الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَاصُّ
الْخَاصُّ: اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ.
وَالتَّخْصِيصُ: بَيَانُ الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ. أَوْ بَيَانُ أَنَّ بَعْضَ مَدْلُولِ اللَّفْظِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْحُكْمِ، وَهُوَ جَائِزٌ بِدَلِيلِ:{خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزُّمَرِ: 62]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الْأَحْقَافِ: 25] .
وَالْمُخَصِّصُ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْخَاصِّ، وَمُوجِدُهُ.
وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الدَّلِيلِ الْمُخَصِّصِ مَجَازٌ.
وَالْمُخَصِّصَاتُ تِسْعَةٌ:
الْأَوَّلُ: الْحِسُّ كَخُرُوجِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} حِسًّا.
الثَّانِي: الْعَقْلُ، وَبِهِ خُصَّ مَنْ لَا يَفْهَمُ مِنْ عُمُومِ النَّصِّ نَحْوُ:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آلِ عِمْرَانَ: 97] .
وَوُجُوبُ تَأَخُّرِ الْمُخَصِّصِ، وَصِحَّةُ تَنَاوُلِ الْعَامِّ مَحَلَّ التَّخْصِيصِ مَمْنُوعٌ.
الثَّالِثُ: الْإِجْمَاعُ لِقَطْعِيَّتِهِ، وَاحْتِمَالِ الْعَامِّ وَهُوَ دَلِيلُ نَصٍّ مُخَصِّصٍ.
ــ
قَوْلُهُ: «الْخَاصُّ» .
أَيْ: هَذَا بَيَانُ أَحْكَامِ الْخَاصِّ وَالتَّخْصِيصِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِمَا، وَالْخَاصُّ: هُوَ «اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ» لِأَنَّهُ مُقَابِلُ الْعَامِّ، وَالْعَامُّ يَدُلُّ عَلَى أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ ; فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ مَا ذَكَرْنَاهُ ; فَالْعَامُّ، كَالرِّجَالِ. وَالْخَاصُّ، كَزَيْدٍ، وَعَمْرٍو، وَهَذَا الرَّجُلِ.
قَوْلُهُ: «وَالتَّخْصِيصُ: بَيَانُ الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ، أَوْ بَيَانُ أَنَّ بَعْضَ مَدْلُولِ اللَّفْظِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْحُكْمِ» ، هَذَانِ تَعْرِيفَانِ لِلتَّخْصِيصِ مُتَسَاوِيَانِ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ سبحانه وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الْمَائِدَةِ: 5]، مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [الْبَقَرَةِ: 221] ; فَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشْرِكَاتِ مَا عَدَا الْكِتَابِيَّاتِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَ مَدْلُولِ الْمُشْرِكَاتِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالتَّحْرِيمِ، وَهُنَّ الْكِتَابِيَّاتُ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، يَعْنِي التَّخْصِيصَ، جَائِزٌ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ.
قُلْتُ: لِأَنَّهُ بَيَانٌ كَمَا ذُكِرَ فِي حَدِّهِ، وَالْبَيَانُ لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرِ فِي بَيَانِهِ، بِخِلَافِ النَّسْخِ ; فَإِنَّهُ رَفْعٌ وَإِبْطَالٌ ; فَاتَّجَهَتِ الشُّبْهَةُ فِي وُقُوعِهِ.
قَوْلُهُ: «بِدَلِيلِ» ، أَيِ: التَّخْصِيصُ جَائِزٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عز وجل: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: 101]، {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: 102] ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِذَاتِهِ سبحانه وتعالى وَصِفَاتِهِ، إِذْ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً. وَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى فِي صِفَةِ الرِّيحِ الَّتِي أَهْلَكَتْ عَادًا:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الْأَحْقَافِ: 25] ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ لَمْ تُدَمِّرْهَا، كَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْآيَةُ يَحْتَجُّ بِهَا الْأُصُولِيُّونَ عَلَى إِطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ، وَلَا حُجَّةَ فِيهَا ; لِأَنَّهَا جَاءَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُقَيَّدَةً بِمَا يَمْنَعُ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل:{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذَّارِيَاتِ: 41، 42]، وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} مُقَيَّدٌ بِمَا أَتَتْ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّدْمِيرُ مَخْتَصًّا