المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقصد الثاني في ذكر أنموذج من المفاخرات والمنافرات ينسج على منواله - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الاول

- ‌ تقديم

- ‌ننتقل الآن إلى كتاب الصبح نفسه لنتعرف على الغيض من فيض بحره الزاخر

- ‌أولا: في تسمية الكتاب

- ‌ثانيا: في مصادر صبح الأعشى ومنهج القلقشندي

- ‌ثالثا: أسلوب القلقشندي في الكتابة وشخصيته الأدبية

- ‌رابعا: محتويات الكتاب

- ‌أ- ففي المقدمة

- ‌ب- المقالة الأولى

- ‌ج- المقالة الثانية

- ‌د- المقالة الثالثة

- ‌هـ- المقالة الرابعة

- ‌ز- المقالة السادسة

- ‌ح- المقالة السابعة

- ‌ط- المقالة الثامنة

- ‌ك- المقالة العاشرة:

- ‌ل- الخاتمة

- ‌خامسا: مؤلفات القلقشندي

- ‌سادسا: هذه الطبعة من «صبح الأعشى»

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌[المقدّمة]

- ‌المقدمة في المبادىء التي يجب تقديمها قبل الخوض في كتابة الإنشاء. وفيها خمسة أبواب:

- ‌الباب الأوّل في فضل الكتابة، ومدح فضلاء أهلها، وذم حمقاهم؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في فضل الكتابة

- ‌الفصل الثاني في مدح فضلاء الكتّاب وذمّ حمقاهم

- ‌الباب الثاني من المقدّمة

- ‌الفصل الأول في ذكر مدلولها وبيان معنى الإنشاء وإضافتها إليه ومرادفة التوقيع لكتابة الإنشاء في عرف الزمان، والتعبير عنها بصناعة الترسل

- ‌الفصل الثاني في تفضيل كتابة الإنشاء على سائر أنواع الكتابة

- ‌الفصل الثالث في ترجيح النثر على الشعر

- ‌الباب الثالث في صفاتهم وآدابهم؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في صفاتهم، وهي على ضربين

- ‌الضرب الأوّل الصفات الواجبة التي لا يسع إهمالها؛ وهي عشر صفات

- ‌الصفة الأولى، الإسلام

- ‌الصفة الثانية، الذكورة

- ‌الصفة الثالثة، الحرّية

- ‌الصفة الرابعة، التكليف

- ‌الصفة الخامسة، العدالة

- ‌الصفة السادسة، البلاغة

- ‌الصفة السابعة، وفور العقل، وجزالة الرأي

- ‌الصفة الثامنة، العلم بمواد الأحكام الشرعية، والفنون الأدبية

- ‌الصفة التاسعة، قوة العزم وعلوّ الهمة وشرف النفس

- ‌الصفة العاشرة، الكفاية لما يتولّاه

- ‌الضرب الثاني الصفات العرفية

- ‌الفصل الثاني في آداب الكتّاب، وهي على نوعين

- ‌النوع الأول حسن السيرة وشرف المذهب؛ ولذلك شروط ولوازم

- ‌النوع الثاني حسن العشرة

- ‌الضرب الأوّل عشرة الملوك والعظماء

- ‌الضرب الثاني آداب عشرة الأكفاء والنّظراء

- ‌الضرب الثالث آداب عشرة الأتباع

- ‌الضرب الرابع آداب عشرة الرعية

- ‌الضرب الخامس آداب عشرة من يمتّ إليه بحرمة، كالجار، والقاصد، والآمل

- ‌الباب الرابع من المقدمة في التعريف بحقيقة ديوان الانشاء، وأصل وضعه في الإسلام، وتفرّقه بعد ذلك في الممالك وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول في التعريف بحقيقته

- ‌الفصل الثاني في أصل وضعه في الإسلام وتفرقه عنه بعد ذلك في الممالك

- ‌الباب الخامس من المقدّمة في قوانين ديوان الإنشاء، وترتيب أحواله، وآداب أهله؛ وفيه أربعة فصول

- ‌الفصل الأوّل في بيان رتبة صاحب هذا الديوان ورفعة قدره وشرف محله ولقبه الجاري عليه في القديم والحديث

- ‌الفصل الثاني في صفة صاحب هذا الديوان وآدابه

- ‌الفصل الثالث فيما يتصرف فيه صاحب هذا الديوان بتدبيره، ويصرّفه بقلمه، ومتعلق ذلك أثنا عشر أمرا

- ‌الأمر الأوّل التوقيع والتعيين

- ‌الأمر الثاني نظره في الكتب الواردة عليه

- ‌الأمر الثالث نظره فيما يتعلق بردّه الأجوبة عن الكتب الواردة على لسانه

- ‌الأمر الرابع نظره فيما تتفاوت به المراتب في المكاتبات والولايات: من الافتتاح والدعاء، والألقاب، وقطع الورق ونحو ذلك

- ‌الأمر الخامس نظره فيما يكتب من ديوانه وتصفّحه قبل إخراجه من الديوان

- ‌الأمر السادس نظره في أمر البريد ومتعلّقاته، وهو من أعظم مهمات السلطان، وآكد روابط الملك

- ‌الأمر السابع نظره في أمر أبراج الحمام ومتعلّقاته

- ‌الأمر الثامن نظره في أمور الفداوية

- ‌الأمر التاسع نظره في أمر العيون والجواسيس

- ‌الأمر العاشر نظره في أمور القصّاد الذين يسافرون بالملطّفات من الكتب عند تعذر وصول البرد إلى ناحية من النواحي

- ‌الأمر الحادي عشر نظره في أمر المناور والمحرقات

- ‌الأمر الثاني عشر نظره في الأمور العامّة مما يعود نفعه على السلطان والمملكة

- ‌الفصل الرابع في ذكر وظائف ديوان الإنشاء بالديار المصرية

- ‌الأوّل- كاتب ينشيء ما يكتب من المكاتبات والولايات

- ‌الثاني- كاتب يكتب مكاتبات الملوك عن ملكه

- ‌الثالث- كاتب يكتب مكاتبات أهل الدّولة وكبرائها

- ‌الرابع- كاتب يكتب المناشير والكتب اللّطاف والنّسخ

- ‌الخامس- كاتب يبيّض ما ينشئه المنشيء مما يحتاج إلى حسن الخط

- ‌السادس- كاتب يتصفّح ما يكتب في الديوان

- ‌السابع- كاتب يكتب التذاكر والدفاتر المضمّنة لمتعلّقات الديوان

- ‌أحدها- أن يضع في الديوان تذاكر تشتمل على مهمّات الأمور

- ‌الثاني- أن يضع في الديوان دفترا بألقاب الولاة وغيرهم من ذوي الخدم

- ‌الثالث- أن يضع بالديوان دفترا للحوادث العظيمة

- ‌الرابع- أن يعمل فهرستا للكتب الصادرة والواردة

- ‌الخامس- أن يعمل فهرستا للإنشاءات

- ‌السادس- أن يعمل فهرستا لترجمة ما يترجم من الكتب الواردة على الديوان

- ‌الضرب الثاني غير الكتاب، وهما اثنان

- ‌أحدهما الخازن

- ‌الثاني- حاجب الديوان

- ‌المقالة الأولى بعد المقدّمة في بيان ما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من المواد، وفيه بابان

- ‌الباب الأول فيما يحتاج إليه الكاتب من الأمور العلمية، وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول فيما يحتاج إليه الكاتب على سبيل الإجمال

