المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ذرع بئر زمزم وما فيها من العيون وصفة الموضع الذي هي فيه الآن: - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام - جـ ١

[التقي الفاسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمات

- ‌مقدمة

- ‌تصدير:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌الباب الأول

- ‌أولا: ذكر مكة المشرفة

- ‌ثانيًا: ذكر حكم بيع دور مكة وإجارتها:

- ‌الباب الثاني:

- ‌الباب الثالث:

- ‌ذكر الحرم وسبب تحريمه:

- ‌ذكر علامات الحرم:

- ‌ذكر حدود الحرم وضبط ألفاظ فيها:

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة الطائف على طريق عرفة من طريق نمرة:

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة العراق:

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة التنعيم وهي طريق المدينة وما يليها

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة اليمن:

- ‌الباب الرابع

- ‌ذكر شيء من الأحاديث والآثار الدالة على حرمة مكة وحرمها

- ‌ذكر شيء مما ورد في تعظيم الناس لمكة وحرمها وفي تعظيم الذنب في ذلك:

- ‌الباب الخامس

- ‌ذكر الأحاديث الدالة على أن مكة المشرفة أفضل من غيرها من البلاد

- ‌ذكر الأحاديث الدالة على أن الصلاة بمسجد مكة أفضل من الصلاة في غيره من المساجد:

- ‌الباب السادس:

- ‌ذكر المجاورة بمكة:

- ‌ذكر شيء مما جاء في الموت بمكة:

- ‌ذكر شيء مما جاء في فضل أهل مكة:

- ‌ذكر شيء من فضل جدة ساحل مكة وشيء من خبرها:

- ‌ذكر شيء من فضل الطائف وخبره:

- ‌الباب السابع

- ‌في أخبار عمارة الكعبة المعظمة

- ‌ذكر البيت المعمور الذي أنزله الله على آدم وشيء من خبره:

- ‌ذكر شيء من حال الكعبة بعد بناء ابن الزبير والحجاج وما صنع فيها من العمارة:

- ‌ذكر الأساطين:

- ‌ذكر الميازيب:

- ‌ذكر الأبواب:

- ‌أوَّل من بوب الكعبة:

- ‌الباب الثامن:

- ‌ذكر صفة الكعبة وما أحدث فيها من البدعة:

- ‌ذكر النوع الكعبة من داخلها وخارجها

- ‌ذكر ذرع الكعبة من داخلها بذراع الحديد:

- ‌ذكر ذرع الكعبة من خارجها بذراع الحديد:

- ‌ذكر ذرع سطح الكعبة:

- ‌ذكر شاذروان الكعبة وحكمه وشيء من خبر عمارته:

- ‌ذكر حلية الكعبة المعظمة ومعاليقها:

- ‌ذكر كسوة الكعبة المعظمة:

- ‌ذكر طيب الكعبة وأخدامها:

- ‌ذكر أسماء الكعبة المعظمة:

- ‌ذكر هدم الحبشي الكعبة في آخر الزمان:

- ‌ذكر وقت فتح الكعبة في الجاهلية والإسلام:

- ‌ذكر بيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق المشار إليها:

- ‌الباب التاسع:

- ‌ذكر بيان مصلى النبي في الكعبة:

- ‌ذكر قدر صلاة النبي في الكعبة في دخوله هذا

- ‌ذكر من روى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة يوم فتح مكة من الصحابة ومن نقلها منهم، رضي الله عنهم:

- ‌ذكر ترجيح رواية من أثبت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة على رواية من نفاها، وما قيل في الجمع بين ذلك:

- ‌ذكر عدد دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة الشريفة بعد هجرته من المدينة وأول وقت دخل الكعبة فيه بعد هجرته

- ‌الباب العاشر:

- ‌في ثواب دخول الكعبة المعظمة:

- ‌ذكر حكم الصلاة في الكعبة:

- ‌آداب دخول الكعبة:

- ‌الباب الحادي عشر:

- ‌ذكر شيء من فضائل الكعبة:

