. انتهى، ويؤيده ورود وصف الماء بالبرودة في حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم، وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم؛ لكونها مسببة عنهما، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل، وبالغ فيه باستعمال المبردات؛ ترقيًا من الماء إلى أبرد منه، قاله الحافظ في "الفتح".

(1) سورة البقرة: (286).

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإن قلت: الغسل البالغ إنما يكون بالماء الحار، فلم ذكر ذلك؟

قلت: قال محيي السنة: معناه: طهرني من الذنوب، وذكرها مبالغة في التطهير، لا أنه يحتاج إليها ذكره في "المرقاة"، واستدل بالحديث على مشروعية الدعاء بين التكبير والقراءة فرضًا كانت الصلاة أو نفلًا، خلافًا للمشهور عن مالك، واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس في القرآن، خلافًا للحنفية، ثم هذا الدعاء صدر منه صلى الله عليه وسلم على سبيل المبالغة في إظهار العبودية، وقيل: قاله على سبيل التعليم لأمته.

واعترض: بأنه لو أراد ذلك .. لجهر به.

وأجيب: بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزار، وفيه ما كان الصحابة عليه من المحافظة على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته وإسراره وإعلانه حتى حفظ الله تعالى بهم هذا الدين، كذا في "فتح الباري". انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الدعوات، باب ما يقول بعد التكبير، رقم (744)، وفي مواضع أخر منه، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، رقم (781)، والنسائي في كتاب الافتتاح، والدارمي وأحمد.

فدرجة الحديث: أنه في أعلى الدرجات؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي حميد الساعدي.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي حميد بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 376

(136)

- 792 - (4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ .. قَالَ:"سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ".

===

(136)

- 792 - (4)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(وعبد الله بن عمران) بن أبي علي الأسدي أبو محمد الأصبهاني، نزيل الري، صدوق، من كبار الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).

(قالا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي.

(حدثنا حارثة بن أبي الرجال) -بكسر الراء ثم الجيم- الأنصاري النجَّاري، المدني، ضعيف، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ت ق)، واسم أبي الرجال هو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاري النجَّاري المدني، ثقة، من الخامسة. يروي عنه:(خ م س ق).

(عن عمرة) بنت عبد الرحمن بن زرارة الأنصارية المدنية، أكثرت عن عائشة، ثقة، من الثالثة، ماتت قبل المئة أو بعدها. يروي عنها:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حارثة بن أبي الرجال وهو متفق على ضعفه.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة) أي: إذا أراد استفتاحها .. (قال) بين التكبير والقراءة: (سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، قد مر بسط الكلام فيه، فراجعه.

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة.

ودرجته: أنه صحيح لغيره من حديث أبي سعيد الخدري المتقدم آنفًا، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن، غرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والباقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 378