الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودهلك، وليس بها مملكة مشهورة.
قال في «التعريف» : ولم يرد «1» من هذه الملوك السبعة كتاب، ولا صدر إليهم خطاب. قال: فإن ورد منهم شيء فتجري مكاتبتهم مثل المكاتبة صاحب الكانم والبرنو. وقد تقدّم أنّ رسم المكاتبة إليهما على ما ذكره في «التعريف» :
«أعزّ الله تعالى نصرة الجناب الكريم، وأعزّ الله تعالى جانب الجناب الكريم» على ما كتب به القاضي زين الدين طاهر في جواب صاحب البرنو على ما هو مذكور في موضعه.
المقصد الرابع (في المكاتبة إلى أهل الجانب الشّماليّ وفيه ثلاثة أطراف)
الطرف الأوّل (في المكاتبات إلى أمراء الأتراك بالبلاد المعروفة ببلاد الرّوم المسمّاة الآن ببلاد الدّروب)
قال في «التعريف» : وهي البلاد المنحصرة بين بحري القرم والخليج القسطنطينيّ، تنتهي في شرقيّها إلى بحر القرم المسمّى بحر نيطش، وفي الغرب إلى الخليج القسطنطينيّ وتنتهي متشاملة إلى القسطنطينية، وتنتهي جنوبا إلى بلاد الأرمن، يحدّها البحر الشاميّ «2» قال: وهذه البلاد بلاد متسعة، وهي مفرّقة لملوك مجتمعة، ولكنه «3» لا يطلق عليهم إلّا اسم الإمارة، ولا انتظام لكلمتهم، ولا اجتماع لجملتهم، ثم قال: وأكبرهم صاحب كرميان «4» ، وله بينهم وضع محفوظ، ونظام مرعيّ.
أما «1» ملوكنا، فأجلّ من لديهم منهم جماعة بني قرمان، لقرب ديارهم، وتواصل أخبارهم، ولنكاياتهم في متملّك «2» سيس وأهل بلاد الأرمن، واجتياحهم لهم من ذلك الجانب، مثل اجتياح «3» عساكرنا لهم من هذا الجانب، فمكاتبتنا إلى بني قرمان لا تكاد تنقطع، وأما إلى البقيّة فأقلّ من القليل، وأخفى من مرأى الضئيل. ثم عدّ منهم ستة عشر أميرا، وذكر رسم المكاتبة إلى كلّ واحد منهم:
الأول- صاحب كرميان «4» قال في «التعريف» : ولم «5» يكتب إليه مدّة مقامي بالأبواب السلطانية، ويشبه أن تكون المكاتبة إليه بالمقرّ نظير صاحب ماردين «6» ، لكن بأبسط ألقاب، إذ هي أدعى لا ستحسانهم لقلّة معارفهم، وعلى هذا التقدير يكون رسم المكاتبة إليه: «أعزّ الله تعالى نصر المقرّ الكريم، العالي، الملكي، الأجلّيّ، العالميّ، العادليّ، المجاهديّ، المؤيّديّ،
المرابطيّ، المثاغريّ، المظفّريّ، المنصوريّ، الفلاني، عون الأنام «1» ، شرف الملوك والسلاطين، نصير الغزاة والمجاهدين، زعيم الجيوش، مقدّم العساكر، ظهير أمير المؤمنين» .
قال: فإن لم يسمح له بكل هذه المخاطبة، ولم يؤهّل لنظير هذه المكاتبة، كتبت إليه هذه الألقاب مع الجناب الكريم، وخوطب بالإمارة إن لم يسمح له بالمخاطبة بالملك.
قال في «التثقيف» : ولعل مكاتبته بالجناب مع هذه الألقاب كما ذكر ومخاطبته بالإمارة أولى؛ لأنه إذا كان بنو قرمان أجلّ لدى ملوكنا، ومكاتباتهم بالدعاء والمجلس العالي، فيتعين حيث هو أكبر منهم أن يكون هو أعلى منهم رتبة في المكاتبة بدرجتين «2» ، وهي: الجناب الكريم. قال: هذا هو الأولى عندي.
قلت: وهذا كلّه إنما كان قبل أن يعلو قدر ابن عثمان صاحب برسا الآتي ذكره، ويرتفع قدره على من بتلك البلاد جملة. أما بعد ارتفاعه وانحطاطهم دونه فينبغي أن ينظر في قدر المكتوب إليه، ويكتب إليه بحسب ما تقتضيه الحال.
