الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أنعمنا عليه بفهد أهرت الشّدق، ظاهر الحذق، بادي العبوس، مدنّر الملبوس، شثن البراثن، ذي أنياب كالمدى ومخالب كالمحاجن، قد أخذ من الفلق والغسق إهابا، وتقمّص من نجل الحدق جلبابا، يضرب المثل في سرعة وثوب الأجل به وبشبهه، وتكاد الشّمس مذ لقّبوها بالغزالة لا تطلع من الوجل على وجهه، يسبق إلى الصيد مرامي طرفه، ويفوت لحظ مرسله إليه فلا يستكمل النظر إلّا وهو في كفّه، وتتقدّمه الضّواري إلى الوحش فإذا وثب له تعثّرت من خلفه.
وأما ما يكتب مع الإنعام بالسلاح:
فمن ذلك: وقد جهزنا إليه سيفا تلمع مخايل النّصر من غمده، وتشرق جواهر الفتح في فرنده، وإذا سابق الأجل إلى قبض النّفوس، عرف الأجل قدره فوقف عند حدّه، ومتى جرّد على ملك من ملوك العدا وهت عزائمه، وعجز جناح جيشه أن تنهض به قوادمه، وعلم أنه سيفنا الذي على عاتق الملك [الأعز]«1» نجاده وفي يد جبّار السموات قائمه.
الصنف الثالث والعشرون (المكاتبة بالبشارة عن الخليفة بولد رزقه)
والرسم فيها أن يذكر شرف الخلافة وعلوّ رتبتها، ويشير إلى تخصيص الخلافة بمصيرها إليه دون سائر البريّة، وانتقالها إليه بالتّوارث من آبائه الطاهرين كابرا عن كابر، وبقائها في عقبه إلى الأبد. ثم يتخلص إلى ذكر النّعمة على أمير المؤمنين التي أنعمها الله تعالى عليه، وأنّ من أعظمها نعمة أن رزقه الله تعالى ولدا، ويذكر اسمه وكنيته، ويصفه بما يناسبه.
وهذه نسخة كتاب في معنى ذلك، وهي:
الحمد لله مؤيّد الإسلام بخلفائه الراشدين، ومظهر الإيمان بأوليائه الهادين، الذي جعل الإمامة كلمة باقية فيهم إلى يوم الدّين، وأقام منهم الحاضر المتّبع،
والمرجوّ المتوقّع، وأطلع منهم في سماء الهداية شهبا لا يخبو منها شهاب حتّى يتوقّد شهاب، وفتح بهم للإرشاد أبوابا لا يرتج منها باب حتّى يفتح باب.
يحمده أمير المؤمنين أن فوّض إليه منازل آبائه، ووفّقه (؟) بانتقال ما ورثه من آبائه إلى أبنائه، ويسأله أن يصلّي على من كرّمه بولادته وشرّفه بالانتساب إلى شجرة سيدنا محمد خاتم رسله، المترجم عن توحيده وعدله، وعلى أخيه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب قسيمه في فضله، ووصيّه على أمّته وأهله.
وإن أولى النّعم بأن يفاض في شكرها، وتعطّر المحافل بنشرها، نعمة حاطت دعائم الدّين، وأمرّت حبل المسلمين، وتساوى في [تناول]«1» قطافها الكافّة، وآذنت بشيوع الرّحمة والرافة، وأضحت بها النّبوّة مشرقة الأنوار، والإمامة عالية المنار، والخلافة مختالة المنبر والسّرير، رافلة في حلل الابتهاج والسّرور.
وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك، وقد رزقه الله تعالى ولدا ذكرا مباركا رضيّا، سمّاه فلانا، وكنّاه أبا فلان، فجلا بنهار غرّته الدّامس، وافترّ بمقدمه العابس، واخضرّ بيمن [نقيبته]«2» اليابس، ووثقت الآمال بسعادة مقدمه، وتطلّعت الأعناق إلى جوده وكرمه، مبشّرا لك بهذه النّعمى الحسنة الأثر، القليلة الخطر، علما بمكانك من ولائه ومخالصته، وسرورك بما يفيضه الله عليه من شآبيب نعمته، لتأخذ من المسرّة والجذل بحظّ المولى المخلص، والعبد المتخصّص، ولتشيع مضمون كتابه فيمن قبلك من الأولياء، ليشاركونا في الشّكر والثّناء؛ فاعلم هذا واعمل به، إن شاء الله تعالى.
[قلت]«3» وهذا الصّنف من المكاتبات السلطانية مستعمل في البشارة عن السلطان إذا حدث له ولد، فيكتب بالبشارة به إلى نوّاب السلطنة وأهل المملكة.