الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع عشر
ذكر شيء من أخبار الحجر الأسود
…
الباب الرابع عشر:
في ذكر شيء من أخبار الحجر الأسود:
روينا في تاريخ الأزرقي" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن الله تعالى أنزل الركن يعني الحجر الأسود والمقام مع آدم عليه السلام ليلة نزل ليستأنس بهما، وأنه كان يأنس بالحجر1.
وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكثروا استلام هذا الحجر فإنه يوشك أن يفقد" وفيه ما يقتضي أنه يرفع إلى الجنة.
وروينا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أول ما يرفع الركن والمقام".
وروينا فيه عن ابن إسحاق وغيره: أن الله عز وجل استودع الركن أبا قبيس حين غرق الأرض زمن نوح عليه السلام وقال: إذا رأيت خليلي يبني بيتي فأخرجه له، فلما بنى الخليل عليه السلام البيت جاءه جبريل عليه السلام بالحجر الأسود، فوضعه الخليل موضعه من البيت
…
انتهى.
وقيل: إن إلياس بن مضر أول من وضع الحجر للناس بعد الغرق، ذكره الزبير بن بكار، وهذا يخالف ما سبق، والله أعلم.
وقال ابن إسحاق بعد أن ذكر إخراج بني بكر بن عبد مناة بن كنانة وغبشان بن خزاعة لجرهم من مكة: فخرج عمرو بن الحارث بن مُضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنهما في زمزم، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن.
وذكر الزبير بن بكار معنى ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى:
1 أخبار مكة للأزرقي 1/ 342.
وقال القطب: وقال أبو عبد الله محمد بن عائذ الدمشقي في "مغازيه": عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها حدثت: أن جُرهما كانت أهل البيت، وهم العرب الذين كانوا يتكلمون بالعربية، ونكح إليهم إسماعيل عليه السلام فأحلوا حرم البيت، واقتتلوا، حتى كادوا يتفانون، فسلط الله عليهم العرب، فخرجوا من مكة إلى اليمن.
وكان حول البيت غيضة، والسيل يدخله، ولم يُرفع البيت حينئذ، فإذا قدم الحاج وطئوه حتى يذهب الغيضة، فإذا خرجوا بنيت، فقدم قصي فقطع الغيضة، وابتنى حول البيت دارا، ونكح حبى بنت حُليل، فولدت له عبد الدار بن قصي، أول ما ولدت، فسماه عبد الدار، بداره تلك، وجعل الحجابة له، لأنه أكبرهم، وعبد مناف بمناف، وجعل السقاية له، والرفادة، ودار الندوة لعبد العزى، واللواء لعبد قصي، ويقال: عبد بن قصي.
فقال قصي لامرأته قولي لجدتك تدل بنيك على الحَجَر، فلم يزل بها حتى قالت: إني أعقل أنهم حين خرجوا إلى اليمن سرقوه، ونزلوا منزلا وهو معهم، فبرك الجمل الذي عليه، فضربوه فقام، ثم سار فبرك فضربوه فقام، فبرك الثالثة، فقالوا: ما برك إلا من أجل الحجر، فدفنوه وذلك في أسفل مكة، وإني أعرف حيث برك.
فخرجوا بالحديد، وخرجوا بها معهم، فأرتهم حيث برك أولا: وثانيا، وثالثا، فقالت: احفروا هاهنا، فحفروا حتى يئسوا منه، ثم ضربوا فأصابوه وأخرجوه، فأتي به قصي، فوضعه في الأرض، وكانوا يتمسحون به وهو في الأرض، حتى بنى قصي البيت، ومات قصي ودفن بالحجون
…
انتهى.
وذكر هذا الخبر الإمام الفاكهي، ويبعد أن يكون صحيحا، لأنه يقتضي أن جرهما دفنوا الحجر في غير زمزم، والمعروف في دفنهم له أنه في زمزم كما سبق قريبا عن ابن إسحاق وغيره.
والمعروف أن القصة التي في هذا الخبر في دفن الحجر اتفقت لبني إياد بن نزار حين خرجوا من مكة، وأن الحجر لم يستمر مدفونا إلى عهد قصي، لأن امرأة من خزاعة أبصرته حين دفن، وأخبرت بذلك قومها، فأعلم قومهم بذلك مضر، على أن تكون ولاية البيت لخزاعة، وهذا مذكور في خبر ذكره الفاكهي عن الكلبي، والزبير بن بكار، لأنه قال: فحدثنا الزبير بن بكار قال: لما هلك وكيع الإيادي واتضعت إياد، وهي إذ ذاك تلي أمر بيت الله الحرام، قاتلوهم وأخرجوهم وأجلوهم ثلاثا، يخرجون عنهم، فلما كانت الليلة الثالثة حسدوا مضرا أن تلي الركن الأسود، فحملوه على بعير فبرك، فلم يقم، فغيروه، فلم يحملوه على شيء إلا رزح وسقط، فلما رأوا ذلك بحثوا له تحت شجرة فدفنوه ثم ارتحلوا من ليلتهم، فلما كان بعد يومين افتقدت مضر الركن، فعظم في