الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسائر الآلات؛ وأسماء الطيب: من المسك، والنّدّ، والغالية، والزّعفران، وما أشبهها. وكذلك كل ما يجري هذا المجرى. و «كفاية المتحفظ» لابن الأجدابي «1» ، و «المذهبة والمعقبة» لابن أصبغ «2» كافلتان بالكثير من ذلك.
وفي «أدب الكاتب» لابن قتيبة و «فقه اللغة» للثعالبي «3» الجزء الوافر من ذلك.
وصرف آخرون عنايتهم إلى التأليف في الأفعال وتصاريفها كابن درستويه «4» وغيره. وفي «فصيح ثعلب» «5» جزء وافر من ذلك؛ ولعصريّنا الشيخ مقبل الصّر غتمشيّ «6» النحويّ كتاب زاد فيه عليه جمعا ووضوحا.
الصنف الثاني- الفروع المتشعبة في المعاني المختلفة
، وهي فروع كثيرة متّسعة الأرجاء، متباينة المقاصد، لا يكاد يجمعها مصنّف، وإن كان الكاتب لا يستغني عن شيء منها، ولا يحسن به تركه.
منها المتباين والمترادف. فأما المتباين فهو ما دلّ لفظ الكلمة منه على
خلاف ما دلت عليه الكلمة الأخرى، كالسواد والبياض، والطول والعرض؛ ويحتاج إليه في التعبير عن المعاني المختلفة لا تساع نطاق الكلام. وأما المترادف فهو المتوارد الألفاظ على مسمّى واحد كالأسد والسبع للحيوان المفترس، والثّنيّة والقلوص للناقة، ونحو ذلك. ويحتاج إلى معرفة ذلك للمخلص عند ضيق الكلام عليه في موضع لطول لفظة أو قصرها أو اختلاف وزنها في شعر، أو رعاية الفاصلة آخر الفقرة في نثر، أو غير ذلك مما يضطّر فيه إلى إيراد بعض الألفاظ بدل بعض، كما في قوله:
وثنيّة جاوزتها بثنيّة
…
حرف يعارضها جنيب أدهم
فإنه أراد بالثنية الأولى العقبة، وبالثنية الثانية الناقة، والجنيب الأدهم استعارة لظلها. فالثنّية من حيث وقوعها على الناقة والعقبة أوفق للتجنيس من الناقة، إذ لو ذكر الناقة مع الثنية التي هي الطريق لفاته التجنيس. ومحل الكلام عليهما كتب الفقه ونحوها.
ومنها الحقيقة والمجاز. والحقيقة هي اللفظ الدالّ على موضوعه الأصليّ كالأسد للحيوان المفترس، والحمار للحيوان المعروف. والمجاز هو ما أريد به غير الموضوع له في أصل اللغة، كالأسد للرجل الشجاع بعلاقة الشجاعة في كل منهما، والحمار للبليد بعلاقة البلادة في كل منهما؛ ويحتاج إليه لنقل الألفاظ من حقائقها إلى الاستعارة والتمثيل والكناية لما بينهما من العلاقة والمناسبة، كاليد فإنها في أصل اللغة للجارحة أطلقت على القوّة والنعمة مجازا، من حيث إن القوة تظهر في اليد والنعمة تولى بها ومحل ذكرهما أصول الفقه وما في معناها.
ومنها الألفاظ المتضادّة وهي التي تقع كل لفظة منها على ضدّ ما تقع عليه الأخرى كالأمانة والخيانة، والنصيحة والغش، والفتق والرتق، والنقض والإبرام، ونحو ذلك فإن الكلام كثيرا ما ينبني على الأضداد وربما غلط الكاتب فجعل مقابل الشيء غير ضدّه فيلزمه النقص في صناعته، وفوات ما
يقصده من المقابلة والطّباق اللذين هما من أحسن أنواع البديع. وفي «صناعة الكتّاب» لابي جعفر النحاس جملة صالحة من ذلك، وفي «كنز الكتّاب» لأبي الفتح كشاجم جملة جيدة منه أيضا.
