المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما يعرف به النسخ: - شرح مختصر الروضة - جـ ٢

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْكِتَابُ

- ‌السُّنَّةُ

- ‌ التَّوَاتُرُ

- ‌ الْآحَادُ

- ‌ السَّمَاعِ

- ‌ الْإِجَازَةُ

- ‌إِنْكَارُ الشَّيْخِ الْحَدِيثَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي رِوَايَةِ الْفَرْعِ لَهُ

- ‌الْمَسْأَلَةُ «التَّاسِعَةُ: الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ الْمُنْفَرِدِ بِهَا مَقْبُولَةٌ

- ‌الْمَسْأَلَةُ «الْعَاشِرَةُ: الْجُمْهُورُ عَلَى قَبُولِ مُرْسَلِ الصَّحَابِيِّ»

- ‌ مُرْسَلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ

- ‌فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى

- ‌فِيمَا يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ»

-

- ‌الْقَوْلُ فِي النَّسْخِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ «الثَّالِثَةُ: نَسْخُ الْأَمْرِ قَبْلَ امْتِثَالِهِ جَائِزٌ

- ‌لَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ حُكْمُ النَّاسِخِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ

- ‌ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِمُتَوَاتِرِ السُّنَّةِ

- ‌ نَسْخُ الْكِتَابِ وَمُتَوَاتِرِ السُّنَّةِ بِآحَادِهَا

- ‌الْمَسْأَلَةُ «السَّابِعَةُ: الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ، وَلَا يُنْسَخُ بِهِ»

- ‌مَا يُعْرَفُ بِهِ النَّسْخُ:

- ‌الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي

- ‌«الْأَمْرُ:

- ‌ النَّهْيِ بَعْدَ الْأَمْرِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ " الثَّالِثَةُ: الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ

- ‌الْمَسْأَلَةُ " الرَّابِعَةُ: الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ أَضْدَادِهِ

- ‌أَقْسَامُ الْمَعْلُومَاتِ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ: «السَّادِسَةُ: الْوَاجِبُ الْمُوَقَّتُ لَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ «السَّابِعَةُ: مُقْتَضَى الْأَمْرِ: حُصُولُ الْإِجْزَاءِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: الْأَمْرُ لِجَمَاعَةٍ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

- ‌ فَرْضُ الْكِفَايَةِ

- ‌فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ «الْعَاشِرَةُ: تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِالْمَعْدُومِ»

- ‌النَّهْيُ

- ‌فَوَائِدُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ:

- ‌الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ

- ‌الْعَامُّ

- ‌أَلْفَاظُ الْعُمُومِ

- ‌«أَدَوَاتُ الشَّرْطِ»

- ‌ كُلُّ وَجَمِيعُ

- ‌«النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوِ الْأَمْرِ»

- ‌ الْعَامُّ الْكَامِلُ»

- ‌ أَقَلُّ الْجَمْعِ

- ‌ الْعَامُّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حُجَّةٌ

- ‌ الْخِطَابُ الْعَامُّ يَتَنَاوَلُ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ

- ‌الْخَاصُّ

- ‌الْمُخَصِّصَاتُ»

- ‌الْخَامِسُ: الْمَفْهُومُ

- ‌ تَعَارُضِ الْعُمُومَيْنِ

- ‌الِاسْتِثْنَاءُ

- ‌ تَعْرِيفِهِ

- ‌ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّخْصِيصِ

- ‌ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالنَّسْخِ

- ‌ فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِشُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌الشَّرْطُ

- ‌ الْغَايَةُ»

- ‌الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ

- ‌ مَرَاتِبُ الْمُقَيَّدِ

- ‌الْمُجْمَلُ

- ‌حُكْمُ الْمُجْمَلِ

- ‌الْمُبَيَّنُ

- ‌ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبَيَانُ

- ‌كُلُّ مُقَيَّدٍ مِنَ الشَّارِعِ بَيَانٌ

- ‌الْبَيَانُ الْفِعْلِيُّ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِيِّ»

- ‌تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ

- ‌تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ

- ‌خَاتِمَةٌفَحْوَى اللَّفْظِ:

- ‌ شَرْطُ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ

- ‌ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ»

- ‌ الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ

- ‌ دَرَجَاتُ دَلِيلِ الْخِطَابِ

- ‌ مَفْهُومَ الْغَايَةِ

- ‌ مَفْهُومُ الشَّرْطِ

- ‌ تَخْصِيصُ وَصْفٍ غَيْرِ قَارٍّ بِالْحُكْمِ

- ‌ مَفْهُومُ الْعَدَدِ

- ‌ مَفْهُومُ اللَّقَبِ

الفصل: ‌ما يعرف به النسخ:

خَاتِمَةٌ

لَا يُعْرَفُ النَّسْخُ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ وَلَا قِيَاسِيٍّ، بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُجَرَّدِ، أَوِ الْمَشُوبِ بِاسْتِدْلَالٍ عَقْلِيٍّ، كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ، أَوْ بِنَقْلِ الرَّاوِي، نَحْوَ:«رُخِّصَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ، ثُمَّ نُهِينَا عَنْهَا» . أَوْ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ، نَحْوَ:«كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ; فَزُورُوهَا» . وَبِالتَّارِيخِ، نَحْوَ: قَالَ سَنَةَ خَمْسٍ كَذَا، وَعَامَ الْفَتْحِ كَذَا. أَوْ يَكُونُ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَاتَ قَبْلَ إِسْلَامِ الثَّانِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تَلْحَقُهُمَا أَحْكَامٌ لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ، كَالْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ وَنَحْوِهَا، عَقَّبْنَاهُمَا بِذِكْرِهَا.

