الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أسماء زمزم: سابق، ذكر ذلك الفاكهي في خبر رواه عن عثمان بن ساج وفيه قال عثمان: وذكر غيره يعني غير وهب بن منبه أن زمزم تدعى: سابق1
…
انتهى.
وقد اختلف في تسمية زمزم بزمزم، فقيل: لكثرة مائها، قال ابن هشام: والزمزمة عند العرب الكثرة والاجتماع.
وقيل: إنها سميت زمزم، لأنها زمت بالتراب لئلا يأخذ الماء يمينا وشمالا، ولو تركت لساحت على الأرض حتى تملأ كل شيء، وهذا يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما ذكره البرقي.
وقيل: سميت زمزم: لزمزمة الماء، وهو صوته. قال الحربي:
وقيل: سميت زمزم، لأن الفرس كانت تحج إليها في الزمن الأول فزمزمت عليها.
قال المسعودي2: قيل لي: والزمزمة صوت يخرجه الفرس من خياشيمها عند شرب الماء، وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى عماله أن أنهوا الفرس عن الزمزمة
…
أنشد المسعودي:
زمزمت الفرس على زمزم
…
وذلك في3 سالفها الأقدم
وقيل: إنها غير مشتقة، والله أعلم.
وقد ذكرنا معاني بعض هذه الأسماء في أصل هذا الكتاب.
1 أخبار مكة للفاكهي 2/ 86.
2 مروج الذهب 1/ 242.
3 في مروج الذهب 1/ 242: "من" بدل "في".
ذكر فضائل ماء زمزم وخواصه:
روينا في "معجم الطبراني" بسند رجاله ثقات، وفي "صحيح ابن حبان" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:"خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم"1.
وروينا معنى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تاريخ الأزرقي2.
وسمعت العلامة زين الدين الفارسكوري يقول: إن شيخنا، شيخ الإسلام، سراج الدين البلقيني قال: إن ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر. وعلل ذلك لكونه غسل به صدر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ليغسل إلا بأفضل المياه
…
انتهى بالمعنى.
1 معجم الطبراني الكبير "11167"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وعزاه للطبراني في الكبير، وقال: رجاله ثقات، وابن عدي 1/ 230، والفاكهي في أخبار مكة 2/ 40.
2 أخبار مكة للأزرقي 2/ 55.
وذكر شيخنا الحافظ العراقي الحكمة من غسل صدر النبي صلى الله عليه وسلم بماء زمزم، ليقوى به صلى الله عليه وسلم على رؤية ملكوت السماوات والأرض، والجنة والنار، لأن من خواص ماء زمزم: أنه يقوي القلب، ويسكن الروع
…
انتهى.
وروينا في تاريخ الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما: اشربوا من شراب الأبرار. وفسره بماء زمزم1.
وروينا فيه عن وهب بن منبه معنى ذلك2.
وروينا في "المعجم الكبير" للطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن التضلع من ماء زمزم علامة ما بيننا وبين المنافقين"3.
وروينا من حديثه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم: أخرج هذه الأحاديث الحافظ شرف الدين الدمياطي، وقال فيما أثبت به عنه: إسناد صحيح.
وروينا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل"4.
أخبرني بهذا الحديث أحمد بن محمد بن عبد الله الحميري، وإبراهيم بن عمر، ومحمد بن محمد الصالحيان إذنا عن الحافظ شرف الدين الدمياطي، أن الحافظ يوسف بن خليل أخبره، قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد الوبرج5، قال: أخبرنا إسماعيل بن الفضل الإخشيد، قال: أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، قال: أخبرنا الحافظ أبو الحسن الدارقطني، قال: حدثنا عمر بن الحسن بن علي، قال: حدثنا
1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 53.
2 أخبار مكة للأزرقي 2/ 49.