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الأولى فيما يحتاج الكاتب إلى معرفته من موادّ الإنشاء، وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل فيما يحتاج إليه من الأدوات؛ ويشتمل الغرض منه على خمسة عشر نوعا

- ‌النوع الأوّل المعرفة باللغة العربية؛ وفيه أربعة مقاصد

- ‌المقصد الأوّل في فضلها وما اختصّت به على سائر اللغات

- ‌المقصد الثاني في وجه احتياج الكاتب إلى اللغة

- ‌المقصد الثالث في بيان ما يحتاج إليه الكاتب من اللغة؛ ويرجع المقصود منه إلى خمسة أصناف

- ‌الصنف الأوّل- الغريب

- ‌الصنف الثاني- الفروع المتشعبة في المعاني المختلفة

- ‌الصنف الثالث- الفصيح من اللغة

- ‌الصنف الرابع- ما تلحن فيه العامة

- ‌الصنف الخامس- الألفاظ الكتابية

- ‌المقصد الرابع في كيفية تصرف الكاتب في الألفاظ اللّغويّة، وتصريفها في وجوه الكتابة

- ‌النوع الثاني المعرفة باللغة العجمية

- ‌المقصد الأوّل في بيان وجه احتياج الكاتب إلى معرفة اللّغات العجمية

- ‌المقصد الثاني في بيان ما يتصرّف فيه الكاتب من اللغة العجمية

- ‌النوع الثالث المعرفة بالنحو؛ وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأوّل في بيان وجه احتياج الكاتب إليه

- ‌المقصد الثاني في كيفية تصرّف الكاتب في علم العربية

- ‌النوع الرابع المعرفة بالتصريف

- ‌النوع الخامس المعرفة بعلوم المعاني، والبيان، والبديع؛ وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأول في وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في كيفية انتفاع الكاتب بهذه العلوم

- ‌النوع السادس حفظ كتاب الله العزيز وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأول في بيان احتياج الكاتب إلى ذلك في كتابته

- ‌المقصد الثاني في كيفية استعمال آيات القرآن الكريم

- ‌أحدهما- الاستشهاد بالقرآن الكريم

- ‌الثاني- الاقتباس

- ‌النوع السابع الاستكثار من حفظ الأحاديث النبوية على قائلها أفضل الصلاة والسلام وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأول في بيان وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في بيان كيفية استعمال الأحاديث والآثار في الكتابة

- ‌النوع الثامن الإكثار من حفظ خطب البلغاء، والتفنن في أساليب الخطباء، وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأول في وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في كيفية تصرّف الكاتب في الخطب

- ‌المقصد الأوّل في وجه احتياج الكاتب إلى معرفة ذلك

- ‌المقصد الثاني في ذكر شيء من مكابتات الصدر الأوّل يكون مدخلا إلى معرفة ما يحتاج إلى حفظه من ذلك

- ‌المقصد الثالث في كيفية تصرّف الكاتب في مثل هذه المكاتبات والرسائل

- ‌النوع العاشر الاستكثار من حفظ الأشعار الرائقة

- ‌المقصد الأول في بيان أحتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في كيفية استعمال الشعر في صناعة الكتابة

- ‌الحالة الأولى الاستشهاد

- ‌الحالة الثانية التضمين

- ‌الحالة الثالثة الحلّ

- ‌الضرب الأول أن يأخذ الناثر البيت من الشعر فينثره بلفظه، وهو أدنى مراتب الحل

- ‌الحال الأول- أن يكون الشعر مما يمكن حله بتقديم بعض ألفاظه وتأخير بعضها، وله في حله طريقان

- ‌الطريق الأول- أن يحله بالتقديم والتأخير من غير زيادة في لفظه

- ‌الطريق الثاني- أن يحلّه بزيادة على لفظه

- ‌الحال الثاني- أن يكون الشعر مما لا يمكن حله بتقديم بعض ألفاظه وتأخير بعضها

- ‌الضرب الثاني وهو أعلى من الضرب الأول: أن ينثر المنظوم ببعض ألفاظه ويغرم عن البعض ألفاظا أخر. ويحسن ذلك في حالين

- ‌الحال الأول- أن يكون في الشّعر ألفاظ لا يقوم غيرها من الألفاظ مقامها

- ‌الحال الثاني- أن يكون في البيت لفظ رائق

- ‌الضرب الثالث وهو أعلى من الضربين الأولين: أن يأخذ المعنى فيكسوه ألفاظا من عنده ويصوغه بألفاظ غير ألفاظه

- ‌الحال الأول: أن يكون البيت الشعر مما يتسع المجال لناثره في نثره

- ‌الحال الثاني- أن يكون البيت الشعر مما يضيق المجال فيه فيعسر على الناثر تبديل ألفاظه

- ‌النوع الحادي عشر الإكثار من حفظ الأمثال؛ وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأوّل في وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في كيفية استعمال الأمثال في الكتابة

- ‌النوع الثاني عشر معرفة أنساب الأمم من العرب والعجم

- ‌المقصد الأوّل معرفة عمود النسب النبويّ من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم

- ‌المقصد الثاني في أنساب العرب وفيه مهيعان

- ‌المهيع الأوّل في أمور تجب معرفتها قبل الخوض في النسب

- ‌المهيع الثاني في معرفة تفاصيل أنساب العرب

- ‌القسم الأوّل العرب البائدة

- ‌القبيلة الأولى- عاد

- ‌القبيلة الثانية- ثمود

- ‌القبيلة الثالثة- العمالقة

- ‌القبيلة الرابعة- طسم

- ‌القبيلة الخامسة- جديس

- ‌القبيلة السادسة- عبد ضخم

- ‌القبيلة السابعة- جرهم الأولى

- ‌القبيلة الثامنة- مدين

- ‌القسم الثاني من العرب الباقية أعقابهم على تعاقب الزمان

- ‌الضرب الأوّل العرب العاربة

- ‌الشّعب الأوّل- جرهم

- ‌الشّعب الثاني- يعرب

- ‌القبيلة الأولى- حمير

- ‌الحيّ الأوّل- بليّ

- ‌الحيّ الثاني- جهينة

- ‌الحيّ الثالث- كلب

- ‌الحيّ الرابع- عذرة

- ‌الحيّ الخامس- بهراء

- ‌الحيّ السادس- بنو نهد

- ‌الحيّ السابع- جرم

- ‌القبيلة الثانية- من القحطانية كهلان

- ‌الحيّ الأوّل- الأزد

- ‌أحدها- أزد شنوءة

- ‌الثاني- أزد السّراة

- ‌الثالث- أزد عمّان

- ‌الحيّ الثاني- من كهلان طيّىء

- ‌الحي الثالث- من كهلان مذحج

- ‌الحيّ الرابع- من بني كهلان همدان

- ‌الحيّ الخامس- من بني كهلان كندة

- ‌الحيّ السادس- من بني كهلان مراد

- ‌الحيّ السابع- من بني كهلان أنمار [ولهم بطنان]