ــ

خَاتِمَةٌ، يَعْنِي لِبَابِ النَّسْخِ، وَهِيَ فِي‌

‌مَا يُعْرَفُ بِهِ النَّسْخُ:

«لَا يُعْرَفُ النَّسْخُ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ، وَلَا قِيَاسِيٍّ» ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّسْخَ إِمَّا رَفْعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ بَيَانُ مُدَّةِ انْتِهَائِهِ، وَكِلَاهُمَا لَا طَرِيقَ لِلْعَقْلِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ. وَلَوْ كَانَ لِلْعَقْلِ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسْخِ بِدُونِ النَّقْلِ ; لَكَانَ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِدُونِ النَّقْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُجَرَّدِ» ، أَيْ: لَا يُعْرَفُ النَّسْخُ بِالْعَقْلِ، بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُجَرَّدِ، أَوِ الْمَشُوبِ بِاسْتِدْلَالٍ عَقْلِيٍّ، كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ، كَإِبَاحَةِ الْخَمْرِ، فَإِنَّ نَسْخَهَا عُرِفَ بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ بِنَقْلِ الرَّاوِي، نَحْوَ قَوْلِهِ: رُخِّصَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ - ثُمَّ نُهِينَا عَنْهَا. كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ص: 340

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، كَانَ الرَّجُلُ يَقْدُمُ الْبَلْدَةَ لَيْسَ لَهُ بِهَا مَعْرِفَةٌ ; فَيَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يُقِيمُ ; فَتَحْفَظُ لَهُ مَتَاعَهُ، وَتُصْلِحُ شَيْأَهُ حَتَّى نَزَلَتْ:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الْمُؤْمِنُونَ: 6] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكُلُّ فَرْجٍ سِوَى هَذَيْنِ حَرَامٌ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ، أَيْ: يُعْرَفُ النَّسْخُ بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ بِنَقْلِ الرَّاوِي، أَوْ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ، أَيْ: لَفْظِ الْحَدِيثِ عَلَى النَّسْخِ، كَمَا رَوَى بُرَيْدَةُ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ; فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ

ص: 341

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَبْرِ أُمِّهِ ; فَزُورُوهَا ; فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ; فَهَذَا نَصٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى نَسْخِ الْمَنْعِ، وَتَصْرِيحٌ بِهِ.

وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ: كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا ; فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْهَا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ.

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَبِالتَّارِيخِ» ، أَيْ: وَيُعْرَفُ النَّسْخُ بِالتَّارِيخِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الرَّاوِي: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، سَنَةَ خَمْسٍ كَذَا، أَوْ عَامَ الْفَتْحِ - وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ - كَذَا، أَوْ يَكُونَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ، كَحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي مَسِّ الذَّكَرِ: هَلْ هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ، فَإِنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: جِئْتُ وَهُمْ يُؤَسِّسُونَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبُسْرَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ بَعْدَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ سَنَةَ سَبْعٍ،

ص: 343

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَبِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَانَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ.

وَكَذَلِكَ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي قَطْعِ الْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ ; كَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي الْمَدِينَةِ.

وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمَكَّةَ فِي وَقْتِ الْحَجِّ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَطْعَ الْخُفَّيْنِ ; فَكَانَ تَرْكُهُ لِبَيَانِ وُجُودِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ دَلِيلًا عَلَى نَسْخِهِ.

قَوْلُهُ: «أَوْ يَكُونُ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَاتَ قَبْلَ إِسْلَامِ الثَّانِي» . هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ النَّسْخُ، كَمَا لَوْ رَوَى مَثَلًا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه، أَوْ مُصْعَبُ بْنُ

ص: 344

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عُمَيْرٍ، أَوْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُمْ رضي الله عنهم، الْمَنْعَ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ثُمَّ رَأَيْنَا جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يَرْوِي جَوَازَهُنَّ عَلِمْنَا أَنَّ حَدِيثَهُ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا مِثَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِلَّا رِوَايَةُ جَرِيرٍ لِلْمَسْحِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ رَاوِيَ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ لَمْ يَمُتْ قَبْلَ إِسْلَامِ رَاوِي الثَّانِي، بَلْ بَعْدَهُ ; فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَبَرَيْنِ قِيلَ قَبْلَ الْآخَرِ ; فَلَا يَتَحَقَّقُ أَيُّهُمَا النَّاسِخُ، وَلِمَعْرِفَةِ النَّاسِخِ طُرُقٌ أُخَرُ، لَمْ تُذْكَرْ فِي «الْمُخْتَصَرِ» تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تَلْحَقُهُمَا أَحْكَامٌ لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ، كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَنَحْوِهَا» يَعْنِي كَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ «عَقَّبْنَاهُمَا» ، أَيْ: عَقَّبْنَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِذِكْرِهَا، أَيْ: بِذِكْرِ مَا يَلْحَقُهُمَا مِنَ الْعَوَارِضِ الْمَذْكُورَةِ، أَيْ: ذَكَرْنَاهَا عَقِيبَهَا. وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْبَيَانِ لِمُنَاسَبَةِ تَعْقِيبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ، كَمَا بَيَّنَّا مُنَاسَبَةَ تَعْقِيبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالنَّسْخِ فِي أَوَّلِهِ، وَكَانَ تَقْدِيمُ النَّسْخِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي أَحْكَامِ عَوَارِضِهِ إِذَا كَانَ مَعْمُولًا بِهِ، وَالْمَنْسُوخُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ بِمَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، مَا اللَّفْظُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، نُظِرَ حِينَئِذٍ فِي أَحْكَامِ عَوَارِضِهِ، لِئَلَّا يَضِيعَ النَّظَرُ فِي لَفْظٍ قَدْ بَطَلَ بِالنَّسْخِ.

ص: 345