الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأفعاله مبينة، خصوصا في المقام الشريف، واستمالته للقلوب بالعبارات اللطيفة، فقد نظم معاقد الائتلاف، وتزايد بشرحه الأنس في محاورته والاختلاف، ولولا المهمّ الشريف لا ستوقفناه عندنا عاما كاملا من بعد هذا التاريخ، ليملي علينا آيات المقام الشريف، شرّفه الله تعالى وعظّمه. وعلى لسانه ما يبديه في المواقف الشريفة شفاها إن شاء الله تعالى.
في سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، أحسن الله تعالى ختامها، والحمد لله أوّلا وآخرا، وباطنا وظاهرا.
قلت: أما إمام الزيدية «1» باليمن فلم أقف له على مكاتبة، وإن كان المقرّ الشهابيّ ابن فضل الله قد أشار في كتابه «التعريف» إلى أنه ورد عنه مكاتبة إلى الأبواب السلطانية الناصرية (محمد بن «2» قلاوون) يستجيشه على صاحب اليمن، والغالب على الظنّ أنّ مكاتبته أعرابية، كما أن إمارته أعرابيّة؛ إذ لا اعتناء لأهل البادية وعربان الوادي بفنّ الإنشاء جملة، وإنما يكتب عنهم بحسب ما يقتضيه حالهم، على أن فيما يأتون به مقنعا من الفصاحة والبلاغة بكل حال، إذ عنهم قد علم اللسان وعليهم فيه يعوّل.
الطرف الرابع (في الكتب الواردة إلى الأبواب السلطانية عن ملوك الهند)
قد تقدّم أن المكاتبة إلى صاحب الهند تشبه المكاتبة إلى القانات العظام بإيران وتوران «3» وتقدّم أن الكتب الواردة عن القانات المذكورين تكون في معنى الكتب الصادرة إليهم في قطع الورق والترتيب، من حيث إن الغالب جريان العادة
في الأجوبة بأن تكون على نمط الكتب الواردة، وحينئذ فيكون مقتضى ذلك أن الكتب الواردة من صاحب الهند في هيئة الكتب الصادرة إليه في قطع الورق وغيره، فتكون في البغداديّ الكامل بقلم مختصر الطّومار «1» بالطّغراء والخطبة المكتتبتين بالذهب، إلى ما يجري مجرى ذلك مما تقدّم ذكره في المكاتبات إلى القانات.
قلت: ولم أقف على صورة مكاتبة من ذلك ولا على نسخة شيء ورد، لكن قد تقدّم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية عند ذكر مملكة الهند أن من جملة ممالك الهند مملكة تعرف بالسّيلان «2» ، وقد رأيت في تذكرة (محمد «3» بن مكرّم) التي جمعها في وقائع ديوان الإنشاء بالديار المصرية، أنه في سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وصل كتاب من صاحب السّيلان هذه في صفيحة ذهب رقيقة، عرض ثلاثة أصابع، في طول نصف ذراع، وحوله مدوّرة (حلقة) داخلها شبيه بالخوص «4» أخضر، عليه كتابة تشبه الخط الروميّ أو القبطيّ، فطلب من يقرأه فلم يوجد، فسئل الرسل عما هو مكتوب فيها، فقيل: إنه سيّر رسوله رومان ورفيقه، وقصد أن يسيّر معهما الهديّة إلى الباب الشريف، فقيل له: ما لهم طريق. فقال لهم: سافروا إلى (هرمز)«5» فحضروا إليها، وذكروا أنّ مضمون الكتاب السّلام، والدعاء للسلطان، وأنّ بلاد السّيلان مصر، وبلاد مصر السّيلان، وأنه ترك صحبة صاحب اليمن مرّة واحدة، وتعلق بمحبة مولانا السلطان خلّد الله