الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَاكُلُونَ الْقَدَّ)).
فقال ابن عباس: بَلَى وَاللهِ لَقَدْ كَانَ هَذَا عِنْدَ اللهِ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ، وَلَوْ عَلَيْهِ فُتِحَ لَصَنَعَ فِيهِ غَيْرَ الَّذِي تَصْنَعُ، فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ:((أَوْ صَنَعَ مَاذَا؟)) فقال ابن عباس: إِذًا لَأَكَلَ وَأَطْعَمَنَا.
فَنَشَجَ عُمَرُ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَضْلَاعُهُ، ثُمَّ قال:((وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا لِيَ وَلَا عَلَيَّ)) (1).
[152] وَمِنْ كَلَامٍ لَهُ رضي الله عنه
لما بلغه فتح خراسان من قِبل الأحنف بن قيس
(2)
((إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى ذَكَرَ رسوله وَمَا بَعَثَهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى، وَوَعَدَ
= إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ العَبَّاسُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((خُذْ)) فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ:((لَا)) قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ:((لَا)) فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ:((لَا)) قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ:((لَا)) فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا - عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ - فَمَا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ.
ولهذا لمَّا راجع ابن عباس رضي الله عنهما عمر رضي الله عنه في أمر المال، نَسبه عمر إلى أبيه في الحرص على المال، وسياق الكلام يقتضي هذا.
(1)
رواه الحميدي في المسند (30) ويعقوب بن شيبة في مسند عمر (34) والفسوي في المعرفة والتاريخ: 1/ 522 والبزَّار في البحر الزخار (209).
(2)
الأحنف بن قيس السعدي التميمي، يكنى أبا بحر، واسمه الضحاك بن قيس. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، لأنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان الأحنف أحد الجلة الحلماء الدهاة الحكماء العقلاء، يعد في كبار التابعين بالبصرة، توفي بالكوفة في إمارة مصعب بن الزبير سنة سبع وستين، ومشى مصعب في جنازته. (الاستيعاب: 1/ 144 - 145).