الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«معالم الكتابة» : ولا يعرف ذلك لغيرهم، وربّما وقع الخطاب عندهم على الغيبة أيضا، وفيه جملتان:
[الجملة الأولى (في مفتتحات المكاتبات على اصطلاحهم، وفيها مهيعان)
المهيع الأوّل (في ابتداء المكاتبات، وهي على طرق) ]
«1» منها- أن تفتتح المكاتبة بالدعاء؛ إمّا بطول البقاء كما كتب عبد الله بن طاهر «2» : أطال الله بقاء سيدي الأعلى، ومفزعي في الجلّى، متمّمة عليه النّعم، ميسّرة لديه الهمم، أقول بدءا أيّدك الله: لقد أعشى الناظرين سناك، كما أعيا الطالبين مسعاك، ولئن فتّ الجميع، لقد أبدعت الصّنيع، فلا غاية لمجد إلّا وأنت آتيها، لا ذروة لعزّ إلّا ومن ظباك بانيها، لك الهدى والناس ضلّال، وفي يديك الضوء والكلّ أغفال، وإن الأمر كذا وكذا.
وكما كتب أبو المطرّف بن عميرة «3» : أطال الله بقاء الأخ السّريّ الكريم، الحريّ بالتّقديم والتعظيم، أوحد فرسان الإحسان، وواحد عقبان البيان، ولا زال قلمه جالي بدائع السّحر، جالب بضائع الشّحر «4» مغبوط السّبق، عند كلال جياد
الكلام، مبسوط الرّزق، في حال إملاق الأقلام، إن ذكرت- أبقاك الله- البلاغة فمن على موردها يساجلك، أو قيل في شريعتها بنيت على خمس فإنما هي أناملك، صفوها متفجّر من معينك، وشاؤها لا مطمع فيه لغير يمينك، وشأوها تستوفيه في هيئة متمهّل، وجناها ترعاه بعزّة أخي مهلهل، فقد صرت أمام أمّتها، لا بل إمام أئمتها، والراضع لرسلها، بل الواضع لأصلها. فهنيئا لها أن كنت سابق غايتها، وسائق رايتها، وبشرى لمهرق وشّته يراعتك، ومشّته براعتك، لقد أوتي من الحسن ما تشتريه القلوب بحبّاتها وتشتهيه النفوس أكثر من حياتها، وإن الأمر كذا وكذا.
وإما بالبقاء المجرّد.
كما كتب أبو محمد بن عبد «1» البرّ، إلى بعض أرباب الأقلام:
أبقى الله الشيخ في عزّة تالدة طارفة، وسعادة لا تزال طارقة بكلّ عارفة، ولا زال قاصده مخيّما من رفده بروض ناضر، ومحوّما من مجده على مسرّة سمع وقرّة ناظر، والأمر كذا وكذا.
وإما بالدعاء للحضرة.
كما كتب أبو زيد «2» الفازازي:
أبقى الله حضرة السيد ناضرة أدواح السّعد، عاطرة أفواح المجد، ساكبة أنواع الجدّ، صائبة سهام الجدّ، ولا زالت مغشيّة الجناب، بوفد الحمد، موشيّة
الإهاب، بسودد الحفد. الظّلّ إذا رحب، ازدحم عليه الضّاحون، والورد إذا عذب، ازدلف إليه الممتاحون، وظلّ الحضرة المكرّمة كثيف الأفياء، ووردها مغن عن وسائط الأرشية والدّلاء، فلا غرو أن تضرب إليها أكباد الإبل، وتغصّ بالوفود عليها أفواه السّبل، والله تعالى يعين الحضرة المكرّمة على الأيادي تسوّغها، والآمال تبلّغها، بمنّه. وإن الأمر كذا وكذا.
وإما بالدّعاء للمحلّ.
