الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْلُ فِي النَّسْخِ
وَهُوَ لُغَةً: الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَالرِّيحُ الْأَثَرَ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يُشْبِهُ النَّقْلَ، نَحْوَ نَسَخْتُ الْكِتَابَ، وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا هُوَ حَقِيقَةٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فِي الرَّفْعِ.
وَشَرْعًا: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: هُوَ الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ الْمُتَقَدِّمَ، زَائِلٌ عَلَى وَجْهٍ، لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا، وَهُوَ حَدٌّ لِلنَّاسِخِ لَا لِلنَّسْخِ، لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ.
وَقِيلَ: هُوَ رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ، بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ عَنْهُ.
فَالرَّفْعُ: إِزَالَةُ الْحُكْمِ عَلَى وَجْهٍ، لَوْلَاهُ لَبَقِيَ ثَابِتًا، كَرَفْعِ الْإِجَارَةِ بِالْفَسْخِ ; فَإِنَّهُ يُغَايِرُ زَوَالَهَا بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهَا. وَبِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ حُكْمِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، إِذْ لَيْسَ بِنَسْخٍ. وَبِخِطَابٍ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ ; فَلَيْسَ بِنَسْخٍ. وَاشْتِرَاطُ التَّرَاخِي احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ بِمُتَّصِلٍ، كَالشَّرْطِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ، وَنَحْوِهِ ; فَإِنَّهُ بَيَانٌ لَا نَسْخٌ.
وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ: رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، بِمِثْلِهِ، مُتَرَاخٍ عَنْهُ. لِيَدْخُلَ مَا ثَبَتَ بِالْخِطَابِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ إِشَارَةٍ، أَوْ إِقْرَارٍ ; فِيهِمَا.
ــ
«الْقَوْلُ فِي النَّسْخِ: وَهُوَ لُغَةً» - أَيْ: فِي اللُّغَةِ - الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ، أَيْ: رَفَعَتْهُ وَأَزَالَتْهُ ; لِأَنَّ الشَّمْسَ إِذَا قَابَلَتْ مَوْضِعَ الظِّلِّ، ارْتَفَعَ وَزَالَ، وَالرِّيحَ إِذَا مَرَّتْ عَلَى آثَارِ الْمَشْيِ، ارْتَفَعَتْ وَزَالَتْ.
قَوْلُهُ: «وَقَدْ يُرَادُ بِهِ» ، أَيْ: بِالنَّسْخِ، مَا يُشْبِهُ النَّقْلَ نَحْوَ: نَسَخْتُ الْكِتَابَ، فَإِنَّ نَسْخَ الْكِتَابِ لَيْسَ نَقْلًا لِمَا فِي الْمَنْسُوخِ مِنْهُ حَقِيقَةً، لِبَقَائِهِ بَعْدَ النَّسْخِ،