المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر شيء من فضائل الحجر الأسود وما جاء في كونه من الجنة: - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام - جـ ١

[التقي الفاسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمات

- ‌مقدمة

- ‌تصدير:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌الباب الأول

- ‌أولا: ذكر مكة المشرفة

- ‌ثانيًا: ذكر حكم بيع دور مكة وإجارتها:

- ‌الباب الثاني:

- ‌الباب الثالث:

- ‌ذكر الحرم وسبب تحريمه:

- ‌ذكر علامات الحرم:

- ‌ذكر حدود الحرم وضبط ألفاظ فيها:

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة الطائف على طريق عرفة من طريق نمرة:

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة العراق:

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة التنعيم وهي طريق المدينة وما يليها

- ‌ذكر تحديد حد الحرم من جهة اليمن:

- ‌الباب الرابع

- ‌ذكر شيء من الأحاديث والآثار الدالة على حرمة مكة وحرمها

- ‌ذكر شيء مما ورد في تعظيم الناس لمكة وحرمها وفي تعظيم الذنب في ذلك:

- ‌الباب الخامس

- ‌ذكر الأحاديث الدالة على أن مكة المشرفة أفضل من غيرها من البلاد

- ‌ذكر الأحاديث الدالة على أن الصلاة بمسجد مكة أفضل من الصلاة في غيره من المساجد:

- ‌الباب السادس:

- ‌ذكر المجاورة بمكة:

- ‌ذكر شيء مما جاء في الموت بمكة:

- ‌ذكر شيء مما جاء في فضل أهل مكة:

- ‌ذكر شيء من فضل جدة ساحل مكة وشيء من خبرها:

- ‌ذكر شيء من فضل الطائف وخبره:

- ‌الباب السابع

- ‌في أخبار عمارة الكعبة المعظمة

- ‌ذكر البيت المعمور الذي أنزله الله على آدم وشيء من خبره:

- ‌ذكر شيء من حال الكعبة بعد بناء ابن الزبير والحجاج وما صنع فيها من العمارة:

- ‌ذكر الأساطين:

- ‌ذكر الميازيب:

- ‌ذكر الأبواب:

- ‌أوَّل من بوب الكعبة:

- ‌الباب الثامن:

- ‌ذكر صفة الكعبة وما أحدث فيها من البدعة:

- ‌ذكر النوع الكعبة من داخلها وخارجها

- ‌ذكر ذرع الكعبة من داخلها بذراع الحديد:

- ‌ذكر ذرع الكعبة من خارجها بذراع الحديد:

- ‌ذكر ذرع سطح الكعبة:

- ‌ذكر شاذروان الكعبة وحكمه وشيء من خبر عمارته:

- ‌ذكر حلية الكعبة المعظمة ومعاليقها:

- ‌ذكر كسوة الكعبة المعظمة:

- ‌ذكر طيب الكعبة وأخدامها:

- ‌ذكر أسماء الكعبة المعظمة:

- ‌ذكر هدم الحبشي الكعبة في آخر الزمان:

- ‌ذكر وقت فتح الكعبة في الجاهلية والإسلام:

- ‌ذكر بيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق المشار إليها:

- ‌الباب التاسع:

- ‌ذكر بيان مصلى النبي في الكعبة:

- ‌ذكر قدر صلاة النبي في الكعبة في دخوله هذا

- ‌ذكر من روى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة يوم فتح مكة من الصحابة ومن نقلها منهم، رضي الله عنهم:

- ‌ذكر ترجيح رواية من أثبت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة على رواية من نفاها، وما قيل في الجمع بين ذلك:

- ‌ذكر عدد دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة الشريفة بعد هجرته من المدينة وأول وقت دخل الكعبة فيه بعد هجرته

- ‌الباب العاشر:

- ‌في ثواب دخول الكعبة المعظمة:

- ‌ذكر حكم الصلاة في الكعبة:

- ‌آداب دخول الكعبة:

- ‌الباب الحادي عشر:

- ‌ذكر شيء من فضائل الكعبة:

- ‌ذكر شيء من فضائل الحجر الأسود وما جاء في كونه من الجنة:

- ‌ذكر فضل الركن اليماني وما جاء في تقبيله ووضع الخد عليه

- ‌الباب الثاني عشر:

- ‌ذكر ما ورد في ثواب الطواف عموما من غير تقييد بزمن:

