الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبسوطة كتاب للإمام فخر الدين الرازي.
الثالث علم تدبير المنزل
- ويحصل الانتفاع فيها بالاطلاع على السير الفاضلة المحمودة للملوك وغيرهم، ولا أنفع من السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
فإذا عرف الكاتب هذه العلوم والفنون وما صنف فيها من الكتب، أمكنه التصرف فيها في كتابه بذكر علم نبيل لمساواته أو التفضيل عليه، وذكر كتاب مصنف في ذلك حيث تدعو الحاجة إلى ذكره: كما وقع لي في تقريظ مولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن «1» ، ابن سيدنا شيخ الإسلام أبي حفص عمر البلقيني الكناني الشافعي «إن تكلم في الفقه فكأنما بلسان الشافعي تكلم، والربيع «2» عنه يروي، والمزنيّ «3» منه يتعلم، أو خاض في أصول الفقه قال الغزالي هذا هو الإمام باتفاق، وقطع السيف الآمديّ «4» بأنه المقدّم في هذا الفن على الإطلاق، أو جرى في التفسير قال الواحديّ هذا هو العالم الأوحد، وأعطاه ابن عطية «5» صفقة يده بأن مثله في التفسير لا يوجد، واعترف له صاحب الكشاف «6» بالكشف عن الغوامض، وقال الإمام فخر الدين هذه مفاتيح الغيب وأسرار التنزيل فارتفع الخلاف واندفع المعارض، أو أخذ في القراءات والرسم أزرى بأبي عمرو الداني، وعدا شأو الشاطبيّ في الرائية وتقدّمه في حرز الأماني، أو تحدّث في الحديث
شهد له السفيانان «1» بعلوّ الرتبة في الرواية، واعترف له ابن معين «2» في التبريز والتقدّم في الدراية؛ وهتف الخطيب البغداديّ بذكره على المنابر، وقال ابن الصلاح لمثل هذه الفوائد تتعين الرحلة، وفي تحصيلها تنفد المحابر؛ أو أبدى في أصول الدين نظرا تعلق منه أبو الحسن الأشعريّ بأوفى زمام، وسدّ باب الكلام على المعتزلة حتّى يقول عمرو بن عبيد «3» وواصل بن عطاء ليتنا لم نفتح بابا في الكلام؛ أو دقق النظر في المنطق بهر الأبهريّ في مناظرته، وكتب الكاشي «4» وثيقة على نفسه بالعجز عن مقاومته؛ أو ألمّ بالجدل رمى الأرموميّ «5» نفسه بين يديه، وجعل العميديّ عمدته في آداب البحث عليه، أو بسط في اللغة لسانه اعترف له ابن سيده بالسيادة، وأقرّ بالعجز لديه الجوهري وجلس ابن فارس بين يديه مجلس الاستفادة؛ أو نحا إلى النحو والتصريف أربى فيه على سيبويه، وصرف الكسائي له عزمه فسار من البعد إليه، أو وضع أنموذجا في علوم البلاغة، وقف عنده الجرجاني، ولم يتعدّ حدّه ابن أبي الأصبع «6» ولم يجاوز وضعه الرّمّاني، أو روى أشعار العرب، أزرى بالأصمعيّ في حفظه، وفاق أبا عبيدة في كثرة روايته وغزير
لفظه؛ أو تعرض للعروض والقوافي استحقهما على الخليل، وقال الأخفش «1» عنه أخذت المتدارك واعترف الجوهريّ بأنه ليس له في هذا الفن مثيل، أو أصلّ في الطب أصلا، قال ابن سينا هذا هو القانون المعتبر في الأصول، وأقسم الرازي بمحي الموتى أنّ بقراط لو سمعه لما صنّف الفصول، أو جنح إلى غيره من العلوم الطبيعية فكأنما طبع عليه، أو جذبه بزمام فانقاد ذلك العلم إليه، أو سلك في علوم الهندسة طريقا لقال اقليدس هذا هو الخط المستقيم، وأعرض ابن الهيثم عن حل الشكوك وولّى وهو كظيم، وحمد المؤتمن بن هود «2» عدم إكمال كتابه الاستكمال، وقال عرفت بذلك نفسي وفوق كل ذي علم عليم، أو عرّج على علوم الهيئة لاعترف أبو الريحان البيروني أنه الأعجوبة النادرة وقال ابن أفلح هذا العالم قطب هذه الدائرة؛ أو صرف إلى علم الحساب نظره لقال السموأل بن يحيى، لقد أحيا هذا العزّ الدارس، وانجلت عن هذا العلم غياهبه حتى لم يبق عمه لعامه ولا غمّة على ممارس:
وقد وجدت مكان القول ذا سعة
…
فإن وجدت لسانا قائلا فقل
وسوف أورد هذه الرسالة في موضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى؛ وكذلك يجري القول فيما يكتب به من إجازات أهل العلوم ونحوها في كل علم، وقد تقدّم ذكر شيء مما يجري هذا المجرى في الكلام على النحو ونحوه.
تم الجزء الأوّل ويليه الجزء الثاني أوّله (النوع الثامن عشر) المعرفة بالأحكام السلطانية