ومنها تسمية المتضادّين باسم واحد كالجون للأسود والأبيض، والقرء للطّهر والحيض، والصّريم للّيل والنهار، ووراء لخلف وقدّام، ونحو ذلك.
ويحتاج إليه للتمييز بين الحقائق التي يقع اللّبس فيها. وفي «أدب الكاتب» جملة من ذلك.
ومنها المقصور والممدود كالندى للجود وندى الأرض، والحفا لكلال القدم والحافر؛ والممدود كالسماء للفلك وكلّ ما علاك، والبقاء لضدّ الفناء، ونحو ذلك، وما يجوز فيه المدّ والقصر جميعا كالزّناء والشّراء وما أشبههما.
ويحتاج إليه الكاتب من ثلاثة أوجه: أحدها أن الدلالة تختلف باعتبار المدّ والقصر كلفظ الهوى فإنه إن قصر كان بمعنى هوى النفس، وإن مدّ كان بمعنى ما بين السماء والأرض. الثاني أنه إذا أضيف الممدود أضيف بزيادة واو في الكتابة في حالة الرفع وزيادة ياء في حالة الخفض، وإذا أضيف المقصور لم يحتج إلى زيادة واو ولا ياء؛ ولو كان «1» مما يجوز فيه المدّ والقصر، جاز فيه بعض حركاته. وبما يمد كالبلاء والقلاء، فإنه إذا كسر أوّلهما قصرا وكتبا بالياء وإذا فتح مدّا وكتبا بالألف. وكالباقلاء فإنه إذا خفّف مدّ وإذا شدّد قصر، فمتى لم يعرف الكاتب ذلك كان قاصرا في صناعته؛ وفي «أدب الكاتب» من ذلك جملة.
ومنها المذكر والمؤنث فإنه تختلف أحواله باعتبار التذكير والتأنيث في
كثير من الأمور؛ وذلك أن المؤنث على ضربين: أحدهما ما فيه علامة من علامات التأنيث الثلاث، وهي الهاء نحو حمزة وطلحة، والألف الممدودة نحو حمراء، والألف المقصورة نحو حبلى. وضرب لا علامة فيه وإنما يؤخذ من السّماع: كالسماء، والأرض، والقوس، والحرب، وما أشبهها. وربما كان منه ما يجوز فيه التذكير والتأنيث كالطّريق، والسبيل، والموسى واللّسان، والسّلطان، وما أشبهها؛ فإن من العرب من يذكّر ذلك ومنهم من يؤنّثه. وربما وقع لفظ التأنيث على الذكر والأنثى جميعا كالسّخلة والحيّة والحمامة والنّعامة والبطّة ونحوها. وأيضا فإن من وصف المؤنث ما يحذف منه الهاء باعتبار تأويل آخر كصيغة فعيل: فإنه إن كان بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتول وخضيب بمعنى مخضوب، حذفت الهاء من مؤنّثه: فيقال امرأة قتيل وكفّ خضيب وما أشبه ذلك، وإن كان بمعنى فاعل كعليم بمعنى عالم ورحيم بمعنى راحم، تثبت الهاء في مؤنّثه، فتقول فيه عليمة ورحيمة. وعلى العكس من ذلك «فعول» فإنه إن كان بمعنى فاعل كان بغير هاء نحو امرأة صبور وشكور بمعن صابرة شاكرة، وإن كان بمعنى مفعول كان مؤنّثه بالهاء كالحلوبة بمعنى المحلوبة، والرّكوبة بمعنى المركوبة؛ وصيغة مفعل مما لا يوصف به الذكور تكون بغير هاء كامرأة مرضع، فإن أرادوا الفعل قالوا مرضعة؛ وصيغة فاعل مما لا يكون وصفا لمذكر تكون بغير هاء أيضا نحو امرأة طالق وحامل، وربّما حذفت الهاء مما يكون للمذكر والمؤنّث جميعا فتقول امرأة عاقر ورجل عاقر. وفي «أدب الكاتب» و «فصيح ثعلب» جملة من ذلك. وفي كتب النحو المبسوطة قواعد موصّلة إلى مقاصده.