- ‌ذكر بدء الطواف بهذا البيت المعظم وما ورد من طواف الملائكة

- ‌ذكر طواف بعض الجن والدواب والطير بالكعبة:

- ‌ما جاء من أن شرعية الطواف لإقامة ذكر الله:

- ‌ذكر ثواب النظر إلى الكعبة:

- ‌ذكر ثواب الحج والعمرة:

- ‌الباب الثالث عشر:

- ‌في الآيات المتعلقة بالكعبة:

- ‌ذكر خبر تبع والهذليين:

- ‌ذكر خبر أصحاب الفيل:

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌ذكر شيء من أخبار الحجر الأسود

- ‌ذكر ما أصاب الحجر الأسود في زمن ابن الزبير، وما صنع فيه من الفضة في زمنه وزمن هارون الرشيد:

- ‌ذكر ما أصاب الحجر الأسود في فتنة القرمطي وأخذهم له:

- ‌ذكر ما صنعه الحجبة في الحجر الأسود بإثر رد القرامطة له:

- ‌ذكر ما أصاب الحجر الأسود بعد فتنة القرامطة من بعض الملحدة مثلهم:

- ‌ذكر صفته وقدره وقدر ما بينه وبين الأرض:

- ‌ذكر شيء من الآيات المتعلقة بالحجر الأسود:

- ‌الباب الخامس عشر:

- ‌ذكر الملتزم:

- ‌ذكر المستجار:

- ‌ذكر الحطيم:

- ‌ذكر بقية المواضع بمكة وحرمها التي قيل إن الدعاء فيها مستجاب:

- ‌الباب السادس عشر

- ‌ذكر شيء من أخبار المقام "مقام الخليل عليه السلام

- ‌ذكر حلية المقام:

- ‌ذكر صفة الموضع الذي فيه المقام والمصلى خلفه:

- ‌ذكر ذرع ما بين المقام والحجر الأسود:

- ‌ذكر موضع المقام في الجاهلية والإسلام وما قيل في ذلك:

- ‌ذكر شيء من فضل المقام:

- ‌ما جاء في هلاك من تعرض له بسوء:

- ‌الباب السابع عشر:

- ‌ذكر شيء من أخبار الحِجْر المُكَرَّم حِجْر إسماعيل عليه السلام:

- ‌ذكر موضع الحجر وصفته:

- ‌ذكر ما جاء في الحجر والصلاة فيه:

- ‌ذكر ما جاء في الدعاء في الحجر تحت الميزاب:

- ‌ذكر المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة:

- ‌الباب الثامن عشر

- ‌ذكر شيء من أخبار توسعة المسجد الحرام وعمارته

- ‌ذكر شيء من خبر توسعة المسجد الحرام بعد الأزرقي ومن خبر عمارته بعده:

- ‌ذكر ذرع المسجد الحرام غير الزيادتين:

- ‌ذكر ذرع زيادة دار الندوة:

- ‌ذكر ذرع زيادة باب إبراهيم

- ‌الباب التاسع عشر:

- ‌ذكر عدد أساطين المسجد الحرام غير الزيادتين وصفتها:

- ‌ذكر عدد الأساطين التي بصحن المسجد الحرام وصفتها:

- ‌ذكر عدد أساطين زيادة دار الندوة:

- ‌ذكر عدد أساطين زيادة إبراهيم:

- ‌ذكر عدد طاقات المسجد الحرام وشرفاته وقناديله:

- ‌ذكر عدد طاقات زيادة دار الندوة:

- ‌ذكر عدد طاقات زيادة باب إبراهيم:

- ‌شرفات المسجد الحرام:

- ‌ذكر عدد الشرافات التي بزيادة دار الندوة:

- ‌ذكر عدد الشرافات التي بزيادة باب إبراهيم:

- ‌ذكر عدد قناديل المسجد الحرام:

- ‌ذكر عدد أبواب المسجد الحرام وأسمائها وصفاتها:

- ‌ذكر منائر المسجد الحرام:

- ‌ذكر ما صنع في المسجد الحرام لمصلحة أو لنفع الناس به

- ‌ذكر صفة المقامات التي هي الآن بالمسجد الحرام ومواضعها منه

- ‌ذكر ذرع ما بين كل من هذه المقامات وبين الكعبة:

- ‌ذكر كيفية صلاة الأئمة بهذه المقامات وحكم صلاتهم بها:

- ‌الباب العشرون:

- ‌ذكر حفر بئر زمزم وعلاجها:

- ‌ذكر ذرع بئر زمزم وما فيها من العيون وصفة الموضع الذي هي فيه الآن:

