الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ
الْمُطْلَقُ: مَا تَنَاوَلَ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةٍ شَامِلَةٍ لِجِنْسِهِ نَحْوُ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النِّسَاءِ: 92] ، «وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» .
وَالْمُقَيَّدُ: مَا تَنَاوَلَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا بِزَائِدٍ عَلَى حَقِيقَةِ جِنْسِهِ نَحْوُ: {شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النِّسَاءِ: 92] ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ فَقَطْ مُطْلَقٌ ; فَالْمُقَيَّدُ يُقَابِلُهُ، وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ، وَتَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُهُ بِاعْتِبَارِ قِلَّةِ الْقُيُودِ وَكَثْرَتِهَا، وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ بِالْجِهَتَيْنِ كَرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ قُيِّدَتْ مِنْ حَيْثُ الدِّينُ، وَأُطْلِقَتْ مِنْ حَيْثُ مَا سِوَاهُ وَيُقَالُ: فِعْلٌ مُقَيَّدٌ، أَوْ مُطْلَقٌ بِاعْتِبَارِ اخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِ مَفَاعِيلِهِ مِنْ ظَرْفٍ، وَنَحْوِهِ وَعَدَمِهِ.
ــ
قَوْلُهُ: «الْمُطْلَقُ» ، هَذَا مَوْضِعُ الْكَلَامِ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ ; فَالْمُطْلَقُ:«مَا تَنَاوَلَ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةٍ شَامِلَةٍ لِجِنْسِهِ، نَحْوُ» ، قَوْلِهِ عز وجل:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [الْمُجَادَلَةِ: 3]، وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» . فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ لَفْظِ الرَّقَبَةِ وَالْوَلِيِّ، قَدْ تَنَاوَلَ وَاحِدًا غَيْرَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُعَيَّنٍ، مِنْ جِنْسِ الرِّقَابِ وَالْأَوْلِيَاءِ. «وَالْمُقَيَّدُ مَا تَنَاوَلَ مُعَيَّنًا» ، نَحْوُ: أَعْتَقَ زَيْدًا مِنَ الْعَبِيدِ ; أَوْ مَوْصُوفًا بِوَصْفٍ زَائِدٍ عَلَى حَقِيقَةِ جِنْسِهِ، نَحْوُ:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النِّسَاءِ: 92]، وَ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النِّسَاءِ: 92] ، وَصَفَ الرَّقَبَةَ بِالْإِيمَانِ، وَالشَّهْرَيْنِ بِالتَّتَابُعِ، وَذَلِكَ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَةِ جِنْسِ الرَّقَبَةِ وَالشَّهْرَيْنِ ; لِأَنَّ الرَّقَبَةَ قَدْ تَكُونُ مُؤْمِنَةً وَكَافِرَةً، وَالشَّهْرَيْنِ قَدْ يَكُونَانِ مُتَتَابِعَيْنِ وَغَيْرِ مُتَتَابِعَيْنِ.
- قَوْلُهُ: «وَقَدْ سَبَقَ» ، يَعْنِي فِي تَعْرِيفِ حَدِّ الْعَامِّ «أَنَّ اللَّفْظَ الدَّالَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ، مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ فَقَطْ» ، أَيْ: بِالنَّظَرِ إِلَى تَجَرُّدِهَا عَنْ كُلِّ عَارِضٍ يَلْحَقُهَا، مِنْ وَحْدَةٍ وَتَعَدُّدٍ، وَطُولٍ وَقِصَرٍ، وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ، هُوَ الْمُطْلَقُ، «فَالْمُقَيَّدُ يُقَابِلُهُ» ، أَيْ: يُقَابِلُ الْمُطْلَقَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ ; لِأَنَّهُمَا فِي الْأَصْلِ مُتَقَابِلَانِ، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُطْلَقَ: هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْعَوَارِضِ، الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَلْحَقَهَا، أَوْ بَعْضَهَا ; فَالْمُقَيَّدُ: هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ، مَعَ تِلْكَ الْعَوَارِضِ، أَوْ بَعْضِهَا.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: الْمُطْلَقُ: هُوَ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، كَقَوْلِنَا: رَجُلٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَالْمُقَيَّدُ: مَا كَانَ مِنَ الْأَلْفَاظِ دَالًّا عَلَى وَصْفِ مَدْلُولِهِ الْمُطْلَقِ، بِصِفَةٍ زَائِدَةٍ عَلَيْهِ، كَقَوْلِنَا: رَجُلٌ عَالِمٌ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُقَيَّدِ.
- قَوْلُهُ: «وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ» ، أَيْ: مَعَانِي مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدُ مُتَقَارِبَةٌ، لَا يَكَادُ يَظْهَرُ بَيْنَهَا تَفَاوُتٌ ; لِأَنَّ قَوْلَنَا: رَقَبَةٌ، هُوَ لَفْظٌ تَنَاوَلَ وَاحِدًا مِنْ جِنْسِهِ، غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ لَفْظٌ دَلَّ عَلَى مَاهِيَّةِ الرَّقَبَةِ، مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، أَيْ: مُجَرَّدَةً عَنِ الْعَوَارِضِ، وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ إِثْبَاتٍ.
وَقَوْلُنَا: رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ. هُوَ لَفْظٌ، تَنَاوَلَ مَوْصُوفًا بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَاهِيَّتِهِ، وَهُوَ لَفْظٌ، دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ، مَعَ بَعْضِ عَوَارِضِهَا، وَهُوَ لَفْظٌ دَلَّ عَلَى وَصْفِ مَدْلُولِهِ الْمُطْلَقِ، بِصِفَةٍ زَائِدَةٍ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ هَذِهِ التَّعْرِيفَاتِ، عِنْدَ تَدْقِيقِ النَّظَرِ، بِصُورَةٍ نَادِرَةٍ، أَوْ خَفِيَّةٍ، لَكِنَّا لَمْ نَسْبُرْ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ، يَكُونَانِ تَارَةً فِي الْأَمْرِ، نَحْوَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً وَأَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَتَارَةً فِي الْخَبَرِ، نَحْوَ:«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ» «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ.»
فَائِدَةٌ: الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فِي الْأَلْفَاظِ: مُسْتَعَارَانِ مِنْهُمَا فِي الْأَشْخَاصِ،