الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الأبواب:
وأما الأبواب: فباب عمله الوزير جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور المعروف بالجواد، سنة خمسين وخمسمائة، وركب عليها في سنة إحدى وخمسين، وكتب عليه اسم الخليفة المقتفي العباسي، وحلاه الجواد حلية حسنة بحيث إنه كان يستوقف الأبصار لحسن حليته على ما ذكر ابن جبير في أخبار رحلته1، وذكر فيها صفة حليته.
وكلام ابن الأثير يوهم أن الذي صنع للكعبة الباب في هذا التاريخ الخليفة المقتفي، لأنه قال في أخبار سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، فيها قلع الخليفة المقتفي لأمر الله باب الكعبة وعمل عوضه بابا مصفحا بالنقرة المذهبة، وعمل لنفسه من الباب الأول تابوتا يدفن فيه إذا مات2
…
انتهى.
وليس ما ذكره ابن الأثير من نسبة الباب للمقتفي معارضا لما ذكره ابن جبير من نسبته للجواد، لأن الجواد إنما صنعه بأمر المقتفي، وأضاف إليه هذا الباب بكتابة اسمه عليه، وإنما نبهنا على ذلك لئلا يتوهم أن كلا منهما صنع للكعبة بابا، لأنه يبعد أن يعمل كل منهما للكعبة بابا في تاريخ واحد بسبب واحد، وهو اتخاذ الباب الأول تابوتا للدفن، فإن الجواد عمل تابوتا على ما قيل من الباب الذي كان قبل بابه، حمل فيه إلى المدينة الشريفة، ودفن بها، ولم يكن يتمكن من ذلك إلا بموافقة المقتفي عليه، وإظهاره أن للمقتفي رغبة في عمل الباب الذي قبل بابه تابوتا، ولأجل ذلك نسب هذا الأمر للمقتفي كما ذكر ابن الأثير، والله أعلم.
1 رحلة ابن جبير "ص: 102"، وإتحاف الورى 51512ن والعقد الثمين 7/ 33، ودرر الفرائد "ص:261.
2 الكامل لابن الأثير 11/ 228، والعقد الثمين 7/ 33، ودرر الفرائد "ص: 261"، وإتحاف الورى 2/ 515، 516".
ومنها: باب عمله المالك المظفر صاحب اليمن وكان عليه صفائح فضة زنتها ستون رطلا، وصارت لبني شيبة.
ومنها: باب عمله الملك الناصر محمد بن قلاوون1 صاحب مصر، وركب على الكعبة بعد قلع باب الملك المظفر في ثامن عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وكان عليه من الفضة خمسة وثلاثون ألف درهم، وثلاثمائة درهم على ما ذكره البرزالي، وذكر أن هذا الباب من السنط الأحمر2.
ومنها: باب عمل في سلطنة ولده الملك الناصر حسن3، وذلك في سنة إحدى وستين وسبعمائة، وهو من خشب الساج، عمل بمكة، واستمر في الكعبة إلى تاريخه4، إلا أنه في سنة ست وسبعين وسبعمائة قلع مها لعمل الحلية التي هي فيه الآن، وعوض عنه بباب قديم كان للكعبة5، وهو الآن في حاصل زيت الحرم، ولعله باب الكعبة الذي عمله الملك الناصر محمد بن قلاوون، ثم أعيد إليها الباب الذي عمل بمكة في دولة الناصر حسن بعد تحليته في التاريخ الذي ذكرناه على ما أخبرني به والدي أعزه الله، وذكر أن مقدار هذه الحلية اثنان وثلاثون ألف درهم، أو ثلاثة وثلاثون لا يزيد عن ذلك، وأنه شاهد تحرير هذه الحلية لما كان مشارفا على عملها، وأظن أنه حلي في سنة إحدى وثمانين وسبعمائة6، والله أعلم.
واسم الملك الناصر محمد بن قلاوون مكتوب في هذا الباب بأسفله، واسم حفيده الملك الأشرف شعبان بن حسين7 في بعض فيارين الباب، وفي بعض فيارين الباب، وهو الجانب الذي يكون على يمين الداخل إلى الكعبة، مكتوب اسم الملك المؤيد أبي النصر شيخ8، صاحب مصر، نصره الله، لأن بعض خواصه قدم إلى مكه في أول يوم
1 هو سلطان المماليك في مصر والشام، تولى السلطنة عدة مرات أولها سنة 693هـ وعمره تسع سنين، فلبث فيها سنة إلا ثلاثة أيام، ثم تسلطن سنة 698هـ، ثم عاد إلى السلطنة سنة 708هـ، ثم عاد مرة أخرى سنة 709هـ، وبقي بها حتى مات سنة 741هـ "الدرر الكامنة 4/ 144-148".
2 البداية والنهاية 14/ 162، والسلوك 2/2: 362، وإتحاف الورى 3/ 203.
3 تولى السلطنة عام 748هـ حتى عام 752هـ ثم أعيد عام 755هـ حتى عام 762هـ "الدرر الكامنة 2/ 38-40".
4 النجوم الزاهرة 10/ 316، والعقد الثمين 4/ 181.
5 إتحاف الورى 3/ 321، والعقد الثمين 5/ 10، 1/ 52.
6 إتحاف الورى 4/ 334، والسلوك 3/ 1: 357، 372.
7 تولى السلطنة سنة 764هـ إلى أن قتل سنة 778هـ "بدائع الزهور 1 ق/ 111".
8 هو السلطان شيخ المحمودي، تسلطن من سنة 815هـ حتى مات أوائل سنة 827هـ "بدائع الزهور 2/ 60".