- ‌ذكر أسماء زمزم:

- ‌ذكر فضائل ماء زمزم وخواصه:

- ‌ذكر آداب شربه:

- ‌ذكر حكمة التطهير بماء زمزم:

- ‌ذكر نقل ماء زمزم إلى البلدان:

- ‌ذكر شيء من خبر سقاية العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه:

- ‌الباب الحادي والعشرون:

- ‌الباب الثاني والعشرون

- ‌ذكر أماكن بمكة المشرفة وحرمها وقربه التي لها تعلق بالمناسك

- ‌ذكر الموضع الذي أحرم منه رسول الله من الجعرانة:

- ‌ذكر مقدار ما بين باب بني شيبة وهذين العلمين:

- ‌ذكر تعيين موقف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة:

- ‌ذكر مسجد عرفة وحكم الوقوف فيه:

- ‌ذكر ذرع هذا المسجد وشيء من صفته:

- ‌ذكر تسمية عرفة بعرفة وما يتعلق بجمعها وصرفها، وحكم الإحياء بها:

- ‌ذكر حكم البناء بمنى:

- ‌ما جاء في فضل منى وما ذكر فيها من الآيات:

- ‌الباب الثالث والعشرون:

- ‌الباب الرابع والعشرون:

- ‌الباب الخامس والعشرون

- ‌ذكر نسب جرهم

- ‌ذكر من ملك مكة من جرهم ومدة ملكهم لها وما وقع في نسبهم من الخلاف وفوائد تتعلق بذلك:

- ‌ذكر من أخرج جرهما من مكة وكيفية خروجهم منها:

- ‌فهرس محتويات الجزء الأول

الفصل: ‌ذكر شيء من فضائل الحجر الأسود وما جاء في كونه من الجنة:

‌ذكر شيء من فضائل الحجر الأسود وما جاء في كونه من الجنة:

روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا أن طُمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب" 1 أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والترمذي في جامعه، وقال: حديث غريب.

ونقل السهيلي عن الترمذي هذا الحديث إلا أنه قال فيه: "إن الركن الأسود والركن اليماني ياقوتتان" وذكر بقية الحديث بالمعنى، وما نقله السهيلي من أن في هذا الحديث والركن اليماني غير معروف، والمعروف فيه: الحجر الأسود والمقام، ولعل ذلك من السهيلي سَبَقُ قَلم، وقد رأيت ما نقلناه عنه في غير نسخة من تأليفه، قال بعد ذكره لهذا الحديث: وفي رواية غيره ولإبراء من استلمهما من الخرس والجذام والبرص

انتهى.

وروينا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم" أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح2.

وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحجر الأسود من الجنة" أخرجه النسائي3.

وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا ما طبع الله من الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها لاشتفي به من كل عاهة، ولألفاه كهيئته يوم خلقه الله تعالى، وإنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، وإنها لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة"4.

قلت: ذكر شيخنا بالإجازة الإمام بدر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن الصاحب المقرئ في كون الحجر الأسود من ياقوت الجنة دون غيره من جواهرها حكمة حسنة، لأنه قال فيما أنبأنا به: فإن قلت ما الحكمة في كونه من ياقوتها ولم يكن من غيره من جواهرها؟ قلت: له سر غريب نبهت عليه في كتاب "الرموز" في كشف أغطية الكئوس" وأنا ضنين بذلك، ولكن ألوح بشيء هنا من قشوره، وذلك أن الشمس في الفلك الرابع المتوسط.

لو لم يكن وسط الأشياء أحسنها

ما اختارت الشمس من أفلاكها الوسطى

وهي الممتدة لما فوقها وما تحتها من الأفلاك والمعدة في الفلك الرابع من الأنفس، وهي الممتدة لما فوقها وتحتها ويقصرها على النار، ولهذا قال: رسول

1 أخرجه: ابن حبان "3710"، الحاكم "1679".

2 أخرجه الترمذي "877"، وأحمد "1/ 307، 329، والبيهقي في الشعب "4034".

3 أخرجه النسائي 5/ 226، وابن خزيمة 4/ 220، والحديث إسناده حسن.

4 أخبار مكة للأزرقي 1/ 323، القرى "ص: 293".

ص: 225

الله صلى الله عليه وسلم: "المعدة بيت الداء" 1، وما خلق الله فيها عينا نباعة تحض معينة على الهضم والتبريد.

