الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطالعة كلامهم، والوقوف على رسائلهم، ترى من أصناف الاستشهادات ما يروقك نظره، ويطربك سمعه.
الحالة الثانية التضمين
وهو أن يضمّن البيت الكامل من الشعر أو نصف البيت لبعض القرينة.
أما تضمين البيت الكامل من الشعر أو نصف البيت لبعض القرينة فمثل ما كتب به القاضي الفاضل:
وصل من الحضرة كتاب به ماء الحياة ونقعه الحيا فكأنّي إذ ظفرت به الخضر فوقفت عنده منه على
عقود، هي الدّرّ الذي أنت بحره
…
وذلك ما لا يدّعي مثله البحر
ورتعت منه في
رياض يد تجني وعين وخاطر
…
تسابق فيها النّور والزّهر والثّمر
وكرعت منه في حياض
تسرّ مجانيها إذا ما جنى الظّما
…
وتروي مجاريها إذا بخل القطر
وما زلت منه أنشده
كأنّي سار في سريرة ليلة
…
فلّما بدا كبّرت إذ طلع الفجر
ووافى على ما كنت أعهد
فخلت بأن العين من سحب كفّه
…
فمن ذا ومن ذا فيه ينتثر الدّرّ
واسترجع فائت الدماء من مورده
وما كان عندي بعد ذنب فراقه
…
بأنّي أرى يوما به بعد الدّهر
ونفّس عن النّفس بأبيض أثماده وعيّن العين بأسود إثمده «1» :
به لهما سبح «2» طويل فهذه
…
على خاطر برد، وفي خطر بدر
وجدد إليه أشواقا جديدها
يمرّ به ثوب الجديدين دائما
…
فيبلى ولا يبلى وإن بلي الدّهر
وذكّر أياما لا يزال يستعيدها:
وهيهات أن يأتي من الأمر فائت
…
فدع عنك هذا الأمر قد قضي الأمر
وأما تضمين نصف البيت فمثل قول القاضي الفاضل:
وصل كتاب مولاي بعدما
…
... أجاب المنادي للصلاة فأعتما
فلما استقر لديّ......
…
تجلّى الّذي من جانب البدر أظلما
فقرأته................
…
بعين إذا استمطرتها أمطرت دما
وساءلته............... ..
…
فساءلت مصروفا عن النّطق أعجما
ولم يرد جوابا،...........
…
وماذا عليه لو أجاب المتيّما؟
وردّدته قراءة،..............
…
فعوجلت دون الحلم أن أتحلّما
وحفظته،..............
…
كما يحفظ الحرّ الحديث المكتّما
وكررّته،................
…
فمن حيث ما واجهته قد تبسما
وقبّلته،...............
…
فقبّلت ذرّا في العقود منظّما
وقمت له،................
…
فكنت بمفروض المحبّة قيّما
وأخلصت لكاتبه،........
…
وليس على حكم الحوادث محكما
ولم أصدّقه! ............
…
ولكنّه قد خالط اللّحم والدّما
وأرّخت وصوله،...........
…
فكان لا يدي «1» الوسائم موسما
وشفيت به غليل...........
…
فؤاد أمنّيه وقد بلغ الظّما
وداويت عليل...............
…
حشا ضرّ ما فيه من النار ضرّما
فأما تلك الأيام التي............
…
حماها على اللّوم المقام على الحما
والليالي العذاب التي...........
…
ملأت بحور الليل بيضا وأنجما
وأرسلت الزفرة...............
…
... فلو صافحت رضوى «2» لرض وهدما
وأسبلت العبرة...............
…
... كما أنشأ الأفق السحاب المدّيما
وخطبت السّلوة...........
…
فأسأل معدوما وآمل معدما
فأما الشكر فإنما................
…
أفض به مسكا عليه مختّما
وأقوم منه بفرض............... ..
…
أراني به دون البريّة أقوما
وأوفي واجب فرض............
…
وكيف توفّي الأرض فرضا من السّما
وربما ركبت القرينة الكاملة على البيت أو نصف البيت كما كتب به القاضي الفاضل أيضا:
ورد كتاب الحضرة بعد أن عددت
الليالي ليلة بعد ليلة لطلوع صديعه
…
وقد عشت دهرا لا أعدّ اللياليا
وبعد أن انتظرت القيظ والشتاء
لفصل ربيعه............
