الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر منائر المسجد الحرام:
للمسجد الحرام الآن خمس منائر، منها أربعة في أركانه، وواحدة في زيادة الندوة، وذكر ابن جبير أنه كان بالمسجد الحرام سبع منائر عد فيها هذه الخمسة، ثم قال: وأخرى على باب الصفا وهي أصغرها، وهي علم لباب الصفا وليس يصعد إليها لضيقها، قال: وعلى باب إبراهيم صومعة1
…
انتهى.
وهذه الصومعة هي التي يقال لها الآن: خزانة القاضي نور الدين علي النويري، وأعلاها الآن منهدم، هدمه بعض أمراء مكة، لإشرافها على داره على ما قيل والله أعلم.
وعمَّر أبو جعفر المنصور من منائر المسجد الحرام: منارة باب العمرة. وعمر ابنه المهدي منها: المنارة التي على باب بني شيبة، والمنارة التي على باب علي، والمنارة التي على باب الحزورة.
وعمر الخواجا جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني وزير صاحب الموصل منائر المسجد الحرام على ما ذكر بعض مشايخنا، والله أعلم بحقيقة ذلك2.
وأخبرني من اعتمده، أنه رأى اسمه مكتوبا في منارة باب العمرة، بما معناه أنه أمر بعمارتها في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة3.
وعمرت منارة باب الحزورة في زمن الملك الأشرف شعبان بن حسين صاحب الموصل وكانت سقطت في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة4، وسلم الناس منها، فوصل المعمرون لعمارتها في موسم هذا السنة، وفرغ منها في المحرم مفتتح شهور سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة5.
وعمرت منارة باب بني شيبة في زمن مولانا السلطان الملك الناصر فرج ابن الملك الظاهر برقوق، وذلك بعد أن سقطت في آخر شعبان سنة تسع وثمانمائة6، وابتدأ في عمارتها سنة عشر، ولم يكمل بناءها إلا في آخر ذي القعدة من السنة التي بعدها واستحسنت عمارتها.7.
1 رحلة ابن جبير "ص: 68".
2 وقد قام السلطان العثماني سليمان القانوني بتجديدها سنة "931" ثم جددها الشريف سرور سنة "1201هـ".
2 إتحاف الورى 2/ 517.
4 العقد الثمين 5/ 10، وبدائع الزهور 1/ 2/ 97، ودرر الفرائد "ص: 311".
5 إتحاف الورى 3/ 313.
6 إتحاف الورى 3/ 454.
7 إتحاف الورى 3/ 457.
وذكر الفاكهي منائر المسجد الحرام الأربعة التي بجوانبه الأربعة، وبدأ في ذكرها بمنارة باب بني سهم. ثم بمنارة باب الحزورة ثم بالمنارة التي فيها الميل الذي يهرول الساعي بين الصفا والمروة عنده، ثم بمنارة باب بني شيبة.
وذكر الفاكهي أن في منارة باب بني سهم يؤذن صاحب الوقت بمكة، ومراده بصاحب الوقت والله أعلم: الذي يقال له في هذا الزمان رئيس المؤذنين، وهذا يخالف ما عليه الناس اليوم بمكة، لأن منارة صاحب الوقت الآن هي منارة باب بني شيبة1.
وذكر الفاكهي أن في منارة باب الحزورة يسحر المؤذن في شهر رمضان، ولم يذكر أن ذلك يصنع في غيرها، فدل ذلك على أن اختصاصها به، والذي عليه المؤذنون الآن بمكة أنهم يسحرون في جميع منائر المسجد الحرام الخمس، وإنما لم يذكر الأزرقي والفاكهي المنارة الخامسة التي بزيادة الندوة لحدوثها بعدهما2.
ونختم هذه الترجمة بمنائر في غير المسجد الحرام كان يؤذن فيها بمكة وظاهرها، ذكرها الفاكهي ونص ما ذكره الفاكهي: ذكر عدد المنارات التي على رؤوس الجبال بمكة. وكان أهل مكة فيما مضى من الزمان لا يؤذنون على رؤوس الجبال، وإنما كان
1 أخبار مكة للفاكهي 2/ 202- 203.
2 ظلت هذه المنائر على حالها وقد تم تجديدها وبيان ذلك كما يلي:
1-
منارة باب العمرة التي عمرها "محمد الجواد الأصفهاني" وزير صاحب الموصل سنة "551هـ. وجددت سنة "931هـ" في عهد السلطان: "سليمان القانوني"، ثم في عهد الشريف سرور سنة "1201"هـ.
2-
منارة باب الوداع التي عمرها الملك الأشرف شعبان سنة "771هـ" بعد سقوطها.