الثاني- صاحب طنغزلو. قال في «التعريف» : ورسم المكاتبة إليه:
«صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي الأميريّ» ولم يذكر العلامة إليه. قال في «التثقيف» والذي وجدته مسطورا في مكاتبته الاسم والساميّ بالياء.
الثالث- صاحب توازا. قال في «التعريف» : وهو في المكاتبة نظير صاحب طنغزلو، ولم يزد على ذلك، غير أنه ذكر أن اسمه في زمانه كان «على أرينه» وذكر في «التثقيف» أنه لم يقف له على رسم مكاتبة سوى ذلك.
الرابع- صاحب عيدلي. قد ذكر في «التعريف» أن اسمه في زمانه دندار
أخو يونس صاحب أنطاليا. وأنه نظير صاحب توازا في المكاتبة، فتكون المكاتبة إليه: صدرت والعالي. قال في «التثقيف» : ولم أقف على رسم مكاتبة إليه سوى ذلك، إلّا أنه ذكر بعد ذلك صاحب عدليو. وقال: إن المكاتبة إليه الاسم والساميّ بالياء، وذكر أن المقرّ الشهابيّ بن فضل الله لم يتعرّض إلى ذكره في «التعريف» ثم قال: وقد تكون هي عيد لي المقدّم ذكرها، وإنما تكرّرت بتغيير الحروف. قال ولم يتحرّر هل هما اثنان أو واحد.
الخامس: صاحب كصطمونية وهي قسطمونية. قال في «التعريف» وكانت آخر وقت لسليمان باشا، وكان أميرا كبيرا، كثير العدد، موفور المدد، ذا هيبة «1» وتمنّع. ثم قال: وورث ملكه ابنه إبراهيم شاه، وكان عاقّا لأبيه، خارجا عن مراضيه، وكان في حياته منفردا «2» بمملكة سنوب. قال: وهي الآن داخلة في ملكه منخرطة «3» في سلكه.
وذكر أنّ رسم المكاتبة إليه: «أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميريّ بأكمل الألقاب، وأتمّ ما يكتب في هذا الباب» . وذكر في «التثقيف» نقلا عن القاضي ناصر الدين بن النشائي، وأمين الدين خضر مثل ذلك، وأن العلامة إليه «أخوه» .
السادس- صاحب فاويا. قال في «التعريف» وهو (يعني في زمانه) مراد الدين حمزة، وهو ملك مضعوف، ورجل بمجالس أنسه مشغوف. قال: ورسم المكاتبة إليه: «صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس الساميّ الأميريّ» بالياء.
قال في «التثقيف» وهو غير بعيد.
السابع- صاحب برسا «1» وقد ذكر في «التعريف» أنه في زمانه أرخان بن عثمان. ثم قال: وهو نظير صاحب فاويا في المكاتبة، فتكون مكاتبته الساميّ بالياء. قال في «التثقيف» ولم أطّلع على رسم للمكاتبة إليه غير ذلك، إلّا أنه ذكر في الفصل الأوّل من الباب الرابع في الكلام على مكاتبات الحكّام أرخان بن عثمان. وقال: إنّ لقبه سيف الدين. ثم قال: ويقال إنه صاحب برسا، وذكر أن رسم المكاتبة إليه في قطع العادة والدعاء والمجلس العالي، والعلامة أخوه، وتعريفه اسمه.
قلت: وقد تقدّم في الكلام على المسالك والممالك أن الأمر قد آل في بني عثمان إلى أرخان بن عثمان جق، ثم إلى ابنه مراد بك، وأنه اتّسع ملكه وجاوز في الفتح الخليج القسطنطينيّ حتى قارب خليج البنادقة، ثم إلى ابنه أبي يزيد فزاد في الملك على ما كان بيد أبيه، وتزوّج في بني قرمان، ودخل بنو قرمان وسائر التركمان في طاعته، ولم يبق خارجا عن ملكه إلّا سيواس، فإنها كانت مع قاضيها إبراهيم المتغلب عليها، ولم يزل كذلك حتّى قصده تمرلنك وأسره، ومات في يديه، وملك بعده ابنه سليمان جلبي. ثم مات، وملك بعده أخوه محمد بن أبي يزيد بن مراد بك بن عثمان جق، وهو القائم بها إلى الآن. وكانت المكاتبة قد استقرّت إلى أبي يزيد في الأيام الظاهرية (برقوق) «2» الثامن- صاحب أكبرا. قد ذكر في «التعريف» : أنه كان في زمانه دمر «3» خان بن قراشي، وذكر أن مكاتبته نظير مكاتبة صاحب برسا، يعني الساميّ بالياء، وذكر في «التثقيف» : أنه لم يقف على سوى ذلك.