3 أخرجه: ابن ماجه 2/ 1017، والحاكم 1/ 472، والبيهقي في السنن 5/ 147، والدارقطني 2/ 288، والسيوطي في الكبير 1/ 3، وعزاه للبخاري في التاريخ الكبير، وابن ماجه، وأبي نعيم في الحلية، والطبراني في الكبير.
4 أخرجه: الدارقطني 2/ 284، وفيه:"وإذا شربته لشبعك أشبعك الله به" وابن ماجه "3062"، والطبراني في الأوسط "853"، وأحمد 3/ 220، والبيهقي في السنن 5/ 148، والمستدرك "1739"، والديلمي في الفردوس "3171"، والعقيلي 2/ 303، وابن عدي 4/ 1455، والبيهقي في شعب الإيمان "4127".
5 انظر: العبر للذهبي 4/ 282، والنجوم الزاهرة 6/ 143، وشذرات الذهب 4/ 215، وقد اختلف لقبه من كتاب لآخر فذكر:"الدبري" عند الدارقطني، و"الوبرج" في العبر، و"التوترح" في النجوم الزاهرة "018". في سنن الدارقطني 2/ 284:"المردزي"، وكذلك في المستدرك 1/ 473، وميزان الاعتدال 3/ 185.
محمد بن هشام بن علي المروزي، قال: حدثنا محمد بن حبيب الجارودي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره، أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد إن سلم في الجارودي1.
قال شيخنا العراقي الحافظ: قد سلم منه، فلله الحمد، فإن الخطيب ذكره في "تاريخ بغداد"، وقال: كان صدوقا2.
وحسن شيخنا الحافظ العراقي هذا الحديث من هذا الطريق، وقال في "نكته" على ابن الصلاح: إن حديث ابن عباس أصح من حديث جابر
…
انتهى.
ولكن يعكر على ما ذكره شيخنا العراقي ما ذكره الذهبي في "الميزان" في ترجمة عمر بن الحسن القاضي الإشناني بسنده: فآفة3 هذا هو عمر، فلقد أثم الدارقطني بسكوته عنه، فإنه بهذا الإسناد باطل، ما رواه ابن عيينة قط4، هذا والمعروف حديث عبد الله بن المؤمل، عن ابن الزبير، عن جابر مختصرا.
وقال الذهبي بعد أن ذكر أن الدارقطني ضعف الإشناني وكذبه5: وهذا الإشناني صاحب بلايا، فمن ذلك قال الدارقطني
…
وساق الحديث
…
انتهى.
وحديث جابر رضي الله عنه رواه الحافظ الدمياطي بسنده إلى سويد بن سعيد، عن ابن المبارك، عن أبي الموالي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه
1 المستدرك "1739".
2 تاريخ بغداد 2/ 277 رقم 750.
3 في الأصل: "فأمه" والتصويب من ميزان الاعتدال 3/ 185، رقم 6071.
4 قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان 4/ 291: "والذي يغلب على الظن أن المؤلف هو الذي أثم بتأثيمه الدارقطني، فإن الإشناني لم ينفرد بهذا: بل تابعه عليه الحاكم في مستدركه: 1/ 743، ولقد عجبت من قول المؤلف: ما رواه ابن عيينة قط، مع أنه رواه عنه الحميدي، وابن أبي عمر، وسعيد بن منصور، وغيرهم إلا أنهم وقفوه على مجاهد، ولم يذكروا ابن عباس فيه: فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم في رفعه
…
"وفي التلخيص الحبير لابن حجر 1/ 222: والجارودي صدق إلا أن روايته شاذة، فقد رواه حفاظ: ابن عيينة والحميدي وابن أبي عمر وغيرهم، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وقال ابن حجر في لسان الميزان 5/ 414 في محمد بن هشام الإشناني: قال ابن القطان: لا يعرف حاله، وكلام الحاكم يقتضي أنه ثقة عنده، فإنه قال عقب الحديث: صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي، قال: قلت: وقد قال الزكي المنذري مثل ما قال ابن القطان "الترغيب والترهيب 2/ 133".