- ‌ذكر شيء من فضائل الحجر الأسود وما جاء في كونه من الجنة:

- ‌ذكر فضل الركن اليماني وما جاء في تقبيله ووضع الخد عليه

- ‌الباب الثاني عشر:

- ‌ذكر ما ورد في ثواب الطواف عموما من غير تقييد بزمن:

- ‌ذكر بدء الطواف بهذا البيت المعظم وما ورد من طواف الملائكة

- ‌ذكر طواف بعض الجن والدواب والطير بالكعبة:

- ‌ما جاء من أن شرعية الطواف لإقامة ذكر الله:

- ‌ذكر ثواب النظر إلى الكعبة:

- ‌ذكر ثواب الحج والعمرة:

- ‌الباب الثالث عشر:

- ‌في الآيات المتعلقة بالكعبة:

- ‌ذكر خبر تبع والهذليين:

- ‌ذكر خبر أصحاب الفيل:

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌ذكر شيء من أخبار الحجر الأسود

- ‌ذكر ما أصاب الحجر الأسود في زمن ابن الزبير، وما صنع فيه من الفضة في زمنه وزمن هارون الرشيد:

- ‌ذكر ما أصاب الحجر الأسود في فتنة القرمطي وأخذهم له:

- ‌ذكر ما صنعه الحجبة في الحجر الأسود بإثر رد القرامطة له:

- ‌ذكر ما أصاب الحجر الأسود بعد فتنة القرامطة من بعض الملحدة مثلهم:

- ‌ذكر صفته وقدره وقدر ما بينه وبين الأرض:

- ‌ذكر شيء من الآيات المتعلقة بالحجر الأسود:

- ‌الباب الخامس عشر:

- ‌ذكر الملتزم:

- ‌ذكر المستجار:

- ‌ذكر الحطيم:

- ‌ذكر بقية المواضع بمكة وحرمها التي قيل إن الدعاء فيها مستجاب:

- ‌الباب السادس عشر

- ‌ذكر شيء من أخبار المقام "مقام الخليل عليه السلام

- ‌ذكر حلية المقام:

- ‌ذكر صفة الموضع الذي فيه المقام والمصلى خلفه:

- ‌ذكر ذرع ما بين المقام والحجر الأسود:

- ‌ذكر موضع المقام في الجاهلية والإسلام وما قيل في ذلك:

- ‌ذكر شيء من فضل المقام:

- ‌ما جاء في هلاك من تعرض له بسوء:

- ‌الباب السابع عشر:

- ‌ذكر شيء من أخبار الحِجْر المُكَرَّم حِجْر إسماعيل عليه السلام:

- ‌ذكر موضع الحجر وصفته:

- ‌ذكر ما جاء في الحجر والصلاة فيه:

- ‌ذكر ما جاء في الدعاء في الحجر تحت الميزاب:

- ‌ذكر المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة:

- ‌الباب الثامن عشر

- ‌ذكر شيء من أخبار توسعة المسجد الحرام وعمارته

- ‌ذكر شيء من خبر توسعة المسجد الحرام بعد الأزرقي ومن خبر عمارته بعده:

- ‌ذكر ذرع المسجد الحرام غير الزيادتين:

- ‌ذكر ذرع زيادة دار الندوة:

- ‌ذكر ذرع زيادة باب إبراهيم

- ‌الباب التاسع عشر:

- ‌ذكر عدد أساطين المسجد الحرام غير الزيادتين وصفتها:

- ‌ذكر عدد الأساطين التي بصحن المسجد الحرام وصفتها:

- ‌ذكر عدد أساطين زيادة دار الندوة:

- ‌ذكر عدد أساطين زيادة إبراهيم:

- ‌ذكر عدد طاقات المسجد الحرام وشرفاته وقناديله:

- ‌ذكر عدد طاقات زيادة دار الندوة:

- ‌ذكر عدد طاقات زيادة باب إبراهيم:

- ‌شرفات المسجد الحرام:

- ‌ذكر عدد الشرافات التي بزيادة دار الندوة:

- ‌ذكر عدد الشرافات التي بزيادة باب إبراهيم:

- ‌ذكر عدد قناديل المسجد الحرام:

- ‌ذكر عدد أبواب المسجد الحرام وأسمائها وصفاتها:

- ‌ذكر منائر المسجد الحرام:

- ‌ذكر ما صنع في المسجد الحرام لمصلحة أو لنفع الناس به

- ‌ذكر صفة المقامات التي هي الآن بالمسجد الحرام ومواضعها منه

- ‌ذكر ذرع ما بين كل من هذه المقامات وبين الكعبة:

- ‌ذكر كيفية صلاة الأئمة بهذه المقامات وحكم صلاتهم بها:

- ‌الباب العشرون:

- ‌ذكر حفر بئر زمزم وعلاجها:

- ‌ذكر ذرع بئر زمزم وما فيها من العيون وصفة الموضع الذي هي فيه الآن:

- ‌ذكر أسماء زمزم:

- ‌ذكر فضائل ماء زمزم وخواصه:

- ‌ذكر آداب شربه:

- ‌ذكر حكمة التطهير بماء زمزم:

- ‌ذكر نقل ماء زمزم إلى البلدان:

- ‌ذكر شيء من خبر سقاية العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه:

- ‌الباب الحادي والعشرون:

- ‌الباب الثاني والعشرون

- ‌ذكر أماكن بمكة المشرفة وحرمها وقربه التي لها تعلق بالمناسك

- ‌ذكر الموضع الذي أحرم منه رسول الله من الجعرانة:

- ‌ذكر مقدار ما بين باب بني شيبة وهذين العلمين:

- ‌ذكر تعيين موقف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة:

- ‌ذكر مسجد عرفة وحكم الوقوف فيه:

- ‌ذكر ذرع هذا المسجد وشيء من صفته:

- ‌ذكر تسمية عرفة بعرفة وما يتعلق بجمعها وصرفها، وحكم الإحياء بها:

- ‌ذكر حكم البناء بمنى:

- ‌ما جاء في فضل منى وما ذكر فيها من الآيات:

- ‌الباب الثالث والعشرون:

- ‌الباب الرابع والعشرون:

- ‌الباب الخامس والعشرون

- ‌ذكر نسب جرهم

- ‌ذكر من ملك مكة من جرهم ومدة ملكهم لها وما وقع في نسبهم من الخلاف وفوائد تتعلق بذلك:

- ‌ذكر من أخرج جرهما من مكة وكيفية خروجهم منها:

- ‌فهرس محتويات الجزء الأول

الفصل: ‌ذكر ذرع بئر زمزم وما فيها من العيون وصفة الموضع الذي هي فيه الآن:

ذكر علاج زمزم في الإسلام:

روينا عن الأزرقي بالسند المتقدم إليه أنه قال: ثم كان قد قل ماؤها جدا، حتى كانت تجم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين وأربع وعشرين ومائتين قال: وخرب فيها تسعة أذرع سحا في الأرض في تقرير جوانبها، ثم قال: وقد كان سالم بن الجراح قد خرب فيها في خلافة الرشيد أذرعا، وكان قد خرب فيها في خلافة المهدي أيضا، وكان عمر بن ماهان وهو على البريد والصواف في خلافة الأمين محمد بن الرشيد قد خرب فيها، وكان ماؤها قد قل حتى كان رجل يقال له: محمد بن بشير من أهل الطائف يعمل فيها، قال: وأنا صليت في قعرها1

انتهى باختصار2.

1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 43.