التاسع- صاحب مرمرا. وقد ذكر في «التعريف» : أنه في زمانه كان بخشي بن قراشي. وقال: إن رسم المكاتبة إليه: «صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي» .
قلت: وقد تقدّم في المسالك والممالك أن هذه البلدة كانت جزيرة بالخليج القسطنطيني بها مقطع رخام، وأنّ النصارى غلبوا عليها.
العاشر- صاحب مغنيسيا. ذكر في «التعريف» : أن اسمه صاروخان.
وقال: إن المكاتبة إليه الساميّ بالياء. وذكر في «التثقيف» : أنها صارت بعده إلى ابنه إسحاق بن صاروخان، وأنه كتب إليه في شوّال سنة سبع وستين وسبعمائة بالاسم والساميّ بالياء.
الحادي عشر- صاحب نيف. ذكر في «التعريف» : أنه في زمانه كان علي باشا أخو صاروخان صاحب «مغنيسيا» المقدّم ذكره، وذكر أنّ رسم المكاتبة إليه مثل أخيه المذكور، فتكون صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي.
الثاني عشر- صاحب بركي. ذكر في «التعريف» : أنها في زمانه كانت بيد ابن أيدين ولم يصرّح باسمه. قال: وإن المكاتبة إليه «أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي» بالألقاب التامّة، وذكر في «التثقيف» : أنه لم يقف له على مكاتبة غير ذلك.
الثالث عشر- صاحب فوكه. ذكر في «التعريف» : أنه كان في زمانه أرخان ابن منتشا، وأنّ المكاتبة إليه نظير صاحب بركي، فتكون الدعاء مع العالي بالألقاب التامّة أيضا، وذكر في «التثقيف» : أنه لم يقف في مكاتبته على غير ذلك.
الرابع عشر- صاحب أنطاليا «1» ذكر في «التعريف» أنه كان في زمانه اسمه
خضر بن يونس، وقال: إن رسم المكاتبة إليه «صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي» . وذكر في «التثقيف» : أن خضر بن يونس المذكور كان يلقب سنان الدين، وأنه استقرّ بعده دادي بك، ثم استقرّ بها آخرا محمد المعروف بكاجوك، وذكر أن المكاتبة «1» إليه «أخوه» والدعاء والعالي. ثم قال: وهو الأصحّ لأنه آخر ما استقرّ عليه الحال في مكاتبته وكتب به إليه.
الخامس عشر- صاحب قراصار. ذكر في «التعريف» أنه كان في زمانه اسمه زكريّا، وأن رسم المكاتبة إليه: هذه المكاتبة إلى المجلس الساميّ، بلا ياء وذكر في «التثقيف» أنه لم يطلع على مكاتبة إليه سوى ذلك وأنه لم يكتب إليه شيء في مدّة مباشرته.
السادس عشر- صاحب أرمناك. ذكر في «التعريف» أنها كانت في زمانه بيد ابن قرمان «2» ولم يصرح باسمه، وذكر في «التثقيف» أن اسمه علاء الدين سليمان.
قال في «التعريف» : ورسم المكاتبة إليه: «أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي بأكمل الألقاب وأكبرها، وأجمعها وأكثرها «3» » . وذكر في «التثقيف» أنّ آخر من استقرّ بها في شوّال سنة سبع وستين وسبعمائة علاء الدين علي بك بن قرمان، ووافق على رسم المكاتبة المذكورة. وقال: إن العلامة إليه «أخوه» وتعريفه «فلان بن قرمان» .
قال في «التعريف» : ولإخوة «4» صاحبها ابن قرمان المذكور رسوم في المكاتبات، فأكبرهم «5» قدرا، وأفتكهم نابا وظفرا، الأمير بهاء الدين موسى. وقد تقدّم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية أنّه «6» حضر إلى الأبواب
السلطانية، وحجّ مع الركب الشريف، ثم عاد إلى الأبواب السلطانية، وأجلس في المرتين مع أمراء المشورة، وأشرك في الرأي. وسأل السلطان في كتابة منشور بما يفتحه من بلاد الأرمن فكتب له. قال في «التعريف» : واستقرّت «1» المكاتبة إليه مثل مكاتبة أخيه. قال: أما بقيّة بني قرمان فدونهما في المكاتبة.