5 كذا في الأصل. والذي في الميزان ولسانه: ويروى عن الدارقطني أنه كذاب، ولم يصح هذا، وقد ترجم لعمر بن الحسن: الخطيب البغدادي، ونقل عن الدارقطني أنه قال: ضعيف "تاريخ بغداد 11/ 236- 238".
عن النبي صلى الله عليه وسلم. وصحح الدمياطي هذا الحديث والإسناد، وفي صحته نظر على ما ذكره الحافظ ابن حجر1.
وقد أخرجنا في أصل هذا الكتاب حديث جابر رضي الله عنه من طرق، وحديثا لعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في هذا المعنى، وبينا ما في ذلك، وذكرنا فيها أخبارا عمن شرب ماء زمزم لقصد له فناله، فمن ذلك أن الإمام الشافعي رضي الله عنه شربه للعلم، فكان فيه غايته، وللرمي، فكان يصيب العشرة من العشرة، والتسعة من العشرة.
ومنها: ما ذكره الفاكهي، لأنه قال: وحدثني أحمد بن محمد بن حمزة بن واصل، عن أبيه، أو عن غيره من أهل مكة أنه ذكر: أنه رأى رجلا في المسجد الحرام مما يلي باب الصفا والناس مجتمعون عليه، فدنوت منه، فإذا برجل مكعوم قد عكم نفسه بقطعة خشب، فقلت: ما له؟ فقالوا: هذا رجل شرب سويقا، وكانت في السويق إبرة فذهبت في حلقه، وقد اعترضت في حلقه، وقد بقى لا يقدر يطبق فمه، وإذا الرجل في مثل الموت، فأتاه آت، فقال له: اذهب إلى ماء زمزم فاشرب منه، وجدد النية، وسل الله عز وجل الشفاء، فدخل زمزم فشرب بالجهد منه حتى أساغ منه شيئا، ثم رجع إلى موضعه، وانصرفت في حاجتي، ثم لقيته بعد ذلك بأيام وليس به بأس، فقلت له: ما شأنك؟ فقال: شربت من ماء زمزم، ثم خرجت على مثل حالي الأول حتى انتهيت إلى أسطوانة، فأسندت ظهري إليها، فغلبتني عيني، فنمت، فانتبهت من نومي وأنا لا أحس من الأثر شيئا2
…
انتهى.
ومنها: أن شيخنا الحافظ العراقي ذكر أنه شرب ماء زمزم لأمور، منها: الشفاء من داء معين ببطنه، فشفي منه بغير دواء.
ومنها: أن أحمد بن عبد الله الشريفي الفراش بالحرم الشريف بمكة شربه للشفاء من عماء حصل له، فشفي منه، على ما أخبرني به عنه شيخنا العلامة تقي الدين عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي، رحمة الله عليهم أجمعين.
ومنها: أن الفقيه العلامة المدرس المفتي أبا بكر بن عمر بن منصور الأصبحي المعروف بالشنيني، بشين معجمة، ثم نون، ثم ياء مثناة من تحت ونون وياء للنسبة، أحد العلماء المعتبرين ببلاد اليمن، شرب ماء زمزم بنية الشفاء من استسقاء عظيم أصابه بمكة، فشفي بأثر شربه له على ما أخبرني به عنه ولده الفقيه الصالح عفيف الدين بن
1 التلخيص الحبير 1/ 221- 222 والبيهقي في شعب الإيمان 5/ 248.
2 أخبار مكة للفاكهي 2/ 35.