2 تجددت العمارة للبئر والقبة في مراحل تالية حتى كان وضعها قبل التوسعة السعودية. فكانت بئرا مستديرة الفوهة. عليها قطعة من المرمر على قدر سعة الفوهة والأرض المحيطة بالبئر فرشت بالرخام. ويحيط بالبئر من أعلى "درابزين" من حديد لمنع السقوط به، وفوقه شبكة من حديد، والبناء القائم على البئر مربع من الداخل طول كل ضلع "11"ذراعا "5.5م" وباب قبة زمزم في الجهة الشرقية. وفي المرحلة الثانية من التوسعة السعودية الأولى ما بين عامي 1381-1388هـ تمت إزالة المباني على البئر، وخفضت فوهة البئر على عمق "2.7" مترا، يتم النزول فيه بدرج. وفيه قسمان أحدهما مخصص للرجال والآخر للنساء، ومزود بالصنابير. وقد تم تطوير البدروم في مرحلة تالية لزيادة استيعابه. وأصبح ماء زمزم متاحا في كل أنحاء الحرم المكي الشريف من خلال بئر زمزم نفسه. وبواسطة حافظات ترامس موحدة لماء زمزم المبرد موزعة بشكل متناسق في كل طوائف الحرم وحول صحن الطواف. إضافة إلى مجمعات مياه زمزم خارج الحرم لملء الجوالين، وسبل الملك عبد العزيز رحمه الله. ويتم تصنيع الثلج الذي يوضع في ماء زمزم لتبريده من ماء زمزم، ويصنع في مصنع خاص، وبذلك يصبح ماء زمزم المبرد كماء زمزم، وتم فيما بعد تبريد ماء زمزم آليا.

ص: 330

‌ذكر ذرع بئر زمزم وما فيها من العيون وصفة الموضع الذي هي فيه الآن:

وأما ذرعها: فذكره الأزرقي، لأنه قال فيما رويناه عنه بالسند المتقدم: كان ذرع غور زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعا، وفي قعرها ثلاث عيون عين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء أبي قبيس والصفا، وعين حذاء المروة، وذكر ذلك الفاكهي1.

وذكر الفاكهي خبرا به: أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال لكعب الأحبار: فأي عيونها أغزر؟ العين التي تجري من قبل الحجر الأسود، قال: صدقت2

انتهى.

1 أخبار مكة للفاكهي 1/ 74.

2 أخبار مكة للفاكهي 2/ 31230، وطبقات ابن سعد 7/ 445، وابن حجر في الإصابة 3/ 298.

ص: 330

وبه إلى الأزرقي قال: فغورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعا، كله بنيان، وما بقي فهو جبل منقور، وهو تسعة وعشرون ذراعا.

قلت: هذا مخالف لما تقدم في غورها، والله أعلم بالصواب.

وبه إلى الأزرقي قال: وذرع حنك زمزم في السماء: ذراعان وشبر، وذرع تدوير فم زمزم: أحد عشر ذراعا، وسعة فم زمزم: ثلاثة أذرع وثلثا ذراع1

انتهى.

وقد اعتبر بعض أصحابنا بحضوري ارتفاع فم زمزم عن الأرض، وسعته، وتدويره، فكان ارتفاع فمها في السماء: ذراعين إلا ربعا، وسعته: أربعة أذرع ونصف، وتدويره: خمسة عشر ذراعا إلا قيراطين، كل ذلك بذراع الحديد المشار إليه.

وأما صفة الموضع الذي فيه زمزم: فهو بيت مربع، وفي جدرانه تسعة أحواض للماء، تملآن من بئر زمزم، ليتوضأ الناس منها، إلا واحدا منها معطلا، وفي الحائط الذي يلي الكعبة، شبابيك، وهذا البيت مسقوف بالساج ما خلا الموضع الذي يحاذي بئر زمزم، فإنما عليه شباك خشب، ولم أدر من عمل هذا الموضع على هذه الصفة، وهي غير الصفة التي ذكرها الإمام الأزرقي فيه.