واعلم أن صاحب «التثقيف» قد زاد على ذلك من أمراء هذه البلاد ستّة نفر.
أحدهم- الحاكم بالعلايا «2» وذكر أنه كان اسمه حسام الدين محمود بن علاء الدين، وأنه كتب إليه في شوّال سنة سبع وستين وسبعمائة «أخوه» والدعاء، والعالي، في قطع العادة.
الثاني- صاحب بلاط «3» ورئحر «4» ذكر أنه كان بها «أمير موسى» بن إبراهيم بن منتشا، وأن المكاتبة إليه في قطع العادة «والده» والدعاء:«والمجلس العالي» .
الثالث- صاحب أكردور وهي أكردون. ذكر أنه كان بها إلياس بن مصطفى من بني حميد، وأن رسم المكاتبة إليه على ما استقرّ عليه الحال عند ما كتب إليه في شوّال سنة سبع وستين وسبعمائة «والده» والساميّ بالياء.
الرابع- صاحب أيا سلوق. ذكر أنه كان بها عيسى بن أيدين، وأنه كتب إليه في شوّال من السنة المذكورة أيضا.
الخامس- صاحب يلي شار. ذكر أنه كان بها الأمير محمد ولم يذكر نسبته.
وقال: إن المكاتبة إليه الاسم والساميّ بالياء.
السادس- الأمير ذروان بن كرمان بن منتشا. ذكر أنه ممن استجدّت مكاتبته في شوّال سنة سبع وستين وسبعمائة.
واعلم أنه قد زاد في «التثقيف» ذكر مكاتبة جماعة لم أتحقّق هل هم من أهل هذه البلاد أم من غيرها.
منهم صاحب قلعة الحنفاء، ذكر أنه كان اسمه سيف الدين قوجي، وأن المكاتبة إليه في قطع الثلث والساميّ بالياء.
ومنهم صاحب قلعة الجوز، في قطع الثلث الاسم والساميّ بالياء، وتعريفه اسمه.
ومنهم صاحب بكجرى: استجدّت الكتابة إليه في شوّال سنة سبع وستين وسبعمائة، وكتب إليه الاسم والسامي بغير ياء.
ومنهم الحاكم بقلعة أبيض كتب إليه الاسم ومجلس الأمير.
ومنهم الحاكم بقلعة نعمة، كتب إليه الاسم ومجلس الأمير أيضا.
ومنهم الحاكم بقلعة أشنى: وهي أشنو كتب إليه كذلك.
على أنه قد ذكر منهم جماعة أيضا ليسوا من أهل هذه البلاد جملة، منهم نائب خلاط، وصاحب موغان، وهي موقان، والحاكم بإسعرد وهي سعرت، وصاحب قيشان وهي قاشان.
وقد تقدم أن خلاط من أرمينية، وموقان من أرمينية، وإسعرد من ديار ربيعة من الجزيرة الفراتيّة، وقاشان من عراق العجم، وبالجملة فقد خلّط في «التثقيف» في البلدان تخليطا كثيرا، وخلط بعض أقاليم البلاد ببعض.
قلت: قد تقدّم في صدر الكلام على المكاتبات ذكر أصول يعتمدها الكاتب في كتبه تعمّ الكتب السلطانية وغيرها، وأنا أذكر هنا ما يختصّ منها بالكتب الصادرة عن السلطان على النّمط الجاري عليه الاصطلاح الآن ليسهل القصد إليها لقربها، ويحصل الغرض من ذلك، بذكر [تسعة] أمور:
أوّلها- مقادير قطع الورق، قد تقدّم في الكلام على مقادير قطع الورق المستعملة في دواوين الإنشاء جملة، والذي يختص منها بالكتب الصادرة عن السلطان أربعة مقادير:
أحدها- قطع البغداديّ الكامل، وقد مرّ أنه يكتب فيه للقانات.
وثانيها- قطع النّصف، وفيه يكتب إلى أكابر الملوك ممّن دون القانات.
وثالثها- قطع الثّلث، وفيه يكتب إلى الرتبة الثانية من الملوك.
ورابعها- قطع العادة، وفيه يكتب إلى أصاغر الملوك والولاة وغيرهم.
الثاني- العنوان؛ قد تقدّم في مقدّمة الكتاب أنّ الذي كان يكتب عنوانات الكتب السلطانية في الزمن المتقدّم هو صاحب ديوان الإنشاء دون غيره، أما الآن، فإنّ كاتب كلّ كتاب صار هو الذي يكتب عنوانه بنفسه.
وقد جرت العادة في عامة الكتب السلطانية أن يكون المكتوب فيها هي ألقاب المكتوب إليه ونعوته التي في صدر المكاتبة في الباطن، ثم يدعى للمكتوب إليه في آخر الألقاب بالدّعوة التي صدّر بها الدعاء في الصدر مثل: أعزّ الله أنصاره، أو ضاعف الله نعمته، وما أشبه ذلك من الأدعية التي تفتتح بها المكاتبات، فإن كان الكتاب مفتتحا بالحمدلة أو بلفظ من فلان، كتب في العنوان الألقاب التي في صدر الكتاب بعد ذلك، ثم بعد الدعاء يخلّي بياضا قليلا، ثم يذكر تعريف المكتوب إليه، مثل «صاحب فلانة» ونحو ذلك مما تقدم ذكره من التعريفات. وتكون كتابة العنوان بنظير قلم الباطن في الدّقة والغلظ. وتكون أسطره متصلة من أوّل عرض الدّرج إلى آخره، وأسطره متلاصقة متتالية.
الثالث- الطرّة التي يكتب فيها تعريف المكتوب إليه، والعلامة التي يكتبها المكتوب عنه، والسبب في كتابته.
وقد جرت العادة في ذلك أنه يكتب في رأس الدّرج «1» في الجانب الأيمن «إلى فلان» وفي الجانب الأيسر «بسبب كذا وكذا» وفي الوسط العلامة التي يعلمها السلطان مثل «أخوه» أو «والده» أو «اسمه» ، لينظر عند علامة السلطان على الكتاب فيعلم حال الكتاب، ويجرى الأمر في العلامة «2» على هذا الرسم، وتكون كتابتها بقلم الكتاب من ثلث أو رقاع أو غيرهما، إلّا أن يكون الكتاب بمختصر الطّومار «3» في قطع البغداديّ فيكون ذلك بقلم الثلث. وهذه الطرّة تقطع بعد أن يعلّم على الكتاب.
الرابع- البياض في أعلى الكتاب، وقد جرت العادة في الكتب السلطانية أنّ العلامة إلى المكتوب إليه، إن كانت «أخوه» أو «والده» ترك فيه ثلاثة أوصال بياضا بما فيه من وصل العنوان، ثم تكتب البسملة في رأس الوصل الرابع، وإن كانت العلامة إليه الاسم، ترك وصلان بياضا فقط وكتبت البسملة في أوّل الوصل الثالث، ثم يكتب السطر الأول من الكتاب على سمت البسملة ملاصقا لها، ثم يخلّى موضع العلامة بياضا، ويكتب السطر الثاني على سمت الأوّل في أواخر ذلك الوصل على قدر إصبعين من آخره، ثم يجعل بين كل سطرين أربعة أصابع مطبوقة، إن كان القطع صغيرا، وإن كان القطع كبيرا كان فيه قدر ربع ذراع أو نحوه بحسب المناسبة، فإذا انتهى إلى آخر الكتاب كتب «إن شاء الله تعالى» في
الوسط على بعد قدر إصبعين من السطر الآخر. ثم يكتب: «كتب في تاريخ كذا من شهر كذا سنة كذا وكذا» ويكون إلى آخر ذكر الشهر سطر، ومن أوّل سنة كذا إلى آخره سطر. ثم يكتب المستند على نحو البعد المذكور: فإن كان بتلقّي كاتب السّرّ خاصّة كتب «حسب المرسوم الشريف» فقط. وإن كان بتلقّي كاتب السر وكتّاب الدّست من دار العدل كتب «حسب المرسوم الشريف» في سطر، وتحته بقدر إصبع «من دار العدل الشريف» في سطر. وإن كان برسالة الدّوادار «1» كتب «حسب المرسوم الشريف» في سطر، وتحته بقدر إصبع «برسالة الجناب العالي الأميريّ الفلانيّ الدّوادار الفلانيّ» بلقب السلطان «ضاعف الله تعالى نعمته» . وإن كان من ديوان الخاصّ، كتب «حسب المرسوم الشريف» في سطر وتحته «من ديوان الخاصّ الشريف» . وإن كان بخطّ السلطان، بأن كتب على القصّة بالخط الشريف، كتب «حسب الخطّ الشريف» في سطر واحد. وإن كان بإشارة النائب الكافل كتب «بالإشارة العالية الأميريّة الكبيريّة الفلانية» في سطر، وكتب تحته بقدر إصبع «كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى» .