كما كتب أبو المطرّف بن عميرة في صدر شفاعة:
أبقى الله المحلّ الأعلى حرما يتحاماه الأنام، وعلما تتضاءل له الأعلام، ولا زالت آراؤه الناجحة، تستمدّها العقول والأفهام، ومساعيه الصالحة، يشكرها الله والإسلام، إنّ مجدا سامى الكواكب بمثواه، وسارى الغرّ السواكب في جدواه، لداع إلى استلام كفّه العلية، والاستهام على وصفه الذي له حقيقة الأوليّة، وكيف لا وقد أجار من الدهر المخيف، وصار قبلة كلّ داخل تحت التكليف، يعيد متى أخطأها صلاة الأمل، ويرى الاجتهاد في طلبها من راحة العمل، وإنّ الأمر كذا وكذا- إلى غير ذلك من أنواع الدعاء.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بلفظ «كتابي» كما كتب أبو المطرّف بن عميرة إلى بعض العلماء:
كتابي إلى سيدي- حفظه الله مقيما وسائرا، وأبقاه لغرر البيان ساحرا، وعن وجه الإحسان سافرا، ولا زالت آدابه تشرق وتروق ساهرا، ومحاسنه كالشمس إذا لم يلق نورها ساترا، من فلانة- والودّ روضة مطلولة، ورحم موصولة، خلص من القلب إلى حبّته، واختصّ منه بما ليس لأحد من أحبّته، وأثار شوقا على قدره، وهوى ثوى في صدره، وأسفا على عهد أصبو إلى ذكره، فات، وردّ الفائت يعسر، وقصر، وأيام السّرور تقصر، كأنما كان قراءة سطر، أو إغفاءة فجر، أو زيارة مجتاز، أو عبارة ذي إيجاز. فمن لنا بذلك الأرج الذكي، والأريحيّ يرتاح لما يخترع أو يحكي، ومتى نفوز بمن ينحت من صخر، ويزري بأبي صخر، ويغرف
من بحر، ويجري مع أبي بحر، ويجمع إسناده بين الجامع والمسند، وينشد من بدائع حفظه ما يؤثر يد المسند، شجرة علم تؤتى كلّ حين أكلها، ومزنة فضل تجود ما نخشى بخلها، وضالّة أدب يقلّ لها أن يجعل القارت «1» جعلها، فات عنّا، فأتعب وعنّى، فهل معين على دواء إن نحن لسعنا، أو سبيل إلى ما يفيدنا من الكلام فنحن في حروف تجيء بغير معنى، وإن الأمر كذا وكذا.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بلفظ: كتبت.
كما كتب أبو زيد الفازازي:
كتبت- كتب الله للأخ الأبرّ الأوفى، والفاضل الذي آثار مآثره لا تخفى، مجدا هامي الرّبابة، سامي الرابة، وذاكرا منتحلا بالإطالة والإطابة، وقرن أعماله بالقبول ودعواته بالاستجابة- من مكان كذا، ولا جديد بيمن الله تعالى إلّا صنعه الجميل، ولطفه العريض الطويل، والحمد لله ربّ العالمين، حمدا يؤمّن آلاءه من التغيير والتبديل، والأمر على كذا وكذا.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بكناية عن المكتوب إليه من لقب ونحوه، كما كتب أبو المطرّف بن عميرة لبعض الرؤساء:
الجناب الرّياسيّ أدام الله اعتلاءه وحرس مجده وسناءه.
صدرت هذه الخدمة إليه من فلانة، ولا مزيد على ما يجب لجلاله من التعظيم، ولفضله من التقديم، ولآلائه من الشّكر العميم، وإنّ الأمر كذا وكذا.
وكما كتب أبو بكر «2» بن عيسى شافعا في أنصاريّ:
السيد العماد، والماجد الجواد، والملجأ المنيع المريع لمن يرتاع أو يرتاد، أدام الله علاءه، وضاعف عنده آلاءه، بدر الجملة الشريفة، وفرع الدّوحة المنيفة، من آل قيس الجود، وقيل بني قيلة الباذلين الموجود، أولئك الذين عزّ المهاجرون بإخائهم وسخائهم، فلا غرو أن تكلف الألسنة بمدحه، وتمدّ الأيدي إلى منحه، ويصدّر باسمه تاريخ الأجداد فهو أحقّ مفتتحه، والأمر كذا وكذا.