وكانت ظلة المؤذنين التي فوق البيت الذي فيه بئر زمزم قد خربت لأكل الأرضة لأساطينها الخشب والأرضة دابة صغيرة كنصف العدسة، تأكل الخشب وتفسده كثيرا فشدت الظلة المذكورة بأخشاب تمنعها من السقوط في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فلما كان السابع من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة هدمت الظلة المذكورة، وأزيل المقرنص الخشبي الذي كان تحتها ليصلح، والدرابزين الذي كان يطيف بها وبسطح البيت الذي فيه بئر زمزم، فوجد الخشب المقرنص مركبا خرابا لأكل الأرضة له، فاقتضى الحال قلعه، وأن يبنى فوق الجدار الذي يلي الكعبة، والجدار الذي يلي مقام الشافعي، والجدار الذي يلي الخلوة التي إلى جانب هذا البيت أساطين دقيقة من آجر بالنورة لئلا تفسدها الأرضة كما أفسدت الأساطين الخشب قبلها، ليعمل عليها ظلة للمؤذنين، وأن يقوى الجدار الشامي من هذا البيت، وهو الجدار الذي يلي مقام الشافعي بزيادة بناء في عرضها، فسلخ الجدران المشار إليها من أعلاها إلى الأرض، وأوسعوا في أساس الجدار الذي يلي الكعبة نحو ذراع باليد، وذلك لإحكام البناء، ونزلوه به في الأرض نحو قامة، وبنوا ذلك مخالطا للأساس الأول ووجدوا الأساس الذي يلي مقام الشافعي عريضا محكم البناء، فبنوا عليه وأكملوا بناء ما سلخ من الجدارين حتى

1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 61.

ص: 331

اتصل ذلك بالسقف، وعملوا في كل من الجدارين ثلاثة عقود بالنورة، وفيما بين كل عقد من العقود التي في الجدار الذي يلي الكعبة أسطوانة دقيقة من رخام مشدودة بالرصاص، وترك لها محلا خاليا من البناء في الجدار المذكور، وأوسعوا في الشبابيك التي في هذين الجدارين، وفي الأحواض التي في هذين الجدارين من داخل البيت، لاتساع عرض الجدارين، وبنوا عليهما منحوتة كبار يقال لها: الفصوص، وبنوا ما فوق العقود بحجارة غير منحوتة، وكل ذلك بالنورة، وسلخوا من الجدار الشرقي من البيت الذي فيه زمزم أيضا ما فوق العتبة العليا من هذا الجدار إلى أعلاه، وبنوا ذلك بالنورة والآجر، وبنوا بهما أسطوانتين فوق هذا الجدار الشرقي يشدان الدرابزين الخشب المخروط الذي يكون في ذلك ولم يكونا قبل وكشفوا سقف هذا البيت، وأخرجوا من ذلك ما كان متخربا من الخشب، وعوضوا عنه بخشب جديد، وبنوا فوق الجدار الغربي من هذا البيت. ثلاث أساطين دقيقة من آجر بالنورة، وبنوا أسطوانتين مثل ذلك، إحداهما في الجدار الشامي، والأخرى في الجدار اليماني من هذا البيت، ونصبوا أسطوانة من خشب بين هاتين الأسطوانتين تحاذي الأسطوانة الوسطى من الأساطين الآجر المشار إليها، وركبوا بين كل أسطوانة من الست الأساطين أخشابا، وستروا جميع هذه الأخشاب بألوح من خشب مدهونة وركبوا فيها بين الأساطين المشار إليها سقفا من خشب مدهون، ساترا لمقدار ما بن الست الأساطين، إلا أنهم جعلوا بعض ما بين الأسطوانة الآجر الوسطى، والأسطوانة الخشب المقابلة لها خاليا من السقف، وركبوا في هذا الموضع الخالي قبة من خشب مدهونة، وجعلوا فوقها قبة ساترة لها من خشب وجريد وقصب، وجعلوا رفرفا من خشب مدهون يليق بهذا السقف الذي هو ظلة للمؤذنين وأتقنوا تسمير السقف والقبة والرفرف إتقانا كثيرا بمسامير زنة كل سبعة منها مَنٍّ1 من حديد، وزنة بعضها دون ذلك، وبكلاليب من حديد، وجعلوا فوق هذا السقف المدهون سقفا من خشب غير مدهون، ودكوا ما فوق السقف الأعلى بالآجر والنورة، وطلوا ما فوق الآجر بالنورة، وطلوا ما فوق القبة التي في وسط هذا السقف بالجبس، وأتقنوا ذلك وأصلحوا جميع سطح البيت الذي فيه زمزم بالنورة والآجر، وجعلوا درابزين من خشب مخروط يطيف بجميع جوانب البيت الذي فيه زمزم خلا الجانب اليماني، وجعلوا درابزين أيضا يطيف بجانبي ظلة المؤذنين اليماني والشرقي، ولم يكن قبل ذلك درابزين أيضا يطيف بجانبي ظلة المؤذنين اليماني والشرقي، ولم يكن قبل ذلك درابزين في هذين الجانبين، وجعلوا شباكا من حديد فوق بئر زمزم ليمنع من السقوط فيها، بعد أن ضيقوا سعة الفتحة التي كانت تحاذي بئر زمزم بأخشاب

1 المن: كيل أو ميزان، وهو شرعا مائة وثمانون مثقالا، وعرفا: مائتان وثمانون مثقالا، والجمع: أمنان.

ص: 332

مسمرة جعلت هنالك، ولم يكن هناك قبل ذلك شباك من حديد، وجعلوا درابزين من خشب مخروط يطيف بجوانب هذه الشبابيك الأربعة، وكان قبل ذلك في موضع هذه الدرابزين أخشاب مرتفعة كالقامة يطيف بما يحاذي البئر من الجوانب الأربعة، مطلية بالنورة.

وزنة الشباك الحديدي الذي فوق بئر زمزم الآن: اثنان وستون منًّا كل منٍّ: مائتان وستون درهما.

وزادوا حديدا في بعض الشبابيك التي في الجدار الغربي من بيت زمزم،، ووسعوا الدرجة التي يصعد منها إلى سطح البيت الذي فيه بئر زمزم، وإلى ظلة المؤذنين، لضيق الدرجة حين عُمِّرت في سنة ثماني عشرة وثمانمائة، لما عمرت الخلوة التي إلى جانب هذا البيت سبيلا. وجعلوا لهذه الدرجة درابزين خشب غير مخروط، واستحسنت توسعة هذه الدرجة، وكذا جميع ما عمر من جدران بيت زمزم، وما صنع في سطحه من ظلة المؤذنين وغيرها استحسانا كثيرا، وكان الفراغ من ذلك في أثناء رجب سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وكان القائم بأمر مصروف هذه العمارة الجناب العالي الكبير العلائي خواجه شيخ علي بن محمد بن عبد الكريم الجيلاني1، نزيل مكة المشرفة، زاده الله رفعة وتوفيقا2.

وكان إلى جانب هذا البيت خلوة فيها بركة تملأ من زمزم، ويشرب منها من دخل إلى الخلوة وكان لها باب إلى جهة الصفا، ثم سد وجعل في موضع الخلوة بركة مقبوة، وفي جدارها الذي يلي الصفا زبازيب يتوضأ الناس منها على أحجار نصبت عند الزبازيب، وفوق البركة المقبوة خلوة فيها شباك إلى الكعبة، وشباك إلى جهة الصفا، وطابق صغير إلى البركة، وكان عمل ذلك على هذه الصفة في ذي الحجة سنة سبع عشرة وثمانمائة3، لما قيل من أن بعض الجهلة من العوام يستنجي هناك. وعمر عوض ذلك سبيل لمولانا السلطان الملك المؤيد أبي النصر شيخ نصره الله ينتفع الناس بالشراب منه، فتضاعف له الدعاء، ولمن كان السبب في ذلك.

وصفة هذا السبيل: بيت مربع مستطيل، فيه ثلاثة شبابيك كبار من حديد فوق كل شباك لوح من خشب صنعته حسنة، منها واحد إلى جهة الكعبة، واثنان إلى جهة الصفا، وتحت كل شباك حوض في داخل البيت، وفيه بركة حاملة للماء، وله سقف مدهون يراه من دخل السبيل، وبابه إلى جهة الصفا، وله رفرف خشب من خارجه مدهون، وفوق

1 انظر ترجمته في الضوء اللامع 5/ 313 رقم 1034.

2 إتحاف الورى 3/ 566.

3 إتحاف الورى 3/ 522، العقد الثمين 3/ 392.

ص: 333