وإن كان بإشارة أستاد الدار «2» ، كتب «بالإشارة العالية الأميرية الكبيرية الفلانية» في سطر، ثم يكتب تحته بقدر إصبع «أستاد الدار العالية أعلاها الله تعالى» .
على أنه قد تقدّم في الألقاب أن كتابتهم أستاد الدار هو عرف جرى عليه
اصطلاحهم، وأنّ الصواب فيه إستدّار بغير ألف بعد التاء. وتكون كتابة المستند ببياض من جانبيه، سواء كان سطرا واحدا أو سطرين، ثم إذا فرغ من كتابة المستند، كتب الحمدلة والصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله في سطر كامل على بعد قدر إصبعين من المستند، ثم يكتب الحسبلة على قدر إصبعين من سطر الحمدلة والتصلية.
وقد تقدّم في الكلام على الخواتم في المقالة الثالثة نقلا عن عبد الرحيم بن شيث «1» أن موضعها من ثلث السطر الأخير من أوّله إلى حين تنتهي كتابتها.
الخامس- قد ذكر ابن شيث في معالم الكتابة أنه لا يكتب في حواشي الكتب السلطانية؛ لأن في ذلك شحّا بالورق، وذلك مما لا يليق بالسلطان، ولا خفاء في استقباح ذلك، بل قد يستقبح ذلك في غير السلطان كما سيأتي ذكره في الإخوانيّات.
السادس- العلامة السلطانية على المكتوب، في بيت العلامة من البياض السابق ذكره. قد ذكر في «التعريف» أن أكبر من يكتب إليه من الأمراء ومماليك البيت الشريف فترجمته بالخط الشريف «والده» ومن دون ذلك «الاسم الشريف» ، أما الغرباء كملوك المسلمين والعربان وأكابر القضاة وأهل الصّلاح والأكابر، فترجمته بالخط الشريف «أخوه» ومن دون ذلك الاسم الشريف.
والذي استقر عليه الحال آخرا في زماننا أنّ لأكابر الأمراء من النواب وغيرهم «أخوه» لرفعة مكان الأخ على الولد، ولمن دونهم «والده» ولمن دون ذلك «الاسم»
وباقي الحال على ما ذكره، وقد سبقت ترجمة كلّ مكتوب إليه في الكلام على المكاتبة إليه.
أما القانات الكبار فقد تقدّم في الكلام على المكاتبة إليهم أنه تكتب لهم طغراة بالألقاب السلطانية في موضع العلامة، وأما ملوك الكفر، فسيأتي أنه تكتب طغراة بالألقاب السلطانية فوق البسملة.
السابع- طيّ الكتب السلطانية، قد تقدّم في صدر الكلام على المكاتبات نقلا عن ابن شيث من كتّاب الدولة الأيوبية أنّ كتب السلطان يكون طيّها في عرض أربعة أصابع، وأن مقتضى ذلك أن كتب السلطان بالديار المصرية كانت تطوى على هذه الهيئة كما في كتب أهل المغرب الآن، والذي استقر عليه الحال آخرا أنها يجعل طيّها في صورة أنبوب القناة ولا تضغط في طيّها لتكون نبيلة تعظيما لأمر السلطان وإجلالا لقدره.
الثامن- ختم الكتاب، قد تقدّم في الكلام على الخواتم واللّوا حق في المقالة الثالثة أنّ الكتب السلطانية كانت تختم «1» بسحاءة، ويطبع عليها بطين أحمر، يوتى به من سيراف «2» ، وتختم بخاتم كما تختم المغاربة الآن. أما الآن فقد استقرّ الحال على أن الكتب تلصق بالنّشا أو ما في معناه من الكثيراء «3» ونحوها، وقد سأل الشيخ جمال الدين بن نباتة في رسالته التي كتبها إلى الشّهاب محمود رحمه الله حين بلغه وقوع بعض كتّاب دمشق في حقه عمن غيّر طين الختم إلى النّشا، ولم