الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِي مَنْعِ السَّبَبِيَّةِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ» .
مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ: أَنَّ الشَّرْطَ إِذَا دَخَلَ عَلَى السَّبَبِ، لَمْ يَمْنَعْ مِنَ انْعِقَادِ السَّبَبِ، بَلْ تَأْثِيرُهُ فِي تَأْخِيرِ حُكْمِ السَّبَبِ، حَتَّى يُوجَدَ، يَعْنِي الشَّرْطَ.
مِثَالُهُ: إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إِلَى ثَلَاثٍ ; فَالْبَيْعُ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَدُخُولُ شَرْطِ الْخِيَارِ عَلَيْهِ لَا يَقْدَحُ فِي سَبَبِيَّتِهِ عِنْدَنَا ; فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، لَكِنْ يَتَأَخَّرُ حُكْمُ الْبَيْعِ، وَهُوَ لُزُومُ الْمِلْكِ وَاسْتِقْرَارُهُ، حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ، بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: خِيَارُ الشَّرْطِ مَانِعٌ مِنَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ سَبَبًا نَاقِلًا لِلْمِلْكِ بِالْجُمْلَةِ، عَلَى تَفْصِيلٍ لَهُمْ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. وَهَذَا مَعْنَى مَا حَكَاهُ الزَّنْجَانِيُّ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ.
وَمِثَالُهُ عَلَى مَا أَحْسَبُ: - وَقَدْ بَعُدَ عَهْدِي بِهِ - وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ أَبُو بَكْرٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، فِي كِتَابِ «الْمِيزَانِ» فَقَالَ: وَقِرَانُ الشَّرْطِ بِالْأَمْرِ، أَثَرُهُ مَعَ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ، إِلَى أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْخَصْمِ، أَثَرُهُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ عَنِ السَّبَبِ، مَعَ انْعِقَادِهِ شَرْعًا.
قَوْلُهُ: «وَنَحْوُهُ
الْغَايَةُ»
، وَالْغَايَةُ فِي تَخْصِيصِهَا لِلْعُمُومِ نَحْوُ الشَّرْطِ، مِثْلُ قَوْلِهِ:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [الْبَقَرَةِ: 222]، فَقَوْلُهُ:{حَتَّى يَطْهُرْنَ} رَفَعَ الْمَنْعَ الدَّائِمَ، الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ عز وجل:(لَا تَقْرَبُوهُنَّ) ، وَبَقِيَ الْمَنْعُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَاصًّا بِحَالِ الْحَيْضِ، فَإِذَا طَهُرَتْ، جَازَ وَطْؤُهَا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [الْبَقَرَةِ: 230]، اقْتَضَى هَذَا تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ أَبَدًا ; فَبِقَوْلِهِ:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [الْبَقَرَةِ: 230] ، ارْتَفَعَ عُمُومُ التَّحْرِيمِ، وَبَقِيَ مُخْتَصًّا بِمَا قَبْلَ نِكَاحِهَا زَوْجًا غَيْرَهُ، فَإِذَا نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ، حَلَّتْ لَهُ.
وَمِنْ صِيَغِ الْغَايَةِ «إِلَى» نَحْوُ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [الْبَقَرَةِ: 187]، {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [الْمَائِدَةِ: 6] ، {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [الْمَائِدَةِ: 6] ، وَنَحْوُهُ.
وَحُكْمُ الْغَايَةِ: أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ مُخَصَّصَةً، وَلَا غَايَةً، بَلْ وَسَطًا.
وَقَدْ سَبَقَ مِثَالُ التَّخْصِيصِ بِالصِّفَةِ فِي أَوَّلِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَحُكْمُ الشَّرْطِ وَالْغَايَةِ وَالصِّفَةِ، فِي رُجُوعِهَا إِلَى الْجُمَلِ الْمُتَعَدِّدَةِ قَبْلَهَا، أَوْ إِلَى الْأَخِيرَةِ مِنْهَا، حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ، غَيْرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الشَّرْطِ فِي ذَلِكَ مَعَ بَعْضِ النُّحَاةِ، أَمَّا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، فَاتَّفَقُوا عَلَى رُجُوعِهِ إِلَى الْجَمِيعِ كَمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.