ومكة في الفلك المتوسط من الدنيا، وهي محل النار، وهي الممتدة للدنيا، قال الله تعالى:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] أي قواما لدينهم ودنياهم، وجعل الحجر من ياقوت الجنة الذي لا يبالي بالنار ويحصل منه التبريد المعنوي والحسي.

وطالما أصلي الياقوت جمر غضا

ثم انطفى الجمر والياقوت ياقوت

ثم سر آخر وهو: أنه نقطة الدائرة الياقوتية، وهذه نكتة من كشف أغطية الكونين، من أراد كشفهما فليصغ أسمعه من ذلك من الميراث النبوي ما لا يسمعه من غيري في هذا الزمان، والله الموفق

انتهى!!

ذكر ما قيل من الحكمة في اسوداد الحجر الأسود بعد بياضه:

قال السهيلي بعد أن ذكر شيئا مما يتعلق بالحجر الأسود، وأشار هنا إلى الحكمة في أنه سودته خطايا بني آدم دون غيره من حجارة الكعبة وأستارها، وذلك أن العهد الذي فيه بمعنى الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيد الله، فكل مولود يولد على الفطرة، وعلى ذلك فلولا أن أبويه يهودانه وينصرانه ويمجسانه حتى ليسود قلبه بالشرك لما حاد من العهد، فقد صار قلب ابن آدم محلا لذلك العهد والميثاق، وصار الحجر محلا لما كتب فيه من ذلك العهد والميثاق قياسا، فاسود من الخطايا قلب ابن آدم بعد ما حاد عما كان ولد عليه من ذلك العهد، واسود الحجر بعد ابيضاضه، وكانت الخطايا سببا في ذلك، حكمة من الله سبحانه

انتهى.

وقال المحب الطبري: وقد اعترض بعض الملاحدة، فقال: كيف يسود الحجر خطايا أهل الشرك ولا يبيضه توحيد أهل الأيمان؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:

الأول: ما تضمنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم آنفا: أن الله عز وجل إنما طمس نوره ليستر زينته عن الظلمة، وكأنه لما تغيرت صفته التي كانت كالزينة له بالسواد كان ذلك السواد له كالحجاب المانع من الرؤية وإن رؤي جرمه، إذا يجوز أن يطلق عليه أنه غير مرئي، كما يطلق على المرأة المستترة بثوب أنها غير مرئية.

الثاني: أجاب به ابن حبيب، فقال: لو شاء الله لكان ذلك، وكما علمت أيها المعترض من أن الله تعالى أجرى العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ والبياض ينصبغ ولا يصبغ.

والثالث: وهو منقاس: أن يقال إن بقاءه أسود والله أعلم إنما كان للاعتبار ليعلم أن الخطايا إذا أثرت في الحجر فتأثيرها بالقلوب أعظم2

انتهى.

1 لا يصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان معناه صحيحا، وينسب للحارث بن كلدة.

2 القرى "ص: 295": وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة "ص: 289".

ص: 226

ذكر ما رؤي من البياض في الحجر الأسود بعد اسوداده:

ذكر ابن جبير في خبر رحلته: أن في الحجر الأسود نقطة بيضاء صغيرة مشرقة1 ولم يذكر سواها، وكانت رحلته في سنة تسع وسبعين وخمسمائة.

وقال الفقيه سليمان بن خليل العسقلاني في "منسكه" بعد ذكر الشيء يتعلق بالحجر الأسود: قلت أنا: ولقد أدركت في الحجر الأسود ثلاث مواضع2 بيض في الناحية التي تلي باب الكعبة المعظمة، إحداها: وهي أكبرهن، في قدر حبة الذرة الكبيرة.

والأخرى: إلى جنبها، وهي أصغر منها.

والثالثة: إلى جنب الثانية، وهي أصغر من الثانية فإنها في قدر حبة الدخن.

ثم إني أتلمح تلك النقطة، فإذا هي كل وقت في نقص

انتهى.

ونقل القاضي عز الدين بن جماعة في "منسكه" كلام ابن خليل هذا، وذكر أنه رأى الحجر الأسود في سنة ثمان وسبعمائة وفيه نقطة بيضاء ظاهرة، وأنه لم يرها في سنة ست وثلاثين إلا بعد جهد3

انتهى.

وكنت ذاكرت بهذا الأمر من نحو خمس عشرة سنة بعض مشايخنا فذكر لي أن في الحجر الأسود نقطة بيضاء خفية جدا

انتهى.