ومنها المهموز وغير المهموز؛ فإن المعنى قد يختلف في اللفظ الواحد باعتبار الهمز وعدمه: كما تقول عبّأت المتاع بالهمز، وعبّيت الجيش بغير همز، وبارأت الكريّ «1» بالهمز من الإبراء، وباريت فلانا من المفاخرة بغير
همز. وتقول زنى من الزّنا بغير همز، وزنا في الجبل إذا رقي فيه ونحو ذلك.
وربما جاء الهمز وعدمه في الكلمة الواحدة كما تقول شئت بالهمز وشيت بإسكان الياء من غير همز ونحو ذلك. فمتى لم يكن الكاتب عارفا بالهمز ومواضعه ضلّ في طريق الكتابة. وفي «أدب الكاتب» باب مفرد لذلك.
ومنها ما ورد من كلام العرب مزدوجا كقولهم الطّمّ والرّمّ، يريدون بالطّمّ البحر وبالرّمّ الثرى، وكقولهم الحجر والمدر، فالحجر معروف والمدر التراب النّديّ ونحو ذلك. فإذا عرف الكاتب ذلك تمكّن من وضعه في مواضعه لتحسين الكلام وتنميقه في الطباق والمقابلة؛ وفي «أدب الكاتب» نبذة من ذلك.
ومنها ما ورد من كلامهم مثنىّ إمّا على سبيل التغليب: كقولهم القمران يريدون الشمس والقمر، والعمران يريدون أبا بكر وعمر، وإما على الحقيقة:
كقولهم ذهب منه الأطيبان، يريدون الأكل والنكاح واختلف عليه الملوان أو الجديدان، يريدون الليل والنهار، ونحو ذلك؛ وفي «أدب الكاتب» أيضا طرف منه.
ومنها ما ورد من كلام العرب مرتّبا كقولهم أوّل النوم النّعاس، وهو الاحتياج إلى النّوم؛ ثم الوسن، وهو ثقل النّعاس؛ ثم الكرى والغمض، وهو أن يكون بين النائم واليقظان؛ ثم التّغفيق، وهو النوم وأنت تسمع كلام القوم؛ ثم الإغفاء، وهو النوم الخفيف؛ ثم التّهجاع، وهو النوم القليل؛ ثم الرّقاد، وهو النوم الطويل؛ ثم الهجوع، وهو النوم الغرق، ثم التّسبيخ «1» ، وهو أشدّ النوم، وما أشبه ذلك، وفي «فقه اللغة» للثعالبيّ قدر صالح من ذلك.
ومنها ما ورد من كلامهم مورد الدعاء: إما على بابه
…
«2»
…
«استأصل الله
شأفته» يريدون أذهب الله أثره كما يذهب أثر الشأفة، وهي قرحة تخرج من القدم فتكوى فتذهب؛ وقولهم «أباد الله خضراءهم» أي سوادهم ومعظمهم.
أو لم يقصد به حقيقة الدعاء، كقولهم «تربت يداك» أي ألصفت بالتراب من الفاقة، وقولهم «أرغم الله أنفه» أي ألصقه بالرّغام، وهم لا يقصدون به الدعاء. وفي «أدب الكاتب» جملة من ذلك.
ومنها ما تختلف أسماؤه مع المشابهة في المعنى كالظّفر للإنسان، أو الحافر للفرس والبغل والحمار، والظّلف للبقر، والمنسم للبعير، والبرثن للسبّاع، وما يجري هذا المجرى. وفي «فقه اللغة» جزء وافر منه.
ومنها ما تختلف أسماؤه وأوصافه باختلاف أحواله كالكأس لا يقال فيه كأس إلا إذا كان في شراب وإلا فهو قدح، ولا مائدة إلا إذا كان عليها طعام وإلا فهي خوان، ولا قلم إلا كان مبريّا وإلا فهو أنبوبة، ولا خاتم إلا وفيه فصّ وإلا فهو فتخة ونحو ذلك؛ وفي «فقه اللغة» جملة منه.
ومنها معرفة الأصول التي تشتقّ منها الأسماء كتسمية القمر قمرا لبياضه، إذ الأقمر هو الأبيض، وكتسمية ليلة الرابع عشر من الشهر ليلة البدر لمبادرة الشمس القمر بالطلوع، أو لتمامه وامتلائه حينئذ من حيث إن كل تام يقال له بدر؛ وكتسمية النّجم نجما، أخذا من قولهم نجم إذا طلع ونحو ذلك، وفي «أدب الكاتب» جملة من ذلك.
ومنها ما نطقت به العجم على وفق لغة العرب، لعدم وجوده في لغتهم وهو المعرّب «1» كالكفّ والسّاق والدّلّال والوزّان والصّرّاف والجمّال والقصّاب والبيطار وما أشبه ذلك؛ وفي «فقه اللغة» جزء من ذلك كاف.
ومنها ما اشترك فيه العربية والفارسيّة، كالتنّوّر، والخمير، والدّينار، والدّرهم، والصّابون، وما أشبه ذلك؛ وفي «فقه اللغة» أيضا نبذة منه.
ومنها ما اضطرّت العرب إلى تعريبه واستعماله في لغتهم من اللّغة العجمية كالكوز، والإبريق، والطّست، والخوان، والطّبق، وغيرها من الآنية؛ والسّكباج، والزيرباج، والطّباهج، والجوذاب، ونحوها من الأطعمة؛ والجلّاب، والسّكنجبين، ونحوهما من الأشربة؛ والخولنجان، والكافور، والصّندل، وغيرها من الأفاويه، والطّيب ونحو ذلك؛ وفي «فقه اللغة» من ذلك جملة جيدة. إلى غير ذلك من الأمور التي لا يسع استيفاؤها مما في أدب الكاتب وفقه اللغة الكثير منه.
ومنها ما تعدّدت لغاته؛ ولتعلم أن لغة العرب متعدّدة اللّغات متسعة أرجاء الألسن بحيث لا تساويها في ذلك لغة. فمن ذلك ما فيه لغتان كقولهم رطل بكسر الراء وفتحها وسمّ وسمّ بفتح السين وضمها؛ وما فيه ثلاث لغات مثل برقع بضم القاف وبرقع بفتحها وبرقوع بضم الباء وزيادة الواو، وخاتم بكسر التاء وخاتم بفتحها وخيتام؛ وما فيه أربع لغات مثل نطع بكسر النون وفتحها وسكون الطاء ونطع بفتح النون والطاء جميعا وكسر النون، وصداق بفتح الصاد وصداق بكسرها وصداق بضمها وصدقة بضم الصاد وسكون الدال؛ وما فيه خمس لغات كقولهم ريح الشّمال بفتح الشين من غير همز؛ والشّمأل بالهمز، والشّامل بغير همز، والشّمل بفتح الميم، والشّمل بسكونها؛ وما فيه ستّ لغات كفسطاط بضم الفاء وفسطاط بكسرها، وفستاط بضم الفاء وإبدال الطاء تاء، وفستاط بكسر الفاء، وفسّاط بضم الفاء وتشديد السين، وفسّاط بكسر الفاء؛ وما فيه تسع لغات كالأنملة بفتح الهمزة وضمها وكسرها مع فتح الميم وضمّها وكسرها؛ وما فيه عشر لغات كالأصبع بفتح الهمزة وضمّها وكسرها مع فتح الباء وضمها وكسرها والعاشر أصبوع. وفي «أدب الكاتب» جملة من هذا النمط.