- ‌الأولى بجيلة

- ‌الثانية- خثعم

- ‌الحيّ الثامن- من بني كهلان جذام

- ‌الحي التاسع- من بني كهلان لخم

- ‌الحي العاشر- من بني كهلان الأشعريّون

- ‌الحي الحادي عشر- من بني كهلان عاملة

- ‌الضرب الثاني من العرب الباقين على ممرّ الزمان: العرب المستعربة

- ‌الصنف الأوّل- من فوق قريش

- ‌الأصل الأوّل- نزار بن معدّ بن عدنان

- ‌القبيلة الأولى- إياد

- ‌القبيلة الثانية- أنمار

- ‌القبيلة الثالثة- ربيعة

- ‌الأصل الثاني- مضر

- ‌الأصل الثالث- إلياس

- ‌الفرع الأول- طابخة

- ‌الفرع الثاني- قمعة

- ‌الأصل الرابع- مدركة

- ‌الأصل الخامس- خزيمة

- ‌الأصل السادس- كنانة

- ‌الفرع الأول- ملكان

- ‌الفرع الثاني- عبد مناة

- ‌الفرع الثالث- عمرو بن كنانة

- ‌الفرع الرابع- عامر بن كنانة

- ‌الفرع الخامس- مالك بن كنانة

- ‌الصنف الثاني من العرب العدنانية- قريش

- ‌الأصل الأوّل- فهر بن مالك

- ‌القبيلة الأولى- بنو الحارث

- ‌القبيلة الثانية- بنو محارب بن فهر

- ‌الأصل الثاني- غالب بن فهر

- ‌الأصل الثالث- لؤيّ بن غالب

- ‌القبيلة الأولى- سعد

- ‌القبيلة الثانية- خزيمة

- ‌القبيلة الثالثة- بنو عامر

- ‌الأصل الرابع- كعب بن لؤيّ بن غالب

- ‌القبيلة الأولى- هصيص

- ‌القبيلة الثانية- بنو عديّ

- ‌الأصل الخامس- مرّة بن كعب

- ‌القبيلة الأولى- تيم

- ‌القبيلة الثانية- بنو يقظة

- ‌الأصل السادس- كلاب بن مرّة

- ‌الأصل السابع- قصيّ بني كلاب بن مرة

- ‌القبيلة الأولى- بنو عبد الدار

- ‌القبيلة الثانية- بنو عبد العزّى

- ‌الأصل الثامن- عبد مناف بن قصيّ

- ‌القبيلة الأولى- بنو عبد شمس بن عبد مناف

- ‌القبيلة الثانية- نوفل

- ‌القبيلة الثالثة- بنو المطّلب

- ‌الأصل التاسع- هاشم بن عبد مناف

- ‌الأصل العاشر- عبد المطلب بن هاشم

- ‌الضرب الثالث من العرب الموجودين المتردّد في عروبتهم

- ‌الطائفة الأولى- الذين كان منهم ملوك المغرب

- ‌القبيلة الأولى- مصمودة

- ‌القبيلة الثانية- زناتة

- ‌القبيلة الثالثة- صنهاجة

- ‌الطائفة الثانية- الذين منهم بالديار المصرية

- ‌القبيلة الأولى- هوّارة

- ‌القبيلة الثانية- لواثة

- ‌المقصد الثالث في معرفة أنساب العجم

- ‌الأولى- الترك

- ‌الثانية- الجرامقة

- ‌الثالثة- الجيل

- ‌الرابعة- الخزر

- ‌الخامسة- الديلم

- ‌السادسة- الرّوم

- ‌السابعة- السّريان

- ‌الثامنة- السّند

- ‌التاسعة- السّودان

- ‌العاشرة- الصّقالبة

- ‌الحادية عشرة- الصّين

- ‌الثانية عشرة- العبرانيّون

- ‌الثالثة عشرة- الفرس

- ‌الرابعة عشرة- الفرنج

- ‌الخامسة عشرة- القبط

- ‌السادسة عشرة- القوط

- ‌السابعة عشرة- الكرد

- ‌الثامنة عشرة- الكنعانيّون

- ‌التاسعة عشرة- اللّمان

- ‌العشرون- النّبط

- ‌الحادية والعشرون- الهند

- ‌الثانية والعشرون- الأرمن

- ‌الثالثة والعشرون- الأشبان

- ‌الرابعة والعشرون- اليونان

- ‌الخامسة والعشرون- زويلة

- ‌السادسة والعشرون- يأجوج ومأجوج

- ‌النوع الثالث عشر المعرفة بمفاخرات الأمم ومنافراتهم، وما جرى بينهم في ذلك من المحاورات والمراجعات والمناقضات؛ وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأوّل في بيان وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في ذكر أنموذج من المفاخرات والمنافرات ينسج على منواله

- ‌المقصد الأوّل في وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

- ‌المقصد الثاني في ذكر أيام من ذلك ترشد إلى معرفة المقصد منه

- ‌المقصد الثالث في كيفية استعمال الكاتب ذكر هذه الوقائع في كلامه

- ‌النوع الرابع عشر في أوابد العرب

- ‌النوع الخامس عشر في معرفة عادات العرب؛ وهي صنفان

- ‌الصنف الأوّل نيران العرب

- ‌الأولى نار المزدلفة

- ‌الثانية نار الاستمطار

- ‌الثالثة نار الحلف

- ‌الرابعة نار الطّرد

- ‌الخامسة نار الحرب

- ‌السادسة نار الحرّتين

- ‌السابعة نار السّعالي

- ‌الثامنة نار الصيد

- ‌التاسعة نار الأسد

- ‌العاشرة نار القرى

- ‌الحادية عشرة نار السليم

- ‌الثانية عشرة نار الفداء

- ‌الثالثة عشرة نار الوسم

- ‌الصنف الثاني أسواق العرب المعروفة فيما قبل الإسلام

- ‌النوع السادس عشر النظر في كتب التاريخ والمعرفة بالأحوال

- ‌المقصد الأوّل في ذكر نبذة تاريخية لا يسع الكاتب جهلها مما يحتج به الكاتب تارة ويذاكر به ملكه أو رئيسه أخرى

- ‌الضرب الأوّل الأوائل

- ‌أمور تتعلق بالأنبياء عليهم السلام سوى ما يأتي ذكره مما شاكل غيره

- ‌الخلافة وما يتعلق بها

- ‌أمور تتعلق بالملوك والأمراء

- ‌الوزراء

- ‌القضاة

- ‌الأمور العلمية

- ‌الخطابة

- ‌الخط

- ‌كتابة الإنشاء

- ‌كتابة الأموال وما في معناها

- ‌الخراج والجزية

- ‌المعاملات

- ‌العمارة

- ‌الزرع

- ‌الصناعات

- ‌اللباس

- ‌الحرب وآلاته

- ‌الأسماء والألقاب

- ‌الضّيفان

- ‌وجوه البرّ

- ‌الأعياد والمواسم

- ‌الأقوال

- ‌الشعر والغناء

- ‌النساء

- ‌الموت والدفن

- ‌أمور تنسب للجاهلية

- ‌الضرب الثاني من النبذ التاريخية التي لا يسع الكاتب جهلها، نوادر الأمور ولطائف الوقائع والماجريات

- ‌العراقة وشرف الآباء

- ‌الغايات من طبقات الناس

- ‌غرائب أمور تتعلق بالخلفاء

- ‌غرائب تتعلق بالملوك

- ‌غرائب تتعلق بسراة الناس

- ‌أوصاف جماعة من المشاهير

- ‌أصحاب العاهات من الملوك

- ‌أصحاب النوادر

- ‌أجواد الإسلام

- ‌الطّلحات المعروفون بالجود

- ‌من اشتهر عند أهل الأثر بلقبه

- ‌من كان فردا في زمانه بحيث يضرب به المثل في أمثاله

- ‌غرائب اتفاق

- ‌المقصد الثاني في بيان وجه استعمال الكاتب ذلك في خلال كلامه

- ‌النوع السابع عشر المعرفة بخزائن الكتب، وأنواع العلوم، والكتب المصنفة فيها وأسماء الرجال المبرّزين في فنونها؛ وفيه مقصدان

- ‌المقصد الأوّل في ذكر خزائن الكتب المشهورة

- ‌إحداها- خزانة الخلفاء العباسيين ببغداد

- ‌الثانية- خزانة الخلفاء الفاطميين بمصر

- ‌الثالثة- خزانة خلفاء بني أميّة بالأندلس

- ‌المقصد الثاني في ذكر العلوم المتداولة بين العلماء، والمشهور من الكتب المصنفة فيها ومؤلفيهم ويرجع المقصد فيها إلى سبعة أصول، يتفرع عنها أربعة وخمسون علما

- ‌الأصل الأول علم الأدب؛ وفيه عشرة علوم

- ‌الأول علم اللغة

- ‌الثاني علم التصريف

- ‌الثالث علم النحو

- ‌الرابع علم المعاني

- ‌الخامس علم البيان

- ‌السادس علم البديع

- ‌السابع علم العروض

- ‌الثامن علم القوافي

- ‌التاسع علم قوانين الخط

- ‌العاشر قوانين القراءة

- ‌الأصل الثاني العلوم الشرعية؛ وفيه تسعة علوم

- ‌الأوّل علم النواميس المتعلق بالنبوّات

- ‌الثاني علم القراءات

- ‌الثالث علم التفسير

- ‌ الرابع علم رواية الحديث

- ‌الخامس علم دراية الحديث

- ‌السادس علم أصول الدين

- ‌السابع علم أصول الفقه

- ‌الثامن علم الجدل

- ‌التاسع علم الفقه

- ‌الأصل الثالث العلم الطبيعي، وفيه اثنا عشر علما

- ‌الأوّل علم الطب

- ‌الثاني علم البيطرة

- ‌الثالث علم البيزرة

- ‌الرابع علم الفراسة

- ‌الخامس علم تعبير الرؤيا

- ‌السادس علم أحكام النجوم

- ‌السابع علم السحر

- ‌الثامن علم الطّلّسمات

- ‌التاسع علم السّيميا

- ‌العاشر علم الكيميا

- ‌الحادي عشر علم الفلاحة

- ‌الثاني عشر علم ضرب الرمل

- ‌الأصل الرابع علم الهندسة، وفيه عشرة علوم

- ‌الأوّل علم عقود الأبنية

- ‌الثاني علم المناظر

- ‌الثالث علم المرايا المحرقة

- ‌الرابع علم مراكز الأثقال

- ‌الخامس علم المساحة

- ‌السادس علم إنباط المياه

- ‌السابع علم جرّ الأثقال

- ‌الثامن علم البنكامات

- ‌التاسع علم الآلات الحربية

- ‌العاشر علم الآلات الروحانية

- ‌الأصل الخامس علم الهيئة، وفيه خمسة علوم

- ‌الأوّل علم الزيجات

- ‌الثاني علم المواقيت

- ‌الثالث علم كيفية الأرصاد

- ‌الرابع علم تسطيح الكرة

- ‌الخامس علم الآلات الظلية

- ‌الأصل السادس علم العدد المعروف بالارتماطيقي، وفيه خمسة علوم

- ‌الأوّل علم الحساب المفتوح

- ‌الثاني علم حساب التخت والميل

- ‌الثالث علم الجبر والمقابلة

- ‌الرابع علم حساب الخطأين

- ‌الخامس علم حساب الدور والوصايا

- ‌الأصل السابع العلوم العملية، وفيه ثلاثة علوم

- ‌الأوّل علم السياسة

- ‌الثاني علم الأخلاق

- ‌الثالث علم تدبير المنزل

الفصل: ‌المقصد الثاني في ذكر أنموذج من المفاخرات والمنافرات ينسج على منواله

‌السادسة والعشرون- يأجوج ومأجوج

، وضبطهما معروف. قيل إنهم من ولد ماغوغ، بن يافث، بن نوح؛ وقيل من ولد كومر، بن يافث.

‌النوع الثالث عشر المعرفة بمفاخرات الأمم ومنافراتهم، وما جرى بينهم في ذلك من المحاورات والمراجعات والمناقضات؛ وفيه مقصدان

‌المقصد الأوّل في بيان وجه احتياج الكاتب إلى ذلك

لا خفاء أنه يتعين على الكاتب معرفة المفاخرات الواقعة بينهم، من معرفة «1» وجوه الافتخار التي يمدح بمثلها: مما يستعان بمثله على المدح والإطراء الواقع في الولايات وما يفضّل به كل واحد من البلغاء على خصمه، وما يرد عليه من الأجوبة المبطلة له لينسج على منوال ذلك فيما يرد عليه من المخاطبات، والمكاتبات عند دعاية ضرورته إليه، واحتياجه إلى إيراده.

‌المقصد الثاني في ذكر أنموذج من المفاخرات والمنافرات ينسج على منواله

فأمّا المفاخرات، فمنها ما روي أنه لما وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفد بني تميم سنة الوفود بعد فتح مكة، فيهم عطارد بن حاجب، بن زرارة، بن عدس التميميّ، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن زيد، وعتبة ابن حصن بن حذيفة بن بدر، والأقرع بن حابس، في لفّهم ولفيفهم، ودخلوا المسجد ونادوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من وراء حجراته أن اخرج إلينا يا محمد، فتأذّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من صياحهم فخرج إليهم- فقالوا: يا محمد جئناك

ص: 426

لنفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا- قال «قد أذنت لخطيبكم فليقل» فقام عطارد ابن حاجب «1» فقال:

«الحمد لله الذي له علينا الفضل، وهو أهله، الذي جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما نفعل منها المعروف، وجعلنا أعزّ أهل المشرق وأكثره عددا، وأشدّه عدّة؛ فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم؟

فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددناه، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام ولكنا تنحّينا عن الإكثار، وأقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، وأمر أفضل من أمرنا» ثم جلس.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لثابت بن قيس الخزرجيّ «2» :«قم فأجب الرجل في خطبته» فقام ثابت بن قيس فقال:

«الحمد لله الذي السّموات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيّه علمه ولم يكن شيء قطّ إلا من فعله؛ ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمه نسبا، وأصدقه حديثا وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه؛ وكان خيرة من العالمين؛ ثمّ دعا الناس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا، وأحسنهم وجوها، وخير الناس فعالا؛ ثم كان أوّل الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحن فنحن أنصار الله، ووزراء رسول الله، نقاتل الناس حتّى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله متّع بماله ودمه،

ص: 427

ومن كفر جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا؛ أقول هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم» .

فقام الزبرقان بن بدر التميمي «1» فقال:

نحن الكرام فلا حيّ يفاخرنا

منّا الملوك وفينا تنصب البيع

وكم قسرنا من الأحياء كلّهم

عند النّهاب وفضل العزّ يتّبع

ونحن نطعم عند القحط مطعمنا

من الشّواء إذا لم يونس القزع «2»

وهي أبيّات.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لحسّان بن ثابت «قم فأجب الرجل فيما قال» فقال حسان رضي الله عنه:

إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم

قد بيّنوا سنّة للنّاس تتّبع

يرضى بها كلّ من كانت سريرته

تقوى الإله وكلّ الخير يصطنع

قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم

أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا

سجيّة تلك منهم غير محدثة

إن الخلائق فاعلم شرّها البدع

إن كان في الناس سبّاقون بعدهم

فكلّ سبق لأدنى سبقهم تبع

لا يرقع الناس ما أوهت أكفّهم

عند الدّفاع ولا يوهون ما رقعوا

أكرم بقوم رسول الله شيعتهم

إذا تفاوتت الأهواء والشّيع

وهي أبيّات.

ويروى أن الزبرقان بن بدر قال:

أتيناك كيما يعلم الناس فضلنا

إذا اختلفوا عند احتضار المواسم

فإنّا فروع الناس في كلّ موطن

وأن ليس في أرض الحجاز كدارم

وإنا بدور «3» العالمين إذا انتخوا

ونضرب رأس الأصيد المتفاقم

ص: 428

وإنا لنا المرباع في كلّ غارة

نغير بنجد أو بأرض الأعاجم

فقام حسّان بن ثابت فأجابه فقال:

هل المجد إلا السّودد العود والنّدى

وجاه الملوك واحتمال العظائم

نصرنا وآوينا النبيّ محمّدا

على أنف راض من معدّ وراغم

نصرناه لمّا حلّ وسط ديارنا

بأسيافنا من كلّ باغ وظالم

جعلنا بنينا دونه وبناتنا

وطبنا له نفسا بفيء المغانم

ونحن ضربنا الناس حتّى تتابعوا

على دينه بالمرهفات الصّوارم

ونحن ولدنا من قريش عظيمها

ولدنا نبيّ الخير من آل هاشم

بني دارم لا تفخروا إنّ فخركم

يعود وبالا عند ذكر المكارم

هبلتم علينا تفخرون وأنتم

لنا خول من بين ظئر وخادم؟

فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم

وأموالكم أن تقسموا في المقاسم

فلا تجعلوا لله ندّا وأسلموا

ولا تلبسوا زيّا كزيّ الأعاجم

فلما فرغ حسّان من قوله، قال الأقرع بن حابس: وأبي! إن هذا الرجل مراد، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواته أعلى من أصواتنا؛ فأسلموا وأحسن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، جوائزهم.

ففي هذا الوفد نزل إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

«1» .

قلت: وهذه مكابرة ظاهرة، وتجاهل فاحش من بني تميم، حيث طلبوا المفاخرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكلّ العرب على اختلاف شعوبهم. وتتابع قبائلهم معترفون لبني هاشم بالسّبق في الشرف، والتقدّم في الفضل، مع ما

ص: 429

فضّل الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وخصّه به من رفيع الشّرف الذي لم يبلغه نبيّ مرسل، ولا ملك مقرّب.

وقد تعرّض أبو نواس في بعض أشعاره لمدح بني تميم، وبالغ في فخرهم فأفحش، فقال:

خزيمة خير بني خازم

وخازم خير بني دارم

ودارم خير تميم وما

مثل تميم في بني آدم

ونقضه عليه الشيخ فتح الدين بن سيّد الناس اليعمري «1» ، فقال رحمه الله فأجاد القول، وفاز بالقدح المعلّى فقال:

محمّد خير بني هاشم

فمن تميم وبنو دارم؟

وهاشم خير قريش وما

مثل قريش في بني آدم!

وهو مأخوذ من قول الأوّل:

قريش خيار بني آدم

وخير قريش بنو هاشم

وخير بني هاشم أحمد

رسول الإله إلى العالم

وإليه ينظر قول ابن عرسية:

لله ممّا قد برا صفوة

وصفوة الخلق بنو هاشم

وصفوة الصّفوة من بينهم

محمد النّور أبو القاسم

ولقد أنصف إسحاق بن إبراهيم الموصليّ حيث قال:

إذا مضر الحمراء كانت أرومتي

وقام بنصري خازم وابن خازم

عطست بأنف شامخ وتناولت

يداي الثّريّا قاعدا غير قائم

ص: 430

فإنه جعل مضر التي هي أرومة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أصل فخره وقعدد سؤدده فأصاب الفخر في قوله، وفاز بالشرف في شعره.

قال المولى صلاح الدين الصّفدي رحمه الله في شرح لامية العجم «1» «وإنما ذكر خازما لأنه مولى خزيمة بن خازم التميمي، وإنما نزل أبوه الموصل فنسب إليها» .

ومن لطيف ما يحكى أن معاوية بن أبي سفيان كان جالسا وعنده جماعة من الأشراف «2» ، فقال معاوية «من أكرم الناس أبا وأمّا، وجدّا وجدّة، وعمّا وعمّة، وخالا وخالة؟» - فقام النّعمان بن العجلان الزّرقيّ بعد ما أخذ بيد الحسن فقال «هذا أبوه عليّ بن أبي طالب، وأمّه فاطمة، وجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجدّته خديجة، وعمّه جعفر، وعمته أم هانيء ابنة أبي طالب، وخاله القاسم، وخالته زينب، فهذا هو الشرف الذي لا يدانى والفضل الذي لا يبارى» «3» .

وقريب من ذلك ما يحكى أنه جرى بين عبد الله بن الزبير وبين معاوية كلام طويل في آخره- «فقال ابن الزبير: ما مثلي يهارش «4» ، ولكن عندك من قريش والأنصار، ومن ساكني الحجون والآطام «5» من إن سألته حملك على

ص: 431

محجّة أبين من ظهر الجفير «1» - قال: ومن ذلك- قال هذا؟ يعني أبا الجهم بن حذيفة- «2» فقال معاوية تكلّم يا أبا الجهم- فقال أعفني- فقال عزمت عليك لتقولن- قال: نعم: امّك هند، وأمه أسماء بنت أبي بكر، وأسماء خير من هند، وأبوك أبو سفيان وأبوه الزّبير ومعاذ الله أن يكون أبو سفيان مثل الزبير، وأما الدنيا فلك، وأما الآخرة فله إن شاء الله تعالى.

ومن ذلك ما حكاه ابن الكلبي. قال: قال كسرى للنّعمان بن المنذر يوما هل في العرب قبيلة تشرف على قبيلة؟ قال نعم- قال فبأيّ شيء؟ قال:

من كانت له ثلاثة آباء متوالية رؤساء، ثم اتصل ذلك بكمال الرابع فالبيت من قبيلته فيه وينسب إليه- قال فاطلب ذلك فطلبه فلم يصبه إلا في آل حذيفة بن بدر «3» ، وآل حاجب بن زرارة، وآل ذي الجدّين «4» ، وآل الأشعث بن قيس ابن كندة «5» - قال فجمع هؤلاء الرهط ومن تبعهم من عشائرهم وأقعد لهم الحكّام والعدول، وقال ليتكلم كل رجل منكم بمآثر قومه وليصدق، فكان حذيفة بن بدر الفزاريّ أوّل متكلم، وكان ألسن القوم؛ فقال: قد علمت العرب أن فينا الشرف الأقدم والأعزّ الأعظم، ومأثرة للصنيع الأكرم- فقال من حوله ولم ذاك يا أخا فزارة؟ فقال ألسنا الدعائم التي لا ترام، والعز الذي لا يضام؟ قيل صدقت. ثم قام شاعرهم فقال:

ص: 432

فزارة بنت العزّ والعزّ فيهم!