ولم يذكر لي موضعها من الحجر، ولعلها النقطة الموجودة فيه الآن، فإن في جانبه مما يلي باب الكعبة من أعلاه نقطة بيضاء قدر حبة سمسمة على ما أخبرني به ثلاثة نفر يعتمد عليهم من أصحابنا الفقهاء المكيين في يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة، إلا أن بعضهم لم يخبرني بذلك إلا في يوم السبت ثاني تاريخه، وأخبرني الثلاثة أنهم رأوا ذلك في يوم الجمعة المذكور، وشكرت لهم، فالله يثيبهم.

1 رحلة ابن جبير "ص: 67".

2 هكذا وردت بالأصل، والصواب "ثلاثة مواضع".

3 هداية السالك 1/ 59.

ص: 227

ما جاء في شهادة الحجر الأسود يوم القيامة لمن استلمه بحق:

روينا في مسند الدارمي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليبعثن الله الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق"1. وفي رواية "على من استلمه بحق" 2. أخرجه الترمذي وابن حبان وقال: "له لسان وشفتان".

وروينا ما يدل لذلك من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وروينا ذلك من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه موقوفا عليه.

ما جاء في تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم للحجر الأسود واستلامه له:

وروينا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن استلام الحجر، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله، أخرجه البخاري3 ومسلم4.

ما جاء في السجود عليه:

وروينا في تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم الحجر من حديث عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وغيرهما ما جاء في السجود - عليه.

وروينا في الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على الحجر5.

وروينا في سنن البيهقي عنه قال: رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا6.

وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما في "مسند الإمام الشافعي" أنه قبل الركن وسجد عليه ثلاث مرات7.

وروينا ذلك أيضا عن طاوس في تاريخ الأزرقي والبيهقي وغيرهما.

1 أخرجه الدارمي "1839"، أحمد 1/ 247، والبيهقي في السنن 5/ 75، والأزرقي في أخبار مكة 1/ 23.

2 أخرجه الترمذي "961" وأحمد 1/ 26،وابن حبان "37" وابن ماجه "2944" وأبو يعلى "2711".

3 أخرجه البخاري 3/ 379.

4 أخرجه مسلم "الحج: 1267.

5 أخرجه: الترمذي "862" وأحمد 1/ 257، 309، والنسائي "3918، 3119".

6 أخرجه البيهقي في سننه "5/ 74"، وابن حبان "3821".

7 مسند الإمام الشافعي "ص: 126".

ص: 228

ولم ير الإمام مالك السجود على الحجر وقال: هو بدعة، وخالفه الجمهور في ذلك، والله أعلم.

ما جاء في الإكثار من استلامه:

روينا في "تاريخ الأزرقي" بالسند المتقدم إليه: قال حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني زهير بن محمد، عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا استلام هذا الحجر فإنكم توشكون أن تفقدوه، بينما الناس يطوفون به ذات ليلة إذ أصبحوا وقد فقدوه، إن الله تعالى لا يترك شيئا من الجنة في الأرض إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة"1.

ما جاء في مفاوضة الحجر الأسود:

روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاوض الحجر الأسود فإنما يفاوض يد الرحمن" أخرجه ابن ماجه.

قال المحب الطبري: وقوله: فاوض أي لامس وخالط، من مفاوضة الشريكين وتفويض كل منهما إلى صاحبه2

انتهى.

ما جاء في أن الحجر الأسود يمين الله يصافح بها عباده واستجابة الدعاء عنده:

روينا في تاريخ الأزرقي بالسند المتقدم إليه قال: حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن أبي إسماعيل، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي حسين، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الركن يمين الله عز وجل يصافح بها خلقه، والذي نفس ابن عباس بيده ما من امريء مسلم يسأل الله تعالى عنده شيئا إلا أعطاه إياه3

انتهى.

وروي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن أبي 4 عبد القاسم بن سلام روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض".

ورواه أبو طاهر المخلص في "فوائده" في الجزء الثاني من التاسع وزاد: "فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح الحجر الأسود بيده فقد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم".

1 أخبار مكة للأزرقي 1/ 342، 343.

2 سنن ابن ماجه "2/ 985" القرى "ص: 279، 280"، وابن عدي في الكامل 2/ 690 والحديث إسناده ضعيف.

3 أخبار مكة للأزرقي 1/ 326.

4 هكذا بالأصل، والصواب:"لأنه أبا عبيد".

ص: 229