وكما كتب أبو المطرّف بن عميرة، عن الأمير أبي جميل «1» زيّان، إلى الأمير أبي زكريّا «2» بن إسحاق:
الأمير الأجلّ الهمام الأعلى حرس الله مقامه، وأسعد أيّامه، وظاهر بالنّصرة مضاءه واعتزامه، راسخ شرف النّجار، ثابت أصل الفخار، مستهلّ آلاء السّحب الغزار، والعيون إليه سامية، والهمم إلى ما لديه مترامية، والصدور بالأمل فيه تشرح، والنفوس الحرّة إلى استرقاقه تطمح، ولا غرو- والكرم من بعض شيمه، والغنى من فضل ديمه- أن يسير إليه في البر والبحر كلّ ذي رغبة، وتترامى نحوه ركائب الرّجاء من كل تربة، ومخاطبتنا هذه إلى مجلسه أيده الله عمّا نعلمه من كبير قدره، ونوجبه لعالي أمره، ونبيح به من طيّب خبره، وجميل ذكره، والأمر كذا وكذا.
وكما كتب أبو الحسن بن شلبون «1» :
العماد المذخر، والملاذ الذي بولائه أفخر، جعل الله قدره عاليا، ودهره بمحاسنه حاليا، ولا زال للنّعم قابلا وللأ [سواء] قاليا، كتبت من مكان كذا، والودّ حلية يتألّق رونقها، وشجرة لا يسقط ورقها، وإنها مغروسة، لا تقبل بذر العوادي، ومحروسة، لا يقع عليها من يقع في شجر الوادي، والأمر كذا وكذا.
وكما كتب أبو المطرّف بن عميرة إلى بعض الفقهاء شافعا موصيا:
المحلّ الأعلى- ضاعف الله أنوار هدايته، وأبقى على الجميع آثار عنايته- مستودع الكمال، ومشرع الآمال، ومقعد أرباب السّؤال، ومصعد الصالح من الأعمال، وإن فلانا من أمره كذا وكذا.
وكما كتب ابن أبي «2» الخصال:
الشيخ الأجلّ أدام الله عزّه ونعماه، ووصل رفعته وعلاه بتقواه، مجلّ قدركم، وملتزم برّكم وشكركم، العارف بحقّكم، فلان، فكتب يعظّمكم كتب الله لكم خيرا مستمرّا، ورضا على ما ترضونه ثابتا مستقرّا، من مكان كذا، على الرسم الملتزم من توفير علائك، والشّكر لآلائك، والربّ تعالى ينهض بحقكم اللازم الألزم، ويصل حراسة مجدكم الأتلد الأقدم، بمنّه وفضله، وإنّ الأمر كذا وكذا.
واعلم أنه ربّما أتي بعد ذكر النّعوت بالسلام، ثم بحمد الله تعالى والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، ثم الرّضا عن الخلفاء الماضين والخليفة القائم. وعلى ذلك كانت طريقة كتّاب دولة الموحّدين أتباع «المهديّ «1» بن تومرت» كما كتب أبو محمد بن عبد البرّ:
الشيخ الأجلّ، أدام الله عزّته، ووصل كرامته ورفعته، مجلّ قدره، وملتزم برّه وشكره، المسرور بما يجريه إحسانه من طيّب ذكره.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد حمد الله العظيم، والصلاة على سيدنا محمد رسوله الكريم، وعلى آله- والرّضا عن الإمام المعصوم مهديّه، وعن خلفائه الأئمة الراشدين- والدعاء لسيدنا الخليفة الإمام أمير المؤمنين، ابن الأئمة الخلفاء أمراء المؤمنين، بالنّصر الأعزّ، والفتح الأتمّ الأوفى، فكتب كتب الله لكم مجدا لا يهي شرفه، وسعدا لا يني طرفه، من فلانة- حرسها الله- ولا ناشيء عن الله تعالى وعميم لطفه إلّا الخير الأكمل، والصّنع الأجمل، والحمد لله رب العالمين كثيرا، وإنّ الأمر كذا وكذا.