3-
منارة باب علي التي هدمها السلطان العثماني "سليمان بن سليم" عام "970م"، ثم أعاد بناءها.
4-
منارة قايتباي، وكانت أجمل المنائر السبع.
5-
منارة باب السلام التي هدمت في عصر السلطان الناصر فرج بن برقوق الجركسي، ثم أمر السلطان مراد الثالث بإعادة إعمارها سنة "983هـ".
6-
منارة السلطان سليمان، التي كانت تعرف بمنارة الحكمة.
7-
منارة باب زيادة التي أعاد بناءها الملك الأشرف برسباي سنة "838هـ" بعد سقوطها، ثم هدمت على يد الأمير سودون المحمدي سنة "1113هـ".
وقد تم إزالة جميع هذه المنائر عند التوسعة السعودية الأولى عام "1374هـ" وأبدلت بسبع منائر جديدة ذات طراز معماري واحد، وقد وزعت هذه المنائر الجديدة على الأبواب الرئيسية كل باب بمنارتين وبالقرب من باب الصفا المنارة السابعة. وبعد الزيادة الضخمة التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين، أضيفت مئذنتان جديدتان تتشابهان في شكلهما مع المآذن السبع. وبذلك وصل عدد المنائر تسع منائر.
الأذان في المسجد الحرام وحده، فكان الناس تفوتهم الصلاة من كان منهم في فجاج مكة، ونائيا عن المسجد، حتى كان في زمن أمير المؤمنين هارون، فقدم عبد الله بن مالك أو غيره من نظرائه بمكة، ففاتته الصلاة ولم يسمع الأذان، فأمر أن يتخذ على رؤوس الجبال منارات تشرف على فجاج مكة وشعابها، يؤذن فيها للصوات، وأجرى على المؤذنين في ذلك أرزاقا، ولعبد الله بن مالك الخزاعي على جبل أبي قبيس المشرف على المسجد الحرام منارة على القبلة بعينها، ومنارة أخرى بحذائها مشرفة على أجياد، ومنارة إلى جنب المنارة التي على القبلة، وأخرى تحتها، فتلك أربع منارات، ولعبد الله بن مالك منارة على جبل مرازم المشرف على شعب ابن عامر، وجبل الأعرج.
ثم أمر بُغا مولى أمير المؤمنين الذي يكنى بأبي موسى1 بمنارة على رأس الفلق، فبنيت به، ولعبد الله بن مالك منارة تشرف على المجزرة، وله هناك منارتان على جبل تفاحة، ولعبد الله بن مالك منارة على رأس الجبل الأحمر. بناها على موضع منه يقال له الكبش مرتفع على جبل الأحمر، وعليه منارة لبغا أيضا.
ولعبد الله بن مالك منارة على جبل خليفة بن عمر البكري ومعها منارة لبغا أيضا، ولعبد الله على كُدَيّ منارة تشرف على وادي مكة، ولبغا منارة على جبل المقبرة، وله أيضا منارة على جبل الحزورة، وله منارتان على جبل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعلى جبل الأنصار الذي يلي "أجياد" منارة، وله منارة على ثنية أم الحارث، تشرف على الحصحاص، ولبغا منارة على جبل معدان مشرفة على حائط خرمان، وله أيضا منارة تشرف على الخضراء وبئر ميمون، ولبغا أيضا منارة بمنى عند مسجد الكبش، فكانت هذه المنارات عليها قوم يؤذنون فيها للصلوات وتُجرى عليهم الأرزق في كل شهر، ثم قطع ذلك عنهم، فترك ذلك بعضُهم، وبقي منها مناراتٌ يؤذن عليها، يجري على من يؤذن فيها: عبد العزيز بن عبد الله السهمي اليوم
…
انتهى.
وقد ترك الأذان على جميع هذه المنارات في عصرنا، إلا أن في شهر رمضان يسحر جماعة من الناس على جبال بمكة، في كل جبل إنسان، ويؤذن كل منهم في الجبل الذي يسحر عليه، وهي: جبل أبي قبيس، والجبل الذي على القرارة المعروف بلعلع، وفي الجبل الأحمر، ويقال له جبل الحارثي نسبة إلى مؤذن كان يسحر فيه.
ويؤذن، وللمؤذن على هذه الجبال جامكية2 يسيرة تصل من مصر مع ما يصل لمؤذني المسجد الحرام وأرباب الوظائف به.
1 هو: بغا الكبير، أبو موسى التركي. أحد قواد المتوكل وأكبرهم له فتوحات ووقعات، مات حوالي سنة "250هـ" انظر ترجمته في:الوافي بالوفيات 10م 172، 173 رقم 4656".
2 الجامكية: هو اصطلاح كان شائعا في عصر المماليك، وهو يعني: مخصصات أو مرتبات شهرية أو سنوية.