الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الحطيم:
اختلف في الحطيم وفي سبب تسميته بذلك، فقيل: إنه ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وزمزم وحجر إسماعيل، وهو مقتضى ما حكاه الأزرقي عن ابن جريج1.
وفي كتب الحنفية أن الحطيم الموضع الذي فيه الميزاب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الحطيم الجدار.
قال المحب الطبري: يعني جدار حجر الكعبة، قال: وقد قيل: الحطيم هو الشاذروان، سمي بذلك: لأن البيت رفع وترك هو محطوما، فيكون فعيلا بمعنى مفعول، قال: وقد قيل: لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت فيه من الثياب، فيبقى حتى يتحطم من طول الزمان، فيكون فعيلا بمعنى فاعل2
…
انتهى.
وقيل في سبب تسميته: إنه سمي بالحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإيمان، فقل من دعا هنالك على ظالم إلا هلك، وقل من حلف هنالك آثما إلا عجلت له العقوبة، روينا ذلك عنه في تاريخ الأزرقي3.
ومن فضائل الحطيم: ما ذكره الفاكهي، لأنه قال: وحدثني أحمد بن صالح قال: حدثنا محمد بن عبد الله عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنهما
1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 23.
2 القرى "ص: 314".
3 أخبار مكة للأزرقي 2/ 24.
قالت: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: أي البقاع خير؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قالت: قلت: يا رسول الله كأنك تريد بين الركن والمقام؟ قال صلى الله عليه وسلم "صدقت، إن خير البقاع وأطهرها وأزكاها وأقربها من الله ما بين الركن والمقام، وإن فيها بين الركن والمقام روضة من رياض الجنة، فمن صلى فيه أربع ركعات نودي من بطنان العرش: أيها العبد غفر لك ما قد سلف منك فاستأنف العمل" 1
…
انتهى.
ومن فضائل الحطيم: أن فيه قبر تسعة وتسعين نبيا، لأن الأزرقي قال فيما رويناه عنه بالسند المتقدم: حدثني جدي قال: حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن خثيم قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط، يقول عبد الله بن حمزة السلولي يقول: ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم قبر تسعة وتسعين نبيا، جاءوا حجاجا فقبضوا هنالك".
وحدثني مهدي بن أبي المهدي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن محمد بن سابط، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي ومن معه حتى يموت، فمات بها نوح، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم، والحجر"2.
وذكر الأزرقي خبرا يقتضي أن في الحطيم قبر تسعين نبيا، وسمى منهم في هذا الخبر غير من لم يسم في الخبر الذي رواه عن ابن سابط، لأنه قال: وأخبرني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج فذكر أخبارا، ثم قال: قال عثمان: وأخبرني مقاتل قال: في المسجد الحرام بين زمزم والركن قبر تسعين نبيا، منهم هود، وصالح، وإسماعيل، وقبر آدم، وإبراهيم، وإسحاق، ويوسف عليهم السلام في بيت المقدس3
…
انتهى.
وذكر الأزرقي خبرا يقتضي أن قبر إسماعيل في الحجر، وسنذكر هذا الخبر وغيره من الأخبار الموافقة له والمخالفة له في أخبار الحجر، وذلك في الباب السابع عشر من هذا الكتاب.
وذكر الأزرقي خبرا يوهم أن في الحطيم قبور عذارى بنات إسماعيل عليه السلام لأن الأزرقي قال فيما رويناه عنه: حدثنا جدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري أنه سمع ابن الزبير رضي الله عنهما على المنبر يقول: إن هذا المحدودب قبور عذارى بنات إسماعيل عليه السلام، يعني مما يلي الركن الشامي من المسجد
1 أخبار مكة للفاكهي 1/ 468.
2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 68، ومثير الغرام "ص: 438".
3 أخبار مكة للأزرقي 1/ 68، وأخبار مكة للفاكهي 1/ 468.
الحرام، قال: وذلك الموضع يسوي مع المسجد. فلا ينشب أن يعود محدودبا منذ كان1
…
انتهى.
وإنما كان هذا الخبر موهما لما ذكرناه، لأنه يحتمل أن تكون القبور المشار إليها مما يلي الركن الشامي من جهة الحجر الأسود، وأن تكون مما يلي الركن الشامي مما يلي الحِجر بسكون الجيم فعلى الاحتمال الأول تكون القبور المشار إليها في الحطيم وعلى الثاني لا تكون فيه، وذلك على اعتبار بناء الكعبة على أساس إبراهيم من جهة الحجر، وأما على اعتبار بنائها اليوم فقد تكون القبور المشار إليها في الحطيم على كلا الاحتمالين، والله أعلم.
وقد ذكر هذا الخبر الفاكهي في "أخبار مكة" بنحوه، وذكر الخبر الذي رواه الأزرقي عن عبد الله بن ضمرة. وفي خبر الفاكهي: أن ابن ضمرة يرويه عن كعب يعني كعب الأحبار وابن سابط راوي الخبر ليس بصاحبي.
وذكر الفاكهي خبرا يقتضي أن فيما بين دار الندوة وباب بني سهم يعني باب المسجد الحرام المعروف بباب العمرة قبور قوم صالح الذين آمنوا به ورحلوا معه إلى مكة وأقاموا بها حتى ماتوا. قال: وكذلك فعل هود ومن آمن معه، وشعيب ومن آمن معه، عزا هذا الخبر لوهب بن منبه، وهو في تاريخ الأزرقي2، إلا أن في الخبر الذي ذكره الأزرقي: فتلك قبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة وبين دار بني هاشم، كذا رأيته في نسختين من "تاريخ الأزرقي": ودار بني هاشم وصوابه: وباب بني سهم كما في خبر الفاكهي، لأن به يستقيم الكلام، والله أعلم.
وهذه القبور وإن لم تكن في الحطيم فذكرها في أخباره لمناسبة، وهي كون الموطنين في المطاف، فيجتمع بذكر ذلك في هذه الترجمة شيء من فضل المطاف.
1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 66، وأخبار مكة للفاكهي 2/ 123، ومسند عبد الرزاق 5/ 120، ومثير الغرام ص:439.
2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 73، وأخبار مكة للفاكهي 2/ 34، ومثير الغرام ص:438.