قلت: وعلى هذه الطريقة كانت كتابة أبي عبد الله بن الخطيب «2» ، كاتب ابن الأحمر بالأندلس على القرب من زماننا.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بالخطاب، إما مع حذف ياء النّسب أو مع إثباتها، أما مع حذفها، فكما كتب أبو المطرّف بن المثنى «3» :
سيّدي ومفخري، وعصمتي ووزري، وركني وعمادي، وذخيرتي وعتادي، أبقاك الله ناهجا سبل المكارم والمعالي، موقّى حوادث الأيّام واللّيالي. كتبي أعزّك الله عن عهد حسن لك قد أحكمت معاقده، وودّ محض فيك قد صفت موارده، ونفس ترتاح لذكراك، ولسان لاه بين محاسنك وعلاك، قد انفسح في نشر فضائلك ميدانها، وفاق في وصف فواضلك بيانها، فهي تنظم عقود مجدك، على أجياد شكرك، وتحوك من برود تقريظك وثنائك، خلعا لمجدك وسنائك، وشيها الذّكر الخطير، وطرازها الترفيع والتّوقير، تكسر عصب عدن، وتعفّي على وشي اليمن، وتطلع من رياض أخلاقك، في منابت أعراقك، ما يزري بنسيم المسك تضوّع عرفه وانتشاره، ويربي على حسن النجوم الزاهرة طوالع أزهاره وأنواره، وأخلق بمن جمع الله العالم فيه، وحرس معاهد البرّ بكريم مساعيه، أن لا تعزى خلّة نبيلة إلّا إليه، ولا تقصر منقبة جليلة إلّا عليه، ولا تؤثر مأثرة نفيسة إلّا عنه، ولا تقتبس سيرة جميلة إلّا منه، والله تقدّس اسمه يحمي هذه الأوصاف البديعة، والخلال الرفيعة، من طوارق الدّهر ونوازل الغير، ويجعل عليها يدّه، ويصرف عنها معرّة كل خطب وشدّة، بحوله وطوله، ويكون الأمر كذا وكذا.
وأمّا مع إثبات ياء النّسب «1» ، فكما كتب أبو المطرّف بن الدّبّاغ «2» إلى بعض الأدباء عند وروده إلى بلاده:
يا مولاي وسيّدي، العظيم شأنه وأمره، العالي صيته وذكره، ومن أبقاه الله في عزّ لا تنفصم عراه، وحرز لا يستباح حماه، لم أزل- أبقى الله سيّدي ومولاي- تسمو بي إلى الكتابة همّة، وتترامى بي إلى البلاغة عزمة، حتّى تذلّلت لي صعابها فامتطيت، وتسهّلت لي حزونها فارتقيت، ولمّا رفعت لي عن غرائبها
الأستار، وعلمت من غوامضها الأسرار، وفزت بالمعلّى من سهامها، والموفور من أقسامها، جعلت بأيّ أئمتها أأتمّ وأهتدي، وإلى أي رؤسائها أنتسب وأعتزي، ناظرا في ذلك إلى شائع الأخبار، ومتداول الآثار، فوجدت الألسنة إذا تناولت صفة سواه، تحلّت بعض حلاه، أو أرقته إلى رتبة من العلياء، تمثّلت به في الرّفعة والسّناء، ثم تفرده أعزّه الله دونها بالفهم المتين، والعلم المشهور، والحلم المتعارف، والفضل المتواصف، والرّتبة السامية، والجلالة المتناهية، فكلّما رأيت محاسن مجده تجلى، وسور فضله تتلى، هممت أن أطير إلى حضرته بجناح الارتياح، وأركب إلى أفقه نوّره الله أعناق الرّياح، والأيّام تقطعني بمصائبها، وتقيّدني بأحداثها وبحوائبها، حتّى قضى الله أن يرد هذا الأفق فأخرخ الأمل بغير نصب، وأنال البغية بغير طلب (طويل) .
وليس الّذي يتّبّع الوبل رائدا
…
كمن جاءه في داره رائد الوبل
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بالتحيّة والسّلام.
كما كتب أبو المطرّف «1» بن عميرة:
تخصّ الابن محبّة ومقة، والعباد اعتدادا بجانبه وثقة، حفظ الله نجابته، وجعل لداعي السّيادة تلبيته وإجابته، تحيّة الإجلال والتّكرمة، والمودّة الخالصة المتحكّمة، ورحمة الله تعالى وبركاته، من مكان «2» كذا، والودّ كلف، والعهد بالصّون من جميع جوانبه مكتنف، وتكلم الذات السنيّة ذخيرة جليلة، وأمل لا تخطيء منه مخيلة «3» ، وهبة يكذب معها أن يقال الأيّام «4» بخيلة. وكنّا نظنّ أنّ
بناء «1» الكرم صمّ صداه، ومربع الفضل عاصب «2» برداه، وغائب عن الرّشد أداه «3» ونقول: ما كلّ من أقعدته العيلة «4» عميلة، ومتى يفطن «5» عمير عمر وبحيله، فكفا بكفاتها، وهل «6» سوى قيس لرحى العجوز عدمت جداتها، حتّى «7» تمثّل هذا المجاهد من طرفيه، المستقبل آثار سلفيه، حفظ الله الألفاظ والألسنة، وحملة الأقلام والأسنّة.
وكما كتب أبو زيد الفازازي:
السّلام الكريم العميم، على الشيخ الذي أثبت على ودّه فلا أتحوّل، وأطنب في حمده فلا أستعير ولا أتأوّل، وأتعلّل بذكره عند عدم مرآته ولأمر ما أتعلّل، فلان- أدام الله رفعته، وحرس من الأسواء مهجته. كتب أخوكم، البرّ بكم، الشّيّق إليكم الشاكر لمحاسنكم، المسرور بما سمعه من صلاح أحوالكم، فلان، ولا جديد بمنّ الله تعالى إلّا الخير والحمد لله كثيرا، والأمر كذا وكذا.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بالكناية عن المكتوب عنه، كما كتب ابن أبي الخصال إلى بعض الكتّاب يسأله حاجة:
معظّم الشيخ الأجلّ أبي فلان، ومجلّه المكبّر له فلان، أعلى الله قدركم، وأوزع أولياءكم شكركم، أياديكم أدام الله كرامتكم أوكف من الغمام، ونعمكم ألزم للأعناق من أطواق الحمام، وإنّ وليّكم ومعظّمكم يحتاج إلى كذا وكذا.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بلفظ من فلان.
كما كتب [بعضهم] من فلان، إلى الشيخ الحافظ الأكرم أبي فلان، أدام الله كرامته بتقواه، فالكتاب إليكم كتب الله لكم أحوالا صالحة، وخيرات عليكم غادية رائحة، من موضع كذا، والبركات متوافرة، والخيرات متظاهرة، والحمد لله تعالى، وإنّ الأمر كذا وكذا.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بلفظ إلى فلان.
كما كتب بعضهم إلى والده:
إلى مولاي المعظّم وأبي، المتكفّل بتعليمي وحسن أدبي، أبقاه الله ناظرا إليّ بعين رضاه، وأعانني على الجري في برّه على حكم الشّرع القويم ومقتضاه، من ابنك المعظّم لك، بل عبدك المتطلّع إلى ما يصل من الأنباء الكريمة من عندك، المواصل المسعى في شكرك وحمدك، فلان؛ بأبي كتبته كتب الله لكم ليانا من العيش وخفضا، وجمع بعد الافتراق بعضا منّا وبعضا، ويسّر لي بطوله ومنّته أن يصفح عنّي وأن يرضى، من موضع كذا، ولا جديد إلّا نعم من الله عز وجل تراوح وتغادي، وتجري الخواتم منها على حكم المبادي، وشوق إليكم يعمر أحناء ضلوعي وفؤادي، ويحسم عنّي قطيعي دمعي الهتون وسهادي، والله جلّ وعزّ ييسّر انقضاب غربة النّوى، ويريح النفوس من محرق اللّوعة ولا عج الجوى؛ والأمر كذا وكذا.