عبد الله بمكة، وأخبرني عن أبيه: أنه لما اشتد به الاستسقاء خرج يتعرض لطبيب بمكة، فأعرض عنه الطبيب الذي قصده، فأنكر خاطره لذلك، وألقى الله تعالى بباله أن يشرب من ماء زمزم للحديث الوارد في أنه لما شرب له، فقصد زمزم، واستسقى بدلو، فشرب منها حتى تضلع، وأنه بعد أن تضلع منه أحس بانقطاع شيء في جوفه، فبادر حتى وصل إلى رباط السدرة ليستنجي به، فما وصل إليه إلا وهو شديد الخوف من أن يلوث في المسجد، فألقى شيئا كثيرا، ثم عاد إلى زمزم فشرب منه ثانيا حتى تضلع، وأخرج شيئا كثيرا، ثم صح، وبينما هو في بعض الأيام برباط ربيع بمكة يغسل ثوبا له وهو يطؤه برجله، وإذا بالطبيب الذي قد أعرض عن ملاطفته، فقال له: أنت صاحب تلك العلة؟ قال: نعم، قال له: بِمَ تداويت؟ قال: بماء زمزم، فقال الحكيم: لطف بك. قال: وبلغني عن ذلك الحكيم أنه قال حين رآه أولا: هذا ما يعيش ثلاثة أيام. هذا ما أخبرني به الفقيه عبد الله ابن الفقيه أبي بكر الشنيني المذكور عن أبيه، في خبر مرضه بالاستسقاء وخبر استشفائه بماء زمزم، وهذه الأخبار مما تؤيد صحة حديث "ماء زمزم لما شرب له" مع أنه صحح بالإسناد كما سبق بيانه.
ولم ينصف ابن الجوزي في ذكره هذا الحديث في كتاب "الموضوعات" لكونه صحيحا أو حسنا، كما سبق بيانه، ويتعجب من هذا، لأنه روى في كتاب "الأذكياء" له بإسناده إلى سفيان قصة فيها أنه قال: هذا الحديث صحيح1، ولم يتعقب ذلك، وليس بين هذا الحديث وحديث "الباذنجان" لم أكل له" تساو في الثبوت، لأن حديث "ماء زمزم" صحيح أو حسن، وحديث الباذنجان" غير صحيح. بل هو موضوع على ما بلغني عن العلامة الكبير شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلي، وقال لي شيخنا الحافظ نور الدين الهيثمي: إنه موضوع، وضعه بعض الزنادقة ليشين به الشريعة، هذا معنى كلام شيخنا نور الدين الهيثمي.
وأنبأني شيخنا الحافظ العراقي قال: وأما ما اشتهر على ألسنة الناس، بل على ألسنة كثير من أهل العلم، أن حديث "الباذنجان لما أكل له"، أصح من حديث "ماء زمزم لما شرب له"، فلا يصح ذلك بوجه من الوجوه، ولم نجد لحديث الباذنجان أصلا إلا في أثناء حديث "مسند الفردوس" بإسناد مظلم، وليس له أصل في كتب الإسلام المتداولة بين الناس، وذكر أن مؤلف مسند الفردوس كثير الأوهام
…
انتهى مختصرا.
ورويناه في خبر ابن عكيك بإسناد ساقط.
ومن خواص ماء زمزم: أنه يبرد الحمى لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما في سنن النسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو في صحيح البخاري على الشك.
1 الأذكياء "ص: 98".
ومنها على ما قال الضحاك بن مزاحم: أنه يذهب الصداع.
ومنها: أن المياه العذبة ترفع وتغور قبل يوم القيامة إلا ماء زمزم، قاله الضحاك أيضا، والله أعلم بذلك.
ومنها: أنه يفضل مياه الأرض كلها طبا وشرعا، على ما ذكر شيخنا بالإجازة الإمام بدر الدين بن الصاحب المصري، لأنه قال فيما أنبأنا به: وازنت ماء زمزم بماء عين مكة، فوجدت زمزم أثقل من العين بنحو الربع، ثم اعتبرتها بميزان الطب، فوجدتها تفضل مياه الأرض كلها طبا وشرعا.