…
فما للنّوى ترمي بليلى المراميا؟
واستروحت إلى نسيم سحره
…
... إذا الصّيف ألقى في الدّيار المراسيا
ومددت يدي لاقتطاف ثمره
…
... فلله ما أحلى وأحمى المجانيا!
ووقفت على شكواه من زمانه
…
... فبتّ لشكواه من الدّهر شاكيا
وعجبت لعمى اللحظ عن مكانه
…
... وقد جمع الرحمن فيه المعانيا
وتوقّعت له دولة يعلو بها الفضل
…
... إذا هزّ من تلك اليراع عواليا
ورتبة يرتقي
صهوتها بحكم العدل
…
... فربّ مراق يعتددن مهاويا
وإلى الله أرغب في إطلاع سعوده
…
... زواهر في أفق العلاء زواهيا
وفي إنهاض عثرات جدوده......
…
فقد عثّرت بعد النّهوض العواليا
وربما ركّب نصف البيت على نصف القرينة، كما ذكرت في المفاخرة بين السيف والقلم في الكلام على لسان السيف في مخاطبته للقلم، وهو:
وأنت وإن ذكرت في التنزيل، وتمسكت من الامتنان بك في قوله عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
«1» بشبهة التفضيل، فقد حرّم الله تعالى تعلّم خطك على رسوله، وحرمك من مسّ أنامله الشريفة ما يؤسى على فوته ويسر بحصوله؛ لكني قد نلت من هذه الرتبة أسنى المقاصد، وشهدت معه من الوقائع ما لم تشاهد، وحلاني من كفه شرفا لا يزول حليه أبدا، وقمت بنصره في كل معترك.
فسل جنينا وسل بدرا وسل أحدا
؛ فركّبت نصف بيت البردة على نصف قرينة. وما ذكرته في الرسالة التي كتبتها للمقرّ الفتحيّ صاحب ديوان الإنشاء التسريف بالأبواب السلطانية بالديار المصرية. وهو: قد لبس شرفا لا تطمع الأيام في خلعه، ولا يتطلّع الزمان إلى نزعه، وانتهى إليه المجد فوقف، وعرف الكرم مكانه فانحاز إليه وعطف، وحلّت الرياسة بغنائه «2» فاستغنت به
عن السّوى، وأناخت السيادة بفنائه
…
فألقت عصّاها واستقرّ بها النوى.
وقد يضمّن الكاتب بعض القرينة نصف بيت، ثم يستطرد فيذكر أبياتا كاملة الأجزاء على نمط أنصاف الأبيات التي يوردها، كما فعل الشيخ ضياء الدين أحمد بن عمر بن يوسف القرطبيّ «3» في رسالته للشيخ تقي الدين بن دقيق العيد «4» تغمدهما الله برحمته في قوله:
وينهى ورود غذرائه التي
…
... لها الشّمس خدن والنّجوم ولائد
وحسنائه التي.............
…
لها الدّرّ لفظ والدّراري قلائد
ومشرفته التي..............
…
لها من براهين البيان شواهد
وكريمته التي............... ..
…
لها الفضل ورد والمعالي موارد
وآيتها الكبرى التي دلّ فضلها
…
على أنّ من لم يشهد الفضل جاحد
وأنك سيف سلّه الله للهدى
…
وليس لسيف سلّه الله غامد
وقد يخالف بين قوافي أنصاف الأبيات التي يمزجها ببعض القرائن كما يخالف بين فواصل القرائن: كما في قول البديع الهمذاني:
أنا لقرب دار مولاي...........
…
كما طرب النّشوان مالت به الخمر
ومن الارتياح إلى لقائه......
…
كما انتفض العصفور بلله القطر
ومن الامتزاج بولائه.........
…
كما التقت الصّهباء والبارد العذب
ومن الابتهاج بمزاره.........
…
كما اهتّز تحت البارح الغصن الرّطب
إلى غير ذلك من فنون الامتزاج التي يزاوج فيها بين المنثور والمنظوم، وينتهي فيها الكاتب إلى ما يبلغ به القدر المحتوم.
أما تضمين بعض أبيات العرب في بعض قصائد المحدثين كما فعل القاضي الأرّجانيّ «1» في قوله من قصيدة مدح بها بعض الوزراء:
وأهد إلى الوزير المدح يجمل
…
لك المرباع منها والصّفايا «2»
ورافق رفقة رحلوا إليه
…
فآبوا بالنّهاب وبالسّبايا
وقل للراحلين إلى ذراه
…
ألستم خير من ركب المطايا
ولا تسلك سوى طرقي فإني
…
أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا