الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المحب الطبري: ومعنى الحديث والله أعلم أن كل ملك إذا قُدِمَ عليه قُبِلَت يمينه، ولما كان الحاج والمعتمر أول ما يقدمان يسن لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده، ولله المثل الأعلى، وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد، كما أن الملوك تعطي العهد بالمصافحة، والله أعلم1.
أنشدني العلامة بدر الدين أحمد بن محمد بن الصاحب المصري إجازة لنفسه قوله:
للحجر الأسود كم لاثم
…
وساجد مرغ فيه الجباه
تزدحم الأفواه في ورده
…
كأنه ينبوغ ماء الحياة
وقوله فيما أنبأنا به:
في الحجر الأسود كم أودعت
…
أسرار أنس من علوم الغيوب
تزدحم الأفواه في لثمه
…
كأنه يلفظ قوت القلوب
وقوله فيما أنبأنا به:
للحجر الأسود سر خفي
…
وقد بدا للعين منه شهود
قد ضمت قلوب الورى
…
كأنه قلب سواد الوجود
وقوله فيما أنبأنا به:
أقول وقد زوحمت عن لثم أسود
…
من البيت إن تحجب فما السر يحجب
فإنك مني بالمحل الذي به
…
محل سواد العين، أو أنت أقرب
1 القرى "ص: 280" عزاء المحب الطبري لأبي عبد القاسم بن سلام، وأبي طاهر المخلص في فوائده وابن الجوزي في مثير الغرام الساكن.
ذكر فضل الركن اليماني وما جاء في تقبيله ووضع الخد عليه
روينا في "سنن الدارقطني" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه1.
وروينا في تاريخ البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله2.
1 سنن الدارقطني 2/ 290 والبيهقي في سننه 5/ 76، والحاكم في المستدرك "1675" وصححه ووافقه الذهبي، وعبد الله بن هرمز: قال عنه أبو زرعة الرازي: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف. وقال الدارقطني: ليس بالقوي "جامع الجرح والتعديل: 2325".
2 أخبار مكة للفاكهي 1/ 122، وأحمد في المسند 1/ 54.
وروينا في تاريخ الأزرقي عن مجاهد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الركن ويضع خده عليه1.
قلت: تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم الركن اليماني ووضع خده عليه، لا يثبت، وأما استلامه له فثابت.
ما جاء في استلام النبي للركن اليماني:
روينا في مسند أحمد بن حنبل وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل طوافه، وكان هو يفعله، أخرجه أبو داود2 والنسائي.
وقال المحب الطبري بعد إخراجه لهذا الحديث: وفيه دلالة على استحباب التقبيل والاستلام في كل طواف، واستحبه بعضهم في كل وتر، وروي ذلك عن الشافعي وطاوس3
…
انتهى.
وقوله: وفيه دلالة على استحباب التقبيل، يعني في الحجر الأسود لا في الركن اليماني والاستلام فيها، والله أعلم.
ما جاء في المزاحمة على استلام الركن اليمان والحجر الأسود وأن مسحهما كفارة للخطايا:
وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يزاحم على الركنين، فقيل له في ذلك، فقال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مسحهما كفارة للخطايا" أخرجه الترمذي4.
وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحط الخطايا حطا" أخرجه أحمد بن حنبل وابن حبان في صحيحه5.
1 أخبار مكة للأزرقي 1/ 338.
2 أخرجه أبو داود "1874"، النسائي "5/ 231".
3 القرى "ص: 281".
4 أخرجه الترمذي 4/ 181، "كتاب الحج: باب ما جاء في استلام الركنين"، وعبد الرزاق في مصنفه 5/ 29، والأزرقي في أخبار مكة 1/ 331، والطبراني في الكبير 12/ 390.
5 مسند أحمد بن حنبل 3/ 89، 95، ابن حبان في موارد الظمآن "ص: 247" وابن خزيمة 4/ 227، وأخبار مكة للفاكهي 1/ 127.
ما جاء في عدم استحباب ذلك للنساء بحضره الرجال:
روينا عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لامرأة:"لا تزاحمي على الحجر، إن رأيت خلوة فاستلمي، وإن رأيت زحاما فكبرى وهللي إذا حاذيتِ، ولا تؤذي أحدًا" أخرجه سعيد بن منصور.
وروينا عن عائشة بنت سعد أنها قالت: كان أبي يقول: إذا وجدتن فرجة من الناس فاستلمن وإلا فكبرن وامضين. أخرجه الإمام الشافعي.
وفي البخاري: عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها ما يقتضي ترك استلام الحجر للنساء، وهو محمول على ما إذا حضر الرجال كما هو مقتضى الخبر الذي رواه سعيد بن منصور في "سننه" والله أعلم.
ما جاء في إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من استلامه واستغفار الملائكة لمن استلمه:
روينا في تاريخ الأزرقي عن عطاء قال: قيل: يا رسول الله: تكثر من استلام الركن اليماني؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ما أتيت عليه قط إلا وجبريل عليه الصلاة والسلام قائم عنده يستغفر لمن استلمه"1.
ما جاء في تأمين الملائكة على الدعاء عنده واستجابة الدعاء عنده:
روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وُكِّلَ به سبعون ملكا -يعني: الركن اليماني- فمن قال: اللهم إن أسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قالوا: آمين" أخرجه ابن ماجه وغيره2.
وروينا في تاريخ الأزرقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: على الركن اليماني ملكان يؤمنان على دعاء من مر بهما، وإن على الحجر الأسود من الملائكة ما لا يحصى3.
وروينا فيه عن مجاهد قال: من وضع يده على الركن اليماني ثم دعا استجيب له4.
1 أخبار مكة للأزرقي 1/ 338.
2 سنن ابن ماجه "2958" بلفظ "سبعون ملكا" والديلمي في الفردوس "7332"، وابن عدي في الكامل 4/ 275، والفاكهي في أخبار مكة 1/ 183.
3 أخبار مكة للأزرقي 1/ 338.
4 سنن ابن ماجة "2957".
وسيأتي في خبر المستجار وهو عند الركن اليماني شيء من هذا المعنى.
ما جاء في أن الركن اليماني باب من أبواب الجنة:
روينا في تاريخ الأزرقي عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: يا بنيّ أَدْنِنِي من الركن اليماني، فإنه كان يقال: إنه باب من أبواب الجنة1.
وروينا نحوه عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وذكر السهيلي شيئا من سبب تسمية الركن اليماني بالركن اليماني، لأنه قال: وأما الركن اليماني فسمي باليماني فيما ذكر القتبي، لأن رجلا من اليمن بناه اسمه أبي بن سالم وأنشد:
لنا الركن اليماني2 من البيت الحرام
…
وراثة بقية ما أبقى أُبَيّ بن سالم3
…
انتهى.
1 أخبار مكة للأزرقي 1/ 338، وسنن ابن ماجه "2887".
2 "اليماني" ليست في الروض الأنف 1/ 224.
3 الروض الأنف 1/ 224.