ورأيت لشيخنا بدر الدين بن الصاحب هذا أبياتا حسنة في فضل زمزم، رأيت أن أثبتها هنا، منها: قوله فيما أنبأنا به:
شفيت يا زمزم داء السقيم
…
فأنت أشفى ما يُعاطى النديم
وكم رضيع لك أشواقه
…
إليك بعد الشيب مثل الفطيم
ومنها: قوله فيما أنبأنا به:
يا زمزم الطيبة المخبر
…
يا من علت غورا على المشرب
رضيع أخلافك لا يشتهي
…
فطام إلا لدى الكوثر1
ومنها: قوله فيما أنبأنا به:
بالله قولوا لنيل مصر
…
بأنني عنه في غناء
بزمزم العذب عند بيت
…
مخلق1 الشرب بالوفاء
ومنها: قوله فيما أنبأنا به:
لزمزم نفع في الفؤاد وقوة
…
يزيد على ماء الشباب لذي فتك
وزمزم فاقت كل ماء بطيبها
…
ولو أن ماء النيل يجري على المسك
ومنها: أن ماءها يحلو ليلة النصف من شعبان ويطيب، ذكر ذلك ابن الحاج المالكي في منسكه نقلا عن الشيخ مكي بن أبي طالب، ونص كلامه: قال الشيخ مكي بن أبي طالب: وفي ليلة النصف من شعبان تحلو زمزم ويطيب ماؤها، يقول أهل مكة إن عين سلوان تتصل بها تلك الليلة، ويبذل على أخذ الماء في تلك الليلة الأموال، ويقع الزحام فلا يصل إلى الماء إلا ذو جاه وشرف، قال: عاينت هذا ثلاث سنين
…
انتهى.
1 كذا بالأصل.
ومن خواص ماء زمزم: أن يكثر في ليلة النصف من شعبان في كل سنة، بحيث إن البئر تفيض بالماء على ما قيل لكن لا يشاهد ذلك إلا العارفون، وممن شاهد ذلك: الشيخ العام أبو الحسن المعروف بكرباج، على ما وجدت بخط جد أبي الشريف أبي عبد الله الفاسي، نقلا عن الشيخ فخر الدين التوزري، عن الشيخ على كرباج.
ومن فضائل بئر زمزم: أن الاطلاع فيها يجلو البصر، قاله الضحاك بن مزاحم.
ومن فضائلها أيضا: أن الاطلاع فيها يحط الأوزار والخطايا، لأن أبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني من الشافعية ذكر في كتاب "الإرشاد في المناسك" له: أنه يستحب لمن جاء إلى زمزم الإطلاع فيها، لأن النظر فيها عبادة وحط للأوزار والخطايا
…
انتهى.
ولم أقف على هذا الكتاب، وإنما نقل إلى ذلك عنه من اعتمده، وذكر: أنه رأى ذلك بخط من يعتمد عليه من حفاظ الحديث.
وروى نحو ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا في كتاب الفاكهي، لأنه قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الطبري قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن ثور، عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النظر في زمزم عبادة وهي تحط الخطايا"1.
ومنها: أن من حثا على رأسه ثلاث حثيات من ماء زمزم لم تصبه ذلة. ذكر ذلك الفاكهي، لأنه قال: وحدثني قريش بن بشير التميمي، قال: حدثنا إبراهيم بن بشير، عن محمد بن حرب، عمن حدثه: أنه أسر في بلاد الروم، وأنه صار إلى الملك، فقال له: من أي بلد أنت؟ قال: من أهل مكة، فقال: هل تعرف بمكة هزمة جبريل؟ قال: نعم، قال: فهل تعرف بها برة؟ قال: نعم. قال: فهل لها اسم غير هذا؟ قال: نعم، هي اليوم تعرف بزمزم. قال: فذكر من جملة بركتها، ثم قال: أما أنك إن قلت هذا، إنا نجد في كتبنا أنه لا يحثو رجل على رأسه منها ثلاث حثيات فأصابته ذلة أبدا2
…
انتهى.
1 أخبار مكة للفاكهي 2/ 41، وهو ضعيف الإسناد، فيه "إسحاق بن إبراهيم الطبري" ضعيف، انظر لسان الميزان 1/ 344.
2 أخبار مكة للفاكهي 2/ 39.