فزارة قيس حسب قيس نضالها

لها العزّة القعساء والحسب الذي

بناه لقيس في القديم رجالها

فهيهات قد أعيا القرون التي مضت

مآثر قيس مجدها وفعالها

وهل أحد إن هزّ يوما بكفّه

إلى الشّمس في مجرى النّجوم ينالها

فإن يصلحوا يصلح لذاك جميعها

وإن يفسدوا يفسد من الناس حالها

ثم قام الأشعث الكنديّ، وإنما أذن له أن يقوم قبل ربيعة وتميم لقرابته من النعمان بن المنذر، فقال: قد علمت العرب أنا نقاتل عديدها الأكثر، وزحفها الأكبر، وإنا لغياث الكرات، ومعدن المكرمات- قالوا ولم يا أخا كندة؟ قال لأنا ورثنا ملك كندة فاستظللنا بأفيائه، وتقلدنا منكبه الأعظم، وتوسطنا بحبوحه الأكرم، ثم قام شاعرهم، فقال:

إذا قست أبيات الرّجال ببيتنا

وجدت لنا فضلا على من يفاخر

فمن قال كلّا أو أتانا بخطّة

ينافرنا فيها فنحن نخاطر

تعالوا قفوا كي يعلم الناس أيّنا

له الفضل فيما أورثته الأكابر

ثم قام بسطام الشّيبانيّ «1» فقال «قد علمت العرب أنا بناة بيتها الذي لا يزول، ومغرس عزّها الذي لا يحول، قالوا ولم يا أخا شيبان؟ - قال لأنا أدركهم للثار، وأضربهم للملك الجبّار، وأقومهم للحكم، وألدهم للخصم؛ ثم قام شاعرهم فقال:

لعمري بسطام أحقّ بفضلها

وأوّل بيت العزّ عزّ القبائل

فسائل (أبيت اللّعن) عن عزّ قومها

إذا جدّ يوم الفخر كلّ مناقل

ألسنا أعزّ الناس قوما ونصرة

وأضربهم للكبش بين القبائل

وقائع عزّ كلّها ربعيّة

تذلّ لها عزّا رقاب المحافل

ص: 433

إذا ذكرت لم ينكر الناس فضلها

وعاذ بها من شرّها كلّ وائل

وإنا ملوك الناس في كلّ بلدة

إذا نزلت بالناس إحدى الزّلازل

ثم قام حاجب بن زرارة التميمي، فقال: قد علمت معدّ أنّا فرع دعامتها، وقادة زحفها- قالوا: ولم ذاك يا أخا بني تميم؟ قال لأنا أكثر الناس عديدا، وأنجبهم طرّا وليدا، وأنّا أعطاهم للجزيل، وأحملهم للثقيل؛ ثم قام شاعرهم فقال:

لقد علمت أبناء خندف «1» أننا

لنا العزّ قدما في الخطوب الأوائل

وأنا كرام أهل مجد وثروة

وعزّ قديم ليس بالمتضائل

فكم فيهم من سيّد وابن سيّد

أغرّ نجيب ذي فعال ونائل

فسائل (أبيت اللعن) عنّا فإنّنا

دعائم هذا الناس عند الجلائل

ثم قام قيس بن عاصم السعديّ فقال: لقد علم هؤلاء أنّا أرفعهم في المكرمات دعائم، وأثبتهم في النائبات مقادم؛ قالوا: ولم ذاك يا أخا بني سعد؟ قال لأنا أدركهم للثار، وأمنعهم للجار، وأنا لا ننكل إذا حملنا، ولا نرام إذا حللنا. ثم قام شاعرهم فقال:

لقد علمت قيس وخندف أننّا

وجلّ تميم والجميع الذي ترى

بأنّا عماد في الأمور وأننا

لنا الشّرف الضّخم المركّب في الندى

وأنا ليوث الناس في كلّ مأزق

إذا جزّ بالبيض الجماجم والطّلى «2»

فمن ذا ليوم الفخر يعدل عاصما

وقيسا إذا مرّت ألوف إلى العلا

فهيهات قد أعيا الجميع فعالهم

وقاموا بيوم الفخر مسعاة من سعى

فقال كسرى حينئذ: ليس منهم إلا سيد يصلح لموضعه؛ وأسنى حباءهم، وأعظم صلاتهم، وكرّم مآبهم.

ص: 434

قال أبو عبيدة: كانت العرب تعدّ البيوتات المشهورة بعظم القدر والشرف: تعدّ بيت هاشم بن عبد مناف، وتعدّ أربعة، أوّلها بيت آل حذيفة ابن بدر، وبيت آل زرارة الدارمييّن: بيت بني تميم، وبيت آل ذي الجدّين:

عبد الله بن عمرو بن الحارث بن هشام: بيت بني شيبان، وبيت بني الدّيّان من بني الحارث بن كعب بيت اليمن. قال: فأما كندة فلا يعدّون في البيوتات إنما كانوا ملوكا.

واعلم أن المفاخرة قد تكون بحقيقة الحسب. وقد تقوم فيها الفصاحة واللّسن مقام الحسب: كقول أبي تمام الطائي يفتخر:

أنا ابن الذّين استرضع المجد فيهم

وسمّي فيهم وهو كهل ويافع

مضوا وكأن المكرمات لديهم

لكثرة ما وصّوا بهنّ شرائع

فأيّ يد في المجد مدّت فلم يكن

لها راحة من مجدهم وأصابع

هم استودعوا المعروف محفوظ مالنا

فضاع وما ضاعت لدينا الودائع

وقوله أيضا:

جرى حاتم في حلبة منه لو جرى

بها القطر شأوا قيل أيّهما القطر؟

فتى ذخر الدّنيا أناس ولم يزل

لها باذلا فانظر لمن بقي الذّخر

فمن شاء فليفخر بما شاء من ندى

فليس لحيّ غيرنا ذلك الفخر

جمعنا العلا بالجود بعد افتراقها

إلينا كما الأيام يجمعها الشّهر

قال في شرح اللامية: وعند أكثر الناس أن أبا تمام كان أبوه نصرانيا يقال له تدرس العطار، من جاسم: قرية من قرى حوران من الشام، فغير اسم أبيه واندس في بني طيىء؛ وذكر صاحب الأغاني أن رجلا قال لجرير: من أشعر الناس؟ قال: قم حتّى أعرفك الجواب، فأخذ بيده وجاء به إلى أبيه عطية، وقد أخذ عنزا له فاعتقلها وجعل يمصّ ضرعها، فصاح به اخرج يا أبت، فخرج شيخ دميم، رثّ الهيئة. وقد سال لبن العنز على لحيته، فقال ترى هذا؟ قال نعم. قال أو تعرفه؟ قال لا. قال هذا أبي، أو تدري لم كان

ص: 435

يشرب من ضرع العنز؟ قال لا، قال مخافة أن يسمع صوت الحلب فيطلب منه، ثم قال اشعر الناس من فاخر بهذا الأب ثمانين شاعرا وقارعهم فغلبهم.

قال الصلاح الصفديّ: ما هذه إلا وقاحة عظيمة من جرير في مفاخرته أولئك الشعراء وهذا أبوه، لكنه تغفر له هذه الوقاحة باعترافه لذلك الرجل، وإظهار بخل أبيه.

وربما كان الافتخار بالتورية والتعريض بالأمور المقتضية للشرف، بحيث يظن السامع حقيقة الافتخار والشرف بمجرد السماع، فإذا عرف المقصد تبين له خلاف ذلك، كقول أبي الحسن الجزار:«1»

الاقل للّذي يسأل

عن قومي وعن أهلي

لقد تسأل عن قوم

كرام الفرع والأصل

يريقون دم الأنعام

في حزن وفي سهل

وما زالوا لما يبدو

ن من باس ومن بذل

يرجّيهم بنو كلب

ويخشاهم بنو عجل

وقوله أيضا:

إنّي لمن معشر سفك الدّماء لهم

دأب، وسل عنهم من ربّ تحقيق

تضيء بالدّم إشراقا قواضبهم

فكلّ أيامهم أيّام تشريق

وعلى هذا المنهج ما حكاه بعضهم، قال: وجدت على قبر مكتوبا: أنا ابن من كانت الريح طوع أمره، يحبسها إذا شاء، ويطلقها إذا شاء، قال فعظم في عيني، ثم التفتّ إلى قبر آخر قبالته فإذا عليه مكتوب: لا يغترّ أحد بقوله، فما كان أبوه إلا بعض الحدّادين، يحبس الريح في كيره إذا شاء، ويرسلها إذا

ص: 436

شاء؛ قال: فعجبت منهما يتسابّان ميتين. فإذا طرق السمع شيء من ذلك ظنّ السامع أنه في غاية الفخر والشرف حتّى يعلم حقيقته؛ وأشباه ذلك ونظائره كثيرة، وليس هذا موضع استيعاب القول في المفاخرة الحقيقية ولا غيرها.

وأمّا أيام المنافرة وهي المحاكمة في الحسب، فمن ذلك ما يحكى أن الأعشى أتى علقمة، بن علاثة، بن عوف، بن الأحوص، بن جعفر، بن كلاب «1» ، وهو يريد سلامة ذو فائش «2» الحميري من التبابعة، فسأل الأعشى علقمة أن يتليه أي يجيره، فقال له علقمة: أتليك على بني الأحوص- قال لا يقنعني- قال: فعلى بني كلاب- قال لا يقنعني- قال: فليس عندي أكثر من هذا؛ فأتى عامر بن الطّفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب «3» ، قال قد أتليك على الجنّ والإنس، ثم أتى سلامة فانصرف من عنده بحبائه.

وكان عامر وعلقمة المذكوران لمّا أسنّ أبو براء وهو عامر بن مالك، بن جعفر، بن ملاعب الأسنّة، تنازعا في الرياسة، فقال علقمة: كانت لجدّي الأحوص وإنما صارت لعمك بسببه، وقد قعد عمّك عنها وأنا استرجعتها فأنا أولى بها منك، فشري الشرّ بينهما وسارا إلى المنافرة، وقدم الأعشى على «4» تفيئة ذلك فصار هو ولبيد مع عامر، وصار مع علقمة الحطيئة، والسّندريّ «5» ، وتنافرا.

ص: 437

فقال عامر لعلقمة: والله إني لأكرم منك حسبا، وأثبت منك نسبا، وأطول منك قصبا.

فقال علقمة: والله لأنا خير منك ليلا ونهارا.

فقال عامر: والله لأنا أحب إلى نسائك أن أصبح فيهنّ منك.

فقال علقمة: أنافرك إني لبرّ، وإنك لفاجر، وإني لولود، وإنك لعاقر، وإني لعفّ، وإنك لعاهر؛ وإني لواف، وإنك لغادر.

فقال عامر: أنت رجل ولود وأنا رجل عقيم وقد وفيت لبني عمرو بن تميم. وقد زعموا أني غدرت بهم وهم كاذبون؛ ولكني أنافرك: أنا أنحر منك للّقاح، وخير منك في الصبّاح، وأطعم منك في السنة الشّياح «1» .

فقال علقمة: أنت رجل تقاتل والناس تزعم أني جبان؛ ولأن تلقى العدو وأنا أمامك أعزّ لك من أن تلقاهم وأنا خلفك؛ وأنت رجل جواد والناس يزعمون أني بخيل ولست كذلك، وأنت تعطي العشيرة إذا ألمّت؛ ولكني أنافرك: أنا خير منك أثرا، وأحدّ منك بصرا، وأشرف منك ذكرا.

فقال عامر: أنت رجل فان، وليس لبني الأحوص فضل على بني مالك في العدد، وبصري ناقص وبصرك صحيح، ولكني أنافرك أني أسمى منك سمّة، وأطول منك قمّة، وأحسن منك لمّة، وأجعد منك جمّة، وأسرع منك رحمة، وأبعد منك همّة.

فقال علقمة: أنت رجل جسيم وأنا رجل قضيف «2» ، وأنت جميل وأنا قبيح، ولكني أنافرك بآبائي وأعمامي.

ص: 438

فقال عامر: آباؤك أعمامي، ولم أكن لأنافرك فيهم؛ ولكني أنافرك: أنا خير منك عقبا، وأطعم منك جدبا.

فقال علقمة: قد علمت أن لك عقبا وقد أطعمت طيبا؛ ولكني أنافرك أني خير منك، وأولى بالخير منك.

فقال عامر: إني والله لأركب منك في الحماة، وأقتل منك للكماة، وخير منك للموالاة.

فقال بعض بني خالد بن جعفر، وكانوا يدا مع بني الأحوص على بني مالك بن جعفر: إنك لن تطيق عامرا، ولكن قل له أنافرك لخيرنا، وأقربنا للخيرات.

فقال علقمة: له ذلك.

فقال عامر: عير «1» وتيس وعنز فأرسلها مثلا نعم على مائة من الإبل إلى مائة يعطاها الحكم أيّنا ينفر عليه صاحبه أخرجها ففعلوا، ووضعوا بها رهنا من أبنائهم على يدي رجل يقال له خزيمة بن عمرو بن الوحيد فسمّي الضمين، وصارت علما عليه إلى الآن، وخرج علقمة ومن معه من بني خالد وعامر فيمن معه من بني مالك وقد أتى عامر بن الطفيل عمّه عامر بن مالك بن جعفر وهو أبو براء، فقال: يا عماه أعنّي- فقال: يا ابن أخي سبّني، فقال: لا أسبّك وأنت عمي- قال: فسبّ الأحوص- فقال عامر: ولا أسبّ والله الأحوص وهو عمي، فقال: ولكن دونك بعلي «2» فإني قد ربعت فيها أربعين مرباعا فاستعن بها على منافرتك. وجعلا منافرتهما إل أبي سفيان بن حرب بن أمية فلم يقل بينهما شيئا، وكره ذلك لحالهما وحال عشيرتهما، وقال لهما أنتما كركبتي

ص: 439

البعير الأدرم «1» ، وأبى أن يقضي بينهما، فانطلقا إلى أبي جهل بن هشام، فأبى أن يقضي بينهما، فوثب مروان بن سراقة، بن قتادة، بن عمرو، بن الأحوص وكان مع علقمة فقال:

يا لقريش بيّنوا الكلاما

إنّا رضينا منكم الأحكاما

فبيّنوا إذ كّنتم الحكّاما

كان أبونا لهم إماما

وعبد عمرو منع الفئاما «2»

في يوم فخر معلم إعلاما

يحسن فيه الكرّ والإقداما

ودعلج «3» أقدمه إقداما

لولا الذي أجشمتهم إجشاما

لا تّخذتهم مذحج أنعاما

فأبوا أن يقولوا بينهما شيئا، فأتيا غيلان بن سلمة بن معتب الثقفي «4» فردّهما إلى حرملة بن الأشعر المري، فردّهما إلى هرم بن قطبة بن سنان الفزاري «5» ، وإنهما ساقا الإبل معهما حتى أشتت وأربعت لا يأتيان أحدا إلا هاب أن يقضي بينهما، فوعدهما هرم إلى العام القابل، فأتيا للوعد، وقال لبيد وكان مع عامر يومئذ يرتجز:

يا هرم، وأنت أهل عدل

هل يذهبنّ فضلهم لفضلي «6»

إن يفخر الأحوص يوما قبلي

ليذهبنّ أهله بأهلي

لا تجمعنّ شكلهم وشكلي

ونسل آبائهم ونسلي

قد علموا أنّا كرام الأصل

ص: 440

وقال أيضا:

إنّي امرؤ من مالك بن جعفر

علقم قد نافرت غير منفر

نافرت سقبا من سقاب العرعر «1»

فقال قحافة بن عوف بن الأحوص بن جعفر:

نهنه إليك الشّعر يا لبيد

واصدد فقد ينفعك الصّدود

ساد أبونا قبل أن تسودوا

سوددكم صغيره زهيد

ثم قال:

إني إذا ما نسي الحياء

وضاع يوم المشهد اللّواء

أنمى وقد حقّ لي النّماء

إلى كهول ذكرها سناء

إذ لا تزال حلوة كوماء

مبقورة لسقبها رغاء

لم ينهنا عن نحرها الصّفاء

لنا عليكم سورة «2» ولاء

المجد، والسّودد، والعطاء

ثم قال:

أنتم عزلتم عامر بن مالك

في سنوات مضر الهوالك

يا شرّ أحياء وشرّ هالك

وكان السندري مع علقمة فارتفع صوته، فقيل من ذا؟ فقال:

أنا لمن أنكر صوتي السّندريّ

أنا الفتى الجعد الطّوال الجعفريّ

من ولد الأحوص أخوالي غنيّ

ص: 441

فقال عامر للبيد: أجبه! فرغب عن إجابته، وكان السندريّ يقال لجدته عيساء، وكانت أمة لفاختة ابنة جعفر بن كلاب، امرأة شريح بن الأحوص، فوقع عليها شريح فولدت له زبّان، ويزيد، وشهابا، فقال لبيد:

لمّا دعاني عامر لأسبّهم

أبيت وإن كان ابن عيساء ظالما

ألا أيّنا ما كان شرّا لمالك

فلا زال يلقى في الحياة الملاوما

لكيلا يكون السّندريّ نديدنا

وأشتم أعماما عموما عماعما «1»

وأنشر من تحت القبور أبوّة

كراما هم شدّوا عليّ التّمائما

لعبت على أكتافهم وحجورهم

وليدا وسمّوني وليدا وعاصما

بلى أيّنا ما كان شرّا لمالك

فلا زال في الدّنيا ملوما ولائما

ووثب الحطيئة فقال:

ما يحسن الحكّام بالفصل بعدما

بدا سابق ذو غرّة وحجول؟

حتّى أتى على قصيدة كاملة، ثم قال:

يا عام «2» قد كنت ذا باع ومكرمة

لو أنّ مسعاة من جاريته أمم «3»

وأقام القوم على ذلك أياما، فأرسل هرم إلى عامر فأتاه سرّا لا يعلم به أحد، فقال: يا عامر كنت أحسب أن لك رأيا، وأن فيك خيرا، وما حبستك هذه الأيام إلا لتنصرف عن صاحبك؛ أتنافر رجلا لا تفخر أنت ولا قومك إلا بآبائه، فما الذي أنت به خير منه؟ فقال عامر: أنشدك الله والرحم أن لا تفضّل عليّ علقمة، فو الله لئن فعلت لا أفلح بعدها أبدا! هذه ناصيتي لك فاجززها واحتكم في مالي، فإن كنت لا بدّ فاعلا فسوّ بيني وبينه- فقال انصرف فسوف أرى رأيي: فخرج عامر وهو لا يشك أنه سيفضله عليه؛ ثم أرسل إلى علقمة

ص: 442

سرّا، وقال له مثل ما قال لعامر، فردّ عليه علقمة بما ردّ به عامر وانصرف وهو لا يشك أنه ينفّر عامرا عليه؛ ثم إن هرما أرسل إلى أخيه وبني أخيه: إني قائل غدا بين هذين الرجلين مقالة، فإذا فرغت فليطرد بعضكم عشر جزائر فلينحرها عن علقمة، وليطرد بعضكم مثلها فلينحرها عن عامر، وفرّقوا بين الناس أن لا يكون لهم جماعة. وأصبح هرم فجلس مجلسه وأقبل الناس، وأقبل علقمة وعامر حتّى جلسا، فقال لبيد:

يا هرم ابن الأكرمين منصبا

إنّك قد وليت أمرا معجبا

فاحكم وصوّب رأي من تصوّبا

إنّ الّذي كنت عليه ترتبا «1»

لخيرنا خالا وأمّا وأبا

وعامر خيرهما مركّبا

وعامر أدنى لقيس نسبا

فقال هرم: إنكما يا بني جعفر قد تحاكمتما عندي وأنتما كركبتي البعير الفحل تقعان الأرض معا، فليس منكما واحد إلا وفيه ما ليس في صاحبه، وكلاكما سيّد كريم، فعمد بنو هرم وبنو أخيه إلى تلك الجزر فنحروها حيث أمرهم هرم، وفرّقوا بين الناس، ولم يفضّل هرم واحدا منهما على صاحبه، وكره أن يجلب بذلك شرّا على الفئتين، وهما ابنا عم؛ فلما رأى ذلك الأعشى، خرج وهو يقول:

شاقك من قتلة أطلالها

بالشّطّ فالوتر إلى حاجر

وقد رآها وسط أترابها

في الحيّ ذي البهجة والثّامر

إذ هي مثل الغصن هيّالة

تروق عيني ذي الحجا الزائر

كدمية صوّر محرابها

بمذهب في مرمر مائر

تشفي غليل النّفس لاه بها

حوراء تسبي نظر النّاظر

عهدي بها في الحيّ قد سربلت

هيفاء مثل المهرة الضّامر

ص: 443

ممشوقة القدّ غلاميّة

موصوفة بالخلق الطّاهر

قد نهد الثّدي على نحرها

في مشرق ذي صبح نائر

لو أسندت ميتا إلى نحرها

عاش ولم ينقل إلى قابر

حتّى يقول الناس ممّا رأوا

يا عجبا للميّت النّاشر

علقم ما أنت إلى عامر

الناقض الأوتار والواتر

والفارس الخيل بخيل إذا

ثار غبار الكبّة الثّائر

سدت بني الأحوص لم تعدهم

وعامر ساد بني عامر

إنّ الّذي فيه تماريتما

بيّن للسّامع والنّاظر

حكّمتموه فقضى بينكم

أبلج مثل القمر الزّاهر

لا يأخذ الرّشوة في حكمه

ولا يبالي غبن الخاسر

فأعجب الدهر متى سوّيا؟

كم ضاحك من ذا ومن ساخر؟

فاقن حياء أنت ضيّعته

مالك بعد الشّيب من عاذر

ولست بالأكثر منهم حصىّ

وإنّما العزّة للكاثر

أقول لمّا جاءني فخره

سبحان من علقمة الفاخر!

علقم لا تسفه ولا تجعلن

عرضك للوارد والصّادر

قد قلت قولا فقضى بينكم

واعترف المنفور للنّافر

وعاش هرم حتّى أدرك خلافة عمر رضي الله عنه، فقال: يا هرم أيّ الرجلين كنت مفضّلا لو فعلت؟ فقال: لو قلت ذلك اليوم يا أمير المؤمنين، عادت جذعة «1» ، ولبلغت شعفات هجر «2» - فقال عمر رضي الله عنه:«نعم مستودع السّرّ أنت يا هرم! مثلك فليستودع العشيرة أسرارهم، وإلى مثلك فليستبضع القوم أحكامهم» .

قال أبو عبيدة: ومات علقمة بحوران وهو والي عمر بن الخطاب